تأسست وكالة داربا في عام 1958 ومنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا تقوم الوكالة باختراع الكثير من الأشياء التي جعلت جيش الولايات المتحدة الأمريكية أعظم جيش بالعالم، فبحوالي مائتين وخمسين موظف فقط تغير حال الجيش الأمريكي كثيرًا حتى صار له السبق في الكثير من الأسلحة التي نراها على مدار الأعوام السابقة، فقد قامت وكالة داربا باختراع الكثير من الأسلحة مثل الطائرات بدون طيار، والدرونات، والأنظمة الدفاعية، والأسلحة الحديثة، وأنظمة التجسس والمراقبة، ونظام تحديد المواقع، وغيرها من الأشياء الأخرى والتي منها ما ليس له علاقة بالجيش مثل الأقمار الصناعية التي أطلقتها الوكالة، ونظام أربا نت ومن بعده شبكة الإنترنت العالمية الموجودة في وقتنا الحالي، هذا بجانب العمل على تطوير الحاسوب وكل ما يتعلق به من الداخل والخارج، والأكثر خطورة وأهمية هو الإنسان الآلي الذي تقوم الوكالة بتطويره دائمًا، فإن كنت مهتم بمعرفة كل ما يخص وكالة داربا وأهم مشاريعها، فيتوجب عليك أن تتابع هذا المقال إلى نهايته حتى تتعرف على كل ما تريده.
استكشف هذه المقالة
وكالة داربا الأمريكية
قبل واحد وستين عام تقريبًا نشأت وكالة داربا الأمريكية حيث كانت انطلاقتها في الثامن والخمسين من القرن العشرين، وكان الهدف من تأسيسها هو أن تقدم للجيش الأمريكي أشياء علمية تنفعه في حربه على العالم، فهي قد تأسست تبعًا لوزارة الدفاع الأمريكية حتى تكون ذراعها العلمي في الحياة، وقد كان المشجع على تأسيسها هو إطلاق أول قمر صناعي سوفيتي في العالم عام السابع والخمسين من نفس لقرن، وكما نعلم كانت الولايات المتحدة الأمريكية في صراع كبير مع الاتحاد السوفيتي تحت مسمى الحرب الباردة، ولذا فكيف يتفوق الخصم من دون أن يوجد ردًا سريع على ذلك، ولذلك لم يمض سوى عام واحد فقط حتى أعلنت أمريكا عن تأسيسها لوكالة داربا الأمريكية، ومقر هذه الوكالة في ولاية فيرجينيا وتحديدًا بمقاطعة أرلنغتون.
وتهدف وزارة الدفاع الأمريكية من وراء تلك الوكالة أن تبتكر وتطور تكنولوجيا وتقنيات جديدة يمكن لها أن تغير من شأن الحروب العسكرية، ومن الجدير بالذكر أن إنشاء الوكالة كان بقرار من الكونجرس الأمريكي في فترة حكم الرئيس دوايت أيزنهاور، والذي وضع لها ميزانية كبيرة للغاية في هذه الآونة تزداد مع مرور الأعوام حتى وصلت الآن إلى ما يقرب من الثلاثة مليارات دولار أمريكي، تصرف الأموال على المشاريع والابتكارات التي يعمل عليها مائتين وخمسين موظف بالوكالة، وبفضل هذه العقول المبتكرة وتلك الأموال الكبيرة رأينا الكثير من المشاريع والإنجازات المختلفة، أولها هي الطائرات بدون طيار والدرونات.
الطائرات بدون طيار والدرونات من اختراع وكالة داربا
أولى الاختراعات التي تسعى الولايات المتحدة من خلالها السيطرة على العالم هي الطائرات بدون طيار والدرونات، وهما من اختراعات وكالة داربا الأمريكية ويقومان بدور مختلف فالطائرات بدون طيار تستخدم في قصف مواقع العدو في الحرب، والدرونات يتم استخدامها كنظام تجسس يفيد القوات العسكرية قبيل الحرب، ففي البداية تقوم وزارة الدفاع الأمريكية بإرسال الدرونات إلى المكان المستهدف لتصويره صور ثلاثية الأبعاد، فتعرف القوات الأمريكية طبيعة المكان المستهدف وكيفية الدخول إليه واقتحامه بشكل مضمون، فكما نعلم العشوائية والاقتحام من دون دراسة للمكان المستهدف من الممكن أن تؤدي إلى إبادة فرق عسكرية بالرغم من قوتها الكبيرة، لذلك فالدرونات تلعب دورًا هام في تلك العملية وهذا ما جعل الوكالة تصغر من حجمها حتى يسهل عليها التجسس من دون رؤيتها.
ومن الجدير بالذكر أن الدرونات تلك عبارة عن طائرات صغيرة جدًا تزداد في صغرها مع مرور الوقت، حتى أصبحت مثل حجم العملة المعدنية أو أقل أيضًا، أما عن الطائرات بدون طيار فهي طائرات حربية تقوم بالتحليق في السماء بمفردها من دون أي قيادة من أي إنسان، ويتم توجيهها إلى مناطق مستهدفة لتقصفها بالصواريخ الصغيرة والرصاص وأيضًا تصور لمحركيها المكان المستهدف بكل وضوح ودقة، ولكن هناك منظومات دفاعية يتم إنشاءها من أجل ضرب الطائرات تلك قبيل تحقيق المهمة المطلوبة منها، وهذا أيضًا ما تنتجه وكالة داربا حيث أنها تنتج صواريخ مضادة للطائرات، واخترعت أجهزة تتمكن من كشف تلك الطائرات فور دخولها إلى أراضي الدولة الأمريكية.
أجهزة المراقبة والاستشعار
تمكنت وكالة داربا الأمريكية من صناعة أجهزة مراقبة وأجهزة استشعار عن بعد تستخدم في جميع دول العالم بلا استثناء، فقد قدمت لنا الرادارات وكاميرات المراقبة وأجهزة الاستشعار التي تستعمل في المطارات وفي المناطق العسكرية وغير العسكرية، فمثلًا الرادارات تستخدم في الرؤية البعيدة وكشف أي شيء يظهر على المنطقة الممسوحة من قبل الرادار، ولذلك تستخدمه السفن الحربية ووزارة الدفاع الجوي لمعرفة ما إذا كان هناك اختراق لأراضيها من قبل الأعداء أو لا، وأيضًا هناك رادارات تستعمل في رصد حركة السيارات على الطرق السريعة والعادية للكشف عمن يخالفون القوانين المحددة من قبل الحكومة وجهاز المرور.
وقد أنتجت لنا أيضًا كاميرات مراقبة وهي تستخدم في جميع المؤسسات والمراكز والمنشآت سواء عسكرية أو غير عسكرية، حتى أنها من كثرة انتشارها باتت توضع أمام العمارات السكنية والمحلات والمولات والمطاعم والفنادق وغيرها من البنايات، فهي مهمة وضرورية جدًا وتكشف لنا الكثير من الأشياء التي لولا تواجد الكاميرات لما تمكنا من معرفتها مثل حوادث السرقة والاختطاف وعمليات التفجير وعمليات النصب والاحتيال وما إلى ذلك، لذلك فتواجد كاميرات المراقبة وأجهزة الاستشعار والتجسس يعني حماية كبيرة للدول، ومن أجل ذلك تنتشر مثل هذه الأشياء في جميع أنحاء العالم بلا استثناء.
قمر صناعي للتنبؤ بالطقس
في عام 1960 أنتجت وكالة داربا الأمريكية أول قمر صناعي للتنبؤ بأحوال الطقس في التاريخ، وقد حمل هذا القمر اسم تيروز أو تيروس ولكنه لم يكن من صنع وإنتاج وكالة داربا بمفردها، حيث كانت هناك مشاركة كبيرة ومساهمة من وكالة ناسا الأمريكية أيضًا فالموضوع أمريكي بالكامل، واستمر هذا القمر الصناعي يحلق في الفضاء لينجز مهمته التي استمرت حوالي ثمانية وسبعين يوم، وبالفعل نجح في مهمته وتم أخذ أول صورة للكرة الأرضية من الفضاء وأيضًا حدد لنا أدق تنبؤات بأحوال الطقس، وهذا ما جعل تيروس هو النواة الأولى لسلسلة كبيرة من الأقمار الصناعية المخصصة في التنبؤ بأحوال الطقس بشكل يزداد دقة مع مرور الوقت، ولذلك تم تسمية هذا القمر الصناعي باسم تيروس واحد ومن جاء بعده بتيروس اثنين وهكذا.
مشروع شبكة أربا نت في وكالة داربا
نأتي هنا للحديث عن مشروع أخر من مشاريع وكالة داربا ألا وهو مشروع شبكة أربا نت الذي نفذ في التاسع والستين من القرن العشرين، وقد كان هذا المشروع المحدود نواة حقيقية للمشروع الأكبر والأضخم على مستوى العالم وهو مشروع الإنترنت العالمي، فقد كان مجال عمل هذه الشبكة يقتصر على الربط بين الجامعات والمؤسسات العلمية، يعني أنه كان مختص بالعلم فقط ولكن مع مرور الوقت وتطور الأمر أصبح الموضوع يشتمل جميع جوانب الحياة بلا استثناء حتى أصبح من الضروري إغلاق المشروع وافتتاح أخر، فتم إغلاق مشروع أربا نت في عام 1990 وإنشاء الإنترنت بشكله المعروف حاليًا، فكانت أربا نت بمثابة النواة الحقيقية للمشروع الأضخم على وجه الأرض وهو مشروع الإنترنت.
وكالة داربا في السبعينيات والثمانينات
ظهرت الكثير من المشاريع والابتكارات الجديدة في الفترة الأخيرة من السبعينيات وكانت وكالة داربا صاحبة السبق في كل ما أنتجته للجيش الأمريكي، حيث قامت الوكالة بتطوير تكنولوجيا الدفاع البري والجوي والبحري، فأنشئت الأسلحة المضادة للدروع البرية، والطائرات الحديثة، والأسلحة المضادة للأساطيل البحرية، ثم بعد ذلك اتجهت إلى مجال الحاسب الألى فطورت كثيرًا من الكمبيوتر وانتجت بعض من متعلقات الحاسوب الحديثة، فطورت من الفأرة ولوحة المفاتيح وبعض من مكونات الحاسوب الداخلية، أما عن الثمانينات فقد طورت الوكالة من عملها بشكل كبير جدًا حتى أنها قد أطلقت القمر الصناعي الذي حمل اسم داربا سات، وهو أضخم مشاريع الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الوقت بتكلفة ووزن غير اعتيادي، وغيرها من المشاريع الأخرى التي تلتها صادرة من وكالة داربا الأمريكية، مما جعل الولايات المتحدة تزيد من ميزانية الوكالة بشكل دائم حتى يومنا هذا.
مشروع دمج الإنسان بالآلة
عملت وكالة داربا منذ عام 1960 على زيادة كفاءة وقدرة الجندي الأمريكي حتى يكون أكثر تنبهًا وقدرة على الصمود والقتال في أرض المعركة، وهذا كان يتم عن طريق بعض المنشطات والأدوية التي كانت توزع على الجيش الأمريكي حينها، أما الآن فقد تطور الوضع كثيرًا حتى صارت الوكالة تسعى لعمل إنسان آلي يحارب مكان الجندي في ميدان المعركة، فهي تحاول تقليل عدد الجيش الأمريكي وعدد القطع والمركبات الضخمة التي لديه، مقابل تطوير الجنود ليصبحوا خارقين فيكون عمل هذا الجندي بمائة أو ألف من الجنود العاديين، فتوزعهم على مناطق متباعدة ويؤدون المهام التي توكل إليهم، وبجانب ذلك يسعون لإدخال الإنسان الآلي في فرق الجيش حتى يحقق أقصى نصر وأقل خسارة.
أبرز وأهم اختراعات وكالة داربا
نأتي هنا للحديث عن أبر وأهم الاختراعات التي قامت بها وكالة داربا حتى يومنا هذا، فقد قامت الوكالة باختراع الكثير من الأشياء المتعلقة بنظام التجسس، والطائرات بدون طيار، ونظام تحديد المواقع، وطائرات الشبح، والسفن المضادة للغواصات، والصواريخ الذكية التي تستهدف أي شيء بتوجيه تكنولوجي بسيط، هذا بجانب كون الوكالة تسعى إلى اختراع أجهزة أو أسلحة مستلهمة من بعض الحيوانات، مثل الزواحف والمفترسات والحشرات، فهي ستقوم بتطوير تلك الأسلحة حتى تقضي بمفردها على البشر، فمثلًا هناك نموذج لذبابة قاتلة ستوجه إلى شخص بعينه للقضاء عليه من دون أي تحرك من شخص أمريكي واحد، وغيرها من الاختراعات التي تقوم وكالة داربا بتقديمها للجيش الأمريكي والعالم على فترات متباعدة.
ومن الجدير بالذكر أن الوكالة لا تعلن أنها ستقوم بالبدء في مشروع معين، بل يتم الأمر بشكل سري فلا يعلم أي أحد عما تخطط له وتنفذه وكالة داربا في الوقت الحالي، بل سننتظر حتى تخرج علينا باختراعها الجديد بعد بضعة أشهر أو أعوام، وعلينا أن نعلم أن الوكالة تفشل في أكثر من ثمانين بالمائة من مشاريعها، ولكن النسبة المتبقية تكفي لإبهار العالم بما تنتجه، فهي تتبنى أي مشروع حتى لو كان شبه مستحيل أو خرافي، فلو كانت به نسبة نجاح قليلة فسوف يتم العمل على تنفيذه لعله ينجح.
أضف تعليق