هرم ماسلو من النظريات الهامة جدًا بالنسبة للبشر، لأنه يتعرض للحديث عن الاحتياجات البشرية وكيف تتدرج لدى الإنسان، وفهم هذه النظرية يساعدنا في التعامل مع البشر الموجودين من حولنا، وإدراك مستوى الاحتياج الموجود لدى كل شخص منهم، وبالتالي تقديم المساعدة لهم. وكأيٍ من النظريات العلمية الأخرى، فإن نظرية هرم ماسلو تعرضت لبعض الانتقادات الخاصة بفكرة الاحتياجات، لذلك في هذا المقال سوف نتحدث عن هذه النظرية بشكل أكثر دقة، ليساعدك على فهم التسلسل بشكل بسيط ودون تعقيد، وبعد ذلك سوف نذكر الانتقادات الموجهة للنظرية، وكيف يمكن الاستفادة منها في التعامل مع النظرية الأصلية.
ما هو هرم ماسلو للاحتياجات البشرية؟
كيف يصنف هرم ماسلو الاحتياجات البشرية؟
قبل أن نتحدث أكثر عن هرم ماسلو وتصنيف الاحتياجات، دعونا نتحدث عن أبراهام ماسلو صاحب هذه النظرية. وُلد أبراهام ماسلو في بروكلين في نيويورك، في شهر أبريل 1908، وتوفيّ في شهر يونيو 1970، وهو عالم نفس أمريكي.
يتعامل هرم ماسلو مع الاحتياجات البشرية على أنها تنقسم إلى خمس مستويات: في المستوى الأول تأتي الحاجات الفسيولوجية، في المستوى الثاني تأتي حاجات الأمان، في المستوى الثالث تأتي الحاجات الاجتماعية، في المستوى الرابع تأتي الحاجة للتقدير، وأخيرًا في المستوى الخامس تأتي الحاجة لتحقيق الذات.
يشرح لنا هرم ماسلو كيف أن هذه الاحتياجات يجب أن تتدرج من مستوى إلى آخر، فالإنسان عندما يشبع احتياج معين، فإنه يبدأ في الانتقال إلى المستوى التالي، وأنه ما دام الإنسان في مستوى أقل، فإنه قد لا يهتم بالموجود في المستويات الأعلى.
عندما يكون الإنسان غير قادرٍ على إشباع هذه الاحتياجات، تحديدًا التي تأتي في قاع الهرم، فإن هذا من شأنه أن يصيب الإنسان بخلل من الممكن أن يؤثر عليه نفسيًا، ويجعله يشعر بآلام من الممكن أن تصيبه بحالة من عدم التوازن.
تفاصيل هرم ماسلو
كما ذكرنا أن هرم ماسلو يتكون من خمسة مستويات، وهي التي ينتقل بينها الإنسان.
في المستوى الأول سوف نجد الحاجات الفسيولوجية وهي تتمثل في الطعام والشراب والجنس والنوم على سبيل المثال، وحسب هرم ماسلو فإن الإنسان يهتم بإشباع هذا النوع من الاحتياج بشكل رئيسي، حتى أنه في حالة كان يعاني الشخص من فقر في هذا الاحتياج، فإنه عندما تسنح له الفرصة، سوف يسعى إلى إشباعه بصورة مفرطة. مثلًا الشخص الفقير عندما يملك المال، فإنه من المحتمل أن يستخدمه بصورة أكبر للإنفاق على الطعام والشراب، من أجل تعويض معاناته السابقة والنقص الذي عانى منه في سد هذا الاحتياج.
أما المستوى الثاني في هرم ماسلو والذي يتحدث عن احتياجات الأمان، فهو يشمل كل جوانب الأمان بالفعل، بدءًا من الأمان النفسي والجسدي، بألا يتعرض أحدهم للشخص، مرورًا بأمان الممتلكات والأسرة والمنزل، وختامًا بالأمان داخل العمل. فالأمان لا يعتمد فقط على جانب واحد، لكنه يشمل كل هذه الجوانب، ومن المحتمل أنه إذا عانى الشخص من مشكلة في أي جانب، فإن هذا سوف يمنعه عن الشعور بأنه قد نجح في إشباع الاحتياج الموجود لديه بالفعل.
بعد أن يقوم الشخص بإشباع الاحتياجات الفسيولوجية والأمان، فإنه يبدأ في الانتقال إلى المستوى الثالث في هرم ماسلو المتعلق بالاحتياجات الاجتماعية.
وتوجد مساحة كبيرة من الجوانب الاجتماعية، من بينها مثلًا رغبة الشخص في تكوين علاقات مع الآخرين، وأن يكون لديه أصدقاء.
وأن يشعر أيضًا بأنه يعيش في عائلة، حيث كل طرف يُبادل الآخر مشاعر الحب والخوف والأمان. بجانب الاحتياج إلى العلاقات العاطفية مع الجنس الآخر.
وليست العلاقات فقط هي ما يؤثر في الاحتياجات الاجتماعية، لكن أيضًا هناك شعور الشخص بالانتماء، حيث أنه يرغب في أن ينتمي إلى الوطن أو بعض الجماعات التي تخص ديانته، أو نوادي تخص الرياضة، أو المنظمات التي تهتم بشيء معين يحبه.
في المستوى الرابع من هرم ماسلو تظهر لنا الحاجة للتقدير، حيث يبدأ الشخص في هذه المرحلة في شعوره بالرغبة في التقدير والحصول على الاحترام من الآخرين، ويبدأ في التفكير كيف يمكنه أن يحقق مكانة اجتماعية مميزة، ويبدأ بالاهتمام في الحصول على مستوى تعليمي جيد، فيلتحق بالمؤسسات التعليمية من أجل تحقيق ذلك.
أما المستوى الخامس من هرم ماسلو الذي يتعلق بالحاجة لتقدير الذات، فإنني أراه قريبًا جدًا من المستوى الرابع، لكنه برغبة أعلى، حيث لا يتعلق الأمر فقط بشغل مكانة متميزة، بل إن الشخص يسعى إلى فعل شيء مميز خاص به، بحيث يترك بصمته الخاصة في الحياة.
النقد الموجه إلى نظرية هرم ماسلو
تعرضت نظرية هرم ماسلو إلى العديد من الانتقادات بسبب طبيعة النظرية التي توضح لنا كيف أن الانتقال بين الاحتياجات يعتمد في الأساس على إشباع الاحتياج الموجود حاليًا، وعندما يحدث ذلك، فإن الإنسان يمكنه أن ينتقل إلى الاحتياج التالي، وبناءً على هذا المبدأ فإنه يمكن لنا أن نوضح النقد الموجه للنظرية.
أول شيء هو أن نظرية هرم ماسلو لم توضح لنا مقدار الإشباع الذي يحتاج إليه الشخص حتى يمكنه الانتقال من مستوى إلى آخر. لكن ربما لم يذكر لنا ماسلو هذا المقدار بسبب الاختلاف بين الشخصيات، وبالتالي فإن مقدر الاحتياج يختلف من شخص لآخر.
الشيء الثاني يتعلق بفكرة أنه ليس شرطًا أن ينتقل الشخص من مستوى إلى آخر حتى في حالة الإشباع، فقد يكون هناك شخص يفضل أن يبقى عند مستوى معين ولا ينتقل إلى التالي، كأن يبقى الشخص في المستوى الرابع، ومهما بلغت درجة إشباعه لهذا الاحتياج، فإنه لا يهتم بالانتقال إلى المستوى التالي، وبناءً عليه فلا يجب أن تفترض نظرية هرم ماسلو أن الأمر مطلق.
نقد آخر تعرضت له النظرية وهو أن الإنسان قد يشبع أكثر من حاجة في نفس الوقت، فالإنسان يحتاج إلى الطعام، وفي نفس الوقت يحتاج إلى الأمان في سكنه، وبالتالي لا يمكننا أن نقول أن الأمر يعتمد على الانتقال من مستوى لآخر، لا سيما مع الاحتياجات التي تتجدد يوميًا. وهذا النقد يمكن الرد عليه بأنه لم يقصد ماسلو أن الإنسان عندما ينتقل إلى المستوى التالي سوف ينسى المستوى السابق، فالاحتياجات الفسيولوجية لا يمكنها أن تهمل أبدًا، لكن ما أراد هرم ماسلو أن يوضحه لنا أن الإنسان لن يفكر في المراحل التالية إذا لم يشبع السابقة، فمثلًا لن يفكر الإنسان في احتياجه للتعليم، وهو لا يجد طعامه ولا مشربه.
من الأمور الأخرى في نقد النظرية هي أنها لم تتطرق إلى الجوانب الدينية أبدًا، فركزت فقط على الجوانب المادية، وهو ما يمكنه أن يجعلها غير كافية لإدراك الاحتياجات الحقيقية لدى الإنسان، أو ترتيبها بالشكل الصحيح.
لكن رغم ذلك تبقى نظرية هرم ماسلو من أهم النظريات التي قامت بتفسير الاحتياجات وترتيبها لدى الإنسان، وساعدتنا على معرفة الطريقة الأفضل للتعامل مع بعض البشر، فإذا أردنا أن نستغلها بشكل صحيح علينا أن نضع في الحسبان أنه لا يوجد شيء مطلق، وبالتالي ليس ضروريًا أن تطبق النظرية على كل البشر، لكنها بالتأكيد تشمل جانب كبير جدًا من البشر، فإذا أدركنا هذا الأمر بالشكل الصحيح، سوف نكون قادرين على فهم النظرية بشكل بسيط جدًا، وسوف نعرف كيف يمكن لنا استغلالها في الحياة.
أضف تعليق