تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » تفاعل اجتماعي » كيف تتمكن من مواجهة المعتدين بطرق متعددة وفعالة؟

كيف تتمكن من مواجهة المعتدين بطرق متعددة وفعالة؟

فن مواجهة المعتدين هو القدرة على مواجهة الأشخاص العدوانيين الراغبين في أذيتك، وهو من أكبر المواقف المحرجة التي قد يتعرض لها أي شخص في أي بلد بالعالم.

مواجهة المعتدين

مواجهة المعتدين هو من أقصى المواقف التي قد نوضع فيها جميعًا. وذلك لأن أغلبية البشر الأسوياء نفسيًا لا يذهبون نحو العداء، بل يميلون إلى السلام النفسي والحب والأخلاق الحميدة والاستقرار الاجتماعي. ولكن هناك نسبة من البشر لا يحبون السلام ولديهم مشاكل نفسية تؤهلهم أن يبدئوا بالأذى والاعتداء على الآخرين، من دون سبب أو بسبب تافه لا يستدعى رد فعل عدائي. فكرة مواجهة المعتدين في مثل هذه الظروف تكون مسئولية صعبة جدًا، ولا سيما في المجتمعات الشرقية التي تبجل الكبرياء والكرامة وتنبذ الإهانة. فتجد المعتدى عليه يتصرف بصورة عشوائية وتهور، قد يزيد المشكلة أكبر من اللازم. لذلك من الأفضل أن يكون رد الفعل مبني على التفكير ويناسب الموقف. وقد يكون هذا المقال به اقتراحات مناسبة قد تفيد الجميع في حياتهم العملية.

الاعتداء اللفظي

في هذا النوع من الاعتداء يتغير رد الفعل باختلاف ظروف الاعتداء. مثلًا، لو كان المعتدي رجل كبير في السن، سيختلف في حالة الشاب أو المرأة. لكل حالة اعتداء حالة رد فعل مناسبة لها. مواجهة المعتدين لا يجب أن تكون قالب واحد. حتى لا يرد المعتدي عليه، بفعل مبالغ فيه أكثر من اللازم. فالكثير من كبار السن يتعاملون بتسلط لسان ملحوظ، نتيجة لكبرهم واعتيادهم على تلك الطريقة. وعلينا نحن الصغار احترام كبار السن وتقدير فارق العمر بعدم رد الاعتداء ومحاولة تجنبهم فقط.

أما الاعتداء اللفظي بين زملاء العمل والغرباء، لا يجب السكوت عنه ومواجهتهم بقوة ورد بليغ. خاصة إن كان المعتدي عليه امرأة، والمعتدي رجل. ففي هذا العالم على المرأة أن تتعلم كيفية الرد على الإساءة في كامل الهدوء والاتزان. لتكسب الاحترام في المجتمع دون أن تبدو قليلة حياء.

مواجهة المعتدين في حالة الرجل

لو كنت رجلًا وتعرضت لشخص يعتدي عليك بدون سبب، فيجب أن تدرس رد فعلك جيدًا وبسرعة بديهة في نفس الوقت. فلو كان المعتدي بلطجي وبعيد عن منطقة سكنك، لن تكون القوة حلك الأفضل. لأنك لا تعرف من يتبعه، ولا تعرف المنطقة التي تمر بها. لذلك رد الفعل بالقوة سيكون مجهول تمامًا وخطير. في مثل هذا الموقف يفضل جدًا أن تبتعد أو بمعنى أوضح تهرب. ولا تشعر بالخجل من كلمة هروب، لأنك تحافظ على حياتك حرفيًا. فمن الممكن أن يتعرض لك بسكين أو مسدس، وهذا النوع من البلطجية غالبًا سيكون مغيب عن الوعي. ولذلك استخدام القوة معه رهان خاسر لأنك عاقل، أما هو فمغيب عقليًا ولا يعقل خطورة تصرفاته.

أما لو كنت رجلًا ومعك امرأة أو أطفال وتعرضت للاعتداء. مواجهة المعتدين هنا لابد أن تكون حتمية وليس بها أي نوع من العقلانية، مهما كانت شخصية المعتدي. لو لم تتصدى للمعتدي، فهو غالبًا سيتخطاك ويعتدي على المرأة أو الأطفال. وهذا في حد ذاته يعد أبشع من الموت. لذلك لو وجدت نفسك في مثل هذا الموقف، تخلص من الخوف تمامًا وقل لنفسك أن حياتك تساوي لحظة دفاع عن الأقرباء. وستجد ثقتك في نفسك قوية وربما هذه الثقة تجعل المعتدين يدركون أنك لا تخاف الموت أو الضرب، وأنك ستسبب لهم مشكلة وتعب وتكسب أنت جولة هذه الحرب.

حاول في مثل هذا الموقف أن تفكر بأول وأسرع طريقة لخروج من معك من هذا المأزق، ومن ثم التصدي للموقف. لا يفضل أن تكون الزوجة أو الابنة أو الوالدة، معك أثناء هذا العراك، فمن الممكن جدًا أن يصابوا بأذى. لذلك امُرهم فورًا أن يتركوا المكان ويتركونك وحيدًا تتعامل مع الموقف.

الثبات الانفعالي

مواجهة المعتدين لا تصلح مع المشاعر المختلطة أو الخوف من الموقف. بل عليك أن تكون ثابت ولديك نبرة صوت واثقة من نفسك، حتى لو كان المعتدي أكبر منك حجمًا وكتلة عضلية. لأن الخوف عدوى ومجرد خدعة عقلية، ينتجها المخ حتى يجعل الإنسان في وضع أمن. يجب أن تدرك أنك بذكاء كلماتك وردود أفعالك من الممكن أن تبث الخوف فيمن يريد معاداتك ببعض الكلمات التي تتدرب عليها. مثل “أنا لا أخاف الموت”، أو “أنت تخافني وأنا أرى ذلك في نبضات قلبك السريعة”، أو “إذا كررت مضايقتي لن أتركك حتى يكون أحدنا ميت”. ولا أقول هذه الكلمات كنوع من أنواع الدعوة على العنف، ولكن أحيانًا لن ينفع مع مواجهة المعتدين الهرب. ولذلك لا مفر من أن تستخدم لسانك حتى تزرع الشك والخوف فيمن يريد مهاجمتك حتى يكون لك فرصة في هزيمته نفسيًا على الأقل، أو التخلص منه. حتى لو أسفر الموضوع عن عراك بالضرب والتعدي الجسدي، فلتجعله يفهم أنك خصم عنيد، وستسبب له مشكلة في كل مرة يحاول أن يتعدى عليك.

كيفية الدفاع عن النفس عند مواجهة المعتدين

مبدئيًا هناك الكثير من فنون الدفاع عن النفس الرياضية والمنتشرة في موقع يوتيوب مجانًا. بمعنى أخر أنك لو أردت تعلم أساسيات الدفاع عن النفس، كل ما عليك فعله هو أن تفتح فيديو وتبدأ في تعليم نفسك بنفسك بعضًا من الحركات الأساسية، التي تمكنك من التصدي لأي اعتداء غاشم. ومن ثم حاول التدرب عليه مع صديق أو في النادي الرياضي مع مدرب.

قبل الاعتداء

من الممكن أن نقسم مواجهة المعتدين إلى ثلاث أقسام. قبل الاعتداء، وأثناء الاعتداء، وبعد الاعتداء. في مرحلة قبل الاعتداء سنتكلم عن الفترة التي يحاول فيها الشخص المعتدي جذبك للعراك. في هذه الفترة لا تعطيه فرصة أن يتلاعب بك، أو أن يحاول بث الخوف فيك. فالكثير من الأشخاص المحترمين يعتقدون أن كظم الغيظ والتنحي بعيدًا سيبعدك عن المشكلات مع هذا الشخص. لكن الحقيقة هي أنه سيبدأ في مد يده ومن ثم سيبدأ في إهانتك لفظيًا ويتعامل معك كأنك ضعيف، وسيكرر ذلك في كل مرة يقابلك فيها. ولذلك خذ هذا مبدأ في مواجهة المعتدين، إذا بدء هو فلا تعطيه فرصة، بل رد فورًا لأن ذلك سيربكه جدًا. لأنه لن يتوقع أن يكون ردك سريع وغاضب. إذا مد يده عليك فلا مفر من أن ترد بأقصى شكل عندك. ونصيحتي هي لا للرحمة في مثل هذا الوقت، لأنك لو فعلت ذلك هو لن يرحمك في كل الأحوال.

أثناء الاعتداء

أثناء مواجهة المعتدين لا يجب أن تستسلم بسهولة حتى لو كنت مهزوم بدنيًا. فالاستسلام هو الهزيمة الحقيقية وليس التعرض للضرب أو الجروح. وما يريده منك المعتدي، هو أن تزعن له وتستسلم حتى يشعر أنه فرض سيطرته عليك. ولذلك لا تستسلم أبدًا، ومهما تعرضت للضرب قم من جديد وقاوم بشتى الطرق ولا تتنازل عن حقك أبدًا. لأنه هو المعتدي الظالم وليس أنت. هو من قرر أن يتعدى على حريتك وخصوصيتك. أيضًا استخدم المرفق كثيرًا في ضرباتك لأن عظم المرفق صلب وثقيل، والضربة منه تساوي الكثير من الضرب العشوائي.

وضعية الهجوم

ركز على هذه المناطق أثناء الضرب. أعلى الكلى وأسفل المعدة عند الحجاب الحاجز، وفي الرقبة، وما بين الفخذين لو كان المعتدي رجل. ومرة أخرى أقول لا تكن رحيمًا لأن البلطجي لن يرحمك، ويجب أن تفرض أنت سيطرتك بقوة أثناء مواجهة الاعتداء، حتى تضمن أن عدم تكرار الأمر في مرات أخرى. لا تسمح له أن يتملك جسدك. فلا تعطيه المساحة أن يحتضنك ولا سيما لو كان أكبر منك. أو أن يلف ذراعه على عنقك لأن ذلك سيجعلك في وضعية حرجة. ولذلك حاول أن تحرك جسدك. ولا تخجل من ذلك فأنت في قتال حقيقي ولن ينفعك الخجل. لو كان هو هائجًا حرك نفسك يمينًا أو يسارًا، ومن ثم اضربه بلكمة قوية جدًا في الكلى. وهكذا تفادى هجومه بتحريك جسدك ومن ثم اضرب بقوة في منطقة حساسة.

بعد الاعتداء

نسبة 90% من الاعتداءات لا تتوقف سوى بعامل خارجي. بمعنى وصول شخص أخر يفصل هذا الاعتداء. في مثل هذا الوقت لا تظهر بصورة الجبان أو المهزوم، حتى لو كنت قد ضُربت ضربًا شديدًا. بل يجب أن تترك انطباع لدى المعتدي أنك لا تُهزم مهما حدث ولو تكرر الأمر مرة أخرى بنفس القوة. هذا الانطباع سيجعله يفكر كثيرًا قبل أن يتعرض لك مرة أخرى.

مواجهة المعتدين بالنسبة للمرأة

هُنا الموضوع يختلف كثيرًا. لأن المرأة لا يفضل أن تلتحم جسديًا بأي معتدي بل يجب أن تخرج من هذا المأزق دون عراك، لأنها غالبًا ستخسر، وذلك سيؤثر عليها نفسيًا. ولذلك هناك طرق أفضل من أجل مواجهة المعتدين بالنسبة للمرأة، ولكن هذا على حسب نوعية المعتدي.

التحرش اللفظي

هناك عدة طرق لمواجهة هذه المشكلة، أول طريقة هي اللجوء إلى أقرب قسم شرطة والتوجه بشكوى تحرش ضد هذا الشخص فورًا. ولو كان هناك أي شهود معكِ، تقومين باستدعائهم للشهود في محضر قسم الشرطة. ومن ثم لا تتنازلين أبدًا عن أن يأخذ مثل هذا الشخص عقابه حتى يكون عبرة لغيره. الحل الأخر لو لم يكن لديك شهود، فلتذهبي لأقرب رجل قريب منك في عائلتك وتشتكين له. لو كان هذا الشخص معروف لعائلتك فلتتركيهم يسون الأمر حتى لا يقترب منك هذا الشخص مرة أخرى. ولو لم يكن معروف فلا ضرر من أن يكون معك شخص لحمايتك مثل أخوكِ أو أبيكِ.

أدوات الدفاع عن النفس

يفضل جدًا أن يكون مع الفتيات أدوات الدفاع عن النفس لمواجهة المعتدين. وهناك الكثير من الأدوات الجيدة جدًا لهذا الغرض مثل، الصاعق الكهربائي، وهو عبارة عن جهاز يطلق شحنة كهربائية كبيرة جدًا تستطيع أن تُسقط المعتدي فورًا دون أي مقدمات. أيضًا هناك بخاخ الفلفل الحار، وهو عبارة عن أداة تنفس كحول يحرق العيون ويسبب عمى مؤقت للضحية. مما يعطي للفتاة الوقت للهرب من الموقف الصعب. شيء أخر يجب أن تفعله الفتاة وهي أن تستخدم صوتها الحاد قدر الإمكان، فهذا الأمر يجعل المعتدي يشعر وكأنه على وشك أن يُفضح أمره. قد يسبب له الصوت خلل أو صدمة مؤقته، ولو أتيحت الفرصة اهربي فورًا. أما عند محاولته الالتحام بك ولم يكن معك أي أسلحة، اضربيه في القصبة الهوائية في العنق بكل قوتك.

ختام

مواجهة المعتدين مسئولية صعبة جدًا على كل إنسان يجب أن يعمل لها حساب في هذه الحياة. لأن الشر والحرب والكراهية جزء أصيل من أجزاء العالم الحاضر. ولذلك يجب أن تعرف قيمة الأمر، على الأقل بالنسبة لعائلتك، وتعمل جاهدًا على أن يكونوا في أمان من مواجهة أي معتدي يفكر أن يتعرض لك أو لهم.

أيمن سليمان

كاتب وروائي، يعشق منهج التجريب في الكتابة الروائية، فاز ببعض الجوائز المحلية في القصة القصيرة، له ثلاث كتب منشورة، هُم "ألم النبي (رواية)، وإنها أنثى ولا تقتل (رواية)، والكلاب لا تموت (مجموعة قصص)".

أضف تعليق

سبعة − 7 =