مصباح الإضاءة الأكبر بالعالم هو الشمس، غير أنّ هذا المصباح كان لابد من التطرق إلى غيره نظراً لوحشة الإنسان من ظلام الليل الدامس، وكان الشعور بوحشة الليل هو السبب وراء سعي المرء إلى البحث عن طريقة أخرى للإضاءة، ويُعد مصباح الإضاءة هو التتويج الفعلي الحضاري لجهود الإنسان في السعي وراء حياة أفضل، وفي الأعوام الماضية أصبح الضوء الاصطناعي مُنتشر في كافة الدول كبيرة كانت أم صغيرة، وكان اختراع المصباح هو نقطة الإشعاع في التاريخ الحضاري حيث أنّه لم يحمل للعالم الضوء فحسب، بل كان هذا الاختراع بداية فكر جديد الذي كان بمثابة نقطة تحول ما زلنا إلى الآن ننهل من خير أثرها.
استكشف هذه المقالة
تاريخ مصباح الإضاءة
اعتمد الإنسان في البداية على النيران لإضاءة الليل مع نور القمر، حيث أنّ النيران كانت وسيلة الدفء وإخافة الحيوانات المفترسة والإضاءة، وتلك النيران كانت وحشاً مخيفاً للإنسان في البداية حتى تمكن من تمكن من ترويضه واستغلاله في الأغراض السابقة، بل لقد كان الإنسان يشع بخوف إذا لم يكن لديه قدرة في الحصول على النار التي تلزم للطهي وللإنارة ولإخافة الحيوانات، وكان هذا سبباً في تفكير الإنسان في اختراع مصباح الإضاءة خيفة العودة إلى الظلام وعدم القدرة على الحصول على النار المشتعلة التي أصبحت ضرورية في حياته.
اختراع مصباح الإضاءة
قضت البشرية آلاف السنين حتى تمكنوا من الوصول إلى وسيلة إنارة سهلة ومريحة، حيث أنّ البشر قبل 75 عام اعتمدوا على أعواد الحطب لإنارة الطرقات، ثمّ لجئوا إلى مشعل الحطب لإطالة فترة الحصول على النار، وتعلم من هذا الأمر الاستعانة بفتيل الألياف النباتية، والذي كان يُغمس في شحم الحيوانات ثمّ فكر في وضع هذا الشحم في حجر يُسهل من العثور عليه، فكان هذا الحجر بمثابة مصباح إنارة كبير ولكنه لم يكن قابل للنقل لصعوبة حمله، ومن ثمّ تمّ تنفيذ تلك الفكرة على الأحجار الصغيرة التي أصبح بالإمكان حملها.
ما بعد مصباح الإضاءة الحجري
أصبحت شحوم الحيوانات هي الوقود لمصباح الإضاءة قبل عشرين ألف عام، وظهر الفخار الذي انتشرت صناعته في العديد من الحضارات القديمة، وأصبح الحجر القديم وعاء ذات طابع فني في غاية الجمال والجاذبية، وأصبح الفنانون يتنافسون في صناعته وتزيينه، وكانت تلك المصابيح لها شهرة كبيرة في مصر والعراق وسوريا، وكان الملوك يقتنون المصابيح المطعمة بالبرونز والذهب، وما زال إلى الآن المُنقِّبون يجدون مصابيح فنية زيتيه من العصور القديمة، وكان واحد من أفضل المصابيح وأشهرها مصباح المرمر الذي تمّ إيجاده في مدفن توت عنخ آمون، وكانت صناعة المصابيح لها شهرة كبيرة حيث لم يكن في مقدور البشر مهما كان مستواه الاستغناء عنه.
مصباح الإضاءة الكهربائي
بعد آلاف السنوات التي اعتمد فيها الملوك وكافة البشر على مصباح الزيت، كانت بداية التفكير في المصباح الكهربائي عام 1850م من قبل جوزف سوان حيث أنّه قام بصناعة مصباح من الزجاج الكروي، استعان فيه بفتائل الورق المُكربن، ولقد حصل هذا الرجل على براءة اختراع من بريطانيا عندما تمكن من صناعة مصباح زجاجي كهربائي عام 1860م نصف مفرغ من الهواء، وكانت الفكرة الأولى لمصباح الإضاءة الكهربائي هي التفريغ للهواء من المصباح قدر الإمكان، وفي عام 1877م تمكن إدوارد وستون من إنشاء شركة تعمل على تطوير المصباح الكهربائي، كم تمّ إنشاء شركة إديسون بعد وستون وأنشئت شركة حيرام مكسيم، وكانت تسعى تلك الشركات على تطوير مصباح الإضاءة، وكان يُطلق عليه في البداية المصباح المتوهج، ومع الوصول إلى مصباح الإضاءة الكهربائي الذي كان الاعتماد فيه على تحويل القدرة الكهربية إلى طاقة ضوئية، كان السعي وراء إيجاد المزيد من التطور ممّا أسفر عن وجود العديد من مصابيح الإضاءة التي تختلف في التركيب والكفاءة واللون وكذلك تختلف في طريقة التشغيل.
مصباح الإضاءة المتوهج
توجد العديد من أنواع المصابيح المتوهجة مثل مصابيح التنجستين العادية، والضوء ينتج من هذه المصابيح عندما ترتفع حرارته حيث أنّ الفتيل يسخن ويتوهج، وهذا النوع يُدعى بالمصابيح الحرارية، وكان الاستعانة بالتنجستين فيه لخواصه، حيث أنّه يتحمل ارتفاع الحرارة كما أنّه يتسم بالصلابة، ومن المصابيح المتوهجة أيضاً مصباح الإضاءة التنجستين الهالوجيني، وهو تطوير النوع الأول حيث أضيف إليه أحد عناصر الهالوجين وتكون الحرارة الناتجة عن هذا النوع من المصابيح كبيرة جداً ولهذا يُستعان بالكوارتز في صناعة الزجاج الخاص بهذا المصباح، وتقوم الفكرة في هذا النوع على تجميد بخار التنجستين مع اليود أو البروم فتخرج الجزيئات وتترسب بالقرب من الفتيل الساخن، ومن المصابيح المتوهجة أيضاً مصابيح التفريغ الغازي الذي تعتمد فكرة عملها على التفريغ الكهربائي، ومن أنواع مصابيح الإضاءة أيضاً النيون والكشافات واليدوية ومصابيح الدايود وبخار الزئبق.
مصباح بخار الزئبق ذات الضغط العالي
مصباح الإضاءة الذي يتميّز عن غيره بأنّ عمره يصل إلى 20 ألف ساعة، كما أنّ لونه أبيض وكفاءته الضئيلة تصل إلى 60 لومن/ وات هو مصباح بخار الزئبق عالي الضغط، وهذا النوع من المصابيح يستعمل في إضاءة الشوارع، ويتكون من أنبوتين من الزجاج أحدهما هي المسببة للقوس الكهربائي وهي أنبوبة التفريغ، بينما الأنبوب الأخرى هي المسئولة عن حفظ أنبوبة القوس من التغيرات في درجة الحرارة، كما أنّ لها دور في فلترة أبعاد الموجات التي تصدر من إشعاعات القوس، والأنبوبة الداخلية تُصنع من مادة الكوارتز، غير أنّ عيوب هذا المصباح ارتفاع الفقد في القدرة والذي قد يصل قيمته إلى 52%، كما أنّه يحتاج إلى 7 دقائق للتشغيل.
مصباح الإضاءة من النوع فلورسنت
مصباح الإضاءة الفلورسنت يُسمى أيضاً بمصباح الزئبق ذات الضغط المنخفض، ويتّسم هذا النوع من المصابيح بأنّ له كفاءة ضوئية تصل إلى ضعف كفاءة المصابيح المتوهجة، كما أنّ عمره يصل إلى 7500 ساعة، ويحتاج فقط إلى خمس ثواني لتشغيله، وهذا المصباح يتكون من زوج من الإلكترود وهما الأنود والكاثود، وهذان الإلكترودان يُصنعان من التنجستين المطلي بالباريوم، وتُوضع الإلكترودات بأنبوب به الأرجون مع بخار الزئبق تحت ضغط منخفض، والسطح الداخلي لأنبوبته يحتوي على مادة فوسفورية تمتص الأشعة الفوق بنفسجية المُنطلقة مع تيار غاز بخار الزئبق، وهذه المادة تُطلق أشعة ذات موجات ضوئية متنوعة بعد امتصاصها للأشعة ويكون ناتج هذا اللون الأبيض الذي يُميّز هذا النوع من اللمبات.
مصباح الدايود
مصباح الإضاءة الذي يدخل في التطبيقات الإلكترونية يُسمى مصباح الدايود، وهذا النوع من المصابيح اكتسح أثره في العديد المجالات الحديثة، حيث أنّه هو المكون الأساسي لمُعظم الأجهزة التكنولوجية المتطوّرة، وهذا النوع من المصابيح عبارة عن لمبة ضوء إلكترونية تحتوي في داخلها على أيّ نوع من الفتيل وبالتالي فهي لا تسخن مثل المصابيح الكهربائي، والضوء ينشأ نتيجة لحركة الإلكترونات بأشباه الموصلات المُكونة للترانزستورات، ولهذا النوع من المصابيح العديد من الأشكال مثل المربعات الصغيرة أو على شكل خيط، وهذا النوع من المصابيح عادةً ما يكثر استعماله في التطبيقات التي بأنها منخفضة القدرة وعلى وجه الخصوص في السيّارات.
وعلى اختلاف نوع مصباح الإضاءة يأتي الغرض المُستعمل به هذا النوع، وكما يُقال الحاجة هي أمّ لاختراع، ولقد كان هذا هو أساس التنوّع في أنوع مصابيح الإضاءة الكهربية، حيث أنّ كلّ نوع منها أفضل من غيره في أحد المجالات، لذا فالمبدأ في الاختيار بين هذه الأنواع هو الاختيار تبعاً للغرض.
أضف تعليق