تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » تفاعل اجتماعي » كيف تجذر عادة مساعدة الآخرين في شخصيتك؟ وما فوائد ذلك؟

كيف تجذر عادة مساعدة الآخرين في شخصيتك؟ وما فوائد ذلك؟

تعد مساعدة الآخرين من السمات الاجتماعية التي يتصف بها أفراد المجتمعات المتماسكة، حيث تكون السمة الغالبة بين الأفراد دون أن تربط بينهم علاقة قرابة أو معرفة، وكذلك دون النظر إلى اللون أو الجنس أو الدين أو الميول والاتجاهات.

مساعدة الآخرين

رغم حاجة المجتمع في العصر الحديث إلى اتصاف أبنائه بالعديد من القيم الأخلاقية ومن أهمها مساعدة الآخرين فإننا في ظل التطور والتكنولوجيا المتسارعة قد فقدنا الكثير من القيم الضرورية لبقائنا متماسكين على ظهر هذه الأرض، حيث أصبح كل فرد مشغولا بنفسه، بل أصحاب المسكن الواحد أو العمارة الواحدة لا يعرفون بعضهم، فلا يكاد أحدهم يهتم بغيره أو بمشاكلهم وأحزانهم أو بأفراحهم وأتراحهم، وقلما ترى شابا يمد يد العون لعجوز أو امرأة ضعيفة أو مسكين رغم كثرتهم في هذا العصر، وينشأ الأطفال على ما يشاهدون عليه الكبار، حيث باتت قسوة القلب وتحجر المشاعر سمة تميز القادرين على المساعدة والصغار قبل الكبار، ويستعرض هذا المقال: ما أهمية وفوائد مساعدة الآخرين ؟ كيف تجعلك مساعدة الآخرين أكثر سعادة؟ كيف تكون مساعدة الآخرين للأطفال المعاقين؟ ما مظاهر مساعدة الآخرين في الإسلام؟ ما مظاهر مساعدة الآخرين في المسيحية؟ أجمل قصص مساعدة الآخرين ، نصائح عن مساعدة الآخرين .

ما أهمية وفوائد مساعدة الآخرين ؟

مساعدة الآخرين ما أهمية وفوائد مساعدة الآخرين ؟

إن التطوع بجزء من وقتك أو مالك أو جهدك وتقديمه كمساعدة للآخرين سوف يجعل العالم أفضل بكثير، بل يعد من الأسباب التي تغير حياة الفرد إلى الأفضل؛ حيث تشير الدراسات إلى أن رد الجميل للمجتمع عن طريق التكاتف بين أفراده ومساعدة بعضهم لبعض يعزز من سعادة الفرد وصحته وشعوره بالراحة، وفيما يلي أهم الفوائد التي يحصل عليها الفرد عندما يقدم يد العون والمساعدة لغيره:

مفتاح السعادة

أثبت الباحثون أن تقديم العون للآخرين له تأثير إيجابي على سعادتنا الشخصية، وقد تتبع فريق من علماء الاجتماع دراسة على 2000 شخص على مدار خمس سنوات، وقد وجدوا أن الأمريكيين الذين وصفوا أنفسهم بأنهم سعداء جدا قد تطوعوا لمساعدة الآخرين على الأقل لمدة تزيد عن 6 ساعات شهريا، وقد يكون هذا الشعور المرتفع بالرفاهية والسعادة نتيجةً ثانوية للنشاط الجسدي والاجتماعي أثناء التطوع، ويعتقد الباحثون أيضًا أن المزيد من العطاء والتطوع يزيد من القدرات الذهنية من خلال تزويد الفرد بحس الثواب الكيميائي العصبي.

زيادة العمر

إذا كنتَ ترغب في إطالة عمرك فإن مساعدة الآخرين بانتظام سواء في المطبخ أو تدريب بعض الفرق الرياضية أو بالمساعدة الطبية أو أي صورة من صور معاونة المحتاجين؛ فقد أظهرت الأبحاث أن هذه الأنواع من الأنشطة يمكن أن تحسن الصحة بطرق يمكن أن تزيد من طول العمر، كما يظهر المتطوعون قدرات محسنة على إدارة الإجهاد ودرء الأمراض بالإضافة إلى انخفاض معدلات الاكتئاب وزيادة الإحساس بالرضا عن الحياة خاصة عند القيام بإجراءات التطوع بصورة منتظمة، وقد يرجع السبب في ذلك إلى أن التطوع يخفف من حدة الشعور بالوحدة ويعزز من حياتنا الاجتماعية، وهي عوامل يمكن أن تؤثر على صحتنا إيجابيا على المدى الطويل.

انتشار فضيلة الإيثار

عندما يقوم شخصٌ ما بعمل جيد يساعد به غيره فإنه يتسبب في سلسلة من ردود الفعل من أعمال الإيثار الأخرى، وقد وجدت إحدى الدراسات أن الأشخاص يكونون أكثر احتمالا لأداء مآثر وفضائل سخية وأعمال التطوع والعون للآخرين حينما يشاهدون غيرهم يقومون بالمثل، وهذا التأثير يمكن أن ينتشر في جميع أنحاء المجتمع شاملا جميع الأفراد والبيئات ملهمًا للعشرات من الأفراد بما يترتب عليه من الفروق والفوائد للمجتمع.

التغلب على الآلام المزمنة من فوائد مساعدة الآخرين

وفقًا لإحدى الدراسات على مجموعة من الأفراد الذين يعانون من آلام مزمنة، وقد حاولوا العمل كمتطوعين في البيئة المحيطة بهم بتقديم أشكال من مساعدة الآخرين في صور متعددة مناسبة لهم، ونتيجة لذلك فقد تبين أن أعراض المرض المزمن قد انخفضت لديهم بصورة ملحوظة.

تقليل مخاطر ضغط الدم المرتفع

ينصح الأطباء دائما مرضى ضغط الدم المرتفع بضرورة التقليل من تناول اللحوم الحمراء مع تجنب الأعمال المجهدة، ولكن كثيرا منا ينسى أن مساعدة الآخرين إذا أُضيفت إلى الروتين اليومي فإن لها دورا مفيدا في هذا الشأن؛ حيث أثبتت إحدى الدراسات أن الأفراد المتقدمين في العمر الذين تطوعوا في أعمال تطوعية خيرية لمدة 200 ساعة على الأقل في السنة قد قللوا من مخاطر ارتفاع ضغط الدم لديهم بنسبة كبيرة بلغت 40%، وقد يكون السبب توفير المزيد من فرص التفاعل الاجتماعي؛ مما يساعد في تخفيف الشعور بالوحدة والضغوط التي غالبا ما تصاحبها.

بناء الثقة بالنفس والرضا عن الذات

عندما تقدم المساعدة للآخرين فإنهم يتوقعون أنك تريد مقابلا، ولكن عند يكتشفون أن سلوكك دون مقابل فإنك ستحظى بتقديرهم وإعجابهم، وكذلك ينظر إليك الناس على أنك فرد مفيد لمجتمعك مما يزيد ثقتهم في شخصك واحترامهم لك، كما إن هذا التطوع يمكن أن يعزز الإحساس العام لدى الفرد بهدفه وهويته الذاتية؛ مما يقوي تمسكه بالحياة وبما فيها من مواطن قوة تدعو إلى التعايش ومبادلة الحب مع الآخرين.

تقوية الروابط الاجتماعية فائدة لك من مساعدة الآخرين

عندما يتصرف الأفراد بروح من الحب والتعاون أو تقديم يد العون للمحتاجين منهم فإن ذلك يقلل الشعور بالتنافس أو الصراع من أجل البقاء، وبالتالي يصبح أفراد المجتمع أكثر عطاءً واستعدادًا لمساعدة غيرهم دون مقابل، وقد تكون تلك خطوة إيجابية نحو تغيير سلوكيات المجتمع نحو الأفضل؛ لينشأ المجتمع مترابطًا يقدم أفراده المساعدة للآخرين دون تردد أو انتظار المقابل والأجر، ولا شك أن ما تقدمه للآخرين اليوم قد يعود عليك في الغد القريب في صورة من صور مساعدة الآخرين لك أيضًا؛ حيث تنفتح أمامك أبواب الخير بطريقة مذهلة تشبه السحر.

كيف تجعلك مساعدة الآخرين أكثر سعادة؟

مساعدة الآخرين كيف تجعلك مساعدة الآخرين أكثر سعادة؟

هناك مقولة صينية تقول: إذا كنتَ تريد السعادة لمدة ساعة فخذ قيلولة، وإذا كنت تريد السعادة لمدة يوم فاذهب لصيد السمك، وإذا كنت تريد السعادة لمدة عام فابحث عن الثروة، وإذا كنت تريد السعادة طوال حياتك فساعد شخصًا ما، وقد أشار كثير من كبار المفكرين إلى أن السعادة تكمن في تقديم يد العون للآخرين، فمثلا ليو تولستوي يرى أن المعنى الوحيد للحياة هو خدمة الإنسانية، أما وينستون تشرشل فيرى أننا نكسب عيشنا عن طريق ما نحصل عليه، ولا نكتسب حياتنا إلا من خلال ما نقدمه للآخرين، ووفقًا لما يرى محمد يونس الحاصل على جائزة نوبل في السلام فإن جني المال يمثل سعادة وقتية، أما إسعاد الآخرين فإنه يمثل السعادة الأبدية الفائقة، وقد أشارت إحدى الدراسات المنشورة عام 2010م في مجلة (الشخصية وعلم النفس الاجتماعي) إلى أننا عندما نختار المشاركة في أعمال اجتماعية إيجابية تطوعية فإن ذلك يساعد في تلبية احتياجاتنا النفسية الأساسية؛ مما يفيد في الشعور بالاستقلال الذاتي، والثقة في القدرات، وكذلك الشعور بالقرب من الآخرين.

كيف تكون مساعدة الآخرين للأطفال المعاقين؟

مساعدة الآخرين كيف تكون مساعدة الآخرين للأطفال المعاقين؟

يحتاج جميع الأطفال إلى الحب والدعم والتشجيع، وبالنسبة للأطفال المعاقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة أو الذين يعانون من صعوبات التعلم فإن هذا التعزيز الإيجابي يمكن أن يضمن لهم ظهور الإحساس بقيمة الذات والثقة في النفس والاستمرار في التعلم حتى عندما تكون الأمور صعبة، وعند البحث عن أمور وطرق يتم من خلالها مساعدة الأطفال فإن ذلك لا يعني علاجًا لإعاقات الأطفال، ولكنها طريقة يستطيع المحيطون تقديم الأدوات الاجتماعية والعاطفية التي يحتاجها المعاق لمواجهة التحديات على المدى الطويل، حيث يتمكن من النمو والتكيف بصورة أفضل، كما تغرس لديه الأمل والثقة في النجاح، وفيما يلي أهم النصائح للتعامل مع الطفل المعاق عامة:

التركيز على نقاط القوة

عند مساعدة الآخرين للأطفال المعاقين حركيًّا أو ذهنيًّا أو تعليميًّا أو بأي صورة من صور الإعاقة فإنه يُفضَّل ألا تركز على جوانب الضعف أو الإعاقة لدى الطفل؛ حتى لا يشعر بالحرج أو الخجل، بل يجب أن تجد له نقطة قوة تركز عليها وتثني عليه لأجلها، فمن المؤكد أنه سيكون موهوبا في مجال معين، أو يحاول بذل جهد من نمط معين، فلابد من إظهار القيمة الحقيقية لهذا الجهد وشكره عليه؛ فإن ذلك مفيد جدا في تفجير طاقاته وتحفيزه على النجاح وبذل المزيد من الجهد.

لا تنتظر طلب المساعدة

لا يجب أن تنتظر أن يطلب منك أحد المعاقين مساعدته، فقد يمنعه الخجل والحياء من ذلك، بل يجب أن تعرض عليه المساعدة وكأنها أمر طبيعي، ولا يجب أن تُشعر الطفل بأنك قدمت له معروفا، بل على العكس عليك أن تشكره لأنه سمح لك بهذا العمل المفضل لديك؛ وبالتالي تثبت لدى الطفل خصلة مساعدة الآخرين كأمر طبيعي دون منّة لأحد، فلا يتردد في طلبها بعد ذلك إذا احتاج لها.

اكتشاف التوتر داخل الطفل

من المهم والمفيد في نفس الوقت أن تكتشف ذات الطفل حينما تقدم له المساعدة، فقد يكون سلوك الطفل على النقيض مما تتوقعه، لذا عليك ألا تغير من سلوكك ومشاعرك تجاهه، ومن الأفضل أن تتغاضى عن أي نظرة أو تصرف سلبي صادر منه ملتمسا له العذر فهو لا يدرك حقيقة التصرفات الصادرة عنه، وتحلى دائمًا بالابتسامة فإنها مفتاح الخير والسعادة الذي يقوي الروابط بين الأفراد.

احرص على مساعدتهم

قد يكون من المفيد أن تخصص وقتًا محددًا لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة إذا كنت مؤهلا لذلك، وفي أبسط الأمور يمكنك تشجيعهم على تكوين فريق رياضي والتدرب على بعض الألعاب أو ممارسة بعض التمارين اليومية، فقد أثبتت إحدى الدراسات الحديثة أن حصول الأطفال على بعض التمارين الرياضية في المدرسة أو النادي بانتظام لمدة من نصف ساعة إلى ساعة يوميا يجعل الأطفال قادرين على التحصيل الدراسي بصورة أفضل إضافة إلى خلق جينات سوية والتمتع باحترام الذات والرضا عن النفس وتقليل التوتر والحزن، وذلك حسبما أثبتت دراسة أخرى في إحدى مدارس جورجيا.

ما مظاهر مساعدة الآخرين في الإسلام؟

مساعدة الآخرين ما مظاهر مساعدة الآخرين في الإسلام؟

يوجد في هذا العالم ما يقرب من 7 مليارات شخصٍ، ورغمًا عن ذلك نجد الكثير منهم يشعر بالوحدة وتخلي الآخرين عنه في شدته وأزماته، ورغم وجود العائلات والأهل والأصدقاء وزملاء العمل ولكن إذا فقدنا المعاني والقيم الجميلة التي يقررها الدين الإسلامي فإننا نفقد كل شيء، ونفقد مكانتنا في قلب هذا العالم، وقدرتنا على قيادته وتعميره أو دورنا في خلافته، وأما إذا تمثل أفراد المجتمع القيم الدينية التي يقررها الله في كتابه ويأمر بها نبيه في سنته من مساعدة غيرنا والوقوف إلى جانبهم وقت حاجتهم فإننا نتغلب على الأحزان التي تواجه المجتمع، ويعيش الجميع في تعاطف وحب ووحدة متوائمين متفاهمين، وفيما يلي مظاهر دعوة الإسلام لمساعدة الغير متمثلة في القرآن الكريم وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم:

في القرآن الكريم

تعددت الآيات القرآنية الداعية إلى مساعدة الآخرين والإحسان إليهم والبر بهم، ويقرر القرآن أن الخير الذي تقدمه للآخرين يعود عليك بالنفع في الدنيا والآخرة، فقال تعالى: (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا) [النساء: 85]، وقال أيضًا يأمر المؤمنين بفعل الخير: (وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) [الحج: 77]، كما يأمر المسلمين بالإحسان إلى الآخرين وحضهم على ذلك في أكثر من موضعٍ فقال: (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) [البقرة: 195]، وقال: (إن رحمة الله قريب من المحسنين) [الأعراف: 56]، وقال: (نصيب برحمتنا مَن نشاء ولا نضيع أجر المحسنين) [يوسف:56]، وقال مبينا بعض سمات أهل الميمنة (فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة أولئك أصحاب الميمنة) [البلد: 11-18]، وقال: (ويؤثرون على أنفيهم ولو كان بهم خصاصة) [الحشر: 9]، وقال مبينا عقاب الغافلين عن مساعدة الآخرين : (أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين) [الماعون: 1-3].

في الحديث الشريف

الأحاديث النبوية التي تدعو إلى مساعدة الآخرين كثيرة جدا، منها: (مَنْ نفَّس عن مسلمٍ كربة من كرب الدنيا نفَّس الله كربة من كرب يوم القيامة، ومَن يسَّر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومَن ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.)، وقال: (مَن كان معه فضل ظهر فليعد به على مَن لا ظهر له، ومَن كان له فضلٌ من زاد فليعد به على مَنْ لا زاد له)، وقال: (أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخٍ في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد -يعني مسجد المدينة- شهرا)، ويقول أيضًا للحث على التصدق والتطوع: (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة) [أخرجه الشيخان].

ما مظاهر مساعدة الآخرين في المسيحية؟

مساعدة الآخرين ما مظاهر مساعدة الآخرين في المسيحية؟

لا تختلف المسيحية عن الإسلام في الدعوة إلى الحب والتعاطف أو مساعدة الآخرين من الفقراء والمحتاجين، وقد تكررت قصص وآيات الكتاب المقدس الداعية إلى ذلك في مواضع شتى، ففي إنجيل متى [25: 34-40] يقول السيد المسيح: (ثم يقول الملك للذين عن يمينه: تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم؛ لأني جعت فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني، كنت غريبا فآويتموني، عريانا فكسوتموني مريضا فزرتموني، محبوسا فأتيتم إليَّ. فيجيبه الأبرار حينئذ قائلين: يا رب، متى رأيناك جائعًا فأطعمناك، وعطشانا فسقيناك؟ ومتى رأيناك غريبا فآويناك أو عريانا فكسوناك؟ ومتى رأيناك مريضا أو محبوسا فأتيناك؟ فيجيب الملك ويقول لهم: الحق أقول لكم: بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم.)، ويقول في لوقا [6: 35]: (بل أحبوا أعداءكم، وأحسنوا وأقرضوا وأنتم لا ترجون شيئًا، فيكون أجركم عظيمًا وتكونوا بني العليِّ، فإنه منعمٌ على غير الشاكرين والأشرار.)، ويقول في بطرس [4: 11]: (وإن كان يخدم -يساعد الآخرين- أحدٌ فكأنه من قوةٍ يمنحها الله).

أجمل قصص مساعدة الآخرين

الفرد ضعيف بذاته قويٌّ بإخوانه، ويحفل التاريخ والواقع بالعديد من القصص المعبرة التي تحكي مواقف رائعة وقف فيها الناس إلى جوار المحتاجين، وقدموا لهم المساعدة المادية أو المعنوية، دون أن ينتظروا المقابل على ذلك إلا الأجر والثواب من الله في الآخرة، وفيما يلي مجموعة من القصص المأثورة المعبرة عن ذلك:

موقف الأنصار من المهاجرين

هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة تاركين أموالهم في مكة وما يملكون، وأتوا إلى المدينة فقراء فارين بدينهم، وكان موقف الأنصار منهم من أروع مواقف العون ومساعدة المحتاجين التي سجلها التاريخ، كما ضرب المهاجرون أروع المثل في العفة، والمثال على ذلك قصة عبد الرحمن بن عوف حيث يقول: (آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الربيع، فقال لي سعد: إني أكثر الأنصار مالا، فأقاسمك مالي شطرين، ولي امرأتان، فانظر أيتهما شئت حتى أنزل لك عنها، فإذا حلت تزوجتها، فقلت: لا حاجة لي في ذلك، دلوني على السوق، فدلوني على سوق بني قينقاع، فما رحت حتى استفضلت أقطا صورة وسمنا) [البخاري: 2048].

ويؤثرون على أنفسهم

من القصص الرائعة عن مساعدة الآخرين وإيثارهم على النفس والأهل ما رواه أبو هريرة: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أصابني الجهد -المشقة والجوع- فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا رجل يضيفه هذه الليلة يرحمه الله” فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله، فذهب إلى أهله فقال لامرأته: ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدخريه شيئا، قالت: والله ما عندي إلا قوت الصبية، قال: فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالي فأطفئي السراج، ونطوي بطوننا الليلة، ففعلت، ثم غدا الرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “لقد عجب الله عز وجل أو ضحك من فلان وفلانة، فأنزل الله تعالى: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) [الحشر: 9]”) [البخاري: 4889].

بيت النبي صلى الله عليه وسلم

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا يحتذى به في العطاء وفي مساعدة الآخرين من الفقراء والمحتاجين، فقد روي أنه: (جاءه رجل يسأله غنما بين جبلين، فأعطاه إياه، فأتى قومه فقال: أي قومِ أسلموا، فوالله إن محمدا ليعطي عطاءً ما يخاف الفقر) [رواه مسلم]، كما روي في الحديث المتفق عليه أنه: (ما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال: لا)، وقد اقتدى به أهل بيته في كرمه ومساعدته للمحتاجين، فقد روي في الطبقات الكبرى لابن سعد (ج 8، ص53) أن عبد الله بن الزبير بعث إلى عائشة رضي الله عنها بمال في غرارتين، يكون مائة ألف، فدعت بطبق وهي يومئذ صائمة، فجعلت تقسم في الناس، قال فلما أمست قالت: يا جارية، هاتي فطوري، فقالت أم ذرة: يا أم المؤمنين، أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحمًا تفطرين عليه؟ فقالت: لا تعنفيني، لو كنتِ أذكرتني لفعلت. كما كانت أم المؤمنين زينب بنت خزيمة رضي الله عنها يقال لها أم المساكين؛ لكثرة إطعامها للمساكين وصدقتها عليهم.

تنافس الصحابة من أروع قصص مساعدة الآخرين

كان الصحابة يتنافسون في فعل الخير ومن ذلك مساعدة الآخرين من ذوي الحاجات، فكان عمر يتعهد عجوزا عمياء في بعض نواحي المدينة فيصلح شأنها، ويقوم على أمرها، وفي بعض المرات وجد غيره سبقه إليها فأصلح حالها، فرصده عمر فإذا هو أبو بكر الصديق وهو خليفة المسلمين، وقصة عمر بن الخطاب وهو أمير المؤمنين مع المرأة وصغارها الجوعى وحمله الدقيق والسمن والتمر والملابس من بيت المال على كتفه ونفخه في النار حتى ينضج الطعام للصغار معروفة في هذا الشأن، وهي مروية في تاريخ دمشق لابن عساكر (ج44، ص352)، وقصة عثمان بن عفان وشرائه بئر رومة من ماله الخاص ليكون له خير منها في الجنة ليشرب منها فقراء المسلمين من الأحاديث الحسنة، وغير ذلك مما لا يُحصى من مواقف الصحابة والتابعين.

نصائح عن مساعدة الآخرين

مساعدة الآخرين نصائح عن مساعدة الآخرين

تقديم العون للآخرين من الطرق الرائعة لنشر الفرح والسعادة على وجوه الناس، حيث يتم الاستفادة من الحياة إلى أقصى درجة، سواء كانت تلك المساعدة أو المواقف في المنزل أو في الشارع أو في مجال العمل أو غير ذلك، وفيما يلي أهم النصائح المفيدة لكي تكون ناجحا في مساعدتك للآخرين:

اعرض خدماتك ومساعدتك

لا تتردد في عرض مساعدتك على أحد أفراد أسرتك أو أصدقائك أو المحتاجين لذلك قبل أن يطلبوا منك؛ حتى يظهر اهتمامك بهم، فلا تنتظر من عجوز يعبر الطريق أن يطلب منك المساعدة، ولا تنتظر من زوجتك أن تطلبك لمساعدتها في المطبخ إذا احتاجت لذلك أو غير ذلك.

المساعدة المعنوية

هناك الكثير من الناس -ككبار السن خاصة- لا يحتاجون منا سوى الاستماع إليهم فحسب، فبعضهم يجد وقت فراغه قاتلا؛ لذا فهو في حاجة ماسة إلى من يحكي له عن نفسه، فالاستماع إلى قصصه وحكاياته من أفضل المساعدات المقدمة له، وتذكر بألا تقاطعه أو تفرض عليه الاستماع إلى حكاياتك وقصصك، بل يفضل أن تنجذب إلى حكاياته وتتابعها بشغف.

شارك في الأعمال التطوعية

العمل التطوعي وسيلة رائعة من أجل مساعدة الآخرين في المجتمع المحيط، فابحث من ملاجئ اليتامى والمشردين والفقراء والمرضى والأرامل وغيرهم، فسوف يجعلك هذا العمل تنظر إلى الحياة من منظور مختلف.

المساعدة العلمية

لا تتوقف وسائل المساعدة على تقديم المال أو الجهد أو بالكلمة الطيبة فحسب، بل في عصرنا الحديث يمكن أن تكون المساعد بتقديم العلم المجاني سواء على الإنترنت أو غير ذلك، ولا تتأخر عن نصح الآخرين أو مساعدتهم في العثور على كتاب أو موقع دراسي مفيد وغيره.

الاستماع إلى مشاكل الآخرين

أحيانا لا يحتاج شريكك أو صديقك أو زميلك في العمل سوى أن تستمع إلى شكواه وآلامه ومشاكله، فلا تبخل عليه بتخصيص وقت للاهتمام بمشاكله ومساعدته في البحث عن حل مناسب لها.

لا تنتظر المقابل

إذا قدمتَ معروفًا للآخرين فلا تنتظر منهم مقابلا أو رد فعل معين، لأنك تفعل الخير لمجرد الخير والإنسانية فحسب، ولا تنتظر الجزاء من غير الله تعالى، وتأكد أن معروفك لا يضيع.

إن الأخوة البشرية التي تجمع بين الناس في الأصل تحتم عليهم أن يتعاونوا وأن يساعد بعضهم بعضًا عند الحاجة، وقيمة العطاء ليست في مقداره بقدر ما تكون في الحب والمشاعر التي ترافقه، فقد تكون كلمة طيبة أو نظرة حانية وابتسامة رقيقة أو دقائق من الإنصات لهموم الناس أجدى بكثير من تقديم الأموال أو العطاء المادي، ولا يجب أن تستهين أبدا في تعاملك مع الأطفال سواء في البيت أو الشارع أو النادي أو المدرسة، فما تغرسه اليوم يجنيه المجتمع في الغد، وقد عرض هذا المقال فوائد مساعدة الآخرين ، وكيفية الحصول على السعادة منها، ومساعدة الأطفال المعاقين، ومظاهرها في الإسلام وفي المسيحية، وقصص عن مساعدة الآخرين ، وأخيرا أهم النصائح عن مساعدة الآخرين .

محمد حسونة

معلم خبير لغة عربية بوزارة التربية والتعليم المصرية، كاتب قصة قصيرة ولدي خبرة في التحرير الصحفي.

أضف تعليق

1 × 1 =