هل تساءلت يومًا عن الطريقة التي يعمل بها الميكروفون أو السماعات؟. مرت تقنيات تسجيل الصوت بالكثير من التطورات والنقلات، قد لا يعرف كمية كبيرة من الناس كيف يتم تسجيل الأغاني التي يستمعون إليها بكل سهولة، وكيف يتم تخزين صوتهم وإيصاله إلى الآخرين عند تسجيله؟. في المقال التالي ستتعرف على بداية استخدام البشر لتقنية تسجيل الصوت وكيف قام العلماء بتحسين أجهزة التسجيل والوصول إلى التسجيل الرقمي باستخدام لغة الكومبيوتر، لتصبح العملية سهلة وقابلة للتطبيق في عدد كبير من الأجهزة الإلكترونية البسيطة أو المعقدة.
عملية تسجيل الصوت : المراحل المختلفة لتطورها
ما هو الصوت؟
الصوت هو عبارة عن مجموعة من الترددات التي تسري في الأوساط المادية الصلبة والسائلة والغازية. عندما تهتز المادة تهتز الجزيئات وتتكون الترددات وتصبح الأذن قادرة على التقاط هذا الصوت طالما أنه في نطاق تردد قدرة الأذن. يستخدم الناس الصوت ليتواصلوا بالحديث، وليبدعوا في مختلف الفنون مثل الموسيقى وغيرها. والصوت هو كغيره من المعلومات المُسجلة، يمكن إرساله أو تخزينه باستخدام الإشارات التناظرية أو الرقمية. ويعتبر التناظر هو الطريقة الأبسط في تسجيل وتشغيل الأصوات، لذا فهي ما سنتحدث عنه أولاً.
ما هو التناظر؟
باستخدام المغناطيس، تتمكن تقنية التناظر من تحويل الأمواج الصوتية إلى نبضات كهربية. وعند توصيل موصل معدني (مثل السلك الكهربي) إلى داخل الحقل المغناطيسي، أو أن يتم تحريك المغناطيس بالقرب من السلك، سيبدأ التيار الكهربي بالسريان في ذلك السلك. عندما تتحدث في الميكروفون، تبدأ الجزيئات الناتجة عن صوتك بالتحرك في الهواء وتتجه نحو الغشاء (الذي يكون مصنوعًا من البلاستيك في الغالب أو مواد أخرى)، ويبدأ صوتك بالتحرك داخل الميكروفون. يكون الغشاء متصلاً بالمغناطيس الذي يتحرك لأعلى وأسفل مع صوتك. وتبدأ الإشارات الكهربية بالظهور في السلك المعدني للميكروفون. ثم سنبدأ في تحديد ما سنفعله لاستخدام هذه الإشارة الكهربية. يمكننا أن نرسل هذه الإشارة إلى السماعات فورًا ونسمعها في الحال. فالسماعات ليست سوى طريقة مُنعكسة للميكروفون.
ماذا نفعل لتشغيل الصوت باستخدام التناظر؟
لكن ماذا إن أردت تسجيل الصوت وليس مجرد الاستماع إليه؟ الطريقة التقليدية للتسجيل هي استخدام المغناطيس. لكن بدلاً من تذبذب الغشاء لأعلى وأسفل، ستحتاج إلى جعل المغناطيس يتحرك لأعلى وأسفل في داخل الشريط الموجود في جهاز التسجيل. عندما نقوم بتشغيل الإشارة الكهربية في السلك الموجود داخل الحقل المغناطيسي، فهذا يجعل المغناطيس يتحرك في نفسك النمط. ويدفع الغشاء السماعات للتذبذب وفقًا لهذا النمط. الاختلاف الوحيد هو أن الغشاء أكبر في السماعات بدرجة كبيرة من الموجودة في الميكروفون، ولهذا فهي تنتج الصوت. السماعات عبارة عن صندوق يقوم بتضخيم الصوت لجعله أكثر وضوحًا وأسهل للاستماع. حتى أنك قد تلاحظ صوت خربشة إذا ما أخطأت في توصيل طرف السماعات في مدخل الميكروفون. فالاثنان يعملان بنفس الطريقة باستثناء أن الميكروفون هو هادئ ولا يقوم بتضخيم الصوت.
التسجيل الرقمي
التسجيل الرقمي هو الطريقة الحديثة في تسجيل الصوت ، وهي غالبًا ما تستخدم في تسجيل الأسطوانات والألبومات التي تستمع إليها بالصيغ المعروفة على هاتفك المحمول أو جهاز الكومبيوتر. الأمر مُشابه للتسجيل التناظري، فأيضًا ستقوم بإنتاج إشارة كهربية في السلك كما في الميكروفون. الفرق فيما تفعله بعد ذلك باستخدام الأجهزة الإلكترونية المعقدة التي تحول الإشارات الكهربية إلى رقمية (أو إلى لغة الكومبيوتر، فتُترجم الإشارات إلى أرقام 1 و 0). تكون الأهداف الأساسية في التسجيل الرقمي هي تكوين تسجيل ذو قوة تماسك عالية (تشابه كبير بين الإشارات الأصلية والإشارات المُعاد إنتاجها) والحصول على أفضل مستوى من إعادة الإنتاج (أن تصبح التسجيلات في نفس جودة الصوت مهما قمت بتكرار تشغيلها).
لتحقيق هذه الأهداف، يقوم التسجيل الرقمي بتحويل الموجة التناظرية إلى تيار من الأرقام ويسجل الأرقام بدلاً من الموجة. يتم التحويل بواسطة جهاز حاسوب يُسمى مُحوِّل الإشارات التناظرية إلى الإشارات الرقمية (ADC). لتشغيل الصوت، يتم تحويل الأرقام المُحولة وإرجاعها إلى موجة تناظرية بواسطة مُحوِّل الإشارات الرقمية إلى الإشارات التناظرية (DAC). يتم تضخيم الموجة التناظرية وتوجهيها إلى السماعات لإنتاج الصوت. ستعمل الموجة التناظرية بنفس الكفاءة كل مرة طالما لم تتعرض الأرقام للتخريب. وستصبح الموجة التناظرية متقاربة بدرجة كبيرة طالما أنه تم إنتاج الأرقام الدقيقة والثابتة بواسطة المُحوِّل.
مُسجل الصوت وإديسون والجرامافون
يُنسب إلى المخترع الأمريكي المشهور توماس إديسون ابتكاره لأول مسجل للصوت استخدم من أجل تسجيل الصوت في عام 1877. قدمت تلك التقنية فائدة كبيرة للغاية لمنتجات التكنولوجيا، فمن خلالها استطاع إديسون تخزين موجة صوت تناظرية بطريقة ميكانيكية غير معقدة. استطاع إديسون عمل أول غشاء يُستخدم للتسجيل عبر التحكم به بواسطة إبرة مشدودة بإشارة تناظرية داخل أسطوانة مصنوعة من رقائق الألومنيوم. يعمل الجهاز عبر تسجيل الإبرة المشدودة للصوت أثناء دوران الأسطوانة في داخل صفيحة الألومنيوم. لتشغيل الصوت، تتحرك الإبرة إلى الجزء المنخفض خلال التسجيل، وخلال التشغيل، تضغط التذبذبات على صفيحة الألومنيوم لتجعل الإبرة تهتز، مما يجعل الغشاء يتذبذب ويشغل الصوت.
قام المخترع الألماني إيميلي برلينر بتطوير الاختراع وتحويله إلى جهاز الجرامافون في عام 1887. وهو أيضًا جهاز ميكانيكي يستخدم الإبرة والغشاء. وفي مطلع القرن العشرين ومن خلال الجرامافون، بدأت أدوات تسجيل وتشغيل الصوت بالانتشار في أمريكا وأوروبا إلى أن أصبحت من الأساسيات اللازمة للأسر الغنية إلى أن أصبحت أداة عادية في متناول أغلب الأفراد.
كيف تعمل إبرة إديسون؟
ما هي الإبرة التي استخدمها إديسون؟ الإبرة عبارة عن موجة تناظرية تمثل الذبذبات التي يقوم بها الصوت. فمثلاً، إن قمت بتسجيل كلمة واحدة بسيطة، ستجد أن تحليل التخزين والتشغيل للموجة التناظرية بسيط للغاية. لكن مشكلة جهاز إديسون في أنه غير متماسك. فلو أنك استخدمته لفترة طويلة، ستسمع أصوات خربشة خارج مع الإشارات. وتتشتت الإشارات في العديد من الاتجاهات، وقد يصل الأمر إلى أن تتحرك الإبرة نحو الجزء المنخفض وتغير الصوت باستمرار إلى أن تلغيه في بعض الأحيان.
تقنية التسجيل المرئي
في العشرينيات من القرن العشرين، قامت بعض الشركات الرائدة في صناعة السينما باعتماد تقنية الفونو فيلم والتي تعتمد على طريقة التسجيل المرئي. حيث يتم فيها تسجيل تسجيل الصوت مع الفيلم الفوتوجرافي. تقوم المتغيرات الحادثة بسبب التضخيم والمُشكِّلة للإشارة بإحداث التغيير الانتقالي لمصدر الضوء والذي يتم تصويره من خلال فيلم متحرك من فتحة ضيقة، مما يتيح تصوير الإشارات بتغيرات في الكثافة أو نطاق مصدر الصوت. يقوم جهاز العرض السينمائي باستخدام ضوء ثابت ومِكشاف حساس للضوء لتحويل تلك المتغيرات وإرجاعها إلى إشارة كهربية، ثم يتم تضخيمها وإرسالها إلى السماعات الموجودة خلف الشاشة.
ظهور شريط الكاسيت
عندما قدمت الشركة الهولندية الرائدة فيليبس شرائط الكاسيت (الشرائط السمعية) لأول مرة في الأسواق في ستينيات القرن الماضي، كان الأمر بمثابة ثورة تكنولوجية بالنسبة لعامة الناس. يعتمد الشريط على تقنية تحويل الموجات الصوتية إلى كهربية باستخدام التناظر والتضخيم لتوجهيها إلى السماعات، ليصبح الشخص قادرًا على تسجيل الصوت والتشغيل بكل سهولة.
حتى الآن، يفضل المشتغلين في تسجيل الأغاني والموسيقى وأصوات الأفلام بالعمل باستخدام أحدث الحواسيب التي تتيح لهم الحصول على أعلى جودة من الصوت. ولهذا يحاول العلماء تطوير هذه الأجهزة وإضافة التحسينات عليها بمرور السنين، حتى يتوصلوا إلى الطريقة المثالية الأكثر سرعة وجودة من أجل تسجيل الصوت .
أضف تعليق