تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » تفاعل اجتماعي » كلمة لا : كيف ومتى تقول “لا” في الوقت المناسب والمكان المناسب ؟

كلمة لا : كيف ومتى تقول “لا” في الوقت المناسب والمكان المناسب ؟

ننفر كبشر من الاعتراض، ومن قول كلمة لا ، لكن في الكثير من الأحيان تكون كلمة لا هي الكلمة المناسبة التي تؤدي إلى الخروج من الموقف بسلام، تابع لتعرف أكثر.

كلمة لا

هناك بعض الأشخاص الذين يعيشون بيننا ويريدون أن يريحوا أنفسهم من كل شيء، ولا يريدون تحمل عبء كلمات يقولونها بالسلب أو يردون عن طريق كلمة لا ، حتى لا يعاتبهم أحد على رفضهم. وأيضاً هناك نوع من الناس وخصوصاً الغير ناضجين يعتقدون أنهم عندما يلبون كل احتياجات الناس سيصيرون محبوبين من الجميع. ولكن في الحقيقة هذا أيضاً خطأ فليس معنى أن تقول “نعم” على كل شيء أن هذا سيضمن حب الناس لك، بالعكس ممكن أن يستغل البعض هذا الشيء فيك ويستخدمونك لأجل مصلحتهم الشخصية وأنت لا تدري.

كلمة لا أحياناً كثيرة تكون حماية لك من بعض الأشياء، وفي هذا المقال سنقول لك بحكمة لماذا كلمة نعم على الدوام سيئة ولماذا كلمة لا على الدوام أيضاً سيئة. ولماذا الاتزان هو الحل الوحيد. حيث أن هناك كاتبة تدعى كورين سويت قالت “أن يقول الشخص نعم على الدوام فهذا لن يجعله هو نفسه سعيد، بل عادة سيشعر أنه مهمل ولا أحد يهتم به، وهذا طبيعي لأن اهتمامه كله مصبوب على إرضاء الآخرين فيفاجئ أن لا أحد يحاول أن يرضيه حتى نفسه”.

كلمة لا : متى تقولها وكيف تقولها ؟

أن تقول “نعم” لكل شيء يعني أن تقول كلمة لا لأشياء أخرى

هذه هي المشكلة الكبيرة، أنك كثيراً عندما توافق أن تفعل أشياء للآخرين فهذا يكون على حساب نفسك، وبالتالي عندما تريد أن تفعل أشيائك التي تريدها لن تجد وقت. وربما الوقت تستطيع تعويضه ولكنك في الأغلب لن تجد طاقة أيضاً لأنك نفسياً ستكون مستنفذ في إرضاء الآخرين. وهذا الشخص الذي يقول نعم على كل شيء نراه كثيراً سواء في العمل أو سواء في المدرسة، وهو دوماً يفعل هذا لمجرد أنه يلتمس الرضى وكلمات المدح، ولو كنت أنت نفسك تعاني من أنك تقول نعم لكل شيء ولا تعطي رأيك في أي شيء ولا تتحمل مسئولية كلامك عن أي شيء. فيجب عليك أن تغير نفسك وتبدأ بأن تفكر في نفسك وفي ماذا تريد أن تفعله وتضعه في جدول. وفي أول طلب يطلب منك تعلم أن تنظر للجدول أولاً فلو وجدت أن طلبات الآخرين تتعارض مع جدول مواعيدك الخاصة قل كلمة لا فوراً.

من لا يقدر كلمة لا، لا تهتم به

هناك أشخاص في حياتنا لن يقدرون مسئولياتنا الشخصية، والحمل الذي يكون علينا. فمثلاً هناك شخص يريد منك شيء ولكنك في نفس الوقت مشغول جداً ولا تقدر على خدمته في هذا الوقت، وهو لم يعتد منك على الاعتذار أو أن تقول له ليس الآن. فتجده غضب ومشى بعيداً عنك واعتبر كلمة لا، التي أنت لم تقلها مباشرة على إنها إهانة. في حين أنك لم تهينه أو تتعدى عليه حتى بل كل ما في الأمر أنت مشغول فعلاً. مثل هؤلاء عزيزي القارئ لا تعر غضبهم اهتماماً ببساطة لأنه سطحي ولا يقدر أنك مشغول، فهو يعتقد أنك مخلوق لأجل خدمته. في حين أنك عندما تقدم أي خدمه للآخرين فأنت تفعل ذلك من باب المحبة والود والاحترام ليس إلا. ولذلك إن أعرته اهتماماً سيعاتبك وسيعاملك على أنك على خطأ، بأنك رفضت طلبه لذلك تجاهل غضبه منك، ولو كان يحبك سيسامحك وسيقدر مسئولياتك ولن يضع نفسه في موقف محرج مرة أخرى.

الحدود الشخصية

يجب أن يعلم كل منا أن هناك حدود يجب ألا يتعداها أحد إلا بسماح منا. ولذلك إن أراد أحد أن يأخذ منا شيء مهم نحتاجه، أو يتدخل في أمر شخصي أو يحاول أن يتدخل في شئون لا تعنيه، فهنا كلمة لا يجب أن تكون حاضرة وبقوة. ولا سيما في مجتمعنا الشرقي الذي لا يقدر الخصوصية بنحو كبير، فالأب والأم يعتقدون جدياً بعدم وجود خصوصية لأولادهم ما داموا في بيتهم. وفي الحقيقة هذا ليس بصحيح فكل شخص في هذه الحياة لديه مساحته الشخصية، ولا يجب لأحد أن يتعداها إلا بإرادة شخصية منه. وإن تعدى أحدهم هذه الحدود يسمى اغتصاب مهما كان الأمر يبدو لهذا الشخص الذي يريد أن يحاول أن يتدخل في شئونك. وحتى يكون لك شخصية قادرة بأن تقول “لا”، يجب أن تعرف أنت نفسك ما هي خصوصياتك وما هي حدودك. حتى لا تفاجئ في يوم بأنك قلت سراً لأحدهم وهذا الشخص قال السر لكل الناس فتقول إنه فتان. ففي الحقيقة أنت الذي لم تقل “لا” لنفسك وأفشيت سرك لشخص لم يحترم خصوصياتك. ولذلك حتى يحترم الآخرين خصوصياتك، اعرفها ثم قل “لا” عندها.

كلمة لا تظهر قوة الشخصية

بالطبع ضعاف الشخصية هم الأقرب لأن يكونوا عديمي الرأي الجاد في أي شيء. بل هم فقط عدد زائد، ورأيهم ليس سوى تبعية لآراء الآخرين ولا يتعبون أنفسهم بأن يكون لهم رأي مستقل. بل ما يقوله الآخرون هم معه دون تفكير في أي شيء. أما الإنسان ذو الشخصية القوية فهو غالباً له رأيه الخاص وعندما يرى شيء لا يعجبه، لا يخجل أن يقول لا ببساطة ولا يهتم لرأي أحد أخر. بل ينظر لآراء الآخرين حتى يحللها ويتعلم منها ليس إلا. ولذلك إن كنت من ذوي الشخصية الضعيفة فيجب عليك أن تتدرب على قول كلمة لا في محلها، حتى يكون لك رأي مهم ولست مجرد تابع للآخرين.

كلمة لا وخالف تُعرف

هناك بعض الأشخاص في المقابل لا يقولون “نعم” على أي شيء، بل هم لا يقولون سوى رد واحد على أي شيء أو في أي موضوع أو حتى أثناء الهزل. كلمة لا عندما تكون غرضها الأساسي الاعتراض من أجل الاعتراض فهي ليست جيدة على الإطلاق. لأن ذاك أغبى من الذي يقول “نعم” على أي شيء، فتفكيره يكون سلبي دائماً ولن يفعل أي شيء. وأي شيء يفعله الناس سيفعل عكسه لمجرد أنه يحب أن يكون مختلف، ولكن اختلاف سلبي جداً. وهذا المثل اسمه “خالف تُعرف” لأن الذين يفعلون نفس الشيء لن يهتم أحد بهم، ولكن الذين يختلفون في فعل نفس الشيء هم الذين يلفتون النظر غالباً. ولذلك أحب أن أوجه نصيحة مهمة جداً إن قال لك أحدهم من قبل أنك من نوعية المعترضين لأجل الاعتراض فلا تقاوم، وأرشح لك أن تفحص نفسك وتختبر نفسك جيداً. ولو وجدت أن كبريائك لا يسمح لك بالاعتراف بأي خطأ فعلته في أي وقت قريب إذاً افهم أن كلام هذا الشخص صواب وأنت خطأ وكبريائك يعميك ويجعلك تقول لا على أي شيء. ولا تسمح لأحدهم أن يأمرك لمجرد أن كبريائك يمنعك، في حين أن في أي مكان هناك مدير وهناك موظف ويجب على الموظف أن يتبع المدير تحت أي ظرف. ولكن إن كنت من الأشخاص الذين لا يريدون سماع الكلام والاحتجاج لمجرد دون سبب فراجع نفسك لأن هذا خطأ جداً.

كلمة لا في إنقاذ الوقت

الوقت كالسيف، وهذا المثل حقيقي ويجب علينا أن نتعظ منه كثيراً. ولذلك في هذه النقطة سنتكلم عن كلمة لا وكيف تنقذ وقتك في أحيان كثيرة من الضياع. فجميعنا نعلم أن الأوقات الممتعة أحياناً تأخذنا إلى مزاج رائع ومشاعر جميلة، وتجعلنا الأوقات الممتعة لا نريد أن نبارح المكان لذي نوجد فيه. ولكن ماذا لو كان الوقت الممتع لنا هو مشاهدة التلفاز لمدة تزيد عن الخمس ساعات يومياً، فهل هذا طبيعي؟ بالطبع لا، ولذلك أحياناً كثيرة يجب أن تقول لنفسك “لا تشاهد التلفزيون لمدة طويلة جداً”. ويجب أن تكون كلمة لا نابعة من داخلك أنت، لأن مهما أقنعك الناس من أن ما تفعله يضيع منك وقتك فلن تقتنع بهذا أبداً. وطبق هذا على باقي الأشياء في حياتك، فمثلاً لو كنت تذهب مع أصدقائك بصورة يومية في وقت طويل وتهمل أسرتك فهنا يجب أن تقول لنفسك لا. وهنا كلمة لا تكون من أصعب الكلمات لأنك تقاوم بها رغباتك الشخصية. ولكن هنا يجب أن يتحكم عقلك في أفعالك، وكلمة لا عندما تقولها لنفسك فهذا ينم عن نضوج شخصي كبير وقوة شخصية واضحة. حيث أنك تستطيع أن تسيطر على نفسك وهذا في حد ذاته رائع.

كلمة لا في مواقف الظلم

الكثير من الناس يرون بأعينهم أفعال ظالمة تنتج من الآخرين، أو أشخاص جبابرة يذيعون الظلم في كل مكان بالقوة. ولكن الغريب أنك تجد الجميع صامت، وهناك مثل يقول “أن الصمت علامة للرضى”. ولكن إن فكرت معي أن هذا ليس مجرد صمت إنما هو في حد ذاته نوع من أنواع الجبن البين، فسوف تعرف حينها أن الساكت عن الحق مشترك في الظلم. ولذلك هنا في هذه النقطة نشجعك تماماً على أن تقول لا في وجه الظلم دون خوف. ويجب أن تعرف أن الحق قوي ويشعل الثورة في قلوب الضعفاء. بمعنى أنك لو كنت على حق وتكلمت في يوماً ما أمام الظلم ربما هذا حينها سيحرك الثورة في قلوب الضعيفين، ويكون اعتراضك هو شرارة الاعتراض على الظلم. ولكن أيضاً يجب أن تتحلى بالحكمة أمام الأقوياء الظالمين حتى لا تخسر حياتك بالكامل، فعدم قبول الظلم شجاعة والشجاعة تتميز بالحكمة. أما الاندفاع يتميز بعدم الحكمة. ولذلك حاول دائمًا أن تكون كلمة لا بصورة حكيمة وذكية تجعل الظالم يخاف والضعيف يتقوى.

كلمة لا للإدمان

الإدمان أصبح وباء متفشي في هذا العالم، وخصوصاً مع انتشار وسائل التواصل في العالم. زادت نسبة تهريب المخدرات والعقارات التي تؤدي إلى الإدمان. وهذا ليس الأخر، بل أن هناك أنواع أخرى مصرح بها من الإدمان مثل السجائر وإدمان المواد الغازية والقهوة. وفي الغالب كل هذه الأشياء إذا تناولها الإنسان بشكل مفرط بصورة مستمرة، فهو يكون داخل دائرة الإدمان. وسيتطور معه الأمر إلى أن يصل لمرحلة مرضية سواء نتيجة إدمان معين أو أن يصيبه نوع من أنواع الوسواس لو كان هذا الشيء غير موجود في الوقت الذي يريده. ولذلك يجب أن نقول جميعاً “لا للإدمان”.

فلا يجب أن نتهاون مع الأمر كأنه شيء عادي أو ربما للتجربة والضحك والاستمتاع مرة واحدة. فبنسبة 90% من مدمنين السجائر كانوا جربوها بناءً على دعوة الآخرين لهم. ولذلك عدم قولك لكلمة لا حينما يعرض عليك أحدهم شيء مضر لحياتك، فهذا ربما يؤثر عليك باقي عمرك حيث أن السبب الرئيسي لسرطان الرئة حول العالم هو تدخين السجائر. وتليف الكبد سبب من أسبابه هو إدمان الكحوليات. وحوادث السير سبب من أسبابها هي الأقراص الدوائية المنشطة التي يعتاد عليها السائق حتى يحدث له حالة من النوم المفاجئ أو عدة ثواني يعجز فيها العقل عن العمل، مما يسبب في ثواني معدودة حادثة سير قد يموت فيها العشرات.

الأفضل أن تنتقي الوقت المناسب الذي تحتاج فيها لقول كلمة لا فتقولها وبكل قوة. وتعمل عقلك في التفرقة بين الصائب والضار، حتى تكون حيادي بين الكلمتين.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

17 − ثمانية =