كتابة قصة مسلية لم يصبح الآن حكرا على الأدباء أو الروائيين فحسب بل صار موقفا معرض إليه كل شخص في ظل وسائل التواصل الاجتماعي، فالإنسان أحيانا يحدث له موقف عظيم ويريد أن يشاركه مع أصدقاء شبكات التواصل الاجتماعي ولكن يفتقر للأسلوب الجيد الذي يجعله يوصل هذه القصة بأفضل طريقة ممكنة لذلك سنتحدث في هذا المقال عن كيفية كتابة قصة مسلية بأسلوب جذاب وسلس دون أن يصيب أي قارئ بالملل عند قراءتها ولكن قبل ذلك سنتعرف على عناصر القصة وأهمية الخبرة في كتابة القصة وكيف يمكنك كتابة قصة مسلية دون خبرة بكتابة القصص.
استكشف هذه المقالة
ما هي عناصر القصة؟
تنقسم القصة إلى عدة عناصر أساسية لا غنى عنها في أي قصة وأي قصة تفتقر لعنصر من هذه العناصر تعتبر غير فنية غير أن الضرورة أحيانا تستلزم إخفاء بعض العناصر من أجل مزيد من التشويق والغموض وهذه الطريقة يمكن أن تنجح مع الكتاب الكبار لأنها تستلزم فنية عالية جدا وخبرة كبيرة في الكتابة، أما العناصر الأساسية فأبرزها:
الزمان
وهو الزمان الذي تحدث فيه القصة بمعنى الحقبة الزمنية أو القرن الذي حدثت فيه القصة لو كنت تحكي قصة من الماضي السحيق، أو العقد الذي حدثت فيه القصة إن كنت تحكي قصة من الماضي القريب أو تاريخ اليوم إن كنت تحكي قصة حدثت هذا العام أو في نفس العقد فتذكر العام الذي حدثت فيه القصة، أما إن كنت تحكي قصة حدثت في نفس اليوم فتحكي الوقت إن كان ظهرا أو عصرا أو صباحا.
المكان
إن كنت تحكي قصة قديمة فيمكن أن تذكر البقعة أو القارة أو الدولة أو غير ذلك وإن كانت في الماضي القريب يجب أن تذكر المدينة أما إن كنت تحكي قصة محلية فعليك أن تحكي تفاصيل المكان بالضبط والعنوان المحدد لمكان القصة.
الشخصيات
بالطبع القصة تحدث للأشخاص وكتابة قصة مسلية يجب أن يكون الجانب فيها بشري، فلا يمكن أن تنوي كتابة قصة مسلية عن طحالب أو شعب مرجانية، هناك بالطبع اتجاهات في القصص مثل كليلة ودمنة وغيرها تحكي عن الحيوانات فتحلهم محل البشر ولكن على أي حال يعتبروا شخوصًا، إنما في المعتاد والغالب أن يكون هناك شخصيات في القصة، ومن خلال تفاعلهم يتكون الحدث.
الحدث الجوهري
كل قصة يجب أن يكون بها حدث جوهري تنتهي القصة بانتهائه، مثلا سنتحدث عن مقابلة العمل، هذا هو الحدث الجوهري، والذي تدور حوله القصة ويمكن أن تتفرع منه أحداثا أخرى ولكن على أي حال يجب أن يكون هناك حدثا جوهريا يعتبر هو أساس القصة.
ما أهمية الخبرة في كتابة القصة؟
بالطبع يمكنك كتابة قصة مسلية وجذابة بدون خبرة ولكن الخبير والذي كتب عشرات القصص من قبل أو قرأ مئات القصص لديه دائما عين خبيرة ومهارة تلقائية على توليد القصة فهو يدري من أين يبدأ ومتى ينتهي وعلى أي تفاصيل سيركز وما هي الحوارات التي سينقلها والحوارات التي سيستغني عنها وما الذي سيحذفه وما الذي سيضيفه، تلقائيا وبدون أي جهد أو عناء، لكن الشخص غير الخبير تجده متخبط نوعا ما وكتابته مترهلة خصوصًا لو كان للمرة الأولى غير أنك يمكنك أن تكتب قصة مسلية أيضًا بدون الخبرة وبحدسك، وهذا ما سنتحدث عنه في الفقرة التالية.
كيف يمكنك كتابة قصة مسلية وجذابة؟
في مرة من المرات كان لدي صديقة إقليمية أرسلت لي رسالة طويلة على واتس آب تحكي لي تجربتها الأولى في ركوب القطار والذهاب إلى العاصمة، لم تكن صديقتي هذه قاصة أو كاتبة ولكنها كانت محملة بقصة جيدة ومغامرة جديدة لذلك كانت قصتها مسلية، فكيف يمكنك كتابة قصة مسلية وجذابة وأنت لا تمتلك الخبرة؟
ابدأ من أهم نقطة
الزمان أزلي، وكل القصص مرتبطة ببعضها البعض، فلو سردنا الأسباب الجذرية التي جعلتك تذهب إلى عملك في الصباح فربما وجدنا أن للحرب العالمية الأولى تأثير في ذلك، بالتالي لا يمكنك أن تحكي عن حدث تم ليلا فتبدأ منذ أن استيقظت في الصباح، كتابة قصة مسلية يعني أنك ستدخل القارئ في الأحداث مباشرة، مثال لذلك لا تبدأ القصة بشيء مثل: “استيقظت في هذا اليوم صباحا وكالمعتاد توجهت إلى الحمام للاستحمام وغسلت أسناني وبدلت ملابسي وتناولت إفطاري..” ألا ترى أنك مللت من ذكر هذه التفاصيل المعتادة؟ ومهما كان الحدث الذي يلي ذلك لن يكون مشوقا لكن من الأفضل أن تبدأ القصة من نقطة: “بمجرد أن دخلت المكتب سمعت صوت ارتطام في الخارج..” هكذا تدخل القارئ إلى تفاصيل القصة سريعا.
تعلم فن الحذف
بالطبع أنت تريد أن تحكي قصة مسلية ومثيرة بالتالي لا ينبغي عليك على الإطلاق أن تحكي كل التفاصيل، هناك تفاصيل يمكن الاستغناء عنها من أجل خدمة الحدث الدرامي، سواء كنت تحكي قصة حقيقية أو تحكي قصة متخيلة، عليك أن تستغني مثلا عن نزولك من الحافلة ومشيك بخطوات وئيدة إلى مقر العمل وغيرها، يمكنك الاستغناء عن كل هذا لأنك حقا لا تحتاج هذا، كل ما تحتاجه هو أنك ذهبت إلى مقر العمل كالمعتاد، ويمكنك فقط الاحتياج لهذا في حالة أن سيارتك تعطلت مثلا، لم يكن هذا معتادا فاضطررت للنزول والركض في الشارع حتى تستطيع أن تلحق بالعمل لأن هناك مشكلة هناك، وهكذا.
اذكر الحوارات التي غيرت سياق الأحداث
كتابة قصة مسلية يعني أنك يجب أن تستغني عن الحوار لصالح التكثيف، هل هذا يعني أنك لا يجب أن لا تذكر الحوار نهائيا؟ بالطبع لا ولكن يجب أن تلغي الحوار الزائد عن الحاجة للحوار الذي يعتبر عدم ذكره إخلال بسياق القصة، مثلا لو كنت طبيبا وتحكي ما حدث معك فإن جملة من الممرضة التي تدخل عليك فجأة مذعورة وتهتف “النجدة يا دكتور فلان، قلب المريض توقف”، هذه الجملة هامة جدا ومحورية ولا غنى عنها بالطبع ولا يمكنك إسقاطها لأنها سيترتب عليها أحداث أخرى في القصة كما أنها مؤثرة دراميا كما نلاحظ لذلك من غير المنطقي الاستغناء عنها على الإطلاق.
خمن مشاعر الشخصيات
لا يمكنك كتابة قصة مسلية دون أن تعنى بمشاعر الشخصيات ولو كنت مثلا بطل القصة أي تحكي القصة بضمير المتكلم فمن السهل التركيز على مشاعرك كرد فعل على كل حدث يحدث دون إسهاب، ولكن أيضًا يمكنك تخمين مشاعر الشخصيات لأن ذلك سيُفهم القارئ الأجواء التي تحدث فيها القصة، يمكنك مثلا أن تقول: “خطوت إلى مكتب المدير شاعرا بالقلق” بهذا نيقن بما أنك المتكلم أنك كنت تشعر بالقلق من المصير المتوقع لك عند لقاء المدير كما أن هذا سيوضح أن علاقتك ومديرك ليست على ما يرام، لكن كيف نفعل هذا مع الشخصيات الأخرى في القصة؟ يمكننا تخمينها أو وصفها من سطوحها ولكن لا ينبغي حذفها نهائيا، فمن الممكن أن نقول: “نظر لي موظف الأمن مشمئزا” أو “قالت لي البائعة بتحفز أنه لا يوجد مقاسا ليناسبني عندها” هذا ما سيكسب شخوص قصتك الأبعاد الإنسانية التي تجعل قصتك جذابة ومسلية.
تعامل كما لو أنك لا تعرف ماذا سيحدث
عليك أن تسير مع القارئ نقطة بنقطة، فلا ينبغي أن تقول مثلا أن حدثا هاما سوف يحدث بعد قليل بل عليك أن تراقب التوتر وتصاعد الأحداث مثلك مثل القارئ وهذا ما يطلق عليه القص المحايد، اجعله يتوتر مثلما تتوتر واجعله يسترخي مثلما تسترخي واجعله يترقب مثلما تترقب، اكشف له الحقائق حين تحدث وليس قبلها ولا تتعجل، استخدم التفاصيل لتغذية القصة والحدث الرئيسي ولكن في نفس الوقت امنحها القيمة فالحدث الرئيسي بدون الأحداث الفرعية لا شيء ولكن الأحداث الفرعية هي في النهاية ما تجعل للحدث الرئيسي أهمية، تماما مثل الشجرة المخضرة المورقة المثمرة، يصبح منظرها موحشا حين تسقط كافة أوراقها وتتيبس فروعها.
صِف الضروري من الأماكن
هناك أسلوب قديم في الكتابة ولا ننصحك به إن أردت كتابة قصة مسلية وهو أن يصف الشخص أي مكان يدخل إليه، فهو يدخل قاعة الاجتماعات فيصف الطاولة ويصف المفرش الذي يكسوها ولونه وخامته ومصدره وكيفية تصنيعه ويصف الأرضية ويصف المصابيح ويصف الأثاث ويصف زجاج النوافذ وخشب المكاتب، ولا ريب أنك مللت من الأشياء التي يصفها فما بالك بوصفها؟ حسنا إن أردت وصف شيء فصفه عند الضرورة، مثلا تقول: “ضرب حمدي بك على سطح المكتب الخشبي الأنيق بقبضته فهشم لوح الزجاج الذي يعلوه” ها أنت وصفت ولكن للضرورة، لا تريد أن تصف كل شيء حتى تصبح قصتك مسلية، يمكنك أن تصف ما تريد وصفه فحسب.
لا تكرر كلمة مرتين
هذه الفقرة تختص بالأسلوب، والأسلوب هي الطريقة اللغوية التي تستخدمها من أجل كتابة قصة مسلية جذابة، في البداية أنت يجب أن يكون لديك الحد الأدنى من السلامة اللغوية، لا يعني أنك يجب أن تكون الأصمعي ولكن على الأقل أن يكون لديك أبسط قواعد الإملاء التي أخذتها في المرحلة الابتدائية، وبعد ذلك يأتي الأسلوب، من عيوب البلاغة في الشعر التكرار وحتى لا تصيب قارئك بالملل لا تفعلها في القصة أيضًا، فحين تقول: “مشيت في الشارع ثم مشيت إلى المحل ثم مشيت نحو البائع، ثم مشيت بين الواجهات الزجاجية..” يا إلهي الرحيم! كم مشيت في القصة؟ عرفنا أنك تمشي كثيرا لكن هذا ليس ضروريا ذكره على الإطلاق، يمكنك أن تستخدم البدائل اللغوية لتجنب التكرار أو ضم الأفعال التي تندرج تحت مسمى واحد في جملة واحدة، فتقول: كنت أمشي في الشارع فدخلت المحل وتجولت بين الواجهات الزجاجية ووصلت عند البائع..” بهذا تكون تجنبت التكرار وحكيت ما تريد قوله.
استخدم الجمل القصيرة من أجل كتابة قصة مسلية جذابة
في عصرنا الحالي، عصر تويتر والتغريدات متناهية الصغر فأنت بحاجة إلى أن تكون قصير الجمل، لو فتحت كتب التراث ستجد هناك جمل طويلة ولكن هذه ليست طريقتنا الآن، فلن تستفيد شيئا حين تصف حدثا في قصة فتقول: “ركنت سيارتي بين سيارتين من نوعية الجيب العاليتين المصنعتين في ألمانيا” طويلة هذه الجملة وتؤدي معنى واحد أنك ركنت سيارتك بين عربتين جيب، يمكنك أن تقولها بعبارات أقصر: “ركنت سيارتي بين عربتين جيب، بت بينهما مثل طفلة وهي قريبة إلى الأرض، بينما السيارتان مرتفعتان..” ويمكنك استخدام علامات الترقيم خصوصًا الفصلات لإعطاء القارئ فرصة لالتقاط أنفاسه.
لا تنهي قصتك بموعظة أو حكمة
نصيحتنا الأخيرة ألا تنهي قصتك أبدا بحكمة أو موعظة، انهها بآخر حدث مهم في القصة لكنك لا تكتب مقال، هل ترى أنا الآن أكتب مقالا، لذلك أنا أتحدث بجمل خبرية تقريرية بحتة، لأنني لا أكتب قصة، عند كتابة القصة لن أطلب منك أن تفعل شيئا أو أنصحك بأمر دون غيره أو أملي عليك ما تفعله أو أخبرك الدرس المستفاد مما سبق، هذا يحدث حين أكتب مقالا فقط لكن عند كتابة القصة فلا يحتاج القارئ أن تشرحها له وتبين له القيم المستفادة أو هدف القصة، اترك كل قارئ يفهمها كما يريد طالما قمت أنت بسردها كما تريد، كتابة قصة مسلية لا يعني أنك تفرض رؤيتك على الآخرين، بل يكون الهدف التسلية والمؤانسة فحسب.
كتابة قصة مسلية يستلزم منك بعض الجهد والسلاسة، عليك أولا أن تقهر رعب الورقة البيضاء أو الصفحة الفارغة، المهم أن تبدأ في الكتابة وتستمتع وأنت تكتب لأنك حين تكتب بمتعة سيستشعر القارئ نفس المتعة أيضًا وعموما الكتابة التي تخرج من القلب ستجد طريقها إلى القلب بسهولة ويسر.
أضف تعليق