تسعة
الرئيسية » تعليم وتربية » فوائد الثقافة : كيف يستفيد الإنسان من كونه مثقفًا في حياته ؟

فوائد الثقافة : كيف يستفيد الإنسان من كونه مثقفًا في حياته ؟

نسمع كلمة الثقافة كثيرًا، وبعضنا لا يعرف معناها، وبعضنا لا يعرف فائدتها، لذلك نستعرض هذا المقال الذي يعدد فوائد الثقافة للإنسان في حياته العامة والشخصية.

فوائد الثقافة

فوائد الثقافة موضوع مهم جداً وحيوي جداً على المستوى الإنساني الفردي والمجتمعي العام حيث أن الإنسان المثقف له ميزات وإمكانيات تختلف تماماً عن الجاهل، ومن هنا إذا كان هناك عدد كبير من المثقفين في المجتمع الذي نقطن فيه فإن ذلك سيضمن نجاح هذا المجتمع في الناحية الحياتية والتعليمية والتطورية مما سيؤدي في الأخير إلى نهضة كبيرة جداً.

ولكن قبل أن نتكلم عن فوائد الثقافة فيجب أن نعلم أن الثقافة تختلف عن الدراسة ويختلفان عن التعلم، فكل مفهوم ولفظ يختلف عن الأخر حتى في اللغة الإنجليزية وهذا يوضح جداً أن ربما يكونوا متشابهين وبعض الناس يخلطون بينهم. ولكن الحقيقة أن الثقافة تختلف عن التعليم والدراسة، حيث أن التعلم والدراسة ليسوا في أهمية ومميزات الثقافة لأنهم مبنيين غالباً على فكرة التلقين والمناهج المحدودة والمعرفة الموجهة ناحية شيء معين، بل وربما أحياناً يكون الشخص ليس لدية مهارات في الدراسة والحفظ وتخزين المعلومات العلمية أما الثقافة فليست كذلك على الإطلاق، وببساطة الإنسان المثقف ليس شرط أن يكون عالم ولكن العالم شرط له أن يكون مثقف وله مدارك خارج حدود علمه لأن هذا هو الذي يجعله يربط الأشياء ببعضها وينجز شيء جديداً لم يفعله من هم مثله في مجاله، لأنهم فقط ينظرون من وجهة نظر التعليم والدراسة والمعلومات المكتوبة في الكتب المخصصة الذي من الممكن أن يكونوا قد حفظوها تماماً ولكن المسألة ليست معلومات. الموضوع يعتمد على مدارك مفتوحة ووعي واسع المعرفة.

تعرف على فوائد الثقافة المختلفة للإنسان

الثقافة لا تحتاج إلى دراسة

وهذا من ضمن فوائد الثقافة التي لا تحصى، فلو أردت أن تصبح شخص مثقف سواء رجل أو امرأة ليس عليك أن تدرس 7 سنوات في الجامعة الفلانية أو تعمل زمالة في جامعة كذا فالأمر يختلف تماماً. الشخص المثقف هو الشخص الذي يكون دائم الاطلاع والقراءة والمعرفة ومن يفعل هذه الأشياء غالباً يكون شخص مثقف، فالأمر لا يحتاج إلى تعب أو مجهود هو فقط يحتاج إلى شغف المعرفة حيث أن حبك للاطلاع سيجعلك تعرف أشياء كثيرة جداً وغالباً القراءة تكون سبب أساسي في الثقافة والمعرفة، فإن الشخص الذي يقرأ كثيراً يكون لديه الإمكانية أكثر من غيره على قراءة الواقع بمنظور فلسفي وعميق جداً وصائب على المدى البعيد. وهناك العديد من الأمثلة عن عباقرة لم يكملوا تعليمهم ولكنهم كانوا علامة في التاريخ الثقافي، وهناك أشخاص آخرين لم يحوزوا على دكتوراه أو درسوا دراسات عليا بل فقط اجتازوا الجامعة ومنها بالقراءة صاروا عظماء. ومن أشهرهم الكاتب والفيلسوف المصري عباس العقاد بن محافظة أسوان في جمهورية مصر العربية الذي ترك مدرسته وهو في الصف الخامس ومن ثم تعلم اللغة الإنجليزية من السياح الذين كانوا كثر لزيارتهم المعابد الفرعونية ومن بعدها وبسبب شغفه الرهيب القراءة أصبح واحد من رموز الثقافة المصرية، حيث كان في بداية حياته يعمل في كثير من الوظائف الحكومية البسيطة مثل السكك الحديد ومصلحة البريد ولكنه في عام 1909 استقال من الوظائف الحكومية ليتجه إلى القاهرة ويتعرف فيها على بعض الناس الذين دعموه وعمل في الصحافة. هل تدرك عزيزي القارئ فوائد الثقافة هنا فهو لم يأخذ أي شهادة مدرسية حتى وفي المقابل عمل في الأخير في الصحافة التي تعتبر مصدر الوعي والثقافة الوحيد في هذا الوقت من الزمن وكل هذا بسبب أنه كان مطلع جداً وقارئ نهم في الدراسات والشعر الغربي بسبب إجادته الإنجليزية الذي أهله في الأخير إلى أن يؤسس “جريدة الدستور المصرية” الشهيرة وله كتب تدرس حتى الآن في الجامعات وله فكر وقامة ثقافية محترمة لدى الجميع. ومن هنا نعرف فوائد الثقافة أنها مهما كان مستواك التعليمي فالثقافة تستطيع أن تعرفك وتعلمك.

المكانة الاجتماعية

من الأكيد أن المكانة الاجتماعية هي شيء مهم والكثير من الناس يعتمدون في مكانتهم الاجتماعية على مستواهم التعليمي مثل الطبيب الذي يكون له مكانته عادة في معظم المجتمعات، والمعلم الذي له مكانته الخاصة في المجتمع الياباني الذي يعتبر ظاهرة في الشعوب والنظام. ولكن من فوائد الثقافة هي أنها تضمن لك مكانة اجتماعية بدون شرط أن تكون طبيب أو معلم أو دبلوماسي أو مهندس، ففقط مجرد أن تكون شخص مثقف ومنمق وتعرف أشياء كثيرة وتمارس هذه الثقافة بطريقة محترمة في حواراتك مع الآخرين فستكون بالنسبة لمن حولك، والذين منهم أطباء ومعلمين، شخص واعي وذو فكر وخبرة كبيرة، وستضمن لك الثقافة الوعي اللازم لمعرفة التكلم وتتحول من شخص عادي إلى شخص مميز له حضوره ويصنع فارق. هذا غير أن الثقافة ستجعلك تتعرف على مثقفين آخرين وغالباً المثقف لا ينظر للمستوى التعليمي أو أي من هذا فستجد نفسك وسط مجتمع راقي وهو المجتمع الثقافي.

الثقافة والشعور بالجهل

من فوائد الثقافة العظيمة هي الشعور بالجهل وقد يكون هذا غريباً لكنه واقع لأن الشخص المثقف كل يوم يكتشف شيئاً جديداً وفي كل مرة يعرف شيئاً جديداً يشعر كأنه أكثر جهلاً وهكذا، عكس الشخص الجاهل الذي يظن أنه يعرف كل شيء. فسمة المثقفين هي إدراك العجز وأن قلة المعرفة هي حتمية بالرغم أنه من الممكن أن يكون الشخص المثقف هو أفضل شخص على مستوى الوعي، ولكنه لأنه واعي فيشعر أنه لا يعرف الكثير. وبالفعل فمهما كان ما يعرفه الإنسان من معلومات فهو قليل في حق المعرفة، والشخص الواعي هو الذي يعرف قدرة عقله.

الثقافة والوصول إلى الحلول

من ضمن فوائد الثقافة أيضاً هو إيجاد الحلول بطريقة سهلة وبسيطة وإبداعية حيث أن الثقافة تجعلك مطلع على مشكلات حدثت في التاريخ وحلول وأفكار ناس عظماء كتبوها في كتب وأنت قرأتها على الجاهز دون تعب أو فعل أي شيء. لذلك ومع كثرة الثقافة والقراءة والاطلاع والمعرفة تجد نفسك ذو رؤية وتوقعات وحلول وبديهة وسرعة في اتخاذ القرارات ناتجة من هذه المعلومات والخبرات التي مرت عليك في عقلك. وربما يكون هذا مبالغ فيه ولكن الحقيقة أن العقل البشري متشابه والخبرات العقلية متشابهة والمشكلات التي تحدث على مر التاريخ متشابهة ولكن الظروف هي التي تختلف، ولذلك ثقافتك تمكنك من الوصول إلى نفس الحلول ولكن بطريقة سريعة لأنك قرأتها عن خبرات سابقة عن أناس آخرين.

الثقافة واحترام الآخرين

الثقافة تمكنك من رؤية الشخوص والناس بطريقة تختلف عن طريقة المظاهر بل تجعلك تنظر إلى عقلية الشخص، ومن هنا تجد نفسك شخص محترم يحترم الجميع وفي ذات الوقت يأخذ حذره من الجميع ويعرف أن الموضوع ليس بالشهادات أو المستوى التعليمي. فهناك إحصائية أجريت في 2016 أقرت أن بنسبة أكبر من 60% من القيادات الإرهابية في العالم حاصلين على شهادات الهندسة، فالموضوع هنا لا يعتمد على كونك مهندس أو طبيب أو عالم، بالعكس فمن الممكن أن تكون شخص لم يكمل تعليمه لكنك مثقف. إذاً فالمثقفون غالباً يحترمون الآخرين ولأنهم يفهموهم بشكل أعمق.

فوائد الثقافة كثيرة جداً ولكن الفائدة الأهم هي أن الثقافة أفضل استثمار لك في هذه الحياة، حتى تكون شخص فعال ومحترم ومحب لذاتك ولا تبالي بأي شيء غير أنك واعي ومدرك.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

ثمانية عشر − عشرة =