الوُضوء بضم الواو، من الوَضاءة وهي النظافة، والوضوء شرعًا: الطهارة المائية التي يُرفع بها الحدث الأصغر، لأن الغُسٌل يُرفع به الحدث الأكبر، أما كلمة “وَضوء” بفتح الواو، فهي اسم الماء الذي يُتوضّأ به. فمن المعروف، أن الوضوء معلومًا من الدين بالضرورة، ولا تصح أي صلاة بدونه، وقد ثبتت مشروعيته من الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، فهو عبارة عن طهارة مائية، تتعلق بالوجه واليدين، والرأس والرجلين، فهناك ما يجب علينا فعله أثناء الوضوء، وهناك سُنن يمكننا فعلها، كما أن هناك أشياء لا يجب علينا فعلها إذا كنا بالفعل على وضوء.. وهكذا، وبما أننا جميعًا نصلي، ونؤدي الفريضة المكتوبة، يتوجّب علينا الالتزام بما هو داخل فيها، ولا يصح إلا بها، كما يتحتم علينا التعرّف على كل ما يخص الوضوء، فهناك الكثيرون لا يعلمون بعض الأشياء المهمة عن ماهية الوضوء وكيفيته، ففهي هذا المقال، سوف نشرح فرائض الوضوء ، وكيفيته، وسننه ومندوباته، وما نواقض الوضوء، وأيضًا ما لا ينقضه.
استكشف هذه المقالة
فرائض الوضوء السبعة
قبل أن نبيّن فرائض الوضوء، نوضّح لماذا بالضرورة علينا أن نتوضّأ، وذلك لأنه مهم في رفع الحدث الأصغر، وهو البول والغائط، ونواقض أخرى للوضوء سوف نأتي لها. أما فرائض الوضوء السبعة، أو أركان الوضوء فهي إجمالًا: (النية- غسل الوجه- غسل اليدين إلى المرفقين- مسح الرأس- غسل الرجلين مع الكعبين- الترتيب بين الأعضاء- الموالاة) نأتي للركن الأول وهو “النية”، ومحلها القلب، ولم يرد في السنة بأنه علينا التلفّظ بها، وقد ثبتت فرضيتها أيضًا عن طريق الأدلة. والفرض الثاني: “غسل الوجه”، من أعلى تسطيح الجبهة إلى أسفل الذقن طولًا، ومن شُحمة الأذن إلى شُحمة الأذن عرضًا، وغسل الوجه أي: إسالة الماء عليه. ثم نأتي للفرض الثالث: “غسل اليدين إلى المرفقين”، والمرفق يعني المفصل الذي بين العضد والساعد. أما الفرض الرابع “مسح الرأس”، والمسح معناه إصابة الرأس بالبلل، ويكون بمسح بعض الرأس، ويتحقق ذلك باستخدام اليد والأصابع للمسح جيدًا وليس بتحريكهم فقط. والفرض الخامس “غسل الرجلين مع الكعبين”، وهذا ثابت أيضًا عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
الترتيب بين الأعضاء- الموالاة
والفرض السادس من فرائض الوضوء: الترتيب بين الأعضاء السابق ذكرها، لأنه يجب على كل فرد أن يبدأ بغسل الوجه، ثم بغسل اليدين، ثم مسح الرأس، ثم غسل الرجلين، ولا يجب تقديم أو تأخير أي عضو على الآخر، وإلا لا يصح الوضوء. والفرض السابع الموالاة، أي تتابع غسل الأعضاء بعضها إثر بعض، فلا يقطع المتوضّئ وضوئه فجأة، ثم يرجع ليكمله. ونشير إلى أن البعض زاد “الدلك”، أي: استخدام اليد في تدليك هذه الأعضاء بالماء، لذا نقول: أن فرائض الوضوء المتفق عليها أربعة “ما وردت في سورة المائدة الآية السادسة”، أما المختلف فيها “النية، الترتيب، الموالاة، الدلك”.
كيف تتوضأ؟
لمعرفة كيف نتوضأ، لا نعرف ذلك إلا من خلال صفة وضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكان النبي أثناء وضوئه يفعل ما يلي: أولًا ينوي الوضوء -في قلبه-، ثم بعد ذلك بدأ بغسل كفيه ثلاث مرات، ولا يزيد عن هذا العدد، ثم تمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثًا، ومثلها اليسرى، فكان -صلى الله عليه وسلم- يبدأ بالأيمن ثم بالأيسر في الوضوء، ثم مسح على رأسه مرة واحدة، ثم غسل رجليه بدءًا من اليمنى إلى اليسرى أيضًا إلى الكعبين، وكان النبي يقوم بالتسمية في أول الوضوء، ويستخدم السواك، لذا فهما سُنّة عنه يُستحب لنا فعلها.
سنن الوضوء
السنة: هل كل ما ثبت عن الرسول من قول أو فعل، تاركها لا يُعاقب، وفاعلها يُثاب. ومن سنن الوضوء، والتي ثبتت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: في أول الوضوء نبدأ بالتسمية، ثم يستحب لنا استخدام السواك، فنقوم بالتدليك به لتنظيف الأسنان، واستخدام السواك مستحب في جميع الأوقات، لكنه في خمسة أوقات يُستحب استخدامه، عند الوضوء وعند الصلاة، وعند قراءة القرآن، وعند الاستيقاظ من النوم، وعند تغير الفم. والسُنّة الثالثة: غسل الكفين ثلاثًا في أول الوضوء، ثم بعد ذلك المضمضة والاستنشاق، “ثلاث مرات” جميعًا هي سنة عن الرسول ولم يزد عليها، وإذا كنتَ مُلتحيًا، قم بتخليل اللحية، ونقوم أثناء الوضوء بتخليل الأصابع، ونراعي “البدء بالجزء الأيمن” أثناء الوضوء. والسنن المختلف عليها بين الفقهاء: (الدلك والموالاة)، لأن بعضهم عدها فرض وليس سنة، ومسح الأذنين سنة، ظاهرهما وباطنهما بالسبابة، كما يُستحب لنا إطالة الغرة والتحجيل، فإطالة الغُرّة بأن تغسل جزءًا من مقدمة الرأس، وإطالة التحجيل، بأن تغسل فوق المرفقين والكعبين، كما نراعي أثناء الوضوء الاقتصاد في الماء ولا نسرف فيه.
نواقض الوضوء
نشير هنا إلى أنه “يُكره للشخص أن يترك سُنّة من سنن الوضوء السابق ذكرها”، حتى لا يُحرَم ثوابها. أما نواقض الوضوء، فتعني بعض الأشياء التي إذا فعلناها، تُبطِل الوضوء، وهي أشبه بأضداد فرائض الوضوء ، وبالتالي يجب علينا إعادته، وأهم نواقض الوضوء ما يلي: (كل ما خرج من السبيلين – النوم المستغرَق- زوال العقل- لمس المرأة الأجنبية)، هذه نواقض الوضوء إجمالًا. طبعًا جميعنا يعرف، أنه ما إذا خرج ريح أو قُمنا بقضاء حاجتنا، يتوجّب علينا الوضوء قبل الصلاة، والنوم العميق، الذي يصحبه عدم الشعور ينقض الوضوء، أما إذا كنتَ نائمًا وأنت جالس مثلًا، وتتحكم في مقعدك لا ينقض الوضوء. وزوال العقل سواء كان: بالجنون أو الإغماء أو بالكسر أو بالدواء، ينقض الوضوء أيضًا، لأن العقل غاب، والسلام على مرأة أجنبية، ينقض الوضوء.
أحكام متعلقة بـ فرائض الوضوء
ما يجب علينا أن نتوضأ له، للصلاة، وعند الطواف بالبيت الحرام. أما ما يُستحب الوضوء له: عند قراءة القرآن، وعند ذكر الله تعالى، وعند النوم، وأيضًا إذا أراد من أصابته الجنابة أن يأكل أو يشرب، يُستحب له الوضوء، طبعًا لا يغني عن الغُسل الواجب في حقه، كما يندب لنا الوضوء عند أكل ما مسته النار، وتجديد الوضوء لكل صلاة أيضًا مندوب، هذه الأشياء التي يندُب لنا الوضوء لها. وهناك فوائد متعلقة أيضًا بالوضوء، فمثلًا: الكلام المُباح أثناء الوضوء مباح، كما لو شكّ الفرد في عدد الغسلات، يبني على اليقين وهو الأقل، ونشير هنا أيضًا إلى، أن وجود أي حائل على اليدين يمنع الوضوء ويبطله، كالشمع وطلاء الأظافر، أما الحنّاء واللون فقط لا يمنع الوضوء، ومن عنده سلس بول أو انفلات ريح، تجديد الوضوء لكل صلاة، وقول الأدعية أثناء غسل الأعضاء، ليس له أساس من الصحة، لكن السُنّة هي الدعاء بعد الإفراغ من الوضوء، كما نراعي أثناء الوضوء، الإجادة والإحسان عند غسل الأعضاء.
وفضل الوضوء عظيم، ووردت أحاديث كثيرة تحدّثنا عن فضله، خاصة أنه شرط لصحة الصلاة وبالتالي على أي مسلم أن يتعلم فرائض الوضوء ، لأنه طَهور المسلم والمسلمة، فالله تعالى إذا رأى المسلم يتوضأ، ويحسن وضوئه، يُخرِج ما فيه من خطايا، ويُكفِّر الذنوب بطهوره.
الكاتب: آلاء لؤي
أضف تعليق