عروج بربروس هو رجل جاب الكثير من سواحل العالم وكانت له صولات وجولات في عدة أماكن أغلبها إن لم يكن جميعها كان النصر فيها حليف لذلك البطل البحارة المسلم، وقد كان عروج في أثناء حياته هو أهم وأقوى بحارة موجود في البحر الأبيض المتوسط، ويذكر أنه قد عمل فترة مع السلطان المملوكي في مصر، ثم عمل فترة أخرى مع السلطان العثماني في إسطنبول، ثم عاد إلى المماليك مرة أخرى نظرًا لأنه كان في عقد معها ولم ينتهي بعد، ثم بعدها شد الرحال إلى دولة تونس فجلس فترة مع سلطان الحفصيين الذين كانوا يحكمون تونس في تلك الفترة، ومع مرور الوقت وازدياد قوة عروج قام بفتح الجزائر على بضعة مراحل، فبدأ بفتح قلعة بجاية، ثم مدينة جيجل، ثم حكم الجزائر بأكملها بعد طرد الإسبان منها، بل وتوسع كذلك في تلك الأراضي حتى صار ذو ملك كبير في دول الجزائر وبلاد المغرب العربي كاملًا، عامة إن كنت لا تعرف أي شيء بخصوص القائد عروج بربروس فيتوجب عليك أن تتابع هذا المقال إلى نهايته، فسوف نتحدث عن أهم ما جرى في حياته، لذا فتابعوا معنا.
استكشف هذه المقالة
تعريف مختصر عن عروج بربروس
ولد عروج بن أبي يوسف التركي في العام الرابع والسبعين من القرن الخامس عشر الميلادي، وقد أختلف العلماء في تحديد مكان ميلاده الصحيح فمنهم من يقول إنه قد ولد في جزيرة ميديلي باليونان، ومنهم من يقول إنه قد ولد في دولة ألبانيا، وبعضهم يقول إنه ذو أصول تركيا، عامة كان يعمل عروج بربروس وأخوه في التجارة ونقل البضائع، وأثناء رحلته إلى شمال إفريقيا دخل في معركة صغيرة مع فرسان جزيرة رودس تم أسره في نهاية تلك المعركة، ومن ثم وضع في سفينة كأسير بحار وأثناء أحد الرحلات كانت الرياح عاتية مما ساعد ذلك على هروب عروج، فأبحر في المياه حتى وصل إلى أنطاليا وعمل مع أحد البحارة المسلمين كقبطان لإحدى السفن، ومع مرور الأعوام وازدياد شهرة عروج بربروس قام السلطان المملوكي قنصوه الغوري بالاتصال به حتى يدخل في خدمته.
حيث كان السلطان يسعى لإنشاء أسطول بحري قوي لصد هجمات البرتغاليين على الشمال الأفريقي والبحر الأحمر والمحيط الهندي، وقد رأي أن بربروس بخبرته الكبيرة في البحر قادر على تولي تلك المهمة وقيادة ذلك الأسطول، وبالفعل قدم عروج للعمل مع المماليك وذهب لأخذ شحنة الأخشاب التي كانت مخصصة للأسطول الجديد، وكانت هذه الأخشاب في ميناء باياس مرسلة من أضنة، ولكن علم فرسان جزيرة رودس بذلك فهبوا لمهاجمة عروج بربروس والقضاء عليه قبل إنشاء الأسطول، وبالفعل هاجموه ولكنه تمكن من سحب من معه والهرب سريعًا ثم رجع إلى أنطاليا فجهز سفينة كبيرة أغار بها على جزيرة رودس فأوقع بها بعض الخسائر ثم هرب مرة أخرى.
عروج بربروس وابن السلطان العثماني
بعدما انتهى دور عروج بربروس وتعاونه مع المماليك بدأ دور جديد وهو تعاون بربروس مع الأمير كركود بن بايزيد الثاني ثامن سلاطين الدولة العثمانية، وقد بدأ ذلك التعاون بتحدث خازن الأمير مع أميره كركود في مسألة عروج بربروس ، حيث أخبره بكل الحوادث التي حدثت مع بربروس وطلب منه أن يهديه سفينة ليمارس جهاده ضد أعداء الإسلام، فوافق الأمير كركود على ذلك وأرسل إلى صناع أزمير أن يصنعوا سفينة حسبما يريد ويهوى عروج بربروس ، ثم قام خازن الأمير المسمى بيالة بيه وهو صديق مقرب لعروج بأمر الصناع بصنع سفينة أخرى على نفقته الخاصة، وأعطى لعروج كلتا السفينتين هدية له حتى يكمل العمل الذي بدأه وهو الدفاع عن الإسلام ومحاربة الأعداء.
عامة عندما خرج بربروس بسفينتيه ومعه بحارته وجد في عرض البحر سفينتين من سفن البندقية، فقام بالاستيلاء عليه ووجد فيها من الغنائم ما قيمته أربعة عشرين ألف دينار وهو رقم كبيرًا جدًا بالنسبة لهم، فسعدوا بذلك ومضوا في طريقهم ولكن سرعان ما خرجت عليهم ثلاثة سفن تابعين للبندقية أيضًا فهاجموا سفن عروج بربروس ، وبعد مضي القليل من الوقت وحدوث بعض المناوشات تمكن عروج من الانتصار عليهم، فغنم منهم الكثير من الغنائم وأسر مجموعة كبيرة من رجال السفن خاصتهم، ثم قرر الذهاب إلى مدينة ميديلي ومنها إلى الإسكندرية بمصر، وفي طريقه إلى مصر تمكن من الاستيلاء على سبعة سفن تقريبًا ثم رجع إلى القاهرة بمصر فقدم الهدايا والعطايا والجواري للسلطان، ثم ذهب إلى الإسكندرية وجلس بها لمدة حتى جاء الربيع وقرر الخروج من مصر للغزو.
بربروس والتوجه نحو المغرب العربي
في الربيع قرر عروج بربروس أن يتوجه ناحية البحر الأبيض المتوسط بالمغرب العربي، فتوجه عروج ناحية سواحل قبرص وهناك لقى مجموعة من السفن التابعة للبندقية أيضًا، وتمكن عروج من الاستيلاء على خمسة سفن منها أخذها وأتجه إلى دولة تونس في الشمال الأفريقي، وهناك قام ببيع الغنائم التي لديه إلى تجار جزيرة جربة التونسية، وظل في تلك الجزيرة لفترة يستولي على أية سفن تابعة للعالم الغربي، وبالفعل تمكن من أخذ حوالي ثمانية سفن محملة بالأمتعة وضع جزء منها في سفينة كانت ذاهبة للإسكندرية، فكانت بمثابة هدية للسلطان في مصر لكي يرد الجميل السابق له، وفي هذه الفترة قدم إلى عروج بربروس أخاه الصغير المسمى بالخضر وكان معه أساسًا أخاه الثاني يحيى ريس، فقرروا جميعًا أن يعيشوا ويستقروا داخل الأراضي التونسية ولذلك ذهبوا إلى سلطان تونس وأخبروه برغبتهم في العيش بتونس.
مع دفع ثمن غنائهم من السفن التجارية لخزينة الدولة التونسية، وبيع باقي الغنائم للتجار التونسيين فيستفيد الجميع من ذلك، فوافق السلطان الحفصي على ذلك وسمح لهم بالعيش في منطقة حلق الوادي شمال تونس، وجلسوا في تلك المنطقة خلال فترة الشتاء ثم ما أن حل الربيع حتى استعادوا عملهم وشنوا حملة على جزيرة سردينيا التي تعد ثاني أكبر جزيرة في البحر المتوسط، وهي تابعة للأراضي الإيطالية، وتمكنوا عن طريق تلك الغزوة من الاستيلاء على أربعة سفن تابعين لقراصنة إيطاليين، وقد وجدوا في تلك السفن مجموعة مختلفة من الأمتعة، ففي سفينة كان يوجد الحديد، وسفينة أخرى كان يوجد بها القمح، وسفينة ثالثة كانت محملة بالزيتون والعسل والجبن، والسفينة الرابعة كان بها عدد كبير من الأسرى الذين أطلق سراحهم فيما بعد.
إنقاذ عروج بربروس المسلمين في الأندلس
من ضمن البطولات العظيمة التي قام بها البحارة المسلم عروج بربروس هو حمايته للمسلمين في الأندلس بعد سقوط دولتهم هناك، فكما نعلم بعد سقوط الأندلس عام 1492 لقى المسلمين واليهود في الأندلس تعذيب وقتل كثيف جدًا، فقد أقيمت محاكم سميت بمحاكم التفتيش وفيها كان يعذب المسلمين واليهود حتى الموت، فإما التنصر وإما القتل، ولذلك أرسلت رسائل استغاثاه من الأندلسيين إلى البحارة عروج بربروس لكي ينقذهم من هذا العذاب، وبالفعل سرعان ما خرج عروج وأخاه خضر إلى سواحل الأندلس وقاموا بحمل المسلمين الأندلسيين في سفنهم وإيصالهم إلى دولتي تونس والجزائر، وقد استمر هذه الأمر عدة مرات حتى كان لعروج الفضل في إنقاذ آلاف المسلمين الأندلسيين من القتل والتعذيب.
ومن الجدير بالذكر أن القوات البحرية الإسبانية قد علمت بذلك فأرست خلف عروج عدد من السفن لقتله ولكنها لم تحقق مرادها، فقد تمكن عروج من الهرب منهم لمدة قصيرة ثم خرج عليهم مرة واحدة وحقق انتصار كبير للغاية عليهم، إلا أنه قد أصيب بقذيفة مدفعية في ذراعه الأيسر، ولم يتمكن الأطباء من علاجها بشكل نهائي ولذلك قرروا قطع تلك اليد.
أضف تعليق