نسمع كثيرًا عن صلاح الدين الأيوبي ، وعن كونه واحدًا من الفرسان الأبطال، وأنه من أفضل من عرفهم العالم، والذي اشتهر بأنه من استطاع أن يعيد القدس للوطن العربي والإسلامي، وأن يهزم الصليبين، إلى جانب الكثير من الأعمال والبطولات التي حققها، ولكن الكثيرون منا يجهلون كيف حدث ذلك، وما هي التفاصيل؟ وفي هذا المقال سنتعرف أكثر على صلاح الدين الأيوبي ، وكيف انتصر على الصليبين بذكائه؟ وما قصته مع الدولة الفاطمية؟ وكيف وصل إلى تلك المكانة من القيادة؟
استكشف هذه المقالة
من هو صلاح الدين الأيوبي ؟
هو واحد من رجال الأمة العظماء، وهو زعيم مسلم شجاع، دونت له العديد من الانتصارات الإسلامية، وهو الملك الناصر صلاح الدين بن نجم الدين أيوب بن شاذي الدويني التكريتي، وكانت كنيته “أبو المظفر”، عاش صلاح الدين في القرن الثاني عشر، حيث ولد في سنة 532هجريًا، المقابل لسنة 1138ميلاديًا، وهو قائد عسكري، استطاع تأسيس الدولة الأيوبية، بعد قضائه على الدولة الفاطمية، وبهذا استطاع توحيد مصر، والشام، وتهامة، واليمن، والحجاز، كما أنه انتصر على الصليبين واستعاد القدس، بالإضافة إلى الكثير من الأعمال التي استطاع بها أن يدون اسمه في التاريخ الإسلامي والغربي كواحد من القادة العظماء.
مولد صلاح الدين الأيوبي ونشأته ولد الناصر صلاح الدين في مدينة تكريت بالعراق، لعائلة كردية، ولكن عائلته انتقلت يوم مولده إلى مدينة حلب في سوريا، وكان هذا سببًا في جعل عائلته تتشاءم منه بسبب رحيلهم، وكانت دمشق هي مكان نشأة صلاح الدين الأيوبي ، وتلقى دراسات دينية، حيث درس الفقه، والحديث، والآداب، وكان شغوفًا بدراسة العلوم الدينية والعلوم العسكرية، وكان على دراية بتاريخ العرب، وعلم الأنساب، والشعر، وعلوم الحساب، والهندسة، كما أنه كان محبًا للخيول، لا عجب فقد كان فارسًا شجاعًا.
وضع الدولة العباسية وقت ظهوره
عندما ظهر صلاح الدين الأيوبي ، كانت الدولة العباسية قد تجزأت، فكان الصليبيون يحتلون شرق البحر المتوسط، حتى شبه جزيرة سيناء، بينما كانت الدولة الفاطمية في مصر تحكمها، وتدعو لخلفائها، ولا تعترف بخلافة الدولة العباسية، وهناك الأتابكة الذين كانوا يقبعون في سوريا وشمال العراق.
بداية صلاح الدين الأيوبي العسكرية
كان صلاح الدين الأيوبي متأثرًا بعمه “أسد الدين شيركوه”، ولهذا فقد تعلم منه الكثير من الفنون القتالية والعسكرية، فتعلم منه كيف يقود الرجال، وكيف يخوض المعارك، وكان عمه “أسد الدين”قائدًا عسكريًا، تحت “أمير الدين زنكي”حينذاك، والذي قرر حينها أن يفتح مصر حتى تكون له قوةً في حربه ضد الصليبيين، وقد عين “شيركوه”لهذا الأمر، والذي بدوره قد قرر أن يصطحب صلاح الدين الأيوبي معه في هذه الحملة، ليكون مساعدًا له، واستطاع صلاح الدين أن يثبت قوةً وشجاعةً فائقة في جميع المعارك التي خاضها، فمن الأدلة على ذلك أنه استطاع أن يقبض على “شاور”، ويقتله، والذي كان وزيرًا طاغيًا فاسدًا في مصر، وكان مشهورًا بالخداع، والمراوغة، وبالتآمر مع الصليبيين.
صلاح الدين الأيوبي خليفًا لعمه
لقد تم تعيين عم صلاح الدين “أسد الدين”وزيرًا، وكان يقيم في قصر الوزارة، إلا أن توفي، فلم يدم عهده طويلًا، ولهذا فقد تولى ابن أخيه صلاح الدين الأيوبي الوزارة بدلًا منه، كما أنه أطلق عليه “الملك الناصر صلاح الدين”، وبالطبع فإن الوضع لم يكن بتلك السهولة مطلقًا، فقد كان محاطًا بالكثير من المنافسين والحاقدين لمكانته، والذين ظلوا يتآمرون ضده، ويحيكون له الدسائس، ليتمكنوا من القضاء عليه، إلا أن صلاح الدين لم يكن بالسهل أبدًا، فقد استطاع أن يصمد أمام تلك الدسائس والمكائد، خاصةً أنه لم يكن يحارب من أجل منصب، أو مكانة، بل لديه هدف أسمى من هذا كله، وهو تحرير المسجد الأقصى من الصليبيين، ولهذا فقد كان ناصرًا للمستضعفين، مساعدًا للفقراء والمحتاجين، لذا فقد استطاع أن يكتسب حب الشعب على اختلاف طوائفهم ومعتقداتهم.
صلاح الدين الأيوبي والفاطميين
لم تكن الدولة الفاطمية في أزهى عصورها في عهد صلاح الدين الأيوبي ، بل كانت تحتضر، لذا فلم يتخذ معها صلاح الدين إجراءً عنيفًا، بل آثر أن يقضي عليها قضاءً رحيمًا، فأمر أن يخطب في المنابر باسم الخليفة العباسي الذي كان مقيمًا في بغداد، والذي لم تكن تعترف به الدولة الفاطمية، كما أن الخليفة الفاطمي لم يكن في أحسن حالاته، كأن الدولة الفاطمية كانت انعكاسًا له، حتى أنه مات ولم يكن يعرف ما حل من انتهاء عصر دولته، وقد جعل له صلاح الدين مأتمًا يلائم خليفة لمدة ثلاثة أيام.
خزائن الدولة الفاطمية
وبعد انتهاء العزاء نظر صلاح الدين في خزائن القصر، وأمر بفتحها، وكانت تلك الخزائن تحتوي على ما جمعه ملوك وخلفاء الدولة الفاطمية طيلة السنوات التي قضتها في الحكم، ولم يكن هناك حصر لهذه الكنوز والممتلكات، فقد قيل أن مصر كانت أغنى بلاد العالم العربي، فقد غرق الخلفاء في القصور، والرخاء، والثراء، ولكن صلاح الدين الأيوبي لم يأخذ شيئًا من تلك الأموال، بل أرسل بعضًا منها إلى الخليفة العباسي في بغداد، وبعضًا إلى نور الدين زنكي، ووزع بعضًا على الجيش، والباقي فقد حوله إلى بيت مال المسلمين. وربما يكون أرسل إلى الخليفة العباسي حتى يوطد مكانته في الحكم في مصر، وإلى نور الدين زنكي ليساعده في حملته ضد الصليبين، وهو الهدف الأسمى الذي يسعى دائمًا في سبيله، وهو استرجاع بيت المقدس من يد الصليبيين، وكان مما تركته الدولة الفاطمية المكتبة، وكانت تضم آلاف المجلدات، فقد وهبها إلى القاضي، وظل في دار الوزارة، ولم ينتقل إلى القصر، وانشغل في بناء قلعة له.
تأسيس الدولة الأيوبية
بعد أن استطاع صلاح الدين أن يعيد الاستقرار للبلاد، جاء بأسرته وأبيه إلى مصر، وكان حينها صلاح الدين الأيوبي وزيرًا، حتى مات آخر خلفاء الدولة الفاطمية، وهو العاضد، وهكذا انتهت الدولة الفاطمية، وبدأ عصر جديد تحكمه الدولة الأيوبية، وحدثت الكثير من الأمور، وأخذ في توسيع الدولة الأيوبية.
صلاح الدين الأيوبي وتحرير القدس
إن تحرير المسجد الأقصى هو أعظم الأعمال التي قام بها صلاح الدين الأيوبي ، كما أنها أعظم ما اشتهر به، وكان ذلك في معركة حطين، التي حدثت في يوم السبت، وهو الرابع عشر من ربيع الآخر، لعام 583هـ، وكان جيش صلاح الدين يضم حوالي 12 ألف فارس، و13 ألفًا من المشاة، بالإضافة إلى عدد كبير من المتطوعين، بينما كان جيش العدو يضم حوالي 22 ألف، وانضم إليهم المتطوعون، حتى بلغ عددهم 60 ألف، ولما وصل إلى صلاح الدين وصول جيش العدو إلى عكا في مرج الصفورية، قام بعبور نهر الأردن مع جنوده، وأخذ يسير بهم إلى جنوب غرب طبريا بكفر سبت، وعندما حاول الاشتباك مع الصليبين رفضوا، واستولى حينها على البحيرة في طبريا، وقام بقطع الماء عنهم.
ملابسات المعركة
بسبب قلة الماء فقد تجمع الصليبيون في المعسكر القريب من عكا، وهو معسكر صفورية، وكان صلاح الدين الأيوبي يعلم أن مهاجمتهم هناك ستبوء بالفشل، لأنهم في وضع قوة، ولذا فقد احتل طبريا، لأنه لما علم الصليبيون ذلك، خافوا على القدس، فتركوا صفورية، وتوجهوا إلى صلاح الدين، الذي سار بجيشه إلى حطين، وهي قرية يتوفر فيها الماء، بينما سار الصليبيون في طريق لا فيه ماء، ولا مرعى ولا ظلال، وعسكروا في هضبة حطين، وهي هضبة جافة، ولعدم حصول الصليبيون على الماء، أمضوا ليلهم في شرب الخمر، وعسكر صلاح الدين في وادٍ مليء بالأعشاب، وأخذ صلاح الدين يحرق الأعشاب التي في التل، الأمر الذي أصاب فزعًا في صفوف الصليبيين، وحينها هجم المسلمون عليهم، وتقاتل الطرفان، وقتل المسلمون عددًا كبيرًا من جنود العدو، وكان النصر من نصيب جنود صلاح الدين الأيوبي ، وكان هذا بدايةً لفتح بيت المقدس، واستعادة العرب والدولة الإسلامية للمسجد الأقصى المبارك.
وهكذا فقد استطاع الوطن العربي والإسلامي استعادة المسجد الأقصى، فبعد معركة حطين، قام صلاح الدين بفتح مدن كثيرة، مثل: عكا، وعسقلان، ويافا، وبيروت، وجبيل، وصيدا، فكانت تلك المعركة بداية للقضاء على الكيان الصليبي في الوطن العربي.
أضف تعليق