صراخ الأطفال واحدة من المشاكل التي تؤرق الآباء والأمهات على حد سواء، فالأطفال نعمة من نعم الله وزينة الحياة الدنيا لذا يجب أن نهتم بهم صحيا ونفسيا وتربويا، وفي مرحلة الطفولة تقابل الأم مشاكل تربوية صعبة تقف في حيرة في كيفية التعامل معها، ومن أكثر هذه المشاكل شيوعا هي تعويد الأطفال على عدم الصراخ، إذ يلجأ الأطفال في أحيانا كثيرة للتعبير عن تشبثهم بالألعاب أو رغبتهم في امتلاك الأشياء للبكاء، كما يعبر الأطفال عن الجوع أو العطش بالبكاء الذي قد يكون طبيعيا في هذه المرحلة السنية إلى حد ما لكن إذا زادت حدة البكاء لتصل للصراخ المتكرر كرد فعل لأي رغبة من رغبات الطفل فهو أمر غاية في الصعوبة مما قد يصيب الأم بالعصبية والضيق وهو ما يحتاج حينها للتقويم والبحث عن الأسباب.
من الخطأ الذي تلجأ له بعض الأمهات تجاهل صراخ الأطفال أو الاستسلام مما يشعر الطفل بنجاح حيلته في البكاء لتنفيذ رغباته، مما يزيد المشكلة تعقيدا إذ أن الطفل شديد الذكاء يمكنه استغلال هذه الحيلة لتنفيذ رغباته وهو ما يزيده عنادا، لكن العلاج الصحيح لهذه المشكلة الذي ينصح به أستاذة الطب النفسي والتربوي تعتمد بالأساس على تنشئة الطفل في بيئة أسرية هادئة وخاصة الأم حيث أنها المدرسة الأولى والقدوة التي يستمد منها الطفل أولى خطواته في الحياة، قد يكون هذا المنهج صعب التحقيق مع جميع الأمهات نظرا للضغوط والمسئوليات الكثيرة التي تتحملها وتقوم بها لكنها محاولة يمكنها الاعتياد عليها عند معاملة الطفل في سنواته الأولى، بالإضافة لإبعاد الطفل عن المشاكل الزوجية بين الأم والأب مما يؤثر سلبا على شخصية الطفل ويشعره بالقلق والخوف مما يدفعه للثورة والصراخ لأي سبب، أسباب أخرى كثيرة قد تؤدي لصراخ الطفل وهناك العديد من الطرق يمكن اتباعها لحل هذه المشكلة المؤرقة نستعرضها سويا في السطور التالية يمكنها مساعدتنا لنتعلم كيف تعودين أطفالك على عدم الصراخ.
طريقة التعامل المثلى مع مشكلة صراخ الأطفال
معاملة الطفل بهدوء
عودي نفسك عندما ترزقي بأول طفل منذ اليوم الأول على التعامل معه بهدوء وسكينة، حاولي ألا تغضبي كرد فعل تلقائي نتيجة للإجهاد في هذه الفترة أو القلق إذ أن ذلك ينعكس على طفلك سلبا بالتوتر الذي يكبر معه يوما بعد يوم ليفاجئك طفلك بالثورة والصراخ عند كل طلب يحتاج إليه، الأم الهادئة التي تعتاد الحديث بهدوء داخل المنزل تكسب أطفالها نفس الطبع دون أن تدرك والعكس صحيح فالأم التي تعتاد الحديث بصوت عالي تجد الأسرة جميعها مثلها مما يملأ المنزل بالضوضاء والتوتر، لذا فإن مقابلة تصرفات الطفل بالهدوء يمتص غضبه ويقلل من ثورته ليستكين في أحضان الأم بأمان.
لا ترضخي لصراخ الطفل
كما ذكرنا أن الطفل شديد الذكاء يمكنه تفهم رد فعل الأم عند بكاؤه وصراخه واستغلاله بين الحين والآخر لتحقيق رغباته، لذا إذ لجأ طفلك للصراخ عند رفضك لطلبه لا تحاولي الرضوخ له وتمسكي بموقفك ما دام الأمر في صالحه، وإذا كان طفلك في السن التي يمكنك مناقشته تستطيعي الحديث معه بعد أن يهدأ ليتفهم أسباب رفضك مع محاولة إقناعه بذلك.
لا تعتادي التهديد
لمعرفة كيف تعودين أطفالك على عدم الصراخ حاولي ألا ترسلي عبارات التهديد لطفلك ليطيع أوامرك، حيث أن تهديد الطفل كثيرا يخلق منه شخصية ضعيفة تنفذ الأوامر خوفا وتجعله يرضخ لكل من يوجه له الأوامر من الكبار أو من أقرانه، كما أن تهديد الطفل يجعله دائم الخوف من الوقوع في الخطأ بل أنه لا يستطيع أن يفعل الصواب حيث أن بداخله صراع بين الخوف والحذر من العواقب، لذا يمكنك توجيه أوامرك لطفلك بطريقة لطيفة وهادئة قدر المستطاع.
عودي طفلك على المرح
اخلقي في منزلك جو المرح والبهجة، اعتادي أن تشاركي طفلك اللعب والأكل وقراءة القصص منذ صغره، اتبعي طريقة التعليم بالغناء وهي طريقة ذات نتائج مؤكدة ترسخ المعلومات في أذهان الأطفال بسهولة وسرعة، كما أن علاقة الحب والمرح بين الأم وطفلها تقوي روابط الثقة بينهما يوما بعد يوم وتزيد من تعلق الطفل بأمه.
لا تنهري طفلك أمام الآخرين
من أهم النصائح لعلاج مشكلة صراخ الأطفال ألا تعتادي الغضب على طفلك أمام الآخرين مهما كان الخطأ، قد يكون هذا أمرا صعبا للغاية في بعض الأحيان عندما يخطأ الطفل خطأ بالغا لكن تفاديا للنتائج النفسية والمعنوية التي يمكن أن تصيبه لابد من التحكم بالغضب لحين الانفراد بالطفل ومحاولة تعريفه بالخطأ الذي ارتكبه مع إقناعه بعدم تكراره.
تعليم الطفل على التعبير عن رغباته
خطوة هامة لابد للأم أن تبدأها مع الطفل في سن صغيرة منذ أن يبدأ في التعبير عن احتياجاته، أي يمكنه طلب ما يحبه أو يحتاجه بهدوء دون عصبية أو بكاء، وتنبيهه بأن صراخ الأطفال سلوك غير مجدي لن يحقق له ما يريد بل قد يثير غضبك.
تقويم سلوك الطفل بالمكافأة
يمكن أن يكون بتقديم مكافأة معنوية أو مادية لتشجيعه على السلوكي السوي، فإذا كان طفلك يعتاد البكاء والصراخ عند التسوق اعقدي معه صفقة أن يطلب ما يرغب في شراؤه بهدوء دون اللجوء لذلك السلوك لينال لعبته المفضلة أو الذهاب للنادي، تأكدي أن الطفل سيتفهم هذا العرض ويمكنه التحكم في تصرفه طمعا في الحافز.
لا تحملي طفلك فوق طاقته
الطفل الصغير يمكن أن يعاني من القلق والتوتر في مراحل كثيرة وخاصة مع بداية كل مرحلة مثل دخول الحضانة، وجود طفل جديد في الأسرة، الانتقال للنوم في غرفة منفردا، كلها تغيرات في حياته تصيبه بالقلق والخوف من الجديد الذي يبدو مجهولا بالنسبة له، لذا لابد للأم من الوعي وتدارك هذه التغيرات مع محاولة التقرب للطفل في هذه المناسبات ليشعر بالأمان ويتأقلم مع الأوضاع الجديدة.
جذب انتباه الطفل أثناء الصراخ لشيء آخر
طريقة لطيفة ومجدية لتتعلمي كيف تعودين أطفالك على عدم الصراخ، إذ ينصح متخصصو التربية بالعمل على جذب انتباه الطفل أثناء البكاء والصراخ لشيء آخر، إذ يمكنك الغناء أو قص قصة عن الحيوانات والطيور، إغراء الطفل باللعب بلعبته المفضلة أو مشاهدة برنامجه المفضل على التلفزيون، في الأغلب ستجدينه منصتا لما تقولين ويتوقف عن الصراخ دون إقناعه بذلك.
في النهاية مشكلة صراخ الأطفال هي مشكلة إجابتها مفتاح خاص تمتلكه كل أم حيث أنها الوحيدة التي تتفهم شخصية أطفالها وتعرف ما يسعدهم ويبكيهم، مع كثير من الصبر والتفهم أن هذه المشكلة ستتلاشى تلقائيا كلما كبر الطفل وزادت مداركه وقوته على مواجهة واكتشاف الجديد في الحياة، بمعنى أنه سينكسر الخوف الذي يولد بداخله عندما يطرق بابا جديدا في الحياة بعيدا عن الحياة الأسرية والمجتمع الصغير الذي كان يعيش به في أمان، حيث كان يعتمد علي الأم والأب لتحقيق رغباته ومتطلباته، كما أنه لم يبتعد عنهم قبل ذلك مما قد يشعره بالقلق والتوتر والتعبير عن ذلك بالبكاء والصراخ لأتفه الأسباب.
أضف تعليق