شعور الموت هو الشعور الذي لن نختبره إلا مرة واحدة فقط، وأي حديث حوله هو مجرد تكهنات واستنتاجات غير يقينية لأنه حتى التجارب التي تجرى لناجين من سكتات قلبية أو دماغية أو متعافين من أثر جرعة زائدة من المخدرات لا زالت تنقصها الاكتمال، فهي تظل تجارب ناقصة أيضًا فضلا عن عدم قدرتنا على الثقة في شهادات أشخاص كانوا في غيبوبة تامة خصوصًا وأن الإنسان بالكاد يتذكر أحلامه فماذا عن غياب تام وقصور حاد في وظائف الجسم يجعله غير مدركا أو واعيا للأمور التي يشعر بها أو يراها ولكن على أي حال سنبحث في شعور الموت لعلنا نتفهم وندرك كيف يكون شعور الموت، هذا الحدث العظيم في حياة كل إنسان.
استكشف هذه المقالة
ما هو الموت؟
لا ريب أن سؤال ماهية الموت لا يقل سذاجة عن سؤال شعور الموت خصوصًا أنه الأمر الذي يحيط بنا كل يوم، فنحن نعرف جميعا ما هو الموت، إنه النهاية الطبيعية لكل إنسان مهما بلغ من العمر ومهما امتد العمر بشخص فإنه سيموت لا محالة ولم يخلد أي شخص في الحياة، وقد نقلت الميثولوجيا الدينية أنبياء خلدوا مثل المسيح في الرواية الإسلامية والخضر وغيرهم كما تحدثت عن أنبياء –حسب الرواية الدينية- امتدت أعمارهم لنحو ألف عام مثل آدم أبو البشر، ونوح الذي عاش لـ 950 عاما، غير أنه في العصر الحديث وما استطاع العلم توثيقه فإن أكبر معمرة في فرنسا عاشت لـ 120 عاما، وربما يحتفظ التاريخ أيضا لأشخاص لم يتجاوزوا الـ 150 بأي حال، غير أنه علميا الموت هو توقف جميع الوظائف البيولوجية عن العمل مما يؤدي إلى توقف القلب أو المخ وكلاهما مرتبط بالآخر طالما توقف القلب فسيلحقه المخ وطالما توقف المخ فسيتبعه القلب.
لماذا نموت؟
قبل شعور الموت علينا أن نسأل لماذا نموت؟ الحقيقة أن هذا السؤال يعني أن فطرة الإنسان تميل نحو الخلود وأن الإنسان يعيش طوال الوقت كما لو كان يعيش أبدا رغم إدراكه أن الموت سيكون نهايته، والحقيقة أن العلماء وجدوا أن خلايا الإنسان تنقسم وتتجدد بشكل متوازن حتى فترة معينة في عمر الإنسان وبعدها تتوقف عن التجدد مما يعني أن الإنسان سيموت أخيرا، لذلك حتى إن خلا الإنسان من الأمراض القاتلة أو لم يتعرض لحادث سير أو صاعق كهربائي أو حريق فإن “الشيخوخة” ستكون السبب الأخير للموت.
ما هو شعور الموت ؟
عندما نسأل عن شعور الموت أي كيف يشعر الموتى في هذه اللحظة فإننا من أجل الحصول على إجابة قريبة من الحقيقة فيجب أن نسأل من كانوا على حافة الموت، يقول محمد. أ (صديق لي رفض ذكر اسمه بالكامل) أنه في إحدى المرات كان لديه كمية معقولة من المخدرات وذات ليلة بينما كان ساهرا وحده في المنزل قام بتعاطي جرعة زائدة من المخدرات، سبب له ارتفاع حاد في ضغط الدم وتسارع في معدل نبضات القلب، أدى هذا لعدم قدرته على الجلوس أو مزاولة أي نشاط فقام بالسير نحو سريره إلا أنه مع كل خطوة كانت معدل نبضات قلبه يزداد أيضًا وعلى حد تعبيره فإنه كان مسموعا ومدركا لدرجة إحساسه، عضلة القلب كانت تصطدم بالضلوع، وأخيرا حين وصل للسرير لم يتحسن الأمر كثيرا لأن معدل نبضاته أخذ في التسارع أيضًا وشعر بعد لحظات أن العالم من حوله يختفي وأنه في مكان آخر كأنه مصنوع من الرخام الأبيض ومنقوش بنقوش سوداء، وأنه يمضي فيه بسرعة وأن في نهايته منحنى ويقول أنه عرف أنه يتجه نحو العالم الآخر وأنه سيموت وفي طريقه للحساب بعد الموت، هذه التجربة التي مر بها محمد استمعت إليها منه شخصيا وهو يؤكد أنه كان يشعر بكل هذا تماما كما يجلس إلى جواري الآن ولكنني أوعزت الأمر لمفعول المخدر لأنني أعرف أن الجرعة الزائدة منه لهلاوس سمعية وبصرية، لكن عندما سألت بعض الأطباء قالوا لي أنه كان من الممكن أن يستمر القلب في تسارع نبضاته ويؤدي به للوفاة فعلا، وعندما راجعت بعض التجارب الأخرى على الإنترنت وجدت أن معظم التجارب تتماس مع تجربة صديقي من حيث شعور الموت والمضي في طريق غريب كأنه الممر بين عالمنا والعالم الآخر.
كيف يشعر الموتى؟
بالرجوع لتجارب شعور الموت والدراسات الخاصة بها فإنه حسب مقال منشور في مجلة أراجيك أن الإنسان قد يشعر بالجوع أو العطش أو الغثيان لأن الجسم يحاول التخلص من العمليات الحيوية حتى يستطيع الاحتفاظ بحياتك، وأن نقص وصول الأكسجين إلى المخ يتسبب في هذيان وأن الإنسان يحلم عادة بأنه يجهز للسفر أو يلتقي بشخص عزيز عليه وأشياء من هذا القبيل وأن بعض الموت يشعرون بسكينة تامة وشعور بالراحة والاسترخاء رغم ذلك.
كيف يكون شعور الموت رميا بالرصاص؟
حسب مقال في موقع العلوم الحقيقية فإن شعور الموت بالرصاص يكون عاديا جدا وبسيطا يشبه إلقاء حصاة صغيرة بالكاد تلامس جسدك وحسب ناجين من الرمي بالرصاص فإن الإنسان يلاحظ بأنه قد ضرب بالرصاص فقط حين يرى الدم يسيل من جسده وذلك بسبب السرعة الكبيرة للرصاصة واختراقها الجسم، حيث تبلغ سرعتها نحو 1200 م/ ث مما يعني عدم استيعاب من المخ أن ثمة ما اخترق الجسم أصلا، ورغم أنني أشكك في هذه التجارب لأنني من خلال رؤية أشخاص ماتوا بسبب أعيرة نارية فإنهم كان يظهر عليهم التألم جدا لعدم قدرتهم على التقاط أنفاسهم.
كيف يكون شعور الموت بالسكين؟
شعور الموت بالسكين أيضًا لا يختلف كثيرا عن الرمي بالرصاص، لأن الإنسان لا يشعر بالسكين وهو يخترق جسده ولا يشعر بأنه أصيب إلا حين تخرج الدماء من جرحه إلا أن هذه الرواية أتفق معها إلا حد كبير حيث رأيت في معركة من قبل شخص تم طعنه بالسكين في بطنه وظل يقاتل ولم يلحظ غرق ملابسه في الدماء وبعد دقائق بدأ في فقدان الوعي، صحيح أنه نجا بعدها وظل لسنوات عدة يعالج من آثار الطعن في معدته إلا أن هذا الموقف كان حقيقيا إلى حد بعيد.
كيف يكون شعور الموت حرقا؟
لعل شعور الموت حرقا هو أصعب أنواع الحروق والحروق المميتة عادة هي التي تتعدى الأمر لحروق الدرجة الرابعة غير أن المفاجأة أن الذي يميت حقا هو تعرض الإنسان لاستنشاق أول أكسيد الكربون الناتج عن النيران، أما الحروق الناتجة عن الانفجارات أو الصعق الكهربائي فلا تأخذ غير لحظة تقريبا ولا يستغرق الشعور بالموت سوى هذه اللحظة تقريبا.
النفق المظلم الذي في آخره نور
اتفقت معظم روايات الناجين من سكتات قلبية أو الذين أوشكوا على الموت بسبب حوادث الطرق أو الذين كانوا على الحافة مثل الناجين من آثار جرعة زائدة من المخدرات أن الإنسان يرى نفق مظلم في آخره نور في اللحظات التي يقترب فيها من الموت، لعل الحياة هي ذلك النفق المظلم الضيق المليء بالمعاناة والألم والظلام، أما العالم الآخر فهو نور وسكينة وراحة.
شعور الموت لا يمكن لأحد التكهن به ومهما كانت المحاولات لاستنتاجه تظل محاولات قاصرة رغم ذلك، وربما كلها تحاول تفهم هذا الشيء الغامض المسمى بالموت، والذي يتوعدنا جميعا كمصير محتوم في النهاية.
أضف تعليق