في الأحوال الجسدية الطبيعية عندما يحدث نزيف في الجسم سواء أكان نزيفاً خارجياً أو داخلياً فإن هنالك آليات عمل داخل الأوعية الدموية مهمتها الرئيسية هي أن تقوم بتكوين جلطة دموية على موضع النزيف وذلك لإيقاف هدر الدماء الحادث، ولا يستثنى من تلك الحالات إلا النزيف الشديد الناتج عن إصابة ضخمة حيث يعجز الجسم وحده عن التحكم في مثل هذا النزيف. وتتكون الجلطة من خلال عدة عوامل تسمى بعوامل التجلط بحيث إن حدث نقص في أحد تلك العوامل تنتج سيولة الدم والتي تتطلب تدخلاً طبياً لمنع حدوث أي نزيف مستقبلاً؛ حيث أن حدوث النزيف في غياب عوامل التجلط يؤدي تباعاً إلى فقدان كميات مهولة من الدم.
استكشف هذه المقالة
سيولة الدم الطبيعية
وقد يتبادر إلى الذهن سؤال بسيط وهو إذا كانت هنالك بالفعل آليات طبيعية بالجسم وعوامل للتجلط تعمل على وقف سريان الدم فلم لا تقوم بنفس الوظيفة داخل الأوعية الدموية؟ والإجابة هناك تكمن في العوامل المحفزة لتلك الآليات؛ حيث أن تلك الآليات لا تعمل إلا استجابة لعوامل ثلاثة يجب أن تجتمع سوياً وهو ما لا يتوافر داخل الأوعية الدموية السليمة وهي:
- جرح في جدار الوعاء الدموي سواء كان شرياناً أو وريداً أو شعيرات دموية.
- تغير في معدل تدفق الدم.
- تغير في طريقة تراكم خلايا الدم فوق بعضها.
بالنظر إلى العوامل الثلاثة السابقة نجد أنها لن تحدث معاً إلا بعد حدوث جرح أو إصابة ما للجسم كبيرة كانت أو صغيرة، وفي الأحوال الطبيعية تستغرق آليات التجلط السابقة وقتاً يتراوح ما بين 8 و15 دقيقة تقريباً حتى تستطيع تكون جلطة صغيرة الحجم لسد الجرح الحادث؛ وبالتالي إن كان الجرح كبيراً نسبياً فإنه يتطلب إجراء تخييط لإغلاق الأنسجة.
أعراض سيولة الدم
وبالنظر إلى مفهوم مرض سيولة الدم وكيف يحدث سنجد بأن أعراضه واضحة وتتلخص جميعها في نقطة واحدة وهي سهولة حدوث نزيف وتدفق الدم بصورة كثيفة من خلال الجروح وتأخر حدوث التجلط أو عدم حدوثه مطلقاً وهو ما يضع المريض في حالة حرجة إذ يمكن لأي نزيف في الجسم حتى وإن كان طفيفاً كنزيف الأنف أو الأذن عند ارتفاع ضغط الدم أن يظل مستمراً طوال الوقت بشكل يؤدي إلى فقدان الجسم لكميات كبيرة من الدم تعرضه إلى مشاكل عديدة تبدأ من الأنيميا وفقر الدم وتنتهي بحدوث صدمة للجسم وفقدان للوعي نتيجة لتراجع كمية الدم به.
أسباب سيولة الدم
توجد أسباب عديدة تؤدي إلى إصابة الشخص بسيولة الدم أو الهيموفيليا لكن على رأسها يأتي السبب الأهم على الإطلاق وهو العامل الوراثي؛ حيث أن الهيموفيليا من الأمراض التي تنتقل وراثياً عبر الجينات من الأجيال الكبرى للأجيال الصغرى وبالأخص من خلال الكروموسوم X (يحمل الذكر كروموسومين جنسيين هما X وY بينما تحمل الأنثى كروموسومين متطابقين XX) وبالتالي فحتى يظهر مرض سيولة الدم في الأنثى يجب أن يكون كلا الكروموسومين حاملين لصفة المرض أي أن الأب والأم كليهما حاملين للمرض سواء بشكل ظاهر أو خفي، بينما في الذكر يكفي فقط حمل الأم للجين كي تظهر أعراضه على الابن وبالتالي فإن الذكور أعلى في معدل الإصابة من الإناث.
سيولة الدم للحامل
تعتبر سيولة الدم من المشاكل الصحية التي يجب التنبه لوجودها خلال فترة الحمل وذلك لتجنب حدوث أي نزيف للأم بما يهدد حياة الجنين، فبالرغم من أن الهرمونات التي يفرزها جسد الأم خلال فترة الحمل تعمل على تقليل معدل النزيف بشكل عام بشكل يقلل معدلات حدوث ذلك إلا أنه وبالأخص خلال الولادة يجب أن يتنبه الطبيب إلى وضع الأم الصحي ويتوخى الحذر عبر مجموعة من الاحتياطات على رأسها توافر طبيب لأمراض الدم كي يتخذ التدابير الوقائية لحماية الأم من خطر النزيف المطول والذي قد يعقب عملية الولادة في كثير من الحالات.
سيولة الدم عند الأطفال حديثي الولادة
نظراً لأن مرض سيولة الدم من الأمراض التي تنتقل وراثياً عبر الجينات فإن هنالك معدلات مرتفعة من الإصابة بها بين الأطفال حديثي الولادة حيث بمجرد خروجهم للحياة تظهر عليهم تلك الأعراض بشكل يستدعي إدخالهم للمستشفى وبدء الخطوات العلاجية الملائمة لمثل تلك الحالة؛ حيث أن جسد الأطفال حديثي الولادة يكون ليناً للغاية وغير مكتمل النمو ومن السهل حدوث نزيف له لأي سبب أو صدمة صغيرة وهو ما سيشكل أزمة كبيرة إن لم يتم إيقاف هذا النزيف على الفور.
سيولة الدم للأطفال
في بعض حالات سيولة الدم لا تظهر الأعراض على الطفل إلا بعد تقدمه في العمر قليلاً – أي ليس بمجرد ولادته – وبالتالي فإن أي فئة عمرية سواء من الذكور أو الإناث معرضة للإصابة بهذا المرض أو بالأحرى ظهور الأعراض الخاصة به.
علاج سيولة الدم
لحسن الحظ فإن مرض سيولة الدم من الأمراض التي يتوافر علاجها ولا يحتاج إلى تعقيدات مطولة لكن بعد الوقوف على موضع الخلل في آليات العمل داخل الجسم، بمعنى آخر وكما شرح بالأعلى فإن هنالك عدة عوامل للتجلط تعمل في سلسلة متصلة تبدأ بحدوث النزيف وتنتهي بتكون الجلطة ونقص أي عامل من تلك العوامل يؤدي إلى انقطاع سلسلة تكوين الجلطة الدموية. وبالتالي يتم إجراء فحص دم للمريض لمعرفة أي من عوامل التجلط ينقصه لتعويضه في الجسم إما منفرداً أو عبر القيام بعملية استبدال لدم المريض بدم آخر يحتوي على عوامل التجلط كاملة.
علاج سيولة الدم بالأعشاب
على الرغم من أن الطب الحديث دائماً ما يكسب الرهان فيما يخص علاج الأمراض الأكثر شيوعاً بين بني البشر ومن ضمنها مرض سيولة الدم إلا أن هنالك مجموعة من الأعشاب الطبيعية لا تعالج المرض وإنما تزيد من قدرة الدم على التجلط أي إنها من الممكن أن تستخدم كمكمل غذائي لمريض الهيموفيليا والتي تشمل:
- زهرة اليارو: زهرة اليارو من الأزهار الشائعة في غابات آسيا وأوروبا بشكل رئيسي ويمكن أن تتواجد إلى حد ما في غابات أمريكا الشمالية ولها فائدة كبيرة في علاج سيولة الدم بالأخص خلال فترة الحمل والرضاعة.
- نبات القراص: تساعد العناصر الغذائية الموجودة في نبات القراص على تقوية جدار الأوعية الدموية وبالتالي تقلل من احتمالات حدوث نزيف، أي أنها تمنع المرض ولكن من المصدر.
- البندق: من المعروف كذلك فوائد البندق في العديد من الأمراض والتي من ضمنها سيولة الدم حيث يساعد كذلك على تقوية جدار الأوعية الدموية وزيادة متانته ضد الصدمات.
- نبات الزعرور: من النباتات التي عرفتها الحضارات الإنسانية قديماً وكثيراً ما استخدمتها في علاج أمراض عديدة متعلقة بالدم والنزيف.
- التوت البري: قد يكون مذاقه لاذعاً إلى حد ما وكريهاً بالنسبة للبعض منا إلا أن فوائده في علاج الهيموفيليا كثيرة ومتعددة.
أخيراً فإن مرض سيولة الدم من الأمراض التي تطول مدة علاجها وربما تشكل جزء من روتين حياة المريض كمرض السكري أو أمراض ضغط الدم؛ لذلك حاول دائماً اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة والمواظبة على العلاج.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
أضف تعليق