يشكو الفلاحون والتجار أصحاب محلات ومخازن الحبوب من انتشار حشرة الحبوب التي تدمر الأخضر واليابس وتتغذى على المحاصيل وتتسبب في الكثير من الخسائر المادية، ناهيك عن التلوث والمشكلات الصحية التي تحدثها بالمحاصيل، وعزوف الناس عن شرائها ما يعود بالكساد على أصحاب هذه الأعمال، وفيما يلي نوضح تفاصيل أكثر حول سوسة الحبوب وكيف تعيش وتتغذى على المحاصيل، وكذا نوضح أنواع هذه السوسة وهل هي مضرة أم لا، وهل هذه الأضرار مباشرة وتسبب أضرارًا بالغة، أم أنها أضرار غير مباشرة، وفي السياق ذاته نعرض هذه الأضرار بشكل أكثر تفصيلًا، كما نسلط الضوء على أفضل السبل لمكافحة هذه الآفة والحفاظ على المحاصيل سواء في الحقل أو في المخازن أو حتى داخل البيوت، وعلى كلٍ نجد أن النظافة واجبة طوال الوقت في مناطق الحبوب وما حولها لضمان عدم تعرضها لأي تلف أو مهاجمة واختراق من السوس على اختلاف أنواعه، وما يتركه من خراب.
استكشف هذه المقالة
ما هي سوسة الحبوب ؟
إن سوسة الحبوب هي تلك الحشرة التي يتراوح حجمها من ثلاثة إلى خمسة سنتيمترات، وتتميز بشكلها الغريب حيث الرأس المدببة والممتدة بشكل ملفت على هيئة خرطوم طويل يقع الفم في مقدمته، كما أن لونها فاتح أو غامق بدرجات كستنائية متباينة تختلف من حشرة لأخرى ومن نوع لآخر، ولها جناحان لكن لا يمكنها الطيران بأي حال من الأحوال، ويساعدها للوصول إلى الحبوب والمحاصيل قرون الاستشعار التي تحتويها، وغالبًا ما تعيش سوسة الحبوب في مناطق رطبة وحارة، إلا أنها وبرغم ذلك يمكنها أن تحيا ونراها تمارس نشاطها على مدار العام، ولكنها في الغالب تعيش حوالي ثمانية أشهر تضع خلالها بين مائتي إلى ثلاثمائة بيضة تلفظها داخل الحبوب وتتحول فيما بعد إلى يرقات، وتتغذى اليرقة على الحبوب من الداخل لبضعة أيام حتى تخرج فيما بعد وتترك فتحة كبيرة واضحة في جدار الحبة، وتنتشر سوسة الحبوب بشكل عام في مختلف أنحاء العالم وقد اعتادت المؤسسات الزراعية والبيئية مكافحتها بالمبيدات وفق الظروف والأحوال والأوقات والكميات التي تظهر فيها خلال العام، كما أنها تنتشر في كثير من المخازن والمنازل وليست الحقول فحسب.
كيف تتغذى سوسة الحبوب ؟
تتغذى سوسة الحبوب في الغالب على عدد من المحاصيل البقولية وحبوب القمح والأرز والذرة والشعير، حيث تتكاثر وتضع يرقاتها داخل هذه الحبوب بمقدار يرقة واحدة في الحبة الصغيرة، بينما في الحبوب كبيرة الحجم مثل الذرة الشامية نجد أنها تضع أكثر من يرقة، ويبلغ هذا التكاثر أعلى مستوياته في فصل الصيف وتتسبب حينها في خسائر مادية كبيرة إذا لم يتم مكافحتها بشكل جيد، وفي المقابل نجد الحشرات الكبيرة تلجأ لإحداث فتحة صغيرة في جدار الحبوب لتتغذى على قدر صغير من مكوناتها من الداخل ثم تخرج، بينما اليرقات التي تعيش بالداخل تقضي على الحبة تقريبًا.
أنواع سوسة الحبوب
توجد عدة أنواع من سوسة الحبوب تتغذى على محاصيل مختلفة وتتسبب في مشكلات مختلفة ولكن الآثار الشكلية الناتجة عن ذلك تتشابه في الغالب وتكون عبارة عن فتحة صغيرة في المحاصيل وأحيانًا تنثر مسحوق الحبوب من حولها، وهذه الأنواع هي:
- حشرة لوز القطن: وهي إحدى أنواع سوسة الحبوب التي تنتشر في بذور القطن وتتغذى على المحصول وتسبب به ضررًا بالغًا، ولا تتغذى فقط على البذور ولكن أيضًا على الزهور والبراعم وغيرها.
- سوسة الدقيق: وهي إحدى أنواع سوسة الحبوب ويطلق عليها أيضًا سوسة الطحين، تتميز بعدم قدرتها على تناول الحبة بالكامل وتبدأ فقط في تناول مسحوق الدقيق من داخل الحبوب، ويقول بعض العلماء أنها لا تنتمي إلى حشرة سوسة الحبوب لا من قريب ولا من بعيد.
- سوسة الأرز: تعتبر سوسة الأرز أحد أشهر حشرات سوسة الحبوب وخسائرها كبيرة وفادحة للغاية أكثر من أي نوع آخر.
- سوس اللوبياء: وهذا النوع من الحشرات يعيش أو يتغذى على اللوبيا وعلى فول الصويا خاصةً في مخازن الحبوب ومحلات البقول، وتضع سوسة الحبوب بيضها داخل حبة اللوبياء لتتحول إلى يرقة تتغذى عليها من الداخل، لعدة أيام ومن ثَمَّ تخرج الحشرة من الحبة لتعيش بالخارج.
هل السوس مضر؟
لا شك أن السوس من الحشرات المضرة بالفعل والتي ينتج عنها الكثير من المشكلات سواء المباشرة أو غير المباشرة أو حتى الأضرار التي تصنعها الحشرات في الحقل، وهذه الأضرار هي:
الأضرار المباشرة
وهي تلك الأضرار التي تنتج عن التعامل المباشر بين الحشرة والحبوب سواء وضع اليرقات بداخل الحبة أو التغذي على مسحوقها الداخلي، ونتيجة لذلك تصبح الحشرات غير صالحة للتناول وتتلف من الداخل والخارج كذلك نتيجة وجود ثقوب وفتحات بها، كما أن الحبوب تتلوث وتنسحق مكوناتها من الداخل وتصبح مثل الطحين.
الأضرار غير المباشرة
هذه الأضرار غير المباشرة هي التي تطلق على الآثار الثانوية لانتشار سوسة الحبوب ، وهذه الأضرار الثانوية يمكن حصرها في تسخين الحبوب ورفع درجة حرارتها من الداخل وما يعقبها من انتشار الرطوبة في مكونات الحبوب، كما تتسبب في مشكلة بإنبات البذور وقدرتها على الإنماء، وعلاوةً على ذلك تتسبب في نشر الأمراض في المحاصيل، وأخيرًا من الأضرار غير المباشرة لـ سوسة الحبوب هو ما يسمى بانفجارات السايلوات وما يعقب ذلك من اشتعال حرائق كبيرة.
أضرار الحشرات الحقلية
هناك العديد من أنواع سوسة الحبوب الحقلية التي تنتشر في الأراضي الزراعية وتسبب الكثير من الضرر في تكوين التربة والغذاء بها، كما أنها تتسبب في ضعف قدرة التربة على القيام بوظائفها الحيوية.
أضرار سوسة الحبوب
تتنوع أضرار سوسة الحبوب سواء على المحاصيل أو الأضرار الاقتصادية وغيرها من مشكلات صحية تحدثها هذه السوسة بالحبوب، ويستدعي هذا الأمر التخلص منه ومكافحتها في أسرع وقت ممكن، وفيما يلي نسلط الضوء على أبرز تلك الأضرار:
- تلف الحبوب والمحاصيل البقولية وعدم صلاحيتها للتناول، ومن المريب في الأمر أن هذه الحشرات تنتشر قرب المنازل ومخازن الحبوب أيضًا وليست في الحقول فحسب، وهذا الأمر يدمر المخزون الغذائي للدولة بشكل كبير.
- تتسبب سوسة الحبوب في مشكلة اقتصادية سواء على مستوى الأفراد والمزارعين والتجار، أو على مستوى الدولة التي قد تخسر صفقات تصدير بسبب تلف المحصول، وحتى أنها لا تحصر نشاطها في المحصول وفقط بل وأيضًا في الحبوب المخزنة والمجففة والبقوليات، وهذا يعني أن خطرها دائم منذ الزراعة وحتى الحصاد وما بعده.
- تقضي سوسة الحبوب على القيمة الغذائية للمحصول، وهذا الأمر وإن لم يتسبب في نشر بعض الأمراض، فإنه على الأقل سيفقد الإنسان أي قيمة غذائية من تناوله لهذا المحصول.
- في كثير من الأحيان تتغذى هذه الحشرات على البذور ذاتها وتحول دون نمو المحصول وحدوث عملية الإنبات، وما يعقب ذلك من خسائر ومشكلات.
- تتسبب هذه الحشرات في انتشار العفونة والبكتيريا والجراثيم؛ نتيجة تآكل الحبوب ودخول الهواء والرطوبة داخلها، وبتكرار هذا الأمر تحدث عمليات التحلل الكيميائي للحبوب في الصوامع ويصبح الأمر أشبه بالكارثة.
- إن تناول الإنسان لهذه الحبوب بعد تغذي سوسة الحبوب عليها؛ قد يصيبه بأمراض الجهاز التنفسي وأمراض الجلد والرمد وغيرها، كما أن تناول الحبوب التي تحوي يرقات سوسة الحبوب يعد أمرًا خطيرًا يصيب المعدة ويتسبب في بعض الأورام والأمراض السرطانية.
مكافحة سوسة الحبوب
توجد العديد من الخطوات الواجب اتباعها في سبيل مكافحة سوسة الحبوب والقضاء عليها وتجنب إصابة المحاصيل وتعرضها لأية أضرار، وهذه الخطوات هي:
- في البداية يجب اتباع عوامل الأمان والسلامة والوقاية من خلال متابعة المحصول بشكل دوري وفحصه طوال الوقت للتأكد من عدم إصابته بأية أضرار أو عدم إصابته بأية عدوى.
- بعد فحص المحصول يجب تنظيف المكان تمامًا والتأكد من صلاحية المخازن والصوامع لهذا الغرض، وتشمل عملية التنظيف إزالة الحبوب والمحاصيل الفاسدة وغير ذلك من شوائب قد تضر بالحبوب.
- تهيئة المكان لحفظ الحبوب من حيث درجات الحرارة والتعقيم وتعريضه لأشعة الشمس المباشرة ولكن تكون بعيدة عن الحبوب، وكذا ضمان تهوية المكان بشكل جيد مع مراعاة التخلص من الرطوبة بالوسائل الحديثة إذا أمكن ذلك.
- يمكن استعمال بعض المواد الأخرى مثل الليمون الأسود وغيره من مواد ثبت فعاليتها في تنفير سوسة الحبوب وعدم إتاحة الفرصة لها لتعيش وتتكاثر خاصةً في الأرز والبقول.
- يتم تجهيز أماكن التخزين بعبوات سليمة محكمة الغلق قادرة على حفظ توازن الحرارة بين الداخل والخارج وتمرير التهوية كذلك ولا تسمح للحشرة بالانتشار في المحصول، كما يمكن إحكام غلق العبوات وحفظها بالثلاجة.
- تتم الاستعانة بالمبيد الحشري الذي توزعه الجمعيات الزراعية لمكافحة هذه الحشرات، وعلى كل من يلاحظ انتشارها في محصوله أو مخازن الحبوب خاصته يبادر بطلبها من الجهات المختصة، وتكون صالحة لمكافحة الحشرة دون الإضرار بالمحصول أو تلويثه.
- في حال التأكد من انتشار اليرقات داخل الحبوب، فإنه يجب الإسراع بتجميد كل المحصول لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام على درجة حرارة منخفضة كثيرًا لضمان قتل اليرقات وعدم نموها وتغذيها على المحصول من الداخل.
- يفضل مكافحة هذه الحشرة في الحقول أيضًا إذ أنها تتغذى كثيرًا على سيقان النبات والعصارة الموجودة بالبراعم والجذور قبل أن تذهب إلى الحبوب.
- إن حشرة سوسة الحبوب هي من الحشرات النباتية في المقام الأول؛ ما يعني احتمالية مهاجمتها لأي محصول، ولكن البقوليات هي الأبرز في خسائرها لا سيَّما الأقماح والأرز والفول والذرة والشعير واللوبياء، ولا شك هي محاصيل استراتيجية تمثل غذاءً دوريًا لشعوب بأكملها.
- يجب توعية ربات المنازل بخطورة هذه الحشرة؛ إذ أنها لا تنتشر في المخازن والحقول وفقط، بل تتواجد بالمنازل أيضًا بحثًا عن الغذاء في المعلبات وغيرها من أدوات المطبخ والثلاجة والمائدة، ولكن يجب الحذر من استعمال ورش المبيدات في المنزل بدون الرجوع إلى مهندس زراعي مختص؛ إذ أن نتائج ذلك قد تكون كارثية على أفراد الأسرة إذا تم الرش بكميات أكبر من المطلوب أو بأماكن في متناول الأطفال.
- يمكن تهيئة المنزل لحفظ الحبوب من خلال رش بعض الفلفل الأسود فوق أجولة الحبوب أو العلب والعبوات التي نحتفظ فيها بالبقول؛ إذ أن الفلفل الأسود يقتل السوس ويبعده عنه، وأيضًا الملح عند وضعه كمية منه داخل الإناء فإنه يطرد الحشرات والسوس، وكذا أوراق الغار يمكن وضعها على الأرفف إلى جوار هذه العبوات، كما يجب تنظيف الدولاب والمكان الذي به برطمانات الدقيق والحبوب، كما يفضل وضعها في عبوات من البلاستيك أو الألومنيوم أو حتى الزجاج لضمان إحكام إغلاقها وعدم اختراقها من السوس، وقبل تناولها يفضل وضعها في الهواء والشمس لفترة مناسبة.
تعتبر سوسة الحبوب وغيرها من حشرات الحقل من الكائنات الضارة بالمحاصيل لا سيَّما الحبوب والبقول التي تتحول إلى ما يشبه الدقيق أو الطحين حين تتغذى عليها هذه الحشرات، وتتميز سوسة الحبوب برأسها المدبب وفي مقدمتها الفم الذي تغرسه في الحبوب لتتغذى علي مكوناتها من الداخل، كما أنها تضع بيوضها داخل الحبوب حتى تنمو وتتحول إلى يرقات تتغذى على الحبة من الداخل ثم تخرج منها تاركةً خلفها ثقبًا بالحبة يجعلها غير صالحة للتناول وعرضة لإصابة آكليها بالأمراض، كما أنها تتسبب في خسائر مادية واقتصادية هائلة خاصةً في الدول التي لم تتمكن من مواجهة هذه الآفة قبل تمكنها من المحصول، وبرغم ذلك يبقى لدينا العديد من الآليات لمكافحتها وحفظ الحبوب والمحاصيل سواء برش المبيدات أو من خلال تهيئة المكان لحفظ المحصول وتنظيفه وتعقيمه وتوفير مختلف عوامل الأمان المعروفة مثل درجات الحرارة المناسبة والتهوية والرطوبة وما إلى ذلك.
أضف تعليق