بكل تأكيد سرعة البديهة مهارة يسعى كل شخص إلى اكتسابها ليحظى بالقبول الاجتماعي، نقابل عددًا لا نستطيع تذكره من الناس في حياتنا لكن أشخاصًا محددين منهم يظلون في ذاكرتنا للأبد حتى لو قابلناهم مرةً واحدةً فحسب، بالتأكيد قابلت شخصًا مثل ذلك الشخص من قبل وأعجبت به من اللحظة التي فتح فمه فيها ليتكلم ثم جالت بنفسك فكرةٌ مألوفة تتمنى فيها أن تكون مثله وتلفت الأنظار وتنال الإعجاب من اللحظة الأولى كما فعل، أصحاب تلك الشخصيات الجذابة أو ما نطلق عليه الكاريزما في بعض الأحيان يملكون صفات عديدة أهمها سرعة البديهة وخفة الظل والثقة بالنفس والجاذبية واللباقة في الحديث.
صحيحٌ أن الانطباع الأول عن الآخرين لا يكون دائمًا حقيقيًا لكنك لا تنساه أبدًا، وبالتأكيد ستريد أن تكون شخصًا يُذكر انطباعه الأول بالجاذبية وتتضح صحة ذلك الانطباع مع الوقت، التعامل مع الآخرين سياسةٌ ودبلوماسيةٌ وذكاء، لا يجب أن تكون متصنعًا ولا تحتاج للكذب أو مواراة أفكارك ومشاعرك الحقيقيين ولا تريد أن تقع في موقفٍ محرجٍ أمام جماعةٍ من الناس فتغرق في حرجك وتدفن رأسك بالرمال وتهرب، سرعة البديهة من أكثر الصفات جاذبيةً وذكاءً وتساعدك على تحويل موقفٍ مخيفٍ أو محرج إلى لحظة ضحكٍ وسعادة تجعلك تكسب إعجاب الآخرين وحتى صداقتهم.
كيفية اكتساب سرعة البديهة لشخصيتك
سرعة البديهة طبيعة أم اكتساب
مما لا شك فيه أن كثيرًا من صفاتنا الشخصية في بعض الأحيان يكون هديةً تُهدى إلينا لم نساهم نحن بشكلٍ مباشرٍ في صنعها وتكوينها لكن ذلك لا يعني أننا وُلدنا بها، وأن الشخص إن أخذت شخصيته اتجاهًا يصبح من المستحيل أن تسير في يومٍ من الأيام في الاتجاه الآخر، عندما نولد نكون صفحةً بيضاء لا تشوبها شائبة ولا تلطخها نقطة حبرٍ سوداء، لكننا كلما تقدمنا في هذه الحياة تبدأ صفاتنا وقصة حياتنا بتلوين تلك الصفحة ورسم ملامحها وملامح شخصيتنا معها.
كثيرًا ما تعتمد شخصية الإنسان على ما رآه و واجهه في طفولته وكيفية تعامل أهله وإخوته ومجتمعه من حوله معه، لأن الطفل يكون غضًا لينًا سهل التشكيل والتوجيه وأقل شيءٍ يؤثر فيه ويترك بصمته على شخصيته وأحيانًا يدفعها لطريقٍ آخر تمامًا، الطفل الذي يواجه مواقفًا تستدعي سرعة البديهة كثيرًا ومن يحثه ويساعده بالقول والفعل على ذلك ويشجعه تصبح سرعة البديهة أمرًا بديهيًا طبيعيًا له.
لكن في بعض الأحيان ينشأ الشخص ويكبر بشخصيةٍ مترددة أو متأنية أو تصاب بالجمود والتوتر عندما يجد نفسه في موقفٍ مفاجئٍ أو لم يحسب حسابه أو حدوث تغيرٍ مفاجئٍ في الخطط يجعل عقله يتوقف عن التفكير ومحاولة تدبير كيفية سير الأمر وتجاوزه، لكن ما زال الإنسان قادرًا على التطور والتغير وتحويل نقاط ضعفه وتردده لمواضع قوة وتجاوز ذلك الضعف وتغيير ما كان عليه لما و أفضل.
سرعة البديهة في الحياة
لماذا نجد الشخص ذو سرعة البديهة شخصًا مثيرًا للإعجاب؟ لأنه يستطيع أن يحول المواقف التي تحيط به لصالحه وبإمكانه أن يتأقلم بمنتهى السهولة في أي موضعٍ أو موقفٍ أو مكانٍ مثله مثل المياه عندما تتخذ شكل الإناء التي توضع فيه، تساعد تلك الصفة صاحبها على التصرف السريع والفوري في المواقف الحرجة فبينما تجد الجميع متجمدين في أماكنهم عقولهم متوقفة لا يستطيعون استيعاب الأمر بعد ناهيك عن إيجاد التصرف المناسب، بينما يكون هو قادرًا على التخلص من جموده بسرعة وإيجاد الحل المناسب لهذا الموقف.
من ناحيةٍ أخرى فسريع البديهة يكون شخصًا ذكيًا وحساسًا يستطيع قراءة لغة جسد من أمامه وملامحه ومعرفة مشاعره وكيف يشعر والتصرف المناسب معه وهذا يجعل الآخرين يحبونه ويفضلون صحبته والمكوث معه لأن التحدث والتعامل معه مريحان جدًا وسرعة بديهته يجعلانه يقود الحوار بشكلٍ سلسٍ بسيط ويتجنب اللحظات الحرجة أو المريبة في الحوار.
سرعة البديهة أحيانًا تكون السبب في تغيير حياة البعض تمامًا ونقلها من مرحلةٍ إلى أخرى فلحظةٌ واحدةٌ أو رد فعلٍ سريعٍ واحد أو كلمةٌ لبقةٌ واحدة قادرةٌ على اقتناص فرصةٍ ثمينةٍ ونادرة للإنسان والتي بدورها ستغير حياته تمامًا وتنقلها إلى مكانٍ آخر.
ولربما كانت سرعة البديهة سببًا في إنقاذ حياة شخصٍ وإخراجه من كارثةٍ أو ورطةٍ كان فيها، الشخص صاحب تلك الصفة من أكثر الأشخاص المحبوبين وأعلاهم شعبية كما أن ذكاءهم يكون متوقدًا ما يرفعهم في سلم النجاح لدرجةٍ أعلى من أقرانهم ومن هم من المفترض أن يكونوا في مستواهم، ويستطيعون تحقيق الإنجازات والنجاح في وقتٍ قياسي.
كيف تكتسب سرعة البديهة
تحتاج سرعة البديهة بشكلٍ رئيسي إلى أن يكون ذهنك حاضرًا دائمًا ومحيطًا بالموقف الذي أنت فيه، فلا تتوقع أن تكون سريع البديهة وأنت دائم الشرود غير مدركٍ لمحيطك ولا متيقظ الذهن لأصغر التفاصيل التي تراها أمامك، البعض تكون لديهم تلك صفةً طبيعية والبعض قد يحتاج لتركيزٍ أكبر حتى يصبح بتلك الدقة.
الثقافة وسعة الاطلاع من أهم المواصفات أيضًا التي ستحتاج إليها فسرعة البديهة تحتاج إلى اتساعٍ في الأفقٍ ومعرفةٍ كبيرة حتى تكون أفكارك حاضرةً ويكون عقلك قادرًا على تكوين الفكرة الجديدة بسرعة استنادًا على كل الأفكار التي ساعدته بها.
التعامل الاجتماعي الواسع مع الناس يجعل منك شخصًا ذكيًا اجتماعيًا وسريع البديهة في التعامل مع الآخرين بشكلٍ لا تتخيله، الشخص الانطوائي أو الذي يضع مسافاتٍ بينه وبين الآخرين تتحول مواقفه معه إلى لحظاتٍ مريبة من الصمت، كما أن التعامل الاجتماعي سيجعلك توسع دائرة معارفك وهو ما سيساعدك في نواحٍ كثيرة في حياتك العملية والاجتماعية.
تحتاج إلى أن تكون شخصًا مرنًا مع المواقف ومع الآخرين فالشخص الذي يفاجأ أو يشعر بالتردد والضياع بسبب ظهور تغيراتٍ جديدة لم يحسب لها حسابًا يعاني كثيرًا، سرعة البديهة تحتاج منك أن تكون سهلًا لينًا مرنًا مستعدًا لكل الاحتمالات والمفاجأة لا تسبب تجمدك وثباتك في مكانك وتوقف عقلك عن التفكير.
كيف تجعل طفلك سريع البديهة
من الجميل أن تساعد طفلك على اكتساب الصفات الجيدة والتي ستساعده في مستقبله وتجعله فخورًا بتربيتك له وتوفر عليه عناء اكتساب الصفات التي يحتاجها على كبر، من السهل تشكيل الطفل ورسم معالم شخصيته أولًا بأن تكون قدوته وثانيًا بأن تحثه بتصرفاتك وأفعالك وتأديبك له.
علم طفلك حسن وآداب التعامل من صغره وافتح له أبواب الحياة الاجتماعية ولا تصده عنها، شجعه على الاختلاط بالآخرين والتعامل معهم ولا تنفره وتقلل من ثقته بنفسه إن ارتكب فعلًا خاطئًا بل وجهه بذكاء واشرح له كيف سيحبه الآخرون ويرغبوا في صحبته إن فعل ذلك.
ساعده على تفتيح آفاقه وزيادة علمه وثقافته، علّمه حب التعلم والثقافة والقراءة من صغره والاستفادة من كل ما يحدث حوله ويقع تحت يده، كذلك علمه المرونة وكن خير قدوةٍ له فيها، الطفل يُولد بدون حدودٍ بل نحن من نصنعها لهم، لذلك لا تضع لطفلك حدودًا أكبر من اللازم بل دعه يعرف الحرية ويتعلم المرونة والتعامل مع كل موقفٍ بذكاء، كل تلك الأشياء ستنمي فيه سرعة البديهة ومع الوقت سيبدأ هو بتطوير نفسه وتغييرها نحو الأفضل لكن ذلك سيكون بالتأكيد عائدًا للبذرة التي زرعتها أنت فيه.
أضف تعليق