لا شك أن زيارة معرض الكتاب أحد أهم الأمور التي لا يجب على أي شخص تفويتها، فبعض الناس قد يعتقدون أنه من الطبيعي أن يقوم بمثل هذه الزيارة أولئك الذين يهتمون فقط بالقراءة أو الكتابة، ببساطة، طبقة المثقفين والنخبة، لكن في الحقيقة مثل هذه الزيارات تُصبح واجبة لكل المهتمين بالحياة الثقافية بشكل عام، سواء كانوا من القراء بالفعل أو أولئك الذين سوف يُقدمون على القراءة أو يهتمون بأي شيء يتعلق بهذه الجوانب، ففي النهاية الثقافة جزء أصيل من حياتنا، وحتى لو أهملنا ذلك الجزء في فترة من الفترات فإنه يبقى إهمال مؤقت سينتهي، ثم إن زيارة معرض الكتاب من الأشياء الفارقة التي ستخرج منها عزيزي القارئ بالكثير من الفوائد التي تتخطى فكرة شراء الكتب، وربما هذا السبب تحديدًا ما يجعلنا نكتب هذه السطور كي نشرح لكم أهم طرق الاستمتاع عند زيارة معرض الكتاب وكيف أنه من الممكن جدًا تحقيق الاستفادة منه.
استكشف هذه المقالة
زيارة معرض الكتاب
قبل أن نبدأ في التحدث عن كيفية الاستمتاع بحدث مثل زيارة معرض الكتاب وفوائد هذا الحدث فإن البعض قد يكون بالتأكيد غير مُدرك أساسًا لشكل وماهية هذا الحدث، بمعنى أنه لا يعرف عن أي شيء نتحدث نحن الآن، وهو أمر غير منطقي لكنه وارد، خصوصًا مع تدهور وضع الثقافة في الوطن العربي مؤخرًا على وجه التحديد، على العموم، معرض الكتاب الدولي هو حدث سنوي يُقام في أغلب دول العالم ويتم من خلال عرض الكتب من كل مكان ويُعتبر الأمر أشبه بعيد للقراء والمثقفين، ففي هذا الحدث تُوزع الكثير من الكتب الجديدة المنتظرة كما يتم تنظيم العديد من الفاعليات الهامة للغاية، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى جعل هذا الحدث بأكمله في قمة الانتظار، هذا على الرغم من أنه يستمر لعدة أيام تقترب غالبًا من الخمسة عشر يومًا، كما يتم تخصيص مساحة كبيرة جدًا للمعرض عادةً ما تكون في عاصمة الدولة، ولهذا هو معرض دولي.
ظهور معرض الكتاب الحقيقي كان في القرن المنصرم، القرن العشرين، ففي هذا القرن بدأت دول مثل بريطانيا وألمانيا تُنظم أحداث ثقافية كُبرى بالشكل الذي يقترب كثيرًا من شكل المعرض الذي نقصده، ثم بعد ذلك أصبح المعرض شكل من أشكال الاستعراض بالنسبة للدول، بمعنى أنك إذا أردت الاستعراض والتفاخر بدولتك فسوف يحدث ذلك من خلال إنشاء معرض حافل للكتاب يأتي إليه الناس من كل مكان بالعالم، لكن بالنسبة لك كقارئ، كيف يُمكنك الاستمتاع يا تُرى بهذا الحدث؟
نصائح عند زيارة معرض الكتاب
الآن نحن قد قررنا الذهاب إلى معرض الكتاب المقام في بلدنا، وبشكل شبه موحد يُمكننا أن نجد كون كل المعارض تأخذ نفس النمط، ولذلك فإنه ما سنذكره في طرق الاستمتاع يُمكن تطبيقه على كل الدول، وبكل تأكيد الطريقة الأولى والأهم لتحقيق ذلك هي عدم الاكتفاء بيوم واحد فقط للزيارة.
عدم الاكتفاء بيوم واحد
من الأشياء الفارقة في عملية الاستمتاع أثناء زيارة معرض الكتاب ألا يتم تخصيص يوم واحد فقط لهذه الزيارة، ففي كل مكان في العالم يُقام المعرض على أيام متفرقة تصل إلى عشرة أيام على الأرجح، متفرقة متتالية في نفس الشهر أو في بداية ونهاية شهر، في النهاية يكون هناك متسع من الوقت، كما أن الزيارة غالبًا ما تكون في فصل مميز ومناسب للغاية بالنسبة لكل الدولة، وما نتحدث عنه هنا ببساطة أنه لا يُمكن بأية حالٍ من الأحوال الاكتفاء بيوم واحد فقط من أجل الزيارة، إذ أن هذا الأمر لن يجعلك تحظى بالمتعة الكاملة التي تبحث عنها في حدث جلل كبير مثل هذا، فكر في الأمر وستجده منطقي جدًا.
شراء الكتب الاستهلاكية الرخيصة
أيضًا من الأشياء التي يجب عليك فعلها أثناء تواجدك في معرض الكتاب أن تقوم بشراء الكتب الاستهلاكية الرخيصة ولا تتجه بشكل مُباشر ومُكثف إلى الكتب ذات التكاليف المرتفعة أو تلك الجديدة التي نادرًا ما يقوم الناس بشرائها لارتفاع ثمنها أو لكونها تابعة لدور نشر أجنبية تبيع السلعة بنفس الثمن الذي يتم بيع الكتب به في هذه الدولة التي تتواجد بها تلك الدار، ففي كل الحالات هذا الأمر يعني تكاليف أكثر أنت في غنى تام عنها، لذلك فإن الحل المنطقي أو الواجب اتباعه في هذه الحالة هو شراء الكتب الاستهلاكية الرخيصة شريطة أن تكون أيضًا ذات قيمة.
تنويع الكتب التي يتم شرائها
لا نزال مع استعراض سبل المتعة التي يُمكن الحصول عليها خلال زيارة معرض الكتاب وهذه المرة نحن نتحدث عن شيء يتعلق بالمشتريات التي يتم جلبها من المعرض، فنحن عندما نجلب مجموعة من الكتب علينا أن نراعي تمامًا كون هذه الكتب منوعة تنويعًا مناسبًا، بمعنى ألا نقوم بشراء كتب شعرية أو فكرية أو رواية فقط بانتهاج أو التركيز على نوع واحد، وإنما يجب أن يكون هناك تنويع ملائم بحيث يتم استغلال الزيارة في شراء كتب من مختلف الأشكال والأنواع، لكن ما يحدث ببساطة أن بعض الناس يذهبون إلى أجنحة معينة ويقومون بشراء كتب معينة، وهو ما يخلق حالة من الملل في الزيارة بكل تأكيد.
متابعة أهم الندوات والفاعليات
عندما تذهب إلى معرض الكتاب فعليك أن تعرف بأن الأمر لا يتوقف عند شراء وبيع الكتب فقط، فهناك أمور تحدث في المعرض تستحق الحديث عنها والمساهمة فيها، والحديث هنا عند الندوات والفاعليات المختلفة، فأي معرض في العالم يعرف أنه تجمع كبير للمثقفين والثقافة، وبالتالي لن يكون الأمر مقتصر على الكتب، بل يجب أن تكون هناك بعض الفاعليات والأحداث الهامة التي يتواجد بها أكبر وأهم المثقفين من كتاب وشعراء ومشاهير الثقافة بشكل عام، وكل ما عليك عزيزي القارئ أو الزائر العادي أن تقوم بتقصي تلك الفاعليات وحضورها أثناء تنفيذها خلال أيام دورة معرض الكتاب، هكذا يُمكن أن تكون زيارتك ذات قيمة حقيقية، هكذا سينجح الأمر بدرجة كبيرة.
زيارة الأجنحة الأجنبية
أيضًا من الأشياء التي لا يجب نسيانها عند زيارة معرض الكتاب أن تقوم عزيزي الزائر بالذهاب إلى الأجنحة الأجنبية والاستمتاع بالتواجد فيها ومطالعة الكتب الرائعة التي ربما لا تتوافر في أي مكان آخر سواها، وهذه الكتب منها ما هو مترجم ومنها ما هو أصلي وموجود بلغته الأساسية، لكن في النهاية تبقى المُتعة المنتظرة من زيارة مثل هذه الأماكن كبيرة، خصوصًا وأنها تكون ذات شكل مختلف تمامًا عن الأجنحة المحلية، وإن كان من الضروري طبعًا أن تعرف بأمر في غاية الأهمية، وهو كون الكتب الموجودة في مثل هذه الأجنحة تحظى بأسعار مرتفعة للغاية، مرتفعة بشكل لا يُمكن تخيله على الإطلاق، لكننا هنا نتحدث عن مجرد الزيارة التي لا يُشترط فيها أبدًا الشراء.
التركيز على الجزء الترفيهي
أخيرًا من الأشياء الهامة التي تُسهم في الاستمتاع عند زيارة معرض الكتاب أن يتم التركيز على الجانب الترفيهي الموجود في هذا المعرض، فكل معرض في العالم يُدرك أن زواره منهم الأطفال وأولئك الذين ربما لا يُمكنهم الانخراط في الأماكن الثقافية، وفي نفس الوقت لا يُمكن للمعرض وجهة التنظيم الموجودة به أن تكون سببًا في خسارة زيارتهم، ولهذا فإن الحل الأمثل لذلك الأمر هو توفير جانب ترفيهي عليك عزيزي الزائر أن تخرج بأفضل استفادة ممكنة، وهذه الأماكن سوف تكون ترفيهية من الطراز الرائع، لذلك لن تندم أبدًا على زيارتها، جرب ذلك بنفسك.
أهم فوائد زيارة معرض الكتاب
طبعًا الحديث عن زيارة معرض الكتاب أمر لابد وأن يشمل حديثًا عن فوائد ذلك الحدث البارز الذي يحدث مرة واحدة فقط في العام الواحد، فالناس لا يذهبون إلى المعرض عبثًا، وإنما يحدث ذلك لأنهم يحصلون من خلال هذا المعرض على العديد من الفوائد الهامة التي أبرزها الحصول على أفضل الكتب وأحدثها وأقلها في التوافر، فطبيعة معارض الكتاب أن دور النشر توفر بها كُتب يتم إطلاقها للمرة الأولى، تلك الكتب عندما تكون متوافرة تُصبح ذات جذب خاص، أيضًا المعرض ملتقى المثقفين وفي نفس الوقت المُبدعين وصناع المشهد الثقافي من كُتاب وناشرين وغيرهم من النخبة الهامة، كل هذا يحدث داخل المعرض الدولي ويكون أشبه بالفرصة التي يُمكن لحاقها أو لا يُمكن لحاقها بسبب قلة أيام المعرض.
أيضًا ضمن الفوائد الخاصة بمثل هذه الأحداث كونها تكشف القوة الثقافية لكل دولة، وذلك من خلال تحديد أعداد زوار المعرض والمترددين عليه، كذلك دعونا لا ننسى فكرة كون المعرض الأرض الخصبة للكثير من الفاعليات والأحداث، سواء كانت الترفيهية أم غير الترفيهية الثقافية البحتة، في النهاية ما يحدث هو طفرة كبيرة وفائدة جليلة لن تحصل عليها عزيزي القارئ إلا عندما تذهب للزيارة وتصنف نفسك رسميًا كمثقف يعيش على هذه الأرض، هذا مع الوضع في الاعتبار أن الواقع الذي نعيشه الآن، وخصوصًا في الدول العربية، يجعل من معرض الكتاب والمشاركة به مجرد موضة أو تقليد عصري!
أهم معارض الكتاب
يُقام في هذا العالم الكثير من المعارض بشكل سنوي، إذا أنه لا توجد تقريبًا دولة في العالم لا تُنظم معرضًا خاصًا بها، حتى ولو كان معرضًا صغيرًا ومتواضعًا ففي النهاية هو لا يزال معرض كتاب، لكن أهم هذه المعارض، والتي تحظى بشهرة عالمية، معرض برلين، معرض لندن، معرض القاهرة الدولي للكتاب، معرض دبي، معرض جدة، معرض الدوحة، معرض بكين، والكثير من المعارض التي تتشابه كلها في كونها تجذب إليها فئة ليست بالقليلة من القراء ومتتبعي الثقافة بشكل عام، والواقع أنه ليس من العيب أبدًا ألا يكون هناك اكتفاء بزيارة المعرض المقام في دولتك فقط، وإنما سيكون من الجميل زيارة معرض الدول المُحيطة والاستمتاع بها، لكن أخيرًا دعونا لا ننسى أنه ثمة بعض المعارض الفرعية التي تُقام في مدن صغيرة وتكون على قدر كبير من الأهمية، على الأقل بالنسبة لسكان هذه المدينة.
ختامًا عزيزي القارئ، لا شك أنك بعد قراءة هذه السطور سوف تكون في شوق شديد إلى زيارة معرض الكتاب المقام ببلدك، وإن كنت قبل ذلك سوف تبحث بالتأكيد عن مواعيد المعرض الخاص بك وكيف من الممكن ترقبه والاستمتاع به، في النهاية، أنت الآن تُدرك قيمة مثل هذا الحدث ولن ترغب لاحقًا في تفويته، وهذا هو المهم.
أضف تعليق