زواج الأطفال هو جريمة لا محالة، والمشكلة أن نسبة زواج الأطفال في مختلف بقاع العالم ليست بالقليلة. وربما تقول نحن في القرن الواحد والعشرين وهذه العادات قد انقرضت ولكن الحقيقة أن زواج الأطفال لازال حقيقة مرعبة وخصوصاً في البلاد الفقيرة. ويكون السبب الرئيسي في البلاد الفقيرة، أن الرجل لا يكون لديه القدرة الكافية على كفاية أسرته مادياً من حيث الأكل والشرب والملبس. وفي نفس الوقت يكون لديه من أطفاله بضعة بنات تحت عمر الستة عشر عام، ومن المعروف أن سن البلوغ لدى الفتيات يبدأ في سن صغيرة. ومن هنا تأتي الفكرة أنه في عمر الثالثة عشر تقريباً يتقدم الخطاب للفتيات الصغار، لأن في هذا الوقت تكون قد أتت لهم العادة الشهرة، التي تكون بمثابة إشارة على نضوج الفتاة جسدياً. ولكن الكارثة هي أن عمر المتقدم للخطبة من الرجال يكون تقريباً من الثلاثون عام إلى الخمسون عام وأحياناً ستون وسبعون عام. والمشكلة الأكبر هي أن هذه الفتاة تكون أحياناً زوجة ثانية وأحياناً أخرى زوجة ثالثة.
لماذا يُعد زواج الأطفال جريمة لا تُغتفر ؟
التأثير النفسي على الفتاة
عزيزي القارئ دعني أقول لك أن الموضوع نفسياً على الأطفال يكون كارثي بالفعل. فزواج الأطفال ليس سوى آفة يجب أن نتخلص منها في هذا العالم، لأن البنات الصغار ليس ذنبهن أن يخترن حياتهن فهن ليس سلعة تباع وتشترى بسبب فقر أحدهم وغنى الأخر. الفتيات الصغار ضحية بكل المقاييس، ففي هذا العمر تكون الفتاة نضجت جزئياً جسدياً، ولكنها عقلياً لم تنضج، ومن لديه أطفال فتيات سيفهم ما نتكلم عنه هنا. في عمر الثالثة عشر تكون الفتاة مازالت طفلة، وعندما تأتي الدورة الشهرية لها يكون الموضوع مزعج ومخيف ولا سيما في البلاد التي ليست فيها توعية. فالفتاة تفاجئ بالموضوع لأنها لا تعلم أنه يحدث. ومن بعدها تفاجئ أن هناك رجل كبير في العمر سيتزوجها وهي لا تعلم ما هو الزواج من الأساس. وأعرف تجربة فعلية روتها لي سيدة عن أمها، التي تزوجت في عمر الثانية عشر وأبيها كان في الثلاثون من عمره. وقالت إن أمها كانت تلعب في الشارع في وقت الغداء، فكان يرجع الزواج ليجد زوجته تلعب مع الفتيات في الشارع فكان يضربها على ذلك.
نفسية طفلة مدمرة
الموضوع يكون سيء فعلاً فالفتيات الصغار في هذا العمر من المفروض أن تلعب وتدرس وتحلم، وتفاجئ البنت أنها أصبحت زوجة. زوجها يريد منها طلبات بصورة يومية هي تفاجئ بها في حياتها، وخصوصاً في العلاقات الحميمية. حيث الرجال يكونون ناضجين ومتفهمين للأمر في حين أن الفتاة لا تفهم أي شيء والأمر ينتهي إلى الاغتصاب عادة. ولذلك الطفلة تكون منهارة نفسياً وغير قادرة على تحمل كل الأعباء التي نزلت عليها مرة واحدة من تحضير أكل وغسيل ومسئولية تنظيف ومسئولية بيت. ومن ثم الهم الأكبر في مسئولية أطفال.
التعذيب والضرب
العنف ضد المرأة من ضمن المشكلات الموجودة في المجتمعات النامية والجاهلة عموماً، ولكن العنف ضد الزوجات الأطفال هو ما قد لا تعلمه. في كثير من المناطق مثل قارة أفريقيا ودول شرق أسيا، يضربون الفتيات الصغار المتزوجات حديثاً لهدف التربية الزوجية، وأنا أعلم أنه مصطلح غريب عنك. ومعناه هو أن الزوج يضرب زوجته الطفلة حتى يربيها على قواعد معينة هو يريدها أن تفعلها. فهو يعاملها على أنها طفلة وزوجة في نفس الوقت، طفلة فيما تريده هي وزوجه فيما يريده هو. وهناك تقارير عالمية أن هذا يحدث في بلاد كثيرة مثل أفغانستان وموريتانيا، أحياناً يصل الضرب إلى التعذيب للمتعة فقط. يعذب الرجل الطفلة ليشعر بنوع من أنواع المتعة، وهذا يعد من ضمن الأمراض النفسية التي يرعاها أب وأم الطفلة نفسها في زوج ابنتهم، لأنهم يرون أن هذا صحيح ونوع من أنواع التوعية للفتاة حتى تكبر وتصير عفيفة وسيدة لبيتها. ولأنه لا يوجد أي توعية في هذه المناطق فالفتيات تكبر على أن هذا هو الصواب، حتى عندما تصير الفتيات أمهات وبناتها تصير في مثل سن زواجها، فتزوجها لأن الأم نفسها حدث معها هذا. فعندما يحدث لبنتها بصورة متوالية جيل بعد جيل سيصير هذا عادة وتقليد وصواب.
طفلة تربي طفلة
زواج الأطفال يؤدي في الأخير أن البنات الصغيرات غالباً تحبل وتلد. ولكن الفكرة هنا أن هذا يكون في وقت مبكر جداً عن الطبيعي للفتاة، حيث أن السن الطبيعي للحمل وللولادة لجسد الفتاة هو الثامنة عشر. ولكن قبل ذلك يكون الموضوع أولاً خطر على الفتاة نفسها وعلى الجنين لأن الفتاة تكون في طور النمو، وجسدها يحتاج إلى أكل جيد جداً في هذا السن للنمو الخاص بجسدها هي فقط. فما بالك عندما يزرع داخل جسدها جسد أخر يحتاج إلى تغذية ونمو بشكل كبير في بيئة فقيرة نسبياً. بعد ذلك لو أن الفتاة ولدت بشكل طبيعي ولم تموت، فهي ستصير أم وهي طفلة، فتاة في الثالثة أو الرابعة عشر تربي طفلة وليدة. كل هذا غير موضوع الرضاعة التي غالباً تواجه معه هذه الفتيات مشكلات لعدم نمو الثدي بصورة كاملة في هذا الوقت. وعلى هذه الطفلة الزوجة أن تقوم بتربية طفل والاهتمام بزوجها وحاجاته ورغباته، الموضوع يصير مدمر للفتاة الصغيرة.
عدم وجود حياة أسرية
زواج الأطفال يجعل وجود حياة أسرية شبه مستحيل فأي شراكة ستصير بين شخص لديه ثلاثون عاماً أو أكثر مع طفلة في الرابعة عشر من عمرها؟ ثانياً، الأماكن التي تشجع على زواج الأطفال يكون المجتمع فيها ذكوري صرف، ولا يعترف بالمرأة أبداً إلا بعد أن تلد ذكر. وهذا أيضاً جريمة أخرى في حق المرأة عموماً. فهناك المرأة من صغرها حتى موتها تُستغل بصورة شاذة وعنيفة، فالرجل هناك لديه الحق الكامل في أن يفعل أي شيء في المرأة، ولو ردت عليه فمصيرها ليس الضرب بل الموت أو التشويه. ومثل هذه الدلائل موجودة على الشبكة العنكبوتية، سيدات تم حرقهن بماء ساخن لمجرد أنهن طلبن الطلاق، وغيرهن لمجرد أنهن رفضن عنف الرجل. الموضوع كارثي لأبعد حد ممكن، فبعد كل هذا كيف للأم أو الزوجة أن تكون عماد من عواميد الأسرة الطبيعية، بالطبع سيكون غير موجود فالمرأة للمتعة والخدمة فقط.
تقارير عالمية
في تحقيق لهيومان رايتس ووتش، عن البلاد الأتية: مالاوي وأفغانستان ونيبال وجنوب السودان وزيمبابوي واليمن، أن للزواج المبكر مخاطر كارثية مثل أنه يزيد من انتشار فيروس نقص المناعة المكتسبة “الإيدز”. أيضاً يتسبب في وقف تعليم الفتيات الصغار، فيعيق الفتاة من فهم حقوق المرأة تماماً. فتعيش الفتيات الصغيرات بين خوف وسجن من الناس طوال حياتها، بعد العنف والتعذيب للفتيات الصغيرات بسبب أجسامهن الضعيفة. اليونيسيف في 2009 عن وضع أطفال العالم قالوا، أن هناك خطر كبير على حالات الولادة للفتيات اللائي أقل من ثمانية عشر عام ونسبة وفاة الأطفال المولودة تتخطى ال60%.
أخيراً عن هذا الموضوع عزيزي القارئ، زواج الأطفال آفة فعلاً ويجب أن تدرك قيمتها وخطرها. ويجب أن تقوم بتوعية من يشجعون عليها في بلادنا العربية، فالأمر مازال موجوداً وليس ببعيد عنا بل نراه يومياً في المناطق الفقيرة والنائية.
أضف تعليق