كان روماتيزم الأعصاب ولا زال أحد الأمراض المستعصية التي لطالما أجهدت العلم والعلماء في سبيل مكافحتها والقضاء عليها والتخلص من آلامها وما قد ينتج عنها من أعراض وأمراض لا يتحملها الإنسان، فكما نعلم أن الأعصاب منتشرة بكل مكان في الجسم تقريبًا؛ ولذا يكون تأثير روماتيزم الأعصاب شاملًا لمناطق عديدة من الجسم مثل الجلد والعينين والرئتين والقلب والأوعية الدموية وغيرها، ناهيك عن الآلام المبرحة التي يعاني منها مريض روماتيزم الأعصاب في المفاصل والعظام وغيرها، الأمر الذي جعل المنظمات الطبية العالمية تولي جهدًا كبيرًا لفحص ودراسة هذه الحالة والعمل على تطوير العلاج لها على مدار الساعة في محاولات جادة لتسكين آلام من يعانون منه والحد من انتشار هذا المرض اللعين والعمل على رصده والقضاء عليه في مراحله الأولى خاصةً وأنه من الصعب اكتشافه في بداياته بسبب أن تأثيره يعود على مناطق وأعضاء مختلفة من الجسم ويصعب في بداياته التأكد مما إذا كان المريض مصاب بمرض روماتيزم الأعصاب حقًا أم لا.
استكشف هذه المقالة
ما هو روماتيزم الأعصاب؟
يعتبر روماتيزم الأعصاب أحد تلك الأمراض المرتبطة بالمناعة؛ إذ أنه يحدث عندما يصاب الجسم بالتهاب حاد في المفاصل ناتج عن مهاجمة الجهاز المناعي لأنسجة الجسم ذاته عن طريق الخطأ، مما يؤثر بشكل كبير في صحة أعصاب الجسم وتبدأ أولًا الأعصاب المرتبطة بمناطق المفاصل في التضرر ويعاني المريض من تورم في المفاصل وشعور بآلام حادة قد تتطور بمرور الوقت إلى تآكل في العظام ذاتها ولكن في مراحل متقدمة من المرض، وقد يمتد تأثير الضرر على الأعصاب للحد الذي تصاب فيه أعضاء الجسم المختلفة كالجلد والعينين والرئتين والقلب والأوعية الدموية، ورغم أن الطب الحديث متطور للغاية وقد عكف مئات العلماء والخبراء لدراسة تلك الحالات إلا أنه لم يتم مكافحته بشكل كامل ولا زال الكثيرون يعانون منه وتصل أضرار المرض حد الإعاقات الجسدية في حالات عديدة.
أعراض روماتيزم الأعصاب
تتعدد الأعراض الناتجة أو المدللة على إصابة الجسم بروماتيزم الأعصاب وذلك نتيجة انتشار الأعصاب في معظم أنحاء الجسم، وبالتالي تأثر أعضاء ومناطق عديدة بهذا المرض، ولعل أبرز أعراض الإصابة به ما يلي:
- شعور المريض بالإرهاق الشديد والتعب والإعياء دون ممارسة أية جهود مضنية يترتب عليها فتور وكسل وعدم القدرة على ممارسة أمور ومهام حياته اليومية.
- يتعرض المريض في أحيان عديدة للإصابة بفقر الدم كنتيجة مباشرة لروماتيزم الأعصاب، ويترتب عليه انخفاض كبير في وزن الجسم الذي يصاحبه فقدان في الشهية.
- يعاني مريض روماتيزم الأعصاب من الآلام الحادة والمبرحة في العظام والمفاصل التي تتعرض للتورم بمرور الوقت وتصبح معها الحركة متعبة ومؤلمة بالقدر الذي يتحاشى المريض معها ممارسة حياته الطبيعية.
- تلتهب الأعصاب بشدة وينتج عنها ارتفاع شديد في درجات حرارة الجسم وكذا الشعور بالإعياء والحمى المستمرة التي تطول لعدة أيام وتتكرر بشكل دوري.
- في مراحل متقدمة من المرض يتعرض المريض لاحمرار المفاصل وعدم قدرتها على الحركة حيث تحدث حالة من تصلب المفاصل لا سيما مفاصل الكتفين والركبتين والقدمين واليدين وأصابع كلتيهما كذلك، ويكون المريض في أسوأ حالاته خاصة في الصباح الباكر بعد فترة نوم طويلة أو بعد فترة طويلة من الراحة والاسترخاء.
- لا تقتصر أعراض روماتيزم الأعصاب على المفاصل فحسب، بل تنتقل كذلك لتشمل بشرة الجسم وأعضاءه المختلفة كالعينين والرئتين والقلب والكلى وبعض الغدد اللعابية ونخاع العظام والأوعية الدموية وبعض الأنسجة العصبية.
أسباب الإصابة بروماتيزم الأعصاب
إلى وقتنا الحالي لم يتوصل الطب بعد إلى سبب محدد وواضح للإصابة بروماتيزم الأعصاب، ولكن المعلوم للطب هو أن مرض روماتيزم الأعصاب يحدث حينما يهاجم الجهاز المناعي الجسم عن طريق الخطأ ويصيب الأنسجة والغشاء الزليلي ويؤثر سلبًا على بطانة الأغشية التي تحيط بالمفاصل تحديدًا، وهذا الالتهاب ينتج عنه تكثيف الغشاء الزليلي وإحداث أضرار حادة وتدمير كبير للغضروف والعظام داخل المفاصل المختلفة، وكذلك يؤثر على الأوتار والأربطة التي تتحكم في المفصل فتضعفه وقد يتآكل وبالتالي يفقد المفصل وضعه وحركته الطبيعية، وقد أجمع العلماء على أن هذا المرض ليس وراثيًا وأن الجينات البشرية ليست ناقلة لهذا المرض، ولكن احتملوا أن تكون العوامل البيئية المحيطة بالمريض هي المسبب الأول لذلك خاصة مع الوجود في بيئة تنتشر فيها العدوى ببعض الفيروسات والبكتيريا.
ورغم أن الطب لم يتعرف بعد على سبب واضح لذلك، إلا أنه أكد وجود بعض العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة بروماتيزم الأعصاب؛ حيث توصلوا إلى أن النساء هن الأكثر عرضة للإصابة به عن الرجال، وأن الإصابة به قد تحدث في أي عمر وليست مرتبطة بسن معين ولكن الأكثر انتشارًا للإصابة به هو ابتداءً من الأربعين وحتى الستين عامًا، كما أجمعوا على أن التدخين أحد أبرز العوامل المؤثرة على الإصابة بهذا المرض، كما لوحظ أن التعرض لملوثات محيطة يزيد من خطر الإصابة بروماتيزم الأعصاب؛ حيث أثبتت الدراسات تعرض عدد من عمال الطوارئ المعرضين للغبار والتلوث بشكل مستمر لهذا المرض، وكذلك من يتواجدون كثيرًا في مناطق تُسْتَخْدَم فيها المواد الكيميائية الخطيرة بقدر كبير، كما أن الأشخاص المصابون بأمراض السمنة هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض روماتيزم الأعصاب.
مضاعفات الإصابة بروماتيزم الأعصاب
للأسف الشديد لا يقتصر مرض روماتيزم الأعصاب على الأعراض الناتجة عنها سابقة الذكر والتي تصيب المفاصل والبشرة والعينين والرئتين وغيرها، بل في المراحل والحالات المتأخرة يكون هناك مضاعفات عديدة تزيد من آلام ومعانيات المريض ويصعب معها التحكم في الحالة ومكافحة المرض، ومن هذه المضاعفات ما يلي:
هشاشة العظام
وهي المرض الأخطر الذي يصيب العظام ويخشاه الجميع وهو قد ينتج عن الإصابة بمرض روماتيزم الأعصاب، ويحدث ذلك كنتيجة مباشرة لتأثير المرض ذاته بالإضافة لتأثير الأدوية والجرعات التي يتلقاها المريض بشكل دوري لعلاج ومكافحة روماتيزم الأعصاب في المفاصل وباقي أعضاء الجسم، وكنتيجة لهذه الهشاشة تكون العظام أكثر عرضة للكسر.
جفاف العين والفم
وهي ما تسمى بمتلازمة سجوجرن والتي تتسبب في اضطرابات كبيرة في الجسم والحواس تحديدًا وتؤدي لأن يكون المريض أكثر عرضة للجفاف وانعدام الرطوبة في الفم والعينين، وما يترتب على ذلك من أضرار.
إضعاف الجهاز المناعي
ولأن مرض روماتيزم الأعصاب هو ناتج في الأساس كنتيجة مباشرة للتحركات المناعية المغلوطة تجاه الجسم، وبالتالي يكون العلاج مناهض لتلك الحالة المضطربة للجهاز المناعي، فإن تأثيراته تكون مباشرة كذلك على الجهاز المناعي؛ الأمر الذي تزيد معه احتمالية إصابة الجسم بالعدوى من أية ميكروبات أو فيروسات منتشرة في البيئة المحيطة أو زيادة احتمالية الإصابة بأية أمراض معدية بمجرد مصاحبة مريض ما.
مشاكل القلب
يعتبر روماتيزم الأعصاب أحد أهم العوامل المؤثرة سلبًا على كفاءة عمل الشرايين التي تتأذى جرَّاء ذلك وتتعرض للتصلب في أحيان عديدة، وما ينتج عنها من مشاكل عديدة في عضلة القلب.
أمراض الرئة
من أشهر مشكلات الرئة هي ضيق التنفس وما قد يصاحبه من إغماءات وأضرار مباشرة على القلب الذي يتعرض لتحجيم في وصول الأكسجين إليه، وذلك كله نتيجة تأثير مضاعفات روماتيزم الأعصاب على أنسجة الرئة وإصابتها بالتهابات حادة.
سرطان الغدد اللمفاوية
كما تتعرض الغدد اللعابية للإصابة نتيجة التهاب الأعصاب، فإن الغدد اللمفاوية كذلك تصاب وتلتهب كثيرًا، مما يؤدي بشكل مباشر مع مرور الوقت إلى زيادة خطر الإصابة بأورام وسرطانات الغدد اللمفاوية.
علاج روماتيزم الأعصاب
بكل أسف لم يصل الطب بعد إلى علاج شامل ونهائي لمرض روماتيزم الأعصاب، ولكن في سبيل مكافحة المرض فإن الطب توصل لعلاجات عديدة يمكنها تقليل مضاعفات المرض والسيطرة عليه من خلال تناول المسكنات المختلفة وخاصة استخدام الكورتيزون بالإضافة للراحة التامة، ولا شك أن أدوية الكورتيزون تؤثر كثيرًا على الجسم بأعراض أخرى جانبية إلا أنها من باب أخف الضررين طبيًا تكون هي الحل الأمثل لتخفيف آلام روماتيزم الأعصاب، ولكن يراعى مع ذلك التدرج في تخفيض الجرعة العلاجية على مدار أشهر العلاج، بالتوازي مع مراقبة المرض طول الوقت وعلى مدار الساعة لملاحظة أية تغييرات قد تطرأ عليه خاصةً وأن المرض قد يصيب أية أعضاء وأجهزة في الجسم بشكل غير مباشر، وهذا بالطبع يحتاج لتعاون كبير من أفراد أسرة المريض.
وفي سياق علاج المرض كذلك يُنْصَح بضرورة تضافر الجهود والتعاون المباشر ما بين كل من العلاج الكيميائي والعلاج الطبيعي وذلك باستخدام الأجهزة والمعدات الرياضية والطبية والتأهيلية المختلفة التي تساعد على تقليل الضغط حول مفاصل الركبة وغيرها من المفاصل كالكتفين والذراعين والعظام المختلفة التي تتأثر بأعراض ومضاعفات روماتيزم الأعصاب.
علاج روماتيزم الأعصاب بالأعشاب
رصد الطب الحديث أكثر من 120 نوعًا من الروماتيزم من أشهرها الروماتيزم الالتهابي الذي يحدث نتيجة إصابة الجهاز المناعي أو التعرض لالتهابات ميكروبية، والروماتيزم غير الالتهابي والذي يحدث نتيجة السكون أو الحركة في وضعيات غير مريحة ونتيجة التهابات العضلات والأوتار والمفاصل وغيرها، وهذه الأنواع كلها تختلف من حيث شدتها والقدرة على علاجها، ولكن توصل الأطباء إلى أن هناك مجموعة من الأعشاب تتسم بصلاحياتها الشديدة للغاية في التخفيف من آلام الروماتيزم وتخفيف حدة تطوره ومضاعفاته بشكل أو بآخر، ومن هذه الأعشاب ما يلي:
خليط الزنجبيل والكركم
يعرف الزنجبيل باحتوائه على مادة الزنجيبين وهي المادة المعروفة طبيًا بخواصها المسكنة للآلام والتي تخفف كثيرًا من تشنجات العضلات، كما أن الزنجبيل يحتوي على مادتي الجنجرول والشاجول وهما اللتان تتميزان بقدرتهما الفائقة على علاج التهاب المفاصل، أما الكركم فهو من المضادات القوية للالتهابات، ولذلك نجد أن خليط الزنجبيل والكركم يساهم كثيرًا جدًا في علاج روماتيزم الأعصاب، وينصح في سبيل ذلك بخلط كميات متساوية من الكركم والزنجبيل ووضعها في كمية مناسبة من الماء ثم غليها على النار، وبعدها يُشْرَب من الخليط مرتين يوميًا صباحًا ومساءً.
عشب القريص
ويعتبر القريص أحد أهم النباتات التي أثبتت فعاليتها في تخفيف حدة الروماتيزم بأنواعه المختلفة، ويسهم كثيرًا في تسكين الآلام وتضميد الالتهابات والحد من تأثيراتها المزعجة على الجسم.
عشب البردقوش
يعتبر البردقوش من الأعشاب المسكنة لآلام المفاصل والعضلات، ولذلك يستخدم شرابه كثيرًا في علاج الروماتيزم والتخفيف من حدته، ولذلك يُنْصَح الأطباء دومًا بإحضار مجموعة من أوراق البردقوش وغليها في إناء ماء على النار، وبعدها يتم الحرص على تناوله بشكل دوري ثلاث مرات يوميًا والاستمرار في هذه الجرعات لمدة أسبوع على الأقل للقضاء بشكل كبير على آلام العظام والمفاصل.
مما سبق نستنتج أن آلام روماتيزم الأعصاب من الأمراض المزمنة التي من الصعب الاستشفاء منها بشكل كامل طوال العمر، ولكن الطب توصل لبدائل عديدة ما بين كيميائية وطبيعية لتخفيف حدة آلامه والقضاء على الالتهابات التي يحدثها في الجسم والعظام والمفاصل، مع الحرص التام على الابتعاد عن مسببات هذه الحالة كالتدخين والتلوث، وفي السياق ذاته لا يجب إهمال تناول أطعمة الحديد وغيرها من العناصر المنشطة والمقوية لجهاز المناعة مع تناول الأعشاب المساعدة على تخفيف حدة التهابات المفاصل وتسكين الآلام.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
أضف تعليق