رمضان زمان وحالة رمضان زمان من أكثر الأشياء التي نرثيها دائما في جلساتنا وما أن نأتي بسيرة رمضان في الماضي إلا ونجد حالة من الحنين الجارف للرمضانات السابقة، فهل هي حالة من النوستالجيا فقط تجتاحنا أم أنها وهم خصوصًا أن كل ما يختص برمضان من أساسيات يقوم عليها الشهر موجود بالفعل وربما تطور أيضًا فهل هذا يجعلنا نقلع عن فكرة أن رمضان زمان أحلى أم أننا نصر على هذه الفكرة حتى رافضين مناقشتها؟ الحقيقة هناك عدة تطورات قد حدثت وجعلت رمضان يفقد بعضا من صفاته السائدة لكن هناك أشياء أخرى قد اكتسبت، ولكن هل هذا يجعل رمضان زمان أحلى بشكل حقيقي؟
استكشف هذه المقالة
القديم دائما أحلى
إن المسألة ليس لها علاقة كبيرة بحالة رمضان زمان وكونه أحلى في المطلق أم لا، إن الموضوع يتعلق بأن كل ما هو قديم بالضرورة أحلى، إنك ربما قد تحن لرمضان الفائت عن رمضان الحالي، لا ريب أن هناك أشياء قد تغيرت ولكن ترى دائما الأوقات التي حدثت وانتهت أفضل بكثير مما أنت فيه الآن وبهذه الآلية ستجد في رمضان القادم أن رمضان الحالي أفضل بكثير، لا لشيء ولكن لأننا لا ندرك الأوقات السعيدة إلا عندما تمر ولا نشعر بقيمتها إلا بعد مضيها، ومن هذا المنطلق سنجد دائما أن القديم دائما أحلى وأي رمضان فائت هو بالضرورة أفضل بكثير من رمضان الحالي.
فقدان اللمة والعائلة في رمضان زمان
ما يفرق رمضان زمان عن رمضان الحالي أنك تفتقد اللمة والعائلة مغتربا كنت أم مقيما فلا ريب أنك ستفتقد لمة العائلة، الراحلين الذين ذهبوا والآخرين الذين تزوجوا، أو كونك كنت العام الفائت في المنزل تستمتع بدفء العائلة بينما هذه السنة أنت في الغربة تفطر وحيدا وتتسحر وحيدا وتجلس تشاهد المسلسلات وحيدا أو ربما تذهب للعمل بعد الإفطار بدلا من زيارات العائلة وصلاة التراويح أو الجلوس مع الأصدقاء حتى السحور، أو إن كنت أبا وأبناءك قد تزوجوا وأصبحوا يفطرون مع زوجاتهم واستقلوا بحياتهم فإنك بالطبع ستشعر أن رمضان زمان كان أفضل بكثير وفي حالتك هذه لا ريب أن رمضان زمان كان أفضل بالفعل.
كنا صغارا ولا نلقي بالا
رمضان زمان كنا فيه صغارا خصوصًا أن أشد ما نفتقر في رمضان هو رمضان الطفولة الذي كنا نفرح به بشكل مضاعف خصوصًا أننا لا نصوم ونأخذ من رمضان كل مزاياه خصوصًا الطعام الرائع والشراب المتواصل والأفلام الكارتونية والأعمال الفنية الرمضانية خصوصًا مع حرص التلفزيونات زمان على توفير وجبة المشاهدة للصغار بشكل مكثف، فضلا عن أنك تنام وقت ما تشاء أو تستيقظ حتى السحور وتلعب مع رفاقك، أما الآن فأنت كبير ومسئول وعليك بتوفير المال المضاعف من أجل سد احتياجات الشهر الفضيل غير أن شعورك بالإرهاق مقابل حاجتك للعمل وشوقك للكافيين والنيكوتين يجعل الأمر لا يطاق بالنسبة لك إذًا لا شك في أن رمضان بالنسبة لك كان أفضل لأنك كنت صغيرا.
رمضان الصيفي متعب بالفعل
لا ريب أن تعاقب شهر رمضان في فصل الشتاء منذ أعوام جعلنا نحب فصل الشتاء خصوصا مع قصر ساعات الصوم لقصر نهار الشتاء وعدم حاجتنا للماء وانعدام العطش وقت الصيام بالإضافة لجوع الشتاء المضاعف والذي يجعلنا نستمتع بالطعام على الإفطار بشكل أكبر مما يعني أن رمضان زمان كنا ننتظر الإفطار فيه كمكافأة وكلحظة نضج الطعام الذي ننتظر نضجه منذ فترة طويلة، أما رمضان الصيفي فأصعب بكثير لأن العطش يبدأ فيه بمجرد الاستيقاظ فضلا عن أن الحركة تجعلك تتعرق أكثر وتخسر الكثير من المياه التي في جسمك مما يزيد من حدة العطش، فضلا عن زيادة مدة الصوم لساعتين أو أكثر وعندما تفطر فإنك تزهد في الطعام مقابل شرب الماء والعصائر بالتالي تفقد شهيتك نحو الأكل مما يصيبك بالضيق ومع تقلص الساعات التي بين الإفطار والسحور تجد أن رمضان أصبح طويلا جدا بالتالي تشعر أن رمضان لم يعد أبدا مثلما كان في الماضي.
افتقاد شعور اجتماع العائلة لمشاهدة المسلسل
هناك أشياء عدة افتقدناها بالطبع في رمضان الآن جمّلت لنا رمضان زمان وجعلته أفضل وأهمها هي افتقاد شعور اجتماع العائلة بأكملها لمشاهدة المسلسل المفضل وهذا بالفعل ما تغير عن الأيام السابقة حيث حتى مع وجود العائلة ولم شملهم فإن زيادة عدد المسلسلات فوق الطبيعي وزيادة الإعلانات في التلفزيون لما فوق الاحتمال يجعل إجماع كافة الآراء على مسلسل واحد أمر شبه مستحيل، كما أن تفضيل أفراد الأسرة لمشاهدة مسلسلهم المفضل على الإنترنت في الوقت الذي يريدونه يحول بين تحقيق هذا الوضع، من جهة أخرى أيضًا فإننا نفتقد لرمضان زمان بكل تفاصيله خصوصًا الأعمال الفنية التي تربينا عليها وكنا ننتظر أجزاءها من العام للعام مثل ليالي الحلمية وطاش ما طاش ومسلسلات غوار السورية وضيعة وغيرها، كل هذه الأعمال شكلت إحدى أهم عناصر بهجة رمضان، وزوالها يعني زوال هذه البهجة.
الأحوال الاقتصادية السيئة
لا شك أن الأحوال الاقتصادية السيئة التي طرأت مؤخرا والتي تجعلنا نكافح للوصول لحال متوسط في رمضان يجعلنا نشعر أن رمضان زمان كان أفضل بكثير ولا شك أن تلك الأحوال الاقتصادية المتردية التي تغطي العالم العربي بأكمله جعلت هناك نقصا في السلع وغلاء في الأسعار مما نتج عنه أن رمضان أصبح من الهموم الاقتصادية التي تقاومها الأسرة العربية بالتالي من الطبيعي والمنطقي أن نشعر أن رمضان زمان الذي كان يشهد أحوال اقتصادية أقل سوءا فضلا عن أننا لم نكن أرباب أسرة ولم نكن نشعر أساسا بالعبء الاقتصادي الذي كان يثقل كاهل الأسرة من أجل توفير حاجات رمضان الأساسية والسلع الغذائية التي نحتاجها في هذا الشهر ففي كل الأحوال رمضان القديم أفضل بكثير.
التحديثات التي طرأت على شكل رمضان مؤخرا
نقول وبكل أمانة أن الإنسان دائما يحن إلى القديم طالما زال، وينفر من الجديد الذي تم استبداله مهما كان جيدا، كل شيء تربينا عليه وألفنا إليه هو بالضرورة شيء رائع وكل شيء جديد ومستحدث لم يكن موجودا من قبل هو بالضرورة شيء سيء ولا قيمة له، بالتالي لا ريب أن الأشياء التي من نوعية الخيام الرمضانية والحلويات الغريبة والعادات الحديثة التي طرأت على رمضان جعلتنا نحن لأيام رمضان زمان الذي كان قديما ونفكر أن هذه الأشياء هي السبب فيما وصلنا إليه من رمضان الفاتر منزوع البهجة والفرحة التي كنا نجدها في السنوات السابقة.
لا شك أن رمضان زمان كان أفضل لعدة أسباب منها ما هو موضوعي أي له تبريرات منطقية حقيقية مطلقة ومنها ما هو ذاتي أي أن شعورنا به فقط هو الذي تغير لتغير وضعنا الحالي أي أن ما تغير هو حالتنا نحن وليس رمضان لأن الزمن لا يتغير، ما يتغير حقا نفوسنا ومشاعرنا وأحوالنا التي تضيف مذاقا مختلفا لكل ما نمر به مهما كان روتينيا ومعتادا.
أضف تعليق