دعم المدمن واجبٌ على كل فرد يعي خطورة الإدمان وعواقبه المدمرة للفرد والمجتمع. وتزداد الحاجة إلى هذا الدعم حينما يصبح أحد أفراد الأسرة مدمنًا؛ حيث ينبغي أن يتكاتف جميع أفراد الأسرة من أجل دعم هذا المدمن وانتشاله من مستنقع الإدمان الذي سقط فيه. ولا شك أن الإدمان يُعد خطرًا كبيرًا ذا تأثير سلبي على المدمن نفسه وعلى عائلته لأنهم يعانون من تصرفاته الناجمة عن إدمانه والتي تعود بالضرر على الجميع سواء من الناحية الصحية أو المادية. ومن أجل إنقاذ هذا الموقف المعقد يجب على أفراد الأسرة أن يدركوا أن دعم المدمن أمر مهم للغاية في سبيل العلاج وأن هذا الدعم هو كل ما يحتاج إليه المدمن ليبدأ رحلة العلاج الطويلة. وفي السطور التالية نستعرض أهم الخطوات التي يجب اتباعها من أجل دعم المدمن في إطار الأسرة.
أفضل أساليب دعم المدمن حتى التعافي
دعم المدمن من خلال التثقيف وجمع المعلومات
يجب على الشخص الحريص على دعم المدمن أن يقوم بثقيف نفسه أولاً وأن يجمع المعلومات التي تعينه على مساعدة المدمن بحيث يستطيع التعامل مع الأمر بوعي وإدراك. وفي النقاط التالية نوضح أهم السبل والمصادر التي يمكن أن تزوده بالمعلومات المهمة:
- شبكة الإنترنت: هناك بعض المواقع الإلكترونية التابعة للمؤسسات المتخصصة في مكافحة الإدمان التي تقدم المعلومات المفيدة حول طبيعة الإدمان وتشرح باستفاضة كل التفاصيل ذات الصلة بالأسباب والأعراض وسبل العلاج المتاحة، فضلاً عن بعض الإرشادات الموجهة إلى الشخص القائم بالدعم لتساعده في مهمته.
- الاستفادة من ذوي الخبرات السابقة: يمكن اللجوء إلى المدمنين السابقين الذين عانوا يومًا ما من الإدمان لمعرفة ما الذي يشعر به المدمن وما الأمور التي يحتاج إليها من أجل أن يجتاز محنته. ويمكن أيضًا استشارة الأفراد الذين كانوا يحيطون به ويساعدونه في أثناء إدمانه للإطلاع على الإجراءات التي كانوا يتخذونها معه من أجل التغلب على هذا الأمر.
- التوجه بالسؤال إلى الأخصائيين: هناك الكثير من الأخصائيين في مجال علاج الإدمان الذين يمكن اللجوء إليهم مباشرة وسؤالهم حول كيفية دعم المدمن ومساعدته عن طريق أفراد الأسرة. وبطبيعة الحال يُعَد هذا المصدر هو الأهم نظرًا لموثوقية المعلومات المستقاة منهم والتلقي المباشر عنهم ما يتيح الفرصة لطرح المزيد من الاستفسارات والأسئلة وفقًا لمشيئة واحتياج الشخص السائل.
التعامل الفعال والإيجابي مع المدمن
من الممكن دعم المدمن عن طريق التعامل معه بأسلوب فعال وإيجابي يشعره بالتكاتف والتعاضد والتضامن من جانب بقية أفراد أسرته حيث يساعد ذلك الإحساس على اجتياز خطر الإدمان والشعور بالدفء والحميمية والدعم ما يزيد من عزيمته وإصراره على الإقلاع عن الإدمان. وهنا بعض التقنيات التي يوصَى بها عند التعامل مع المدمن مثل:
- الحديث التحفيزي: لا شك أن الحث والتحفيز على التوقف عن التدخين من الأمور الفارقة التي يمكن تساهم في إقلاع المدمن عن التدخين لا سيما إذا تم تنفيذ ذلك بالأسلوب الصحيح ما يضمن في النهاية أثرًا جيدًا ونتيجة إيجابية. إن التحدث عن الأمل والجدوى من العلاج أمر ضروري سوف يشجع المدمن على سرعة التعافي. ومن ثَمَّ لا بد من زرع بذرة التغيير أولاً في نفس المدمن حتى تنمو وتكبر وتصبح سلوكًا محسوسًا. وبطبيعة الحال، تزداد فعالية هذا الحل إذا كان الشخص المتحدث للمدمن من أقرب الأشخاص إليه لأن ذلك يساعد على سهولة اقتناعه وسرعة استجابته لهذا التحفيز.
- الاحتواء والتضامن: يجب على الأفراد القائمة على دعم المدمن ألا يُشعروا المدمن بالكره والنبذ والعار، بل العكس هو المطلوب؛ حيث يجب احتواء المدمن ومحاولة إعادة دمجه مجددًا في الأسرة وإشراكه في الحياة الطبيعية الجماعية بكل تفاصيلها لأن ذلك من شأنه تعزيز الجوانب الإيجابية لدى المدمن وتقوي من إحساسه بالانتماء إلى كيان جمعي يحبه ويحرص عليه ما يؤدي إلى حثه على العودة إلى وضعه السابق قبل السقوط في بئر الإدمان.
البحث عن طرق العلاج المناسبة والمجدية
إن دعم المدمن يتطلب البحث عن طرق العلاج المناسبة. وبناءً على تقدير الشخص القائم بالدعم وإدراكه للمرحلة التي يمر بها المدمن يمكنه تحديد النوع المناسب من العلاج. وفي النقاط التالية يمكن تصنيف طرق العلاج على النحو التالي:
- العلاج السلوكي: يهدف هذا العلاج إلى التعامل المباشر مع المدمن بهدف تقويم سلوكه وإعادة صياغة المفاهيم في عقله ما يؤدي إلى تعديل السلوك بشكل إيجابي. ويتم ذلك من خلال خلال جلسات منتظمة سواء كانت جلسات فردية أو جماعية مع أفراد الأسرة من أجل الشد من أزر المدمن وزيادة وعيه بشأن خطر الإدمان وتشجيعه على ضبط النفس والسيطرة على رغباته ومقاومتها.
- العلاج الدوائي: إذا كانت حالة المدمن متفاقمة ولن تستطيع الأنواع الخفيفة من العلاجات تحقيق الهدف منها يمكن حينئذٍ التفكير في الاستعانة بالخدمات الطبية المتخصصة مثل إيداع المدمن في مصحة متخصصة في علاج الإدمان حيث يخوض برنامج خاص مصمم من أجل علاج الإدمان والتعامل مع الآثار الانسحابية والتخلص من السموم بطريقة علمية. ويعمد هذا النوع من العلاج على تحديد نوع المخدر الذي يتعاطاه المدمن والكمية التي اعتاد عليها حيث يتم التقليل من الجرعة بالتدريج والبدء في التخلص من آثار المادة المخدرة بشكل ممنهج وعلمي.
- ومن الممكن أن يصاحب هذا العلاج إشرافٌ نفسي بهدف مراقبة حالة المريض من الناحية النفسية والعقلية ومعالجة أي اضطراب قد ينشأ في أثناء العلاج الدوائي.
الدعم العائلي في أثناء العلاج
إن دعم المدمن نشاط مستمر وطويل المدى يحتاج إلى الكثير من الصبر والمثابرة من أجل أن يحقق هدفه، لذلك يجب أن يستمر الدعم من جميع أفراد الأسرة حتى في المراحل المتأخرة من العلاج لأن ذلك من شأنه أن يساعد على تحسين حالة المدمن وزيادة فرصة شفائه. ويمكن أن يتم ذلك من خلال مداومة الزيارة في المصحة أو مركز إعادة التأهيل باستمرار، وتفعيل سبل التواصل معه وتجنب توجيه أي لوم أو عتاب له لأن الشعور بالذنب قد يؤدي إلى نتائج سلبية. ومن ناحية أخرى يجب التواصل مع الطبيب باستمرار لمتابعة تطور الحالة والوقوف على آخر المعطيات والنتائج. وإذا كان المدمن لا يعاني من اضطرابات لا تجعله في حالة هياج أو عدوانية، يمكن الاستعانة بأطفال الأسرة الصغار من أجل تغيير نظرة المدمن للأمور ويدرك أن ثمة أمل ومستقبل وحياة أخرى تنتظره.
وهكذا يتضح أن دعم المدمن سلوك نبيل لا سيما إذا بدر من أفراد أسرته. على المجتمع أن يعي أن المدمن ليس مجرمًا بل هو ضحية الظروف السيئة التي ألقت به في سبيل الضلال والانحراف، ومن ثم يجب عدم التعامل معه بصفته مجرمًا أو مخالفًا للقانون بل يجب تقديم المساعدة له وحثه على الإقلاع عن الإدمان وعلاجه بشتى الطرق المتاحة من أجل أن يتجاوز محنته ويعود فردًا طبيعيًا في عائلته ومواطنًا صالحًا في مجتمعه. إن الأسرة الواعية هي التي تحاول احتضان ابنها المدمن وتسعى جاهدةً من أجل إعادته إلى المسار الصحيح وفي سبيل ذلك عليها إدراك ما سبق ذكره واتباع النصائح والإرشادات المذكورة أعلاه.
أضف تعليق