ختم القرآن في رمضان من العادات الطيبة جدًّا التي نقوم بها خلال هذا الشهر الكريم، فهي جزأ لا يتجزأ منه، وكل شخص يقوم بعمل هذه العادة بطريقته الخاصة. فتجد أن هناك من يختم القرآن مرة واحدة، وهناك من يفعل ذلك أكثر من مرة خلال الشهر، فهذا الاختلاف يحدث طبقًا للفوارق في الإمكانيات بين الأشخاص، وكذلك رؤية كل فرد للموضوع، وللوقت المتاح. لكننا نتفق على أنه من الضروري القيام بهذا الأمر في رمضان، كأنه شيء يفرضه الإنسان على نفسه داخليًا. وفي هذا المقال سوف نتحدث عن ختم القرآن في رمضان والكيفية التي تمكنك من فعل ذلك بأفضل شكل ممكن.
استكشف هذه المقالة
ختم القرآن في رمضان
قبل أن نتحدث أكثر عن كيفية ختم القرآن في رمضان بقدر أكبر من الاستفادة، أريد الحديث عن مسألة هامة جدًا، وهي أن عدد مرات ختم القرآن تعتبر مقياس لمدى الاستفادة. في الواقع فإن مسألة ختم القرآن في رمضان لا تعتمد على العدد، ولكن على الجودة التي تقوم بتحقيقها في الموضوع. فقد تقوم بختم القرآن مرة واحدة، لكنك تفعل ذلك بتدبر وتفكر، فتكون الاستفادة أكبر بالنسبة لك.
لا أريدك أن تفهم من هذا الكلام أنني أسألك ختم القرآن في رمضان مرة واحدة فقط، لكنني أطلب منك أن تركّز على مسألة التفكر والتدبر في قراءة القرآن. فإن كان بإمكانك فعل ذلك أكثر من مرة، مع الحفاظ على التدبر والتفكر، فهذا شيء رائع بالطبع. لكن إن شعرت بأن هناك تداخل قد يحدث، فإن الحل الأفضل في هذه الحالة هي أن تقوم بالتركيز على ختم القرآن في رمضان مرة واحدة، مع تطبيق التفكر على هذه الختمة.
التفكر والتدبر
أنزل الله القرآن لنا لكي نقرأه ونتدبر فيه ونفهم آياته وأحكامه، ولكي يحدث ذلك، فإننا بحاجة إلى قدر كبير من الفهم للآيات. وهذا الفهم يمكنك الوصول إليه بتطبيق منهجية للتفكر في القرآن. منهجية تعني طرق البحث والدراسة، وبالتالي منهجية التفكر في القرآن تعني طرق البحث والدراسة في القرآن الكريم، وبالتالي وجود هذه المنهجية يمكننا من تحقيق مبدأ التفكر الذي نسعى إليه وإلى وتطبيقه بأفضل صورة ممكنة. تطبيق هذه المنهجية أثناء عملية ختم القرآن في رمضان سوف يجعل قراءتك للقرآن أكثر فائدة، وستجد نفسك أكثر فهمًا للآيات والمعاني الواردة بها.
التفكير الأولي ثم التفسير
من الأشياء الهامة التي يجب أن تصحبك أثناء قراءة القرآن، هي وجود مصدر للتفسير يمكنك قراءته لمعرفة تفسير الآيات التي تقرأها. يوجد العديد من كتب المفسرين الذين يمكنك القراءة لهم، مثل ابن كثير والطبري. لكن هناك شيء هام جدًا، حيث أنك تبدأ قراءة القرآن قبل التفسير بالطبع، وهو أن تقوم بتحديد رؤيتك الأولى حول معنى الآية، وما الذي وصلك منها بالضبط، ثم بعد ذلك تقرأ ما ورد في التفسير وتقارن بين الاثنين.
وهذا سيساعدك على ختم القرآن في رمضان بفهم أكثر كما ذكرنا، لأنه سيجعلك مدركًا للمعاني المذكورة في القرآن، والقصص الواردة به. عند قراءة التفسير يمكنك التركيز على بعض الأشياء الهامة. أول هذه الأشياء هي موقف نزول الآيات، حيث أن القرآن لم ينزل جملةً واحدة على الرسول، بل نزل خلال فترة الدعوة، وبعض الآيات نزلت في مواقف محددة. ثاني هذه الأشياء هي القصص الواردة في الآيات، والعظة والحكمة المستخلصة منها. وثالث هذه الأشياء هي الأحكام المفروضة من الآية، والتي ينبغي عليك الالتزام بها.
كل هذه الأشياء ستجدها أثناء قراءتك للتفسير، والتفرقة بينها يساعدك على التركيز أثناء ختم القرآن في رمضان بسبب محاولتك لإدراكها أثناء القراءة وأثناء البحث في التفسير.
التدوين
في اعتقادي التدوين أثناء قراءة القرآن أمر مطلوب جدًا، لأنه يمنحك القدرة على استيعاب الآيات الحالية بصورة أفضل، بجانب أن ما قمت بتدوينه يمكنك استخدامه مستقبلًا، فهي مثل المرجعية الشخصية التي يمكنك العودة إليها لمعرفة ما قمت بكتابته حول هذه الآيات.
ولذلك فإن ختم القرآن في رمضان يجب أن تصاحبه عملية التدوين للأشياء التالية:
- تفسير الآيات بالجوانب الثلاثة التي ذكرناها في الفقرة الماضية، مع الحرص على توضيح الفارق أثناء كتابتك.
- وأيضًا التدوين يجب أن يشمل رؤيتك المبدئية للآيات أو التفكير الأولي، بحيث يمكنك مقارنة تطور فهمك للآيات مع الوقت.
- كما أن هناك عنصر آخر أحب كتابته، وهو المعاني الجديدة التي لم أكن أعرفها من قبل، فالقرآن يمكنك الاستفادة منه في زيادة حصيلتك اللغوية بشكل كبير جدًا.
- وإن كنت أحد محبي النحو، فيمكنك كذلك أن تقوم بتدوين الإعرابات الجديدة التي تعلمتها، وستجد هناك بعض المواقع توفر لك إعراب كامل لآيات القرآن الكريم.
- كما ذكرنا فإن الغرض من ختم القرآن في رمضان هو التفكر في الآيات، فإن آخر شيء يمكنك تدوينه هو الرسائل التي خرجت بها أثناء القراءة، لأن القرآن يمكنه أن يمنحك رسائل تحيا بها، فقط يعتمد ذلك على قدرتك على إدراك هذه الرسائل. هذه الرسائل ليست تفسير آخر للآيات، لكنها فهمك والمعنى الذي استخلصته بناءً على الآية وتفسيرها.
متى تقرأ القرآن في رمضان؟
السؤال الآن هو كيف يمكنك تحديد عدد مرات ختم القرآن في رمضان التي تناسبك، سواءً مرة واحدة أو أكثر. في الواقع الأمر يعتمد على قدراتك وإمكانياتك كما ذكرنا، فهناك من يرتبطون بامتحانات حاليًا، وهناك من يلتزم بعمل معين، فكل هذه الأشياء تتحكم في عدد المرات.
لكن هناك أيضًا الأوقات التي يمكنك الاستفادة منها في قراءة القرآن. الغرض من اختيار هذه الأوقات هي أن يكون تركيزك في أفضل حالاته أثناء القراءة، حتى يمكنك فهم الآيات بأفضل صورة ممكنة، وكذلك تطبيق ما ذكرناه عمّا يجب أن يصاحب ختم القرآن في رمضان في الفقرات السابقة.
بالنسبة لي التوقيت الأفضل للقراءة هو بعد الفجر مباشرةً، فأنت لم تشعر بأي جوع أو عطش بعد، وكذلك قدرتك على التركيز عالية، كما أن هذه الفترة يوجد بها راحة نفسية كبيرة. هناك توقيت آخر أثناء الصيام وهو الفترة ما بين العصر والمغرب. على الرغم من أن الإرهاق قد يكون قد بلغ درجة كبيرة في هذا الوقت لمن يرهقه الصيام، لكنها اختيار جيد لمن يعملون في وظائف تتطلب الاستيقاظ المبكر، فتكون هذه الفترة متاحة لهم للقراءة.
كذلك من الأوقات الجيدة من أجل ختم القرآن في رمضان هي فترة ما قبل السحور، فأنت بعيد عن الخمول الذي قد تشعر به بعد تناولك الإفطار، وأيضًا تضمن تواجدك في المنزل، على عكس فترة ما بعد صلاة التراويح التي يخرج بها الناس لتأدية المطلوب منهم.
ختم القرآن في رمضان من الأنشطة الهامة جدًا التي يحتاج إليها كلٍ من عقلك وقلبك، فهذا النشاط يساعدك على الاستمتاع برمضان، وتحقيق أكبر قدر ممكن من الفائدة خلاله. فاحرص دائمًا على أن تقوم به خلال رمضان، لكن تذكر الالتزام بما ذكرناه في هذا المقال، وتذكر أيضًا أن المهم هو الجودة لا العدد فقط.
أضف تعليق