تعرف حمى البحر الأبيض المتوسط على أنها مجموعة من الالتهابات التي تسبب اضطرابات عديدة داخل الجسم تتمثل في ظهور أعراض مختلفة على رأسها الحمى والتهابات البطن والرئتين وكذلك المفاصل، عرفت حمى البحر الأبيض المتوسط بذلك الاسم وذلك بسبب انتشارها كأحد الأمراض الوراثية التي تنتقل بين أفراد العائلة الواحدة وبالأخص بين الأشخاص الذين يسكنون في المناطق الساحلية المطلة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط شاملاً ذلك السواحل العربية الأفريقية وسواحل بلاد الشام كفلسطين والسواحل الأوروبية كإيطاليا واليونان، كما تسجل بعض أعداد الإصابات بتلك الحمى في أجناس أخرى كالأتراك ولكن ليس بالكثافة المعتاد عليها في دول حوض البحر المتوسط.
تتمثل خطورة حمى البحر الأبيض المتوسط في كونها أحد تلك الأمراض التي تظل مصاحبة للمريض طيلة فترة حياته، فعادة ما يكتشف ذلك المرض ويتم تشخيصه مبكراً في مرحلة الطفولة وكل ما يمكن للأطباء فعله هو تخفيف حدة أعراض المرض ليتمكن المريض من ممارسة أنشطته اليومية بشكل أقرب للطبيعي.
كل ما يخص حمى البحر الأبيض المتوسط
ما هي أعراض المرض؟
كما شرحنا سالفاً غالباً ما تظهر أعراض المرض مبكراً في مرحلة الطفولة وتظهر في صورة مفاجئة عبارة عن هجمات تظهر ثم تختفي وهكذا وقد تصل مدة الهجمة الواحدة إلى 3 أيام وأحياناً أكثر. وتشمل تلك الهجمات حمى وارتفاع في درجة حرارة الجسم مع وجود آلام شديدة في مناطق البطن والصدر والمفاصل والعضلات، كما قد يظهر في بعض الحالات طفح جلدي أحمر اللون ينتشر بكثافة على الساقين وأسفل الركبة وكذلك اضطرابات في حركة الأمعاء ينتج عنه إما الإصابة بالإسهال أو الإمساك، وبعد زوال تلك الهجمات يشعر المريض بلا شيء تقريباً كما يمكن أن تكون الفترات بين الهجمة والهجمة التالية قصيرة لأيام معدودة أو طويلة تصل إلى سنوات؛ لذلك إذا وجدت طفلك يشتكي من أعراض مفاجئة كتلك المذكورة سابقاً مصحوبة بارتفاع غير مبرر في درجة حرارته يفضل استشارة الطبيب على الفور فقد تكون تلك هجمة أعراض حمى البحر الأبيض المتوسط.
أسباب الإصابة بحمى البحر الأبيض المتوسط
تعد حمى البحر الأبيض المتوسط أحد الأمراض الوراثية والتي تنتقل عبر الجينات من جيل الآباء إلى جيل الأبناء وذلك يفسر بالطبع حصرها بنسبة كبيرة في سكان سواحل البحر المتوسط، في الأصل لا يتواجد الجين المسبب لذلك المرض ضمن المادة الوراثية للشخص وإنما تنتج الإصابة من حدوث ما يعرف بالطفرة الجينية (تغير غير طبيعي في المادة الوراثية يشمل اقتطاع جزء منها أو إضافة جزء أو التحام جزئين بشكل غير سليم معاً) وبالتالي ينتج ذلك الجين، وتحدث تلك الطفرة داخل الشخص بدرجات متفاوتة وتبعاً لذلك التفاوت تتفاوت كذلك شدة المرض عند الإصابة به؛ فهناك حالات تكون بسيطة للغاية وقد لا يشتكي المريض من أي أعراض بالرغم من حمله لذلك الجين وعلى العكس حالات أخرى توصف بالشديدة والتي تتطلب عناية طبية فائقة.
وهناك عاملان رئيسيان هما أكثر العوامل تسهيلاً للإصابة بحمى البحر الأبيض المتوسط وهما:
- حمل المادة الوراثية المسببة للإصابة والتي يمكن التعرف عليها بكل بساطة بسؤال المريض هل يمتلك أي أقرباء في عائلته مصابين بتلك الحمى؟ فإن كانت الإجابة بنعم فذلك يدفع بالشك على الفور إلى إصابة ذلك الشخص بحمى البحر الأبيض.
- أن تكون جنسية الشخص من إحدى الدول المطلة على ساحل البحر المتوسط، فعلى الرغم من أن حمى البحر الأبيض المتوسط قد تصيب أي جنسية وأي عرق كان فهناك انتشار عظيم للإصابة بها في تلك المناطق بالأخص.
وجود أي عامل من العاملين السابقين يقلل عدد الاحتمالات لدى الطبيب الفاحص إلى حمى البحر الأبيض المتوسط وبضعة احتمالات أخرى فقط.
مضاعفات حمى البحر الأبيض المتوسط
مع غياب العلاج الطبي المناسب لتلك الحالة يمكن أن يسوء المرض أكثر ليصل إلى مجموعة من المضاعفات الغير مرغوبة والتي تشمل:
- التهابات المفاصل: مع استمرار تكرار هجمات الحمى على المريض والتي تتضمن آلاماً في المفاصل قد يصاب المريض فيما بعد بالتهابات مزمنة في تلك المفاصل نتيجة لإهمال علاجها، ولعل أكثر المفاصل التي تكون عرضة لتلك الالتهابات هي مفاصل الركبة والحوض والمرفق.
- إصابات الكليتين: مع تكرار هجمات حمى البحر الأبيض المتوسط كل مرة يحاول الجسم مقاومة تلك الهجمات عبر وسائل مناعية عديدة تشمل تكوين مادة بروتينية تدعى الأميلويد والتي إذا زادت كميتها في الجسم عن الحد المسموح به تتراكم في أنسجة مختلفة على رأسها أنسجة الكليتين مما يسبب حدوث ضرر دائم أو مؤقت للكليتين ويؤثر بالسلب على تنقية الدم من السموم الموجودة فيه.
- العقم عند النساء: كما هو الحال في الكليتين كذلك يمكن لبروتين الأميلويد أن يترسب في أنسجة المبايض والرحم لدى المرأة مما يسبب العقم. ولكن بالطبع مع وجود العلاج الطبي المناسب للحالة سيتجنب المريض كافة الأعراض السيئة التي قد تنتج عن الهجمات المتكررة لحمى البحر الأبيض المتوسط.
نصائح قبل التوجه لاستشارة الطبيب
إذا واجهتك أو واجهت أحداً من أطفالك أعراض مشابهة لتلك المعبرة عن حمى البحر الأبيض المتوسط فحتماً ستقوم بتحديد موعد مع طبيب مختص بأمراض الالتهابات المختلفة (الروماتولوجي) وإليك مجموعة من النصائح يفضل اتباعها قبل زيارة الطبيب:
- قم بسؤال الطبيب عن أي نصائح متعلقة بالتغذية ونظام الطعام الذي يجب أن يسير عليه المريض قبل الخضوع للكشف الطبي وإجراء التحاليل؛ فهناك بعض الأطعمة وعلى رأسها اللحوم قد تسبب زيادة في نسبة الالتهابات بالجسم مما يؤثر على فحص الطبيب وقد يوهمه بإصابات مختلفة عن الواقع.
- قم بتسجيل كافة الأعراض التي تلحظها في الأيام السابقة لزيارة الطبيب أولاً بأول حتى لا تنسى أي عرض منها.
اصطحب أحداً من أفراد عائلتك أو أصدقائك أثناء ذهابك للطبيب فلعلك قد تنسى أي معلومة هامة فيذكرك هو بها أو يسأل هو الطبيب عن شيء هام لا يخطر على بالك.
وفي أغلب الأحوال ستكون للطبيب مجموعة من الأسئلة سيوجهها للطفل لن تتغير وعلى الشخص المرافق له أن يكون على دراية بحالة المرض جيداً حتى يتمكن من إفادة الطبيب بالإجابات الصحيحة فسيقوم الطبيب بسؤالك عن أول مرة ظهرت تلك الأعراض وهل كانت تأتي في صورة متتابعة أم على شكل هجمات متكررة وهي الصفة المميزة لمرض حمى البحر الأبيض المتوسط وإذا كانت على مدار هجمات فما هي مدة الهجمة الواحدة وما هي العوامل التي تزيد من حدتها كالضغط أو التوتر أو أطعمة معينة وعلى العكس ما هي العوامل التي تقلل من الأعراض أو تنهيها وبالطبع السؤال الأشهر على الإطلاق هو هل يمتلك المريض أي أقارب في عائلته حاملين لذلك المرض أم لا.
العلاج المستخدم
كما وضح من قبل فلا يوجد علاج خاص ينهي الإصابة بمرض حمى البحر الأبيض المتوسط للأبد ولكن يوجد بعض الأدوية الطبية التي قد تقلل نسبة الالتهابات بشكل كبير ما يجنب المريض الدخول في هجمات المرض المتكررة أو حدوث أي من مضاعفاته وهي عبارة عن الأدوية المضادة للالتهابات المعروفة كعائلة الأسبرين.
أضف تعليق