تركيب الجينات الاصطناعية لإنتاج حمض نووي مصنع هو طريقة في علم الأحياء الاصطناعية تستخدم لخلق جينات اصطناعية في المعمل. تعتمد حاليا على المرحلة الصلبة لتركيب الحمص النووي التي تختلف عن الاستنساخ الجزيئي وتفاعل البلمرة المتسلسل في أن الصانع لا يحتاج للبدء بتتابع حمض نووي موجود مسبقا. وبالتالي، فمن الممكن تماما تصنيع جزيء حمض نووي مزدوج بغير حدود من ناحية تتابع النيوكليتيدات به أو حجمها. تم استخدام هذه الطريقة لتصنيع كروموسومات فعّالة للبكتيريا أو الخميرة، تحتوي على حوالي مليون قاعدة أزواج. ويقترح البحث تقنيات أخرى عديدة لصنع كود جيني أطول.
إنتاج حمض نووي مصنع : القصة الكاملة
متى كانت نقطة البدء في لإنتاج حمض نووي مصنع ؟
اكتمل تصنيع أول جين كامل، حمض ريبي نووي نقال في الخميرة، بواسطة هار غوبند خورانا ومساعديه عام 1972. وتم تصنيع أول جينات مكوِّدة للبيبتيد في معمل هيربرت بوير وجينات مكودة للبروتين في معمل أليكساندر مارخام.
تجارة كاملة تعتمد على تقنية الحمض النووي المصنع!
أصبحت خدمات تصنيع الجينات التجارية متاحة من قبل العديد من الشركات في كل أنحاء العالم، بعضهم يقوم بهذه الخدمات فقط لا غير. تعتمد عمليات تصنيع الجينات الحالية على مزيج من الكيمياء العضوية والبيولوجيا الجزيئية، وجينات كاملة يمكن أن يتم تصنيعها من الصفر بهذه الطريقة، بغير حاجة لقالب حمض نووي سابق.
لقد أصبح تصنيع الجينات أداة مهمة في العديد من حقول تكنولوجيا الحمض النووي المؤتلف التي تشمل التعبير الجيني المغاير وتطوير التطعيمات والعلاج الجيني والهندسة الجزيئية. إن تصنيع تسلسلات الحمض النووي موفرة واقتصادية أكثر من الاستنساخ الكلاسيكي وعمليات الطفرات.
التطبيقات
تشمل التطبيقات الأكبر للحمض النووي المصنع على الحصول الآمن جينات تصلح لإجراء أبحاث عن أنواع التطعيمات المختلفة بغير حاجة لإنماء مسبب المرض كله لهذا الغرض. قد يمكن استخدام التلاعب الرقمي في الكود الجيني الرقمي قبل تصنيع الحمض النووي لتحسين التعبير البروتيني في مضيف معين، أو إزالة القطع الغير فعّالة من أجل تسهيل مزيد من انقسام الحمض النووي.
إنتاج الحمض النووي المصنع وعلم الأحياء الاصطناعية
إن الانخفاض الكبير في تكلفة تصنيع الجينات في السنوات الأخيرة نتيجة زيادة التنافس بين الشركات الموفرة لهذه الخدمة قد أدى إلى القدرة على إنتاج بلازميدات بكتيرية كاملة لم توجد قبل ذلك أبدا في الطبيعة. إن مجال علم الأحياء الاصطناعية يستخدم هذه التقنية لإنتاج دوائر حيوية، وهي عبارة عن امتدادات من الحمض النووي تم التلاعب فيها لتغيير التعبير الجيني بداخل الخلايا وجعل الخلية تصنع المنتج المطلوب.
إذن، كيف تم هذا إنتاج حمض نووي مصنع بالكامل؟
العلماء يبتكرون “حياة صناعية” – حمض نووي مصنع يستطيع الانقسام. في واحدة من أعظم التطورات في التاريخ الحديث، ابتكر العلماء جينوما يستطيع الانقسام والتكاثر. إذن ما الذي يعنيه هذا؟ تحت قياد كريج فينتور من معهد ج كريج فينتور، قام فريق العلماء بدمج تقنيتين معروفتين سابقا لنقل الحمض النووي المصنع إلى بكتريا. أولا قاموا بتصنيع جينوم بكتيري، ثم استخدموا تقنيات معروفة للنقل النووي لزرع هذا الجينوم بداخل بكتيريا. وعلى ما يبدو، نسخت البكتيريا نفسها، مكونة بالتالي جيلا ثانيا من هذا الحمض النووي المصنع. استقبلت هذه العملية بإطراء شديد وينظر إليها على أنها فتح علمي جديد.
كيف يتم إنتاج الجينوم الصناعي؟
أنتج الباحثون جينوما صناعيا باستخدام تتابع جينوم واحد أصلي من بكتيريا الميكوبلازما مايكويدز ثم تم نقله إلى بكتيريا الميكوبلازما كابريكولام. وبمجرد زراعته، أعاد الجينوم تشغيل الخلية الجديدة، حاذفا أو معطلا عمل 14 جينا. ثم قامت الخلية بالعمل بشكل طبيعي، ما يعني أن النقل قد نحج.
قال فينتور “هذه أول خلية صناعية يتم إنتاجها، ونحن ندعوها (صناعية) لأن الخلية مشتقة بالكامل من كروموسوم صناعي، تم عمله بأربع زجاجات من الكيماويات فوق جهاز مزج كيمياوي، متبعا معلومات على جهاز كمبيوتر. ستصبح هذه أداة قوية جدا لمحاولة تصميم ما نريده باستخدام البيولوجيا. ففي أذهاننا العديد من التطبيقات المستقبلية.”
“إذا تمكنا من تعميم هذه الطرق التي استخدمناها هنا، فتصميم وتصنيع وتجميع وزرع الكروموسومات الصناعية لن يعود عقبة في طريق تقدم البيولوجيا الصناعية.”
إثبات لمبدأ
حتى الآن، يعد هذا مجرد إثبات لمبدأ سابق يدعي إمكانية تركيب حمض نووي مصنع بالكامل في المعمل، لكنه يحمل مقدّرات ضخمة مستقبلا. قضى فريق العمل في معهد ج كريج فينتور حوالي 15 عاما محاولين تطوير هذه التكنولوجيا، والآن لديهم خطط لتصميم بعض الكائنات مثل: طحلب سيمتص ثاني أكسيد الكربون ويخرج الهيدروكروبون من أجل الوقود الحيوي، وإنتاج أسرع للتطعيمات، وتنظيف المياه، واستخدام الطاقة الضوئية لإنتاج غاز الهيدروجين من المياه.
كما يعرف كل من له دراية بكتب وأفلام الخيل العلمي، تقنية الانقسام الذاتي هذه قد تقود إلى كارثة. لكن الباحثون قاموا بواجبهم في هذه الناحية، حيث تتطلب كل مخلوقاتهم المصنعة مواد غذائية موجودة بداخل المعمل كي تعيش، وكذلك فقد طوروا تقنية لصنع “جينات انتحار” ستمنع المصنوعات من العيش خارج بيئة محكمة داخل المعمل. إذن يتم التحكم في حياة وموت هذا الكائن الحامل لحمض نووي مصنع بالكامل.
يدرك الباحثون العواقب الأخلاقية والأمنية لأبحاثهم، والعلماء في معهد ج كريج فينتور على اتصال مستمر بحكومة الولايات المتحدة منذ عام 2003، وأيضا تتم محاورتهم من قبل مجموعات أخلاقيات علوم الأحياء المستقلة منذ عام 1997 لتتابع تطورات إنتاج أول حمض نووي مصنع .
أخلاقيات الحياة الاصطناعية
إذن ما الذي يعنيه كل هذا؟ إنتاج حمض نووي مصنع ؟ بالإضافة للتطبيقات التي ذكرناها لهذا التقنيات، فهي أيضا تساعدنا في فهم كيفية عمل الحياة—خصوصا، كيف تنتقل الحياة عبر الحمض النووي. “يقول فينتور “نعتقد أن هذه خطوة هامة علميا وفلسفيا. فهي قد غيرت بالتأكيد رؤيتي لتعريفات الحياة وكيفية عملها.”
يبدي الكثيرون من الأكاديميين البارزين رأيهم في هذه الخطوة قائلين أن الحصول على حمض نووي مصنع بالكامل سيكون الخطوة الأولى فقط فيما قد يكون تطورا مثيرا في المستقبل.
“يقول مارك بيدو من كلية رييد بأوريجان: “لدينا الآن فرصة غير مسبوقة لنتعلم عن الحياة. فامتلاك قدرة تحكم كاملة في معلومات الجينوم يوفر فرصة مدهشة لنبش الأسرار الباقية عن كيفية عمله. فوجود جينوم اصطناعي يستطيع تسريع تكوين الحياة يمكن إنتاجه بشكل كامل من مواد غير حية. وكذلك، سيؤدي لإعادة الحيوية للأسئلة السرمدية عن قيمة الحياة—ما هي، لماذا هي مهمة، أيّ دور ينبغي على البشر الاضطلاع به من أجل مستقبلها؟”
يذكرنا جيم كولينز من جامعة بوسطن أنه لا يزال هناك الكثير مما نجهله
بصراحة، لا يعرف العلماء ما يكفي عن البيولوجيا لخلق الحياة. رغم أن مشروع الجينوم البشري قد وسع قائمة أجزاء الخلايا، إلا أنه لا توجد طريقة عملية لوضع هذه المعلومات معا وصنع خلية حية. يشبه الأمر محاولة تجميع طائرة جامبو من معرفة قائمة مكوناتها—مستحيل. رغم أن بعضنا في علم الأحياء الاصطناعية يعاني من أوهام العظمة، إلا أن أهدافنا أشد تواضعا بكثير.
لا يزال أمامنا طريق طويل مع هذه التكنولوجيا التي أثبتت عبقريتها بإنتاج أول حمض نووي مصنع، لكن هذه التقدم هام للغاية، ومنه ربما نستطيع رؤية فجر ثورة جديدة في البيولوجيا الجزيئية والهندسة الوراثية.
أضف تعليق