لكل منا مشاكله التي تواجهه في حياته اليومية، وكل منا طريقته الخاصة للتعامل مع تلك المشكلات، ومن أكثر المشاكل تعقيدا تلك التي تطيل مؤسسة الأسرة وتحاول النيل منها، وهنا يجب أن يتكاتف الزوجين من أجل التعاون لتجاوز كافة المشكلات التي تواجههم، ولكن ماذا إذا كانت المشكلات تتعلق بهذين الزوجين؟ هنا يتم اتخاذ القرار الأصعب واللجوء إلى الحل الأكثر ألما وهو حل الطلاق ؛ ذلك القرار الذي يؤدي حتما إلى انهيار مؤسسة الأسرة وتفكك بنيانها من الأساس، ومن الجدير بالذكر بأن اللجوء لهذا القرار يجب أن يتم بعد محاولات مضنية من جانب الطرفين لعدم اللجوء إليه، ولكن إذا استحالت الحياة بين الطرفين ولم يعد ثمة مخرج للأزمة بينهما هنا يتم طرق باب حل الطلاق لإنهاء فرص الحياة بين الزوجين، وهناك بعض الأمور الأساسية التي إذا حلت بأي بيت عندها وجب اللجوء إلى اتخاذ قرار الطلاق تلك الأمور تتمثل في التالي:
حل الطلاق متى يكون الحل الأمثل في الخلافات الزوجية؟
انهيار الثقة بين الزوجين
تعد العلاقة بين الزوجين شبيهة إلى حد كبير بحائط منيع تتكون لبناته من الصدق والاحترام والحب هذه اللبنات كلها وأكثر تكون معا جدارا للثقة وحينما يتداعى ذلك البناء بسقوط لبنة الصدق وإحلالها بالكذب يبدأ الجدار بالتداعي ويهتز قليلا، ولكن فور سقوط لبنة أخري وهي الاحترام يحل محلها الإهانة وهنا يتعرض ذلك البناء لحدوث زلزال مدوي في العلاقة ومن الجدير بالذكر بأن هذا البناء من القوة بحيث يمكن تداركه في أوقات الأزمات وإعادة ترميمه ولكن يشترط هنا عنصر التوقيت بأن يحرص الزوجان على سرعة حل مشكلاتهما قبل فوات الأوان، تبقي لبنة الحب التي تنهار بغياب المشاعر وهنا يستمر الزوجان فقط من أجل الروتين والأولاد في بعض الأحيان ولكن ما لم يلاحظه هذان الزوجان بأنه لم يعد هناك حائط متين لعلاقتهم وبعد أول خلاف من تساقط كافة اللبنات ينهار الجدار كليا، جدار الثقة الذي أصبح يتمثل من الكذب والخداع والإهانة وغياب المشاعر، هذه الأمور مجتمعة تقود إلى حل الطلاق كحل أخير لعلاج الأزمة.
تفاقم الخلافات الزوجية
حتما حدوث الخلافات بين الزوجين لا يعد إطلاقا سبباً إلى اللجوء لحل الطلاق ولكن تفاقم تلك الخلافات ربما يعد كذلك؛ فحينما تثار الخلافات بين الزوجين على أتفه الأمور ولا يرغب أي طرف من الطرفين التنازل عن موقفه ويحل العند محل التفاهم هنا سيتحول المنزل إلى جحيم قاتل وستصبح الحياة ساحة قتال يومي بين الطرفين يحاول كل منهما إثبات أنه على صواب والطرف الأخر على خطأ، وفي حال وجود أطفال سيؤثر ذلك قطعا بالسلب على وضعهم النفسي، وسيؤدي إلى تدمير جهازهم العصبي بسبب كثرة الخلافات المثارة ليل نهار، هنا يعد اتخاذ قرار الطلاق من قبل أيا من الطرفين هو قرارا حكيما ومخرجا مناسبا لحل الأزمة.
استنفاذ كافة محاولات الصلح
يمر كل منا بأوقات عصيبة في حياته اليومية، وربما تؤدي تلك الأوقات العصيبة إلى مشكلات كبيرة إذا لم يستطع الشخص تمالك أعصابه، وفي الحياة الزوجية إذا لم يستطع طرف مراعاة الأوقات العصيبة التي يمر بها الطرف الآخر ستتفاقم المشكلات وربما تتراكم محدثة آثارا نفسية سلبية لدي الطرفين، هنا يكون اللجوء لطرف ثالث كمحاولة للصلح هو المخرج من الأزمة والحل المناسب للتخلص من ركام الأثر السلبي، ويكون التدخل نافعا لكلا الطرفين وإذا حدثت مشكلات مختلفة يعد استدعاء طرف خارجي أمرا مقبولا ولكن إذا كانت المشكلات بين الزوجين أكبر من أن يحتويها طرف ثالث وإذا استمرت على الرغم من تدخل كافة الأطراف الخارجية كمحاولات للصلح هنا يعد اللجوء لحل الطلاق هو القرار المناسب لكلا الطرفين.
التعرض للأذى النفسي والبدني
في الحياة الزوجية يحظي كلا الطرفين بفرص عديدة لإعادة حياتهم إلى المسار الصحيح، هناك دوما نقطة معينة يعد قرار الاستمرار قبلها ممكنا، وعلى الزوجين أن يتمتعا بالذكاء اللازم الذي يبقيهم دوما في منطقة الأمان الزوجي تلك المنطقة التي تضمن استمرار العلاقة وإن حوت على بعض المنغصات، ولكن فور أن يتم تعدي تلك النقطة المعينة وفور انتهاك الخطوط الحمراء ومغادرة منطقة الأمان يكون استمرار ذلك الزواج مستحيلا بكل المعاني ويكون حل الطلاق هو المخرج الرئيسي الوحيد للخروج من ذلك المنعطف الخطير، ومن الأمور التي تعد تعديا على منطقة الأمان الزوجي:
- اللجوء لاستخدام العنف من قبل الزوج وتعرض الزوجة للضرب.
- اللجوء لاستخدام الابتزاز من قبل أحد الطرفين والنيل من كرامة الطرف الآخر
- الخيانة الزوجية.
إنجاب الأطفال
ربما لا تعد تلك النقطة تحديدا سببا مباشرا لاتخاذ قرار الطلاق، ولكنها من الممكن أن تكون سببا غير مباشرا وذلك بأن تكون الزوجة غير قادرة على إنجاب الأطفال فيقرر الزوج اللجوء لخيار الزواج بأخرى ومن المحتمل كذلك أن يتم التدخل من قبل أهل الزوج كأن تصمم والدته أن يتخذ زوجة أخري لتتمكن من رؤية أحفادها فترفض الزوجة ذلك الحل قطعا لأنه ينال من كرامتها وتقرر بالتالي اتخاذ مسار الطلاق حفاظا على كرامتها، ومن الممكن أن يكون الزوج غير قادر على إنجاب الأطفال فتلجأ الزوجة إلى تذكيره بذلك الأمر دوما فيقرر أن يلجأ لحل الطلاق حفاظا على كرامته، في النهاية يعد العقم هو الموضوع الأكثر إثارة من قبل المجتمع ويمثل ضغطا نفسيا هائلا على كلا الطرفين ولكنه في نفس الوقت اختباراً قويا لقياس عمق العلاقة بين الزوجين ومدي تمسك كل طرف بالطرف الآخر.
التدخل المبالغ فيه من قبل أهل الزوجين
من بين الأسباب العديدة التي تجعل الأشخاص يسعون إلى الزواج وبناء مؤسسة الأسرة هو تحقيق عنصر الاستقلال؛ بمعني أن يُدار المنزل من قبل الزوج والزوجة فقط، هم وحدهم من لديهم سلطة اتخاذ القرارات الخاصة ببيتهم، ولكن في حال انتفاء ذلك العنصر يحدث خلل واضح في البناء الأسري كأن تتدخل أسرة الزوجة في كافة أمور الحياة وتتدخل أسرة الزوج كذلك ويتصاعد الأمر لتصبح الخلافات الدائرة في المنزل هي بالأساس بين أسرة الزوجين وليست بين الزوجين، الحقيقة أن هذا الأمر كاف لإنهاء أي زواج في بدايته، وليس المقصود بالطبع هو إبعاد الأهل كلية عن الأسرة فالوصال الأسري مهم لتدعيم العلاقة بين الزوجين ولكن أن يزيد ذلك التدخل عن حده ويصل لدرجة أن تتحدث الزوجة دوما بلسان أهلها وأن يتحدث الزوج بلسان أهله هنا سيكون الطلاق هو المصير الوحيد المحتمل لتلك العلاقة.
في النهاية يعد الزواج ميثاقا غليظا وعهدا مقدسا بين طرفين وانتهاك ذلك الميثاق والنكوص بذاك العهد ليس بالأمر الهين على الإطلاق، هو قراراً بإنهاء علاقة بين الطرفين ربما إلى الأبد، ولذا اللجوء لحل الطلاق يجب ألا يتم إلا بعد تفكير عميق وجلسة طويلة مع النفس، كما يجب اللجوء لأصحاب الحكمة والمقربين، وربما يعد استشارة معالج نفسي أمرا مطلوبا كذلك لكيلا نلجأ إلى التسرع باتخاذ قرار ربما نندم عليه مستقبلا، وفي حال وجود أطفال يجب التفكير بروية أكثر ولكن في حال انسداد الأفق والاصطدام بحائط سد منيع ربما يكون الطلاق وقتها حلا مناسبا لكلا الطرفين.
أضف تعليق