يتم حفظ الأسماك بأساليب وطرق مختلفة لإطالة فترة صلاحيتها لأطول مدة ممكنة، ويكون ذلك بالتبريد، أو التجميد، أو استخدام الملح، أو التعليب، أو ما إلى ذلك من طرق حفظ الأسماك. وتعد الأسماك واللحوم البحرية عمومًا من أكثر أنواع اللحوم جودةً وأعلاها قيمةً غذائيةً، وهي من المصادر الغذائية الأساسية للإنسان، وهناك مجتمعات كاملة تعتمد على لحوم الأسماك اعتمادًا شبه كامل في غذائها، فالأسماك تمد الجسم بما يحتاج إليه من بروتينات، وفيتامينات، ومعادن، كما إنه يعد من الأطعمة التي تساعد على تقوية الذاكرة، وقد قيل أن الأسماك غذاء العقل، وبالإضافة إلى قيمتها الغذائية العالية وكونها غذاءً أساسيًا للعديد من البشر، تحتوي الأسماك على خصائص وقائية كثيرة، حيث إن لحوم الأسماك تقلل إلى حد كبير خطر الإصابة بأمراض العيون المزمنة، وتخفف من حدة أعراض داء الربو وضيق التنفس، كما تتميز الأسماك بفاعليتها الدوائية التي تتفوق على كثير من أدوية علاج الاكتئاب، وتقلل لحوم الأسماك الغنية بالزيوت من مخاطر الإصابة بأمراض القلب، وغيرها من الفوائد والخصائص الوقائية الأخرى، ذلك بالإضافة إلى سهولة مضغه وهضمه، وهو الأمر الذي يجعله طعامًا ملائمًا للصغار وكبار السن. وقد يلجأ البعض إلى طرق حفظ الأسماك لغرض آخر غير مجرد مد فترة صلاحيته، فهناك الكثير من الأشخاص يستمتعون بمذاق الأسماك المحفوظة بطريقة معينة مثل الملوحة والرنجة، بل يصل الأمر إلى جعل تناول هذه الأسماك المحفوظة طقسًا من الطقوس التي تمارس في أيام معينة من العام، كالأعياد والمناسبات الدينية، في مصر، على سبيل المثال، اعتاد الناس هناك على أكل ما يعرف بالفسيخ أو الملوحة والرنجة في عيد الفطر وشم النسيم، كطقس ثقافي عريق ومتأصل لدى الشعب المصري، وترجع أصول هذا الطقس إلى المصريين القدماء، والذين مارسوا طرق حفظ الأسماك وعرفوها منذ أكثر من خمسة آلاف عام. ولحفظ الأسماك طرق متنوعة نذكر منها ما يلي.
تعرف على أهم وسائل حفظ الأسماك
التبريد
يتم تبريد الأسماك بعدة طرق من بينها، تعريضها لتيار هواء بارد، وذلك في الأماكن التي تتميز بدرجات حرارة منخفضة، أو غمر الأسماك في ماء بارد لحفظها، أو رش كمية من الثلج المجروش عليها لحفظها من أربعة إلى ستة أيام، أو بوضعها في الثلاجة، وذلك يضمن حفظ الأسماك لفترة تتراوح بين ثمانية إلى أحد عشر يومًا، ويعد تبريد الأسماك في الثلاجات والمبردات أفضل طرق التبريد من حيث الفترة القصوى لحفظ الأسماك وحجم العد البكتيري. هذا على المستوى التجاري والمهني، أما على مستوى الأفراد في المنازل، فيجب القيام بعض الخطوات للحفاظ على جودته، قبل وضع الأسماك في الثلاجات والمبردات، ومن أهم تلك الخطوات، تنظيف الأسماك وتجفيفها في حال شرائها طازجةً من السوق مباشرةً وفي أسرع وقت ممكن، وذلك لأن الأسماك سريعة التلف نظرًا لعصارتها المعوية الموجودة بها، والتي إن تركت بدون تنظيف، ستتغير رائحة الأسماك وتقل جودته، ومن الخطوات الهامة أيضًا في حفظ الأسماك وتخزينها، قطع الحلق، وإزالة الأحشاء الداخلية والخياشيم، وتغليفها جيدًا في أكياس بلاستيكية، وتقسيمها إلى كميات حسب حاجة الأسرة، وذلك حتى لا تضطر ربة المنزل إلى إخراج الكمية كلها من المبرد أو الثلاجة وإرجاعها مرة أخرى، مما يعرض السمك إلى التلف أو انخفاض جودته.
التجميد
التجميد من الطرق الآمنة لإطالة صلاحية الأسماك، والكثير من الأطعمة الأخرى. ولكن للتجميد على المستوى التجاري أساليب خاصة، ومنها؛ التجميد الطبيعي، ويكون في المناطق التي يساعد مناخها على ذلك، حيث يحتاج تجميد الأسماك طبيعيًا إلى مناخ تنخفض فيها درجات الحرارة إلى مستويات تصل إلى ما دون الصفر إلى 15 درجة دون الصفر، وبالطبع لا يتوفر هذا إلا في المناطق قارسة البرودة، وهذه الطريقة تعد من أكثر الطرق التي تحافظ على حفظ الأسماك بجودة عالية؛ حيث تتجمد الأسماك ولكن تبقى خياشيمها مفتوحة ويبقى لحمها طازجًا، ويرجع ذلك إلى عدم وجود فترة بين صيد الأسماك وتجميدها، مما لا يعطي فرصة لتيبس الأسماك أو تعرضها للبكتريا. ومن أساليب التجميد أيضًا، التجميد باستخدام سوائل التبريد؛ ويكون ذلك بوضع الأسماك في سوائل التبريد غير السامة التي تستعمل خصيصًا لهذا الغرض، وغالبًا ما تتألف سوائل التبريد من سائل أكسيد النيتروز السائل وثاني أكسيد الكربون، وهي من أكثر الطرق كفاءة وإطالة لفترة حفظ الأسماك وصلاحيتها. ويعد استخدام مخاليط الثلج والملح إحدى الأساليب المستخدمة في تجميد الأسماك، ولكن، ينبغي أن تتوفر الشروط الصحية السليمة في تلك المخاليط لضمان جودة الأسماك وعدم تعرضها للتلف.
التمليح
لقد أشرنا سابقًا إلى لجوء المصريين القدماء إلى حفظ الأسماك باستخدام التمليح دون غيره من طرق حفظ الأسماك، وقد يكون هذا بسبب البيئة الصحراوية التي تسود مصر، ومناخها ذي الحرارة العالية، والتي يستحيل معها استخدام طريقتي التبريد والتجميد لحفظ الأسماك، وبذلك يكون التمليح أقدم طرق حفظ الأسماك التي عرفها الإنسان، ويساعد التمليح على إطالة فترة صلاحية الأسماك من خلال إزالة السوائل ووضع الملح الذي يساعد على تأخير عملية التحلل التي تحدث للسمك ذاتيًا أو بفعل البكتيريا، ولكي تحصل على عملية تمليح ناجحة، ينبغي تعميم الملح على سطح الأسماك بالكامل، وكما للتجميد طرقه وأساليبه المتنوعة، للتمليح أيضًا أساليب متعددة، ومنها؛ التمليح بالطبقات، ويكون ذلك بوضع كمية غير كبيرة من المحلول الملحي في قاع العبوة أو الصفيحة، ثم وضع طبقة من الأسماك فوق كمية الملح، ورش كمية أخرى في هذه الطبقة، ثم وضع طبقة أخرى، وهكذا إلى أن تمتلئ العبوة بالكامل؛ التمليح الجاف: وهي من أبسط طرق التمليح وأكثرها شيوعًا، لا سيما مع أسماك الأنشوجة والسردين، ويكون ذلك بخلط الأسماك بالمحلول الملحي دون ترتيبها في طبقات، ولكن يجب تجهيز السمك وتنظيفه قبل استخدام هذه الطريقة في حفظ الأسماك وتخزينها.
التجفيف
يعد التجفيف أحد أساليب الحفظ الشائعة، ليس لتخزين الأسماك وحفظها فقط، ولكن أيضًا لحفظ العديد من الأطعمة والفواكه، ويتم حفظ الأسماك بالتجفيف إما من خلال تعريضها لأشعة الشمس أو بالطرق الصناعية، بتعريض الأسماك لدرجات حرارة معينة، وذلك بعد استخدام الملح أو التخلص من خياشيم الأسماك وأحشائها لإبطاء عملية التحلل والعد البكتيري. وتعتبر طريقة تجفيف الأسماك هي الأخرى من أقدم الطرق التي استخدمت من أجل حفظ الأسماك وتخزينها وإطالة عمر صلاحيتها، فقد اعتمد عليها الفراعنة أيضًا بجانب التمليح لحفظ الأسماك، ويمكن أن تصل مدة حفظ الأسماك بهذه الطريقة إلى أكثر من ستة أشهر.
قد ذكرنا بعض الطرق المستخدمة في حفظ الأسماك وإطالة عمر صلاحيتها، ولكن لا تقتصر طرق تخزين الأسماك على ما ذكرنا فقط، فهناك العديد من الطرق الأخرى التي تستخدم على نطاق تجاري أو فردي، ويكون الغرض منها غير مقتصر على حفظ الأسماك فحسب، ولكن أيضًا بغرض الحصول على مذاق خاص للأسماك، على سبيل المثال، التدخين الذي يستخدم فيه وقود معين لإنتاج الدخان الذي يعطي لونًا، ومذاقًا، ورائحةً معينة للأسماك، بالإضافة إلى منع الأكسدة، وكذلك التعليب، كما في أسماك التونة والسلمون، حيث توضع الأسماك في علب مضغوطة ويضاف لها مواد حافظة، أو زيت، أو صلصلة، ولا يكون الغرض منها مجرد الحفظ أو إطالة فترة الصلاحية، بل أيضًا الحصول على مذاق خاص.
أضف تعليق