لقد اختلف الفلاسفة وعلماء النفس على تفسير مفهوم الوعي بصورة دقيقة فكل فريق كانت له آراؤه وتعبيراته اللفظية التي تصف حالة الوعي من عدة زوايا ولكنها جميعاً تدور حول فكرة أو مفهوم واحد، ولذلك دعونا نأخذكم في مقال شيق ومفصل عن تعريف الوعي بالتفصيل وما هي حالات الوعي المختلفة للإنسان مع مستوياته طبقاً لمقياس هاوكينز وذلك في السطور التالية فتابعونا.
استكشف هذه المقالة
مفهوم الوعي
يمكننا تعريف الوعي بأنه حالة الإدراك والفهم التي تجعل الإنسان متصل مع البيئة المحيطة به بما في ذلك الأفكار والمعتقدات التي تكمن داخله نتيجة اكتساب الخبرة والقدرة على التحليل واستخدام العقل في تفسير الأحداث، ما يجعله على درجة عالية من الوعي فكلما زاد عمر الإنسان زادت حالة الوعي والنضج الفكري.
حيث يقوم باستخدام منافذ الوعي لديه المتمثلة في الحواس الخمس التي تقوم بإدخال المعلومات والبيانات إلى العقل البشري، ومن ثم يبدأ في عمل محاكمة أو تحليل منطقي لها لكي يقبلها أو يرفضها حتى تحفظ في الذاكرة الداخلية لديه لكي يتم استخدامها فيما بعد ويتعامل مع البيئة المحيطة بكل إدراك وعقلانية.
أنواع الوعي
هناك عدة أنواع من حالة الوعي التي يمر بها الإنسان لكي يمكنه إدراك الواقع وتخزين المعلومات فهي عملية ديناميكية تعتمد على بعض العمليات السيكولوجية داخل العقل البشري الذي يقوم بدوره بتخزين تلك البيانات حسب قدرة الوعي لديه فنجد على سبيل المثال:
الوعي التأملي
وهو أهم أنواع الوعي الذي يعتمد على صب تركيز كافة الحواس على إدراك شيء ما والبعد عن كل ما يشتت الذهن قدر الإمكان لكي يتم تهيئة الذاكرة وتنشيط القدرات العقلية، فعند الدراسة أو تعلم كيفية إدارة آله ما على سبيل المثال فيجب أن يكون العقل البشري في أوج التركيز وتكون الحواس الخمس متصلة مع بعضها البعض بطريقة ديناميكية لكي تستوعب تلك المعلومات الجديدة وتخزن في العقل.
الوعي العفوي التلقائي
وهو حالة الوعي التي تتم بطريقة تلقائية دون التخطيط المسبق لها وهي غالباً ما تأتي نتيجة الممارسة لفترات طويلة بل وتتميز بازدواجية النشاطات بها، بمعنى إنه يمكنك القيام بعدة وظائف لا تحتاج إلى مجهود ذهني كبير وهي تظل مخزنة لفترات طويلة في الذاكرة، مثل عزف البيانو ورسم صورة ما تم التدرب عليها لفترات طويلة.
الوعي المعياري الأخلاقي
وهو عبارة عن مجموعة المعايير المكتسبة التي تختلف من بيئة لأخرى ومن مجتمع لآخر حيث يتم إدراك البناء الأخلاقي حيث يقع عاتق المسئولية كاملة على الفرد.
درجات الوعي لدى الإنسان
وبشكل عام تعتبر حالة الوعي اكثر شمولاً بمعنى أن كل كائن حي له درجة من الوعي تختلف بحسب طبيعة الحياة التي يعيشها فالطفل يولد وله درجة وعي محددة تجعله يبحث عن الطعام ويبدأ في التعرف على البيئة المحيطة به.
الحيوان أيضًا له درجة وعي محددة تجعله يبحث عن الغذاء ويتفادى الأعداء أما الإنسان الواعي والناضج هو من يكن له أعلى درجات الوعي خاصة عندما ينفرد بنفسه لفترات طويلة على مدار اليوم من أجل زيادة الإدراك والتواصل مع النفس.
فنجد أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد نزل عليه الوحي بعد فترات طويلة من التفكير والتدبر في غار حراء فكان يتأمل في خلق الكون، بل وكان أغلب الفلاسفة والمفكرين مثل سقراط وأرسطو وغيرهم كانت حياتهم تتضمن فترات طويلة من التأمل والانعزال عن العالم الخارجي حتى ارتفعت حالة الوعي لديهم بصورة كبيرة.
ويعتبر التعليم والثقافة ومطالعة كل ما هو جديد في الحياة العلمية هو أحد أهم مسببات زيادة الوعي بل والانخراط في الحياة العملية ومخالطة الأفراد والتواصل معهم وكسب مزيد من الأفكار والمعتقدات الإيجابية، حيث يبدأ الفرد في تكوين فكرة عامة عن البيئة المحيطة به ويكتسب خبرة كبيرة في مختلف المجالات مما يجعله افضل ويبدأ في تطوير المجتمع من حوله وعمارة الأرض على نحو صحيح.
مستويات الوعي هاوكينز
أما بالنسبة للمقياس الذي قام بوضعه العالم الكبير هاوكينز من أجل تحديد حالة الوعي لدى الإنسان بحيث يصل إلى الألف فيمكن أن يتم تصنيف الأشخاص حسب درجة الوعي؛ لكي يتم التعامل الصحيح معهم ومساعدتهم على ثراء الفكر والإدراك لديهم.
فنجد على سبيل المثال بداية من مرحلة العشرون حتى المائتي هي مرحلة الاضمحلال الفكري وعدم تحقيق أي نجاحات في الحياة حيث أن تلك المرحلة لم يرتفع بها وعي الإنسان لكي يبدأ في تحقيق التقدم فهو ما زال يعاني من بعض المشاكل النفسية والاجتماعية التي تعيقه عن حالة الوعي الكاملة.
ففي البداية يعاني من التدمير الذاتي سواء على المستوى العاطفي أو الجسدي أو العقلي وفي المستوى التالي يعاني من التأويل بثورة مستمرة ويوجه للنفس الانتقادات بصورة مستمرة بل وقد يدفعه ذلك إلى إيذاء النفس أو يقوم بتعذيب الأشخاص.
أما المرحلة التالية وهي اللامبالاة والتشاؤم حيث يظل الفرد يلقى اللوم على الظروف الخارجية ويشعر بعدم القدرة على تغيير العالم من حوله سواء بسبب الظروف الاقتصادية أو السياسية في مجتمعه، فيدخل في حالة اكتئاب وتسليم للأمر الواقع وتصل حالة الوعي لديه لأدنى مستوياته.
أما المستوى التالي وهو الذي يعتمد على الارتباط ببعض الأشياء أو الأفراد مما يسبب لهم حزن شديد وكآبه مستمرة خاصة تلك المشاكل العاطفية أو موت أحد المقربين فيفقد الفرد القدرة على التعايش بدون ذلك الشخص، بل ويدخل في حالات من الندم والخوف الشديد من المستقبل حتى لا يفقد مزيد من الأشخاص.
وفي المرحلة التالية تكون الرغبات هي الدافع الأول والمحرك الأساسي للشخص بجانب الطمع والجشع الذي يجعله يتخلى عن مبادئه وقيمه بل ويخالف القوانين والشرائع السماوية من أجل الحصول على ما يريد، وعلى الرغم من أن تلك المرحلة تصل إلى حد الإنجاز وتحقيق الأهداف إلا إنها قصيرة المدى وذات دوافع خبيثة.
أما المرحلة الأخيرة ضمن مراحل انخفاض حالة الوعي ضمن مقياس هاوكينز فهي التي تعتمد على الفخر والكبرياء بما يمتلك الإنسان وليس بما حققه، فهو يشعر بالفخر بسبب امتلاكه أشياء مادية قد تزول في أي فترة وبالتالي يشعر بالكبرياء والغطرسة ولكنه من الداخل شخص فارغ.
وبداية من المائتي حتى الألف طبقاً لمقياس هاوكينز فهي أقصى مراحل حالة الوعي لدى الإنسان حيث العطاء والتميز والطاقة الإيجابية التي تغمر الكون، حيث التحلي بالشجاعة ومساعدة الغير وحل المشاكل الداخلية والاعتماد على النفس.
حالة الوعي الدنيا
أما بالنسبة لتعريف حالة الوعي البديل فهي عبارة عن حالة يمر بها الإنسان تسبب له اضطراب سلوكي أو إدراكي نوعاً ما تجعله يقع في مرحلة وسطية لا هي غيبوبة كاملة ولا هي إدراك ووعي كامل، فقد يستطيع الشخص التحدث والإشارة لبعض الأشياء ولكن في نفس الوقت تكون غير مفهومة أو لا ترتبط بالواقع.
وتنشأ تلك الحالة بسبب بعض الاضطرابات في الهرمونات في الجسم بسبب خلل عقلي أدى إلى فقد القدرة على التركيز والتواصل مع الآخرين والبيئة المحيطة، ويتم علاج تلك الحالة من خلال عدد من المقاييس التي تدرس مدى استيعاب الشخص وحركة العينين ورد الفعل السريع لبعض مسببات الألم أي عند الوخز بالإبر على سبيل المثال.
ويتم عمل بعض الاختبارات الأخرى التي تتضمن وصول الفرد إلى مستوى الغيبوبة بصورة أكبر أم الوعي بصورة أقل وبالتالي يتم البدء في إعطاء جرعات من العقاقير التي تعمل على تنشيط الذهن وزيادة التركيز لكي يصل العقل إلى حالة الوعي الكاملة، مع البحث في أسباب وصول الفرد لتلك الحالة هل بسبب بعض المشاكل النفسية أو بسبب التعرض لصدمات مفاجئه جعلت الشخص يفقد القدرة على التوازن.
حالة الوعي البديل
أما بالنسبة لحالة الوعي البديل فهي عبارة عن حالة وعي ناقصة أو لم تصل إلى حد الوعي الكامل بل ولم تعد أيضاً غيبوبة وهي غالباً ما تصيب الأفراد الذين يقوموا بتناول الأدوية المخدرة حيث تجعلهم في حالة من تغيب العقل الواعي ولكن في نفس الوقت الشخص مدرك للأشياء من حوله ويتعرف على الأفراد بصورة كاملة عكس ما تم ذكره في حالة الوعي الدنيا.
بل وهناك أيضًا بعض الحالات التي يصل فيها الشخص إلى حالة الوعي البديل وهي التنويم المغناطيسي أو التي تستخدم في علوم الطاقة بحيث يتم سلب قدرة الإنسان على التفكير والوعي بطريقة كاملة، لكي يتم الاتجاه للتفكير في أشياء أخرى طبقاً للشخص المعالج حيث يتم استخدامه من قبل أجهزة المخابرات والعلاج النفسي للمتطرفين فكرياً لكي يتم الحصول على معلومات سرية وخطيرة.
ويمكن أن يتم الدخول في حالة الوعي البديل من خلال العزل عن العالم الخارجي بصورة تامة وتخيل عالم آخر افتراضي لكي تخرج المشاعر الكامنة في العقل اللاواعي، ويتم أيضًا الخروج من تلك الحالة من خلال طرح بعض الأسئلة على الشخص لكي يعود إلى وعيه بصورة كاملة مع التركيز على الإضاءة.
حالة الوعي أثناء النوم
وقد يظن الكثير إنه بمجرد الدخول في نوم عميق يفقد بذلك العقل القدرة على التركيز أو يدخل في حالة متدنية من الوعي ولكنه على العكس يظل في حالة من الوعي والإدراك ولكن غير مكتملة بحيث تمكنه من استخراج المشاعر الكامنة داخله في صورة أحلام أو خيالات تظهر أمامه وذلك في مراحل النوم العميق.
بينما عند اقتراب اكتمال حالة الوعي أي الاستيقاظ من النوم ولكن ليست بصورة كاملة فيبدأ الفرد في ربط أحداث من البيئة المحيطة به وإدخالها ضمن سياق الحلم، فقد ترى في المنام إنك تختلف مع شخص ما ويعلو صوتك وفي نفس الوقت تبدأ في مرحلة الاستيقاظ وترى شخص ما أمامك فتستكمل الخلاف معه دون وعي ولكن بمجرد الدخول في حالة الوعي الكاملة تبدأ في الإدراك والتواصل مع الآخرين بصورة أفضل.
وفي النهاية نكون قد استعرضنا كافة التفاصيل الخاصة بمفهوم الوعي لدى الإنسان وكيف يمكنه تحديد المرحلة التي يقع بها في الوقت الحالي طبقاً لمقياس هاوكينز سواءً في مرحلة الاكتئاب والحزن أم كانت أقصى مراحل التطور والنجاح والتفكير المنطقي، وما هي حالات الوعي سواء كانت حالة الوعي البديل أو حالة الوعي الدنيا أو تلك التي ترتبط بالنوم، والمراحل التي يمر بها الإنسان مرحلة اللاوعي اللامبالاة والتشاؤم.
أضف تعليق