إذا كنت أحد هواة متابعة المسلسلات والأفلام الأجنبية ففي الغالب ستكون قد شاهدت ذلك المسلسل الذي تدور كل أحداثه على ظهر جزيرة معزولة لا يوجد بها أي نوع من مقومات الحياة الحضارية كما نعرفها في حياتنا العادية. أو شاهدت حادث تحطم الطائرة الأليم الذي كان نتيجته حصار الأبطال في جزيرة معزولة. أو حتى ذلك البطل الذي قرر ترك الحياة الحضارية خلفه باحثا عن الحكمة والحياة بعيدا عن صخب المدينة وتعقيدات البشر التي أصبحت أكبر من أن يفهمها أحد. بالطبع عندما تشاهد هذه الأعمال الدرامية فإنك تظن أنك بعيد كل البعد عن احتمالية أن يصيبك مثل هذا الأمر وأن تستيقظ ذات صباح لتجد نفسك على ظهر جزيرة معزولة لا تحتوي أي شيء سوى الطبيعة البحتة، لكن ماذا لو تخيلنا أننا هناك الآن على جزيرة معزولة وعلينا الآن أن نتأقلم على العيش بداخلها؟ ربما كان هذا الأمر احتماليه قليلة جدا جدا وأنا أتفق معك في هذا، لذلك سنمضي هذا المقال في تخيل أن تلك الاحتمالية الصغيرة حدثت وأن عليك الآن أن تكتشف كيف بإمكانك العيش هناك. ربما، فقط ربما، إذا وجدت نفسك في تلك الاحتمالية الصغيرة جدا جدا، ستكون شاكرا لأنك تخيلت هذا الموقف الآن! هيا إذا دع عقلك يتخيل .. فالخيال لن يضرك في نهاية المطاف.
كيف تنجو على جزيرة معزولة ؟
بداية الرحلة
الآن سنبدأ رحلتنا الخيالية. أنت قمت بحجز خمسة مقاعد على طائرة متجهة إلى مكان جميل من أجل قضاء عطلة الصيف. هذه المقاعد الخمسة تخصك أنت وأربعة أشخاص آخرين من أصدقائك الذين تقومون بكل شيء سويا وتملكون الكثير من الآمال العريضة تجاه هذه الرحلة لأنها هي الرحلة الأولى التي ستقضونها سويا خارج البلاد، كما أنها المرة الأولى لاثنين منكم لركوب طائرة. أمضيتم الكثير والكثير من الوقت للتخطيط من أجل هذه الرحلة والكثير والكثير من الوقت الآخر في تخيل مدى جمال ومتعة تلك الرحلة وتنظيم الأماكن التي ستقومون بزيارتها وكيفية قضاء كل يوم. رغم اعتراض البعض منكم على فكرة وضع جدول وأنه يجب عليكم أن تتركوا المدينة التي أنتم ذاهبون إليها تأخذكم حيث تريد هي لا حيث تريد أنتم. يتغلب رأي الأغلبية منكم على ذلك الرأي الأخير وتستمرون في وضع الخطط والتنظيم بينما ينظر لكم الاثنين الآخرين بسخرية لثقتهم في أنكم ستستمعون إلى رأيهم في النهاية لأن هذه هي طبيعتكم الدائمة. أنتم كائنات برية تحب العشوائية وعدم الالتزام بقوانين صارمة. أمضيتم الليلة السابقة لتحليق الطائرة مستيقظين ومنغمسين في اللعب والمرح والتحضيرات اللازمة. في صباح اليوم التالي توجهتم إلى المطار بعيون منتفخة من قلة النوم ولكن بوجوه تحمل ابتسامة واسعة وعريضة. تأففتم من الخط الطويل الذي كان يفصل بينكم وبين الطائرة وتشاجر بعضكم مع بعض الموظفين نتيجة ضجركم من الروتين بينما كان البقية يقومون بالفصل بينهم والاعتذار نيابة عنهم حتى أصبحتم أخيرا على متن الطائرة. جلس كل منكم على كرسيه وارتدى عصابة العين السوداء وحاولتم الحصول على بعض النوم من أجل التمكن من استنفاذ كل لحظة من أيامكم لحظة هبوطكم من الطائرة في الاستمتاع بمدينة الأحلام تلك.
المفاجأة غير المتوقعة
بينما أنتم مستغرقون في النوم، استيقظ صديقكم ذو النوم الخفيف على بعض الضجة والجلبة من حوله ليجد المضيفات فزعات والركاب يهمهمون فيما بينهم. لم يستطع صديقكم هذا تحديد ما الذي يجري بالضبط، جزء من هذا سببه أنه كان نصف نائم والجزء الآخر أن أحدا لم يكن يتحدث بوضوح عن سبب هذه الجلبة. لكن رغم كل هذا، تمكن صديقكم من استنباط أن هناك أمر خاطئ في الطائرة لأنها كانت تتمايل قليلا ولأنه لمح دخانا يتصاعد من النافذة المجاورة. قام صديقكم بإيقاظكم سريعا وتنبيهكم لأن هناك خطب ما بالطائرة وربما عليكم أن تحاولوا التعامل مع الأمر بسرعة. استيقظتم بصعوبة في محاولة لإدراك ما يحدث، ولكن الوقت لم يكن حليفكم بما يكفي لأنكم سمعتم صوت انفجار في مؤخرة الطائرة وكان هذا الانفجار واضحا جدا هذه المرة. وقبل حتى أن تتمكنوا من هضم الأمر، فوجئتم بالطائرة تهبط إلى أسفل بسرعة جنونية بينما كانت أقنعة الأكسجين تتدلى من السقف والركاب يصرخون في قوة وإزعاج. شاهدت اثنين من أصدقائك يفقون الوعي بينما تبادلت نظرات الهلع مع صديقيك الآخرين وأنت لا تملك أدني فكرة عما يمكنك أن تفعله. شاهدت الطائرة تنقسم نصفين نتيجة السقوط العنيف وشاهدت بعض الركاب يتطايرون مع النصف المتطاير وأصوات صراخهم تخترق أذنك في أسى. كان حزام الأمان لا زال محيطا بك وبأصدقائك وبينما أنت تشعر بالقليل جدا من الامتنان لهذا الأمر شاهدت الكثير من أفرع الأشجار تخترق جسد الطائرة وتأتى من النصف الخلفي غير موجود الآن، وشاهدتها وهي تنغرس بجسد بعض الركاب بينما تنتشل البعض الآخر خارج الطائرة. نظرت إلى أصدقائك فاقدي الوعي وتمنيت لو أنك كنت مكانهم الآن فلا يصبح بإمكانك رؤية كل هذا أو الإحساس به. لم يمض بضعة ثوان حتى تحقق لك ما أردت ففقدت الوعي نتيجة ارتطام شديد تسبب في قذف بعض أمتعة الركاب في وجهك وسقوطك مغشيا عليك.
أين صديقي؟
استيقظت من إغماءك على قطرات ماء كان يرشها صديقك في وجهك –والذي سيتمنى لاحقا لو أنه لم يفرط في هذه القطرات التي ستصبح غالية فيما بعد-. وجدت نفسك مرميا على بضعة أمتار من جسد الطائرة –أو ما تبقى من جسد الطائرة لنكون صريحين سويا-، نظرت حولك فلم تجد سوى الأشجار العالية وبعض الركاب الآخرين الذين يشكون من جروح الارتطام كتلك التي تشكو منها أنت بقوة. حاولت البحث عن باقي أصدقائك بين هؤلاء الركاب فوجدت أحدهم ساندا ظهره إلى شجرة بينما قدمه تبدو مكسورة بشكل واضح. صديق آخر رأيته واقفا على قدمه فحمدت الله على أنه بخير حتى وجدته غير قادر على تحريك يده اليمنى. جعلك هذا تشك في أن تكون قد أصبت بشيء دون أن تدري، فتفقدت يديك وقدميك لتجدهما في مكانهما وعندما حاولت تحريك أطرافك كنت قادرا على ذلك، ربما تمكنت من ذلك بصعوبة لكنك تدرك الآن على الأقل أنك بخير نسبيا وأن ما بك مجرد كدمات ستخف مع الزمن. حاولت الوقوف على قدميك بصعوبة وتجمعت أنت وصديقيك بجوار صديقك الرابع عند الشجرة وبدأتم في التساؤل حول مكان وجود صديقكم الخامس.
جزيرة معزولة
لم تتمكنوا من إيجاد صديقكم الخامس في الركاب الموجودين حولكم فظننتم أنه قد استيقظ قبلكم وأنه يحاول الآن جلب المساعدة لكم من أقرب مشفى أو شرطة موجودة بالجوار. تحركت أنت وصديقك الذي لم يكن مصابا سوى ببعض الكدمات أيضا بالإضافة لصديقك ذو اليد المكسورة للبحث عن صديقكم الأخير، بينما طمأنتم صديقكم ذو القدم المكسورة بأنكم ستعودون إليه سريعا مع بعض المساعدة. تفرقتم أنتم الثلاثة في ثلاث اتجاهات مختلفة من أجل مسح مساحة أكبر في مهمة بحثكم. أمضى صديقكم ساعتين عند الشجرة يتساءل حول سبب تأخركم ونادبا عدم قدرته على التحرك والبحث عنكم أو مساعدتكم. عاد أولكم بعد هاتين الساعتين خائر القوى ممقوت الوجه لكنه لم يتحدث، حاول الصديق عند الشجرة حثه على الكلام لكنه لم يقل سوى “لننتظر قدوم الآخرين”. أتيت أنت والصديق الآخر وعلى وجهيكما نفس علامات الصدمة والوجوم بينما استجمعت أنت قوتك لتقول جملة واحدة. أخبرت صديقك ذو القدم المكسورة بأنكم موجودون فوق جزيرة معزولة ، وأنكم لم تجدوا أي أثر لصديقكم. ساد الصمت والوجوم بينكم لمدة طويلة بينما كل منكم يفكر ما الذي يجب عليكم فعله الآن.
يجب عليك أن تبقى هادئا قدر الإمكان
بينما أنتم غارقون في هلعكم من فكرة وجودكم على جزيرة معزولة وعدم قدرتكم على التواصل مع العالم الخارجي، قال صديق لكم بأنه قرأ أن أول شيء يجب عليكم فعله هو أن تبتعدوا عن الهلع لأنه لن يجلب لكم سوى سوء التصرف وتقليل فرص النجاة. ثم أضاف بأنه قرأ في رواية ” Pincher Martin” لويليام جولدينج – أجل، صديقكم هذا مثقف جدا 😀 – أن الهلع يقودك إلى التصديق والاقتناع بأي شيء سيء رغم عدم قابليته للتصديق. بالطبع كان هذا الأمر صعبا مع حقيقة أنكم لا تعرفون مكان صديقكم بالإضافة إلى جروحكم المتعددة وبالطبع لا ننسى حقيقة “أنكم موجودون على جزيرة معزولة بحق الجحيم!!”. حاول صديقكم تجاهل هلعكم هذا مضيفا إلى أنه قرأ أيضا أن أفضل شيء للقيام به في هذه المحنة هو أن تجد صديقا من أجل التحدث إليه لأن هذا يخفف من هلعكم. نظر صديقكم إليكم وقال بسخرية: حسنا، هذا شيء نملكه الآن. سيكون علينا الآن تحديد أولوياتنا وهي “الأمان، الماء، المأوى والطعام” تماما بهذا الترتيب وبعدها ستكون فرصتنا بالنجاة على جزيرة معزولة هو أمر كبير.
هل هناك خطر يحيط بكم؟
أكمل صديقكم حديثه قائلا: أول شيء على قائمة أولوياتنا هو الأمان. من أجل التأكد من الأمان علينا أن نقوم بالبحث عن حيوانات مفترسة أو مصادر خطر في هذا المكان، ونظرا لأننا بحثنا لمدة ساعتين دون أن يفترسنا حيوان ما في ثلاث جهات مختلفة، فربما كان هذا دليلا على خلو هذا المكان من المخاطر حتى الآن. سنرتضي بهذه الإجابة حتى الآن كبداية وسنحاول البحث لاحقا مرة أخرى ونتمنى أن لا تخبئ لنا تلك الجزيرة ما تخبئه أية جزيرة معزولة لأبطالها في تلك الأفلام والمسلسلات.
ابحث عن الماء أولا
تسائل أحد أصدقائك عن ما إذا كان لديكم طعام كاف للبقاء على قيد الحياة في جزيرة معزولة كهذه، فقمت بالرد عليه بأن الطعام لا يجب أن يكون أولوياتكم الآن بل هو الماء. ثم أضفت أن بإمكان الجسد أن يبقى بدون طعام لمدة أسبوعين بينما يموت إذا لم يشرب الماء بعد ثلاثة أيام فقط. لذلك كانت خطتكم التالية بعد التأكد من تأمين المكان هي أن تتأكدوا من وجود ماء يكفي لبقائكم أحياء على جزيرة معزولة . أضاف صديقكم المثقف أن الإحصائيات تقول بأن الأشخاص المفقودون يتم إيجادهم في غضون بضعة أيام في المتوسط، لذلك يجب على الماء أن يكون كافيا لمدة أكبر من هذه من أجل الحذر والسلامة.
بدأتم عند هذه النقطة بالتواصل مع الركاب الموجودين في نفس البقعة وإخبارهم بما تحاولون فعله فتعاونتم جميعا في جمع زجاجات المياه من كل مكان حولكم. حسبتم عدد الزجاجات التي تملكونها وعدد الأشخاص الموجودين ووضعتم جدولا من أجل استهلاك الماء وتمنيتم من أعماق قلوبكم أن يكفيكم هذا الماء.
ابحثوا عن مأوى مناسب
قال صديقكم المثقف أن عليكم الآن البدء في البحث عن مأوى لكم لقضاء الوقت فيه بعيدا عن الأخطار والاحتماء من برد الليل وما إلى ذلك. نظرتم حولكم فوجدتم أن الشيء المميز في جزيرة معزولة كتلك التي وقعتهم عليها سيكون كثرة الأشجار العالية. حاولتم في البداية البحث عن كهف أو ما شابه لكن لم يحالفكم الحظ. فأتى بعضكم بفكرة استعمال الخشب وتشكيلة على هيئة كهف. بينما تستعملون أوراق الشجر في تكوين الأسرة وتوفير الظل. فالأشياء الأساسية المطلوبة في ملجأ هي أن يكون الملجأ دافئا وظليلا من أجل التمكن من النوم فيه. كنتم بحاجة إلى أدوات حادة تقتطعون بها أعواد الشجر فبحثتم مع الركاب حول أي شيء يمكنكم الاستفادة به من سكين في أمتعة أحدكم من التي وقعت بجواركم في الحادث أو حتى بعض قطع الطائرة الحادة. تعاونتم جميعا في بناء بعض المخابئ التي بإمكانها أن توفر لكم الحماية والظل وأيضا حرصتم على أن تبقى مرتفعة عن سطح الأرض لتجنب الحشرات وما إلى ذلك، وأصبح لديكم الآن أول ثلاث أولويات وهم الأمان والماء والمأوى. الآن تأتي رابع أولوية.
تعرفوا على مصادر الطعام من حولكم
لعل بعض إيجابيات سقوطكم على جزيرة معزولة مليئة بالأشجار هو أنكم لن تجدوا مشاكل كبيرة في الحصول على طعام –لعلك الآن تحمد الله أن القصة الخيالية لم تحدث في صحراء بل على جزيرة معزولة مشجرة، لكنتم تحترقون وتتضورون جوعا الآن. فالأشجار عادة ما تطرح الثمار وحتى الكثير من أوراق الشجر نفسها كثيرا ما تكون قابلة للأكل. سيكون من الرائع إذا كان في أحد الركاب من يملك معرفة كافية حول النباتات الصالحة للأكل من الأخرى السامة. لكن حتى إذا لم تجدوا هذا الشخص فبإمكانكم الاستعانة بالحيوانات الموجودة حولكم لمعرفة أي الأشجار يمكنكم استعمالها وأيها لا. فالشجرة التي لا تقربها الحيوانات سيكون الاقتراح الصائب بالطبع هو أن تبتعدوا أنتم أيضا عنها. إذا كان القصة تدور أحداثها بجانب شاطئ فسيكون بإمكانكم أن تقوموا بصيد السمك أيضا.
إذا كانت الأشجار غير مثمرة، وهذا أمر مؤسف حقا، فسيكون عليكم البحث عن بدائل أخرى مثل أوراق الشجر وجذور النباتات. سيكون هذا الاقتراح مقززا قليلا –لا .. مقزز كثيرا- لكنه لا زال اقتراحا واردا وصحيحا. سيتوجب عليكم الآن البحث عن الحشرات التي يمكنكم تناولها دون أن تؤذيكم بالإضافة إلى إشباعكم. لا تظنوا أن هذا الأمر دون المستوى، فلا تنسوا أن سيمبا عاش على الحشرات طوال فترة حياته مع تيمون وبمبا، وأيضا لا تنسوا تيمون وهو يقول “مزفلطة، بس تملى التنك”. سأترككم لحشراتكم بينما أستمتع أنا بحقيقة أنني لم أكن معكم على تلك الطائرة التي هبطت في جزيرة معزولة مليئة بالحشرات.
هكذا تكونون قد تمكنتم من حصر أولوياتكم الأربعة الوارد ذكرها للبقاء على قيد الحياة على جزيرة معزولة وهم الأمان، الماء، المأوى والطعام.
قيّم مواردك
كان صديقكم المثقف يهمس لنفسه قائلا “قيم مواردك قيم مواردك” في تكرار مستمر عندما سألته ما الذي تعنيه. فقال بأنه قرأ أن الخطوة التالية هي أن تتأكد من تقييم الموارد الموجودة بجوارنا، بالنسبة للماء فإننا يجب علينا أنا نحاول البحث على مصدر دائم لأننا لن نتمكن من العيش على هذه الكمية فقط، بالنسبة للطعام فقد وجدنا المصدر الدائم له وهو هذه الأشجار. تركك صديقك ومضى بعيدا محاولا البحث في حطام الطائرة فسألته عما يبحث؟ فأجابك أنه يبحث عن أي هاتف خلوي أو راديو لاسلكي في محاولة للتواصل مع أي شخص من العالم الخارجي. دخل الليل عليكم وصديقكم لا زال في بحثه والركاب الآخرون كل منهمك فيما هو فيه وباقي أصدقائك غارقون في الحزن على صديقهم المفقود. وضعت يدك على كتف صديقك -الذي تثق أنه يقتل نفسه في العمل من أجل عدم التفكير في المصائر المحتملة لصديقكم المفقود- وقلت له: أظن أن علينا البدء في الأولوية الخامسة الآن. قال صديقك في تسائل، ما هي هذه الأولوية الخامسة؟ فقلت:
إشعال النيران
عندما تجد نفسك على جزيرة معزولة، فإنك يجب عليك التفكير في طريقة لإشعال النار لأسباب كثير جدا. أحدهم هو إبعاد الحيوانات المفترسة لأنها في العادة لا تقترب من النيران، وأخرى هي من أجل توفير الدفء في الليل. أما الثالثة فهي من أجل استعمالها في طهي الطعام وتنقية المياه. سأترك مهمة التفكير في استعمالات أخرى للنار على ظهر جزيرة معزولة من أجلك أنت وأصدقائك لإلهائكم عن مأساة فقد صديقكم. بينما أنتم مستغرقون في التفكير والحديث بعد أن أشعلتم النار، سقطتم في النوم بينما بقيت أنت مستيقظا في مناوبة ضمنية بينك أنت والركاب حيث ستقوم بإيقاظ أحدهم بعد ساعتين وتذهب أنت للنوم. وهذا سيأخذنا للخطوة التالية.
العمل سويا
أحد أهم شروط البقاء على قيد الحياة فوق جزيرة معزولة هي أن تعملوا سويا من أجل بقائكم ومن أجل مساعدة بعضكم البعض. يجب عليكم أن تصلوا إلى اتفاق نحو ما ستفعلونه وكيف ستفعلونه ومن سيفعل ماذا. يجب عليكم أن يساند بعضكم الآخر من أجل أن تبقوا على قيد الحياة ومن أجل أن تبقوا على قيد الحياة عقلاء دون أن يصيبكم الجنون من الوحدة أو عدم التفاهم فوق جزيرة معزولة .
تجهّز للإنقاذ
انقضى الليل واستيقظتم في الصباح محملين بالكثير من المشاعر والأسى. حاولتم جمع الطعام من أجل طعام الإفطار وأخذ كل منكم نصيبه من الماء بينما بحث صديقك المثقف عن قطع أخشاب تصلح لربط قدم صديقك ويد صديقك الآخر كجبيرة. اتفقتم مع الركاب ضمنيا بالخروج مرة أخرى لبحث عن مصادر أخرى للماء أو أي أشخاص مفقودين وأيضا العودة بأية أطعمة صالحة للأكل. بينما بقي صديقك المثقف في محاولة للتعامل مع جهاز اللاسلكي المكسور الذي وجده في بحثه الليلة السابقة. قبل أن تبدأوا رحلتكم صرخ صديقك المثقف قائلا أنكم يجب أن تجمعوا أحجارا أو أي شيء ملفت للنظر لأنكم ستبنون أشكالا كبيرة يمكن رؤيتها من الفضاء لتلفت انتباه أية طائرة تبحث عنكم لأنه بالطبع ستكون هناك من يبحث عنكم. بينما أكمل صديقكم المثقف بحثه حول مسدس الضوء الذي يطلق شرارة تنفجر في السماء لتلفت الانتباه لوجود ناجين في مكان ما.
عدتم من بحثكم دون أن تجدوا مصدرا للماء أو أثرا لصديقكم، لكنكم عدتم محملين بالأشياء الملفتة والطعام كما طلب صديقكم.
لا تفقد الأمل
مضت الأيام عليكم متشابهة حيث تستيقظون وتخرجون للبحث عن مصدر للماء أو عن صديقكم أو عن أي أثر لمن يبحث عنكم، لكنكم لم تتمكنوا من إيجاد أي من هذه الأشياء. أصبح فكرة وجودكم على جزيرة معزولة هي فكرة لا تطاق وفكرة خروجكم من على ظهرها هي فكرة أبعد من أن تقوموا بتصديقها. أصبح الماء المتواجد معكم نادرا لدرجة أنكم تتشاجرون حول من سيحصل على تلك النقطة من الماء. بينما لم يحالف صديقكم المثقف أي حظ في إصلاح راديو اللاسلكي أو إيجاد مسدس الضوء. وحتى لو كان حالفه الحظ في إيجاد مسدس الضوء، فما فائدة مسدس ضوء في جزيرة معزولة لم يمر عليها أحد!
بينما أنتم غارقون في اليأس والعطش الشديد وقرب فقدان الأمل هذا، لمحتم أوراق الشجر المحيطة بكم تتحرك. شككتم أنه قد يكون حيوانا مفترسا نظرا لحجم الورق الذي يتحرك مع تحركه فقمتم بالتأهب واندفع الأدرينالين داخل أجسادكم. وبينما أنتم منتظرون ملاقاة مصيركم البائس هذا تفاجأتم أن الشيء الذي كان يحرك هذه الأوراق هو صديقكم المفقود! لم تتمكنوا من تصديق أعينكم وقمتم جميعا بالجري نحوه وهدر الكثير من الدموع عليه والاحتفاء بقدومه. لكن قدومه لم يكن هو الخبر الأسعد، بل حقيقة أنه تم قذفه في مكان بعيد جدا هو وبعض الركاب الآخرين عن هنا وأنه أخذ وقتا طويلا وصعبا من أجل الوصول إلى هنا. أما بالنسبة للمكان الذي سقط فيه، فهو أنه يحتوي نهرا من الماء العذب! كان هذا الخبر وقدوم صديقكم من أسعد الأشياء التي حدثت لكم وعاد الأمل مرة أخرى يتغلغل داخل قلوبكم.
قم بتنقية الماء
قمتم جميعا بشد رحالكم والذهاب مع صديقكم سريعا إلى المكان الذي أتى منه. أخذ منكم الطريق وقتا طويلا ومشقة كبيرة وعرفتم لماذا لم تتمكنوا من إيجاد صديقكم طوال هذا الوقت حيث أنكم لم يخطر ببالكم أن يكون قد قذف بعيدا إلى هذا الحد. عندما وصلتم أخيرا إلى ذلك المكان ووجدتم بحيرة صغيرة فظننتم أن صديقكم لا يعرف التمييز بين البحيرة والنهر، لكنكم لم تتمالكوا أنفسكم من العطش على أي حال وقمت بالجري على منبع الماء من أجل الحصول على بعضه لكن صديقكم أوقفكم أنتم ومن معكم من الركاب في اللحظة الأخيرة وقام بتحذيركم من الشرب المباشر للماء لأنها ليست نقية بما يكفي، وأنهم إذا أرادوا أن يتناولوا الماء فبإمكانهم شربه من تلك الآنية، وأشار إلى أوعية يوجد بها ماء نقي بكثير عن ذلك الموجود في النهر. فسأله صديقكم المثقف كيف تمكن من تنقية الماء هكذا فأجابه بأنه ليس الوحيد الذي يقرأ عن كيفية النجاة في جزيرة معزولة . أخبره أنه هناك نهر آخر قريب يوجد به ماء أنقى فلا يلزمهم سوى غليه لمدة دقيقتين أو ثلاثة فقط. أما الماء في هذه البحيرة فهو غير نقي ويستلزمهم تنقيته باستخدام فلتر قاموا بصنعه من إناء يوضع فوق النار ويوضع فوقه سطح معدني أو زجاجي مائل في اتجاه إناء أخر. فيتبخر الماء من الإناء ويصطدم بالسطح المعدني فتتكون قطرات من الماء تنزلق في اتجاه الإناء الآخر بينما تستقر الأشياء غير المرغوب فيها في قاع الإناء الأول. سأله صديقك المثقف لماذا لم يستقروا بجوار النهر إذا بدلا من هذه البركة، فأجاب صديقك بأن النهر يوجد حوله حيوانات مفترسه وأن هذه المنطقة كانت أأمن بالنسبة لهم. يبدو أنك كنت تملك صديقين مثقفين لا واحدا فقط.
النهاية
أعلم أن الجزء السابق من القصة هو شديد الأمل وما إلى ذلك، ولكن هذه هي الحياة. المعجزات تحدث، وعلينا أن لا نفقد الأمل حتى وإن كنا على جزيرة معزولة ولم يعد لدينا ما يكفي من الماء أو الأمل. تمنياتي الخالصة بأن لا تتواجد في مثل هذا الموقف إلا إذا كان برغبتك كأن تكون في مخيم كشافة مثلا.
أضف تعليق