تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » توقف دوران الأرض : ماذا سيحدث لو توقفت الأرض عن الدوران ؟

توقف دوران الأرض : ماذا سيحدث لو توقفت الأرض عن الدوران ؟

تدور الأرض حول محورها، وحول الشمس، وأيضًا تسبح في المجرة، لكن ماذا إن توقف دوران الأرض يوم ما، نستعرض الأثر الفعلي لهذا الأمر إن حدث في يوم ما لا قدر الله.

توقف دوران الأرض

أيمكن أن نشهد توقف دوران الأرض حول نفسها يوماً ما؟ سؤال مهم جداً أشغل عقول علماء منذ أن اجتاح الإنسان الفضاء وتعمق في دراسته. لمن لا يعرف فالأرض تدور في ثلاثة حركات مختلفة. الأولى والأكثر شهرة هي حركتها حول الشمس، وتصل السرعة إلى 107 ألف كيلومتر لكل الساعة. الثانية هي حركتها حول محورها، ولو حسبنا سرعتها في الدوران عند خط الاستواء نجدها 1674 كيلومتر في الساعة، ولكن بعض الحسابات الأكثر الدقة الجديدة قالت إن السرعة تصل فقط إلى 1669,9 كيلومتر في الساعة. أما الحركة الثالثة فهي حول مركز مجرة ترب التبانة. يعتقد العلماء أن الأرض كانت تدور بشكل أسرع في بداية ظهورها قبل ملايين السنين، وتأثير القمر على مياه الكوكب هو السبب الرئيسي في القوة التي كبحت تلك السرعة. بحيث كانت عدد ساعات اليوم الواحد على الأرض وقتها أقل بكثير. فما الذي سيحدث لو تدهور الأمر أكثر وتوقف دوران الأرض حول نفسها تماماً؟!

توقف دوران الأرض : ماذا سيحدث للأرض في هذه الحالة ؟

الوضع ليس خطيراً

بدأ العلماء يبحثون في صحة التنبؤ بتوقف دوران الأرض. فوجدوا أنه بالفعل سرعة دوران الأرض حول محورها تتباطأ شيئاً فشيئاً. والسبب هو القمر وتأثيره على مياه المحيطات والتي تشكل الجزء الأكبر من سطح كوكب الأرض، فتعمل المياه كأنها فرامل توقف دوران الأرض بهدوء شديد إلى الوقت الذي ستتوقف فيه تماماً. دوران الأرض يتباطأ بمعدل 1,7 مللي ثانية لكل 100 سنة. وهذا الرقم غير خطير أبداً لأنه بطيء جداً، بحيث تحتاج الأرض بهذا الشكل إلى 1900 مليار سنة حتى تتوقف تماماً. ومع ذلك يبدو أنه هناك مخاطر من هذا الحدث سيؤثر على البشر قبل ذلك.

قبل هذا الوقت ستكون الشمس وهي المصدر الأساسي لقيام الحياة على الأرض قد تحولت إلى عملاق أحمر بدون وقود، ومن المتوقع حدوث ذلك بعد خمسة مليارات سنة فقط. وحتى قبل هذه الواقعة وبعد حوالي 500 مليون سنة أو أكثر، ستتسبب أشعة الشمس الضارة من الشمس المتضخمة إلى زوال الحياة من كوكب الأرض. مما يجعل حدث توقف دوران الأرض يبدو بعيداً جداً أكثر مما قد يقلقنا الآن.

دعونا نتخيل أن الأرض والحياة صدمت حتى لحظة توقف دوران الأرض

دعنا ننسى أن الخطر بعيد جداً عنا، ونفكر عن مخاطر توقف دوران الأرض بالفعل على الكوكب والحياة بداخله. قام العلماء بفحص وتوقع الموقف التي ستوضع الأرض فيه حينها، عن طريق تقديم موديل بالحاسوب، فجاءت النتائج التالية:

  • مياه المحيطات هي من تفصل القارات عن بعضها، وتتجمع في تكتلات واضحة لتحدد جغرافية الأرض. ومن مستوى سطح المياه نقارن الارتفاع لكل شيء موجود على الأرض. بحيث يكون سطح المياه هو الارتفاع صفر، وما يعلوه فيمكن له أن يتم قياسه. ولكن ما الذي يكبح المياه لتظل مكانها وتظل مستقرة ومستواها معروف وثابت؟ الجاذبية الأرضية هي السبب، لأنها تسحب المياه إليها ولا تدعها تفلت. بالإضافة إلى قوة وسرعة دوران الأرض حول محورها، فيكونان المتحكمين الرئيسين في استقرار مياه كوكب الأرض. بسبب المليارات من السنوات التي ظلت فيها الأرض تدور حول نفسها، اتخذت الأرض شكلها البيضاوي، مما يتسبب في قرب سطح المياه عند خط الاستواء من مركز الأرض، مقارنة بسطح مياه القطب الشمالي أو الجنوبي من مركز الأرض. فارق المسافة يصل إلى 21,4 كيلومتر. أي أن سطح مياه خط الاستواء قريبة من مركز الأرض أكثر من سطح مياه الأقطاب بهذا المقدار.
  • من هذه النقطة سنبني التوقع الآتي: إذا توقف دوران الأرض حول محورها وبقيت لتدور حول الشمس فقط، ستتحول الكرة من الشكل البيضاوي إلى الشكل الكروي في عام واحد فقط. بحيث تصبح المسافة من مركز الأرض إلى خط الاستواء أو إلى أحد الأقطاب، واحدة ولا فرق. بالإضافة إلى أننا لن نتمكن من حساب اليوم بعد الآن، وستصبح الحساب الوحيد المتاح هو حساب السنة. كلما لفت الأرض حول الشمس لفة كاملة تكون قد مرت سنة.
  • لن يوجد بعد الآن ليل ونهار، بل سيصبح للأرض وجهان، الأول معرض للشمس دائماً والثاني بعيد عنها دائماً. الأول يعيش في نهار لا ينقطع، والثاني يعيش في ليل وظلام دائم. وفي كلتا الحالتين لن يكون للإنسان قدرة على المعيشة لا هنا ولا هناك. لأن انقلاب الليل والنهار يعتمد على دوران الأرض، فالشمس ثابتة في مكانها ودورانا نحن حولها ثابت، إنما دورانا حول نفسنا يجعل كل منطقة توجه نظرها للشمس مرة، وتختفي من وجهها مرة أخرى.

التأثيرات الجيولوجية على الأرض بسبب توقف دوران الأرض

  • توقف دوران الأرض سيؤدي إلى نتائج كارثية في البيئة والجيولوجيا. القوة الصادرة من سرعة دوران الأرض هي التي تحكم استقرار مستوي مياه البحر، بالصبح تتدخل في ذلك الأجرام السماوية مثل الشمس والقمر ولكن تأثيرهما ضعيف. كما أن ذلك الدوران هو الذي يعطي البروز على جانبي الكوكب عند خط الاستواء، معطياً الشكل البيضاوي المميز لكوكب الأرض. وعندما تبقى جاذبية الأرض فقط دوناً عن الدوران لتشكل جغرافية الكوكب الجديد، سينتقل ذلك البروز من المياه والمقدر ب8 كيلومتر إلى منطقة الجاذبية الأقوى.
  • أين تقع المنطقة التي تمتلك أكبر جاذبية؟ بالطبع عند القطبين. إذاً ستنتقل مياه المحيطات نحو الأقطاب تدريجياً. وبذلك ستظهر يابسة جديدة تتوسع بشكل ملحوظ عند خط الاستواء، حتى تصبح قارة كبيرة جداً. أي ستتحول الأرض إلى قارة كبيرة جداً في المنتصف، ومحيطين كبيرين عند الأطراف العلوية والسفلية. معنى ذلك أن المحيطين لن يكونا متصلين ببعضهما، فهما منفصلين بالقارة الوحيدة الكبيرة جداً التي تمر بالمنتصف. في البداية ستغرق كل المناطق المنخفضة الشمالية مثل أجزاء من سيبيريا وكندا، لكنها ستكون أسرع من تكون اليابسة الجديدة عند خط الاستواء. لأن المياه عميقة جداً عند خط الاستواء وستحتاج إلى وقت طويل لتنتقل نحو القطبين. أما المناطق الشمالية فتقع قرب سطح المياه ولن تحتاج وقتاً طويلاً حتى تغمرها.
  • نحن اليوم نظرياً نمتلك محيطاً واحداً لأن كل المياه متصلة بطريقة ما. ولكن وقتها ستأخذ الأرض وقتها في فصل المياه تماماً، وأخر حلقة وصل ستنتهي عن جزر الكاريبي. ومن بعدها يصبح لدينا محيطين منفصلين تماما عند الأقطاب، ومساحة شاسعة تلف الأرض من اليابسة والأراضي الجافة المالحة. فلا توجد بحار ولا أنهار، وهناك فقط يابسة وجفاف، والسواحل الوحيدة هي الموجودة عند الأطراف الجنوبية والشمالية التي تطل على كل محيط.
  • من المفترض أن حوض القطب الجنوبي سيسع المياه بشكل أكبر من حوض المياه الشمالي. ولأن المياه محدودة وستتوزع بالتساوي سيكون سطح مياه الحوض الجنوبي أقل من سطح مياه الحوض الشمالي. الفرق بين الاثنين سيكون 1407 متر. تلك النتائج ستؤدي إلى كارثة أكبر وهي انعدام التيارات البحرية والهوائية. وهي التي تسمح بتوزيع درجات الحرارة بشكل معتدل على كل أجزاء العالم، بحيث تسمح للحياة في الشمال البارد وعند خط الاستواء الحار. ولكن كل هذا لن يوجد بعد الأرض وستدخل الأرض في عصر جليدي أصعب من أي عصر متجمد دخلت فيه. وسيغطي الجليد ما كان يعرف بالقارة الأوروبية حتى حدود البحر المتوسط الآن.

كل ذلك يا عزيزي لن يتحقق ولو بعد أربعة مليارات سنة من الآن على الأقل، فلن يعاصرها الإنسان في أحسن أحواله. فاحمد الله على عدم توقف دوران الأرض. لكنك الآن تعلم أن لولاه لما كان هناك نهار وليل، وشكل بيضاوي، ولا درجات حرارة معتدلة نسبياً، وكنا سنقع إما في منطقة شاسعة من الصحراء الجرداء في المنتصف بعيداً عن المحيطات أو في مناطق التجمد والعصر الجليدي.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

2 × أربعة =