أحيانًا نحتاج إلى تلخيص رواية في سطور قليلة في حالة إن كنا سنكتب مقالا عنها أو نقوم بكتابة مراجعة أو حتى نحكي الإطار العام لها لشخص ما، وفي السطور التالية سنتحدث عن كيفية التلخيص بالتفصيل كي يمكنك إنهاء هذه المسألة دون أن تقوم بحرق أحداثها أو تفسدها على الشخص المتلقي لهذا التلخيص، وإليك أبرز خطوات التلخيص وإرشاداته.
استكشف هذه المقالة
الحديث عن الأبطال والجو العام في البداية
عند تلخيص رواية يجب أن تتحدث عن الشخصيات الرئيسية في الرواية أو الأبطال الذين يحركون مسار الأحداث، وهم قد يكونوا واحد أو اثنين أو ثلاثة لهم علاقة مباشرة بمسار الأحداث وتدور حولهم القصة وفي الغالب يكون هناك رابط بينهم أو علاقة تجمعهم، مثل صلة قرابة أو صداقة أو يكونا زوجين أو حبيبين أو حتى أعداء، ومن خلال الأفعال وردود الأفعال بينهما تتشكل الرواية والأحداث، والحديث عن الأبطال لا ينبغي أن يتجاوز سطر واحد عن كل شخص تذكر فيها اسمه ووظيفته وعمره ويمكن استثناء شخص لديه سمة بارزة يجب الالتفات إليها وتكون مؤثرة في سياق الأحداث، وبعد ذكر الأبطال الرئيسيين نذكر المكان والزمن في الرواية حيث يجب أن نذكر في أي مدينة جرت أحداث هذه القصة، وإن لم تكن مدينة مسماة في الرواية يجب أن نذكر سماتها، مثلا هل هي ساحلية أم ريفية أم حضرية، هل هي هادئة أم صاخبة، هل هي رتيبة أم يجري فيها حدث ما مثل أن هناك حربًا تجري فيها مثلا، وهكذا، ثم تذكر الزمن هل هو زمن معاصر أم قديم؟ وإن كان في حقبة معينة فلابد من ذكر الحدث المسيطر على تلك الحقبة في هذا الوقت فلو ذكرنا أن الرواية تدور في أوائل عقد أربعينيات القرن الماضي مثلا فنذكر أن أجواء الحرب العالمية الثانية هي المسيطرة في هذا الوقت إن كان هذا له تأثير على أحداث الرواية، بهذا يمكن أن نشكل الجو العام المحيط بالرواية للقارئ كي يتمكن من استيعابها.
ذكر المنعطف المهم في الرواية
عند تلخيص رواية يجب أن تذكر المنعطف الذي أدى إلى تداعي الأحداث في الرواية وجعلها جديرة بالحكي، ولا ريب أن معظم الروايات تحتوي على حدث رئيسي غير طبيعي وغير معتاد قد سبقه وضع مستقر وعادي، وهذا الحدث هو ما قلب الوضع المستقر وجعل منه وضعًا متوترًا ويحاول أبطال الرواية في معظم الأحيان إعادة الأوضاع إلى استقرارها مرة أخرى، ولعل أبرز مثال يحضرني في هذه اللحظة عن ذكر الحدث الرئيسي بعد وضع عادي ومستقر رواية “المسخ” لفرانس كافكا وهو بالمناسبة أسرع دخول في الحدث الرئيسي، حيث في مفتتح الرواية يحكي الراوي عن “جريجوري سامسا” الذي استيقظ ليجد نفسه قد تحول إلى حشرة عملاقة، هكذا نجد أن الوضع المستقر والعادي أن جريجوري سامسا كان آدميًا عاديًا وأن الحدث الرئيسي أو المنعطف المهم الذي أدى إلى تداعي الأحداث هو تحوله ذات صباح دون أي سبب إلى حشرة، لابد عند تلخيص رواية من ذكر هذا المنعطف كي يتفهم القارئ الحدث الرئيسي في الرواية.
التوقف عند المنتصف
مهما حاولت حكي الأحداث إجمالاً في محاولتك لتلخيص رواية فعليك أن تتوقف عند منتصف الأحداث بحد أقصى، حتى لا تجد نفسك قد حكيت الرواية إجمالاً، والمنتصف تحديدًا لأنه عادة عند منتصف الرواية تكون قد بدأت الأحداث في الصعود نحو ذروتها والقارئ المتمرس يستطيع التنبؤ أو التكهن بالأحداث التي في الرواية وتخمين كيف سيقوم الكاتب بتسيير أبطاله وأحداث روايته فيما بعد، ولذلك عليك أن تترك إجمال القصة عند المنتصف وذلك حتى لا تفسد متعة قراءة الرواية على القراء وفي نفس الوقت بتلخيصك للأحداث عند قبل المنتصف تكون قد أعطيت فكرة كاملة لأي شخص يريد أن يقرأ الرواية، لكن مهما كان ومهما حدث لا تحاول أن تلخص بعد منتصف الأحداث وإذا كان هناك سؤال قم بمشاركة القارئ هذا التساؤل مثل: “هل سينجح محمود في الوصول إلى حبيبته في نهاية الرواية؟” لكن دون إعطاء أي إجابة أو تلميح حول ذلك.
عدم الكشف عن حلول ألغاز الرواية
عند تلخيص رواية عليك ألا تقوم بحل ألغاز الرواية، بالطبع هناك الكثير من الروايات التي تدور في إطار من التشويق وتعتمد على الألغاز والأسرار من بداية الرواية، وليكن هناك مثال، شخص استيقظ من نومه فوجد نفسه في مكان آخر لا يذكر شيئًا ولا يعرف من هو ولا يذكر هذا المكان ولا كيف وصل إليه، لا بد أن كل هذه أسرار وألغاز في الرواية تحتاج إلى كشف وحلول، فهل عليك أن تجيب عن هذه الأسئلة؟ بالطبع لا هذه ليست مهمتك، مهمتك فقط هو طرح هذه الأسئلة على القارئ أيضًا وتجعله هو بنفسه يقرأ الرواية للوقوف على كشف هذه الأسرار وحل الألغاز التي فيها لكن لا تقوم أنت بهذا الكشف حتى ولو تم الكشف في الصفحة الثانية من الرواية، هذه ليست مهمتك على الإطلاق.
استخدام التورية للتشويق للرواية
عند تلخيص رواية، لا ينبغي ألا تقوم بحرق الأحداث فحسب، بل يمكنك أيضًا أن تقوم باستخدام التورية وإخفاء بعض الأحداث لإضفاء التشويق على الرواية وعلى أحداثها بالنسبة للقارئ، مثلا عند تلخيص رواية عن شاب يراقب فتاة من خلف النافذة وذلك أسوة مثلا بفيلم “فيلم قصير عن الحب” يمكنك أن تقول “فما هي الحيل الذكية التي سيستخدمها الشاب لكي يخرب للفتاة مواعيدها الغرامية؟ وكيف سيتصرف من أجل ملاقاتها والاحتكاك بها أكثر؟” أيضًا فيما سقناه عن الحدث الرئيسي في الرواية، يمكنك ذكر نصفه وإخفاء نصفه، مثلا لنتخيل أن هناك موظف عادي في إحدى الشركات بالكاد يكفيه مرتبه وهذا شيء طبيعي ومعظم الناس يعيشون بهذا الشكل، يأتيه خبر بأن له عم في إحدى الدول مات وترك له ميراث، هذا هو بالطبع الحدث الرئيسي الذي سيؤدي إلى انقلاب الحال، ولكن يمكن أن يكون هناك أمرًا آخر متعلق بهذه التركة، لكنك لا تحب إظهاره فتقول مثلا: “موظف عادي يعمل في شركة ويربح ما يكفيه بالكاد لسد احتياجاته يأتيه خطاب بوفاة عمه في دولة كذا والتوصية بنقل كافة ممتلكاته له، ولكن من أجل تنفيذ هذه الوصية فهناك شروط، ما هي هذه الشروط؟” هنا أنت قمت بتشويق القارئ لقراءة الرواية ربما فقط لمعرفة الشروط بغض النظر عن قبول البطل بها أم لا.
عدم الحديث عن النهاية بأي ثمن
عند الكتابة عن تلخيص رواية يجب أن تراعي في هذا الملخص عدم الحديث عن نهاية الرواية مهما حدث أو كشف أسرارها مهما كانت نمطية وتقليدية، الحديث عن النهاية بمثابة حرق للرواية كلها وانتهاك لجوهرها، هل جربت من قبل أن تقوم بشراء رواية وتفتحها من آخر صفحة لقراءة المشهد الأخير فيها؟ لِمَ لم تجرب هذا؟ بالطبع لأنك لا تريد على نفسك قراءة رواية أنت تعرف نهايتها مسبقًا، ومهما بلغ استمتاعك بها فإنك لا تريد أن تعرف أن البطل الذي ستحبه وتتعاطف معه ومع قضيته سيموت في النهاية، أو أن البطل الذي سيلاقي الأخطار ويتحدى الصعوبات ويتعرض لمساوئ وتجارب شديدة الألم، سوف يصل إلى حبيبته ويعيشان في هناء وسعادة، الأمر انتهى بالطبع بالنسبة لك وسيكون قراءتك لأحداث الرواية مجرد تحصيل حاصل لا دافع له.
تلخيص قصة قصيرة للأطفال
تلخيص رواية أو قصة قصيرة للأطفال أمر على الرغم من أنه يبدو بالغ البساطة إلا أنه ينطوي على شيء من الصعوبة أيضًا ولذلك هناك بعض الإرشادات فيما يخص تلخيص رواية أو قصة قصيرة للأطفال:
- استهداف الفئة العمرية التي تقوم بالتلخيص من أجلها فأطفال في الخامسة مدى استيعابهم لا يرقى لأطفال في العاشرة وكذلك أطفال في الثالثة عشر، وبالتالي يجب عليك تفهم مقومات كل مرحلة عمرية والعمل على بنائها.
- تبسيط المفاهيم واستبدال الأشياء الصعبة المجهزة للكبار بأشياء بسيطة وصغيرة ومناسبة للفئة العمرية هذه فبدلاً مثلا من شخص يعمل أخصائي هندسة أجهزة طبية، يمكنك أن تجعلها بائع غزل البنات أو صانع حلوى، وبدلاً من أن يكون المكان مصنع للغزل والنسيج أو مصنع للحديد والصلب لماذا لا يكون المكان مصنعًا للشيكولاتة مثلا؟ وهكذا.
- اللعب على الخيال أكثر من الواقع، لأن الواقع يناسب البالغين الذين خاضوا تجارب ومواقف تحاكيهم بينما اعتماد الأطفال الأساسي على الخيال بالتالي يجب عليك أن تدخل إلى خيالاتهم ولا تحاكيها فحسب بل تنميها أيضًا ولا مانع من الشرح واستخدام مفردات بسيطة في الشرح.
- التقصير قدر الإمكان فلا ينبغي أن نشعر الأطفال بالملل ولا ينبغي أن تكون القصة مبتورة أيضًا أو ناقصة أو غير مشبعة ولكن في نفس الوقت لا ينبغي أن تكون طويلة من حيث السرد، أو هذا ما قد يطلق عليه التكثيف.
تلخيص رواية في اللغة العربية
كيف يمكننا تلخيص رواية في اللغة العربية، بمعنى تعريبها أو اختصارها، عادة يكون هناك قصص أو روايات كلاسيكية هامة جدا وقيّمة ولكنها تظلم في خِضم الحجم الكبير لها، ومنها مثلا رواية الشياطين لدستوفيسكي أو البحث عن الزمن المفقود لبروست أو آنا كارنينا لتولستوي، هذه الروايات قد تجاوز صفحاتها الألف صفحة، وهناك كثير من القراء من ينتابه الملل من قراءة كل هذا الكم ولا يريد أن يفوته شيء من المتعة، فكيف تستطيع تلخيص رواية إلى العربية في هذا الصدد؟ هذا ما سنجيب عنه:
- اختصار الأحداث دون الإخلال بها، فعادة كان الكتاب القدامى يضيفون مشاهد ومواقف ليس لها أي داعي في السرد ولا تؤثر في الكثير من جودة الأحداث وحذفها لن يخل بإيقاع الرواية، وهذه الأحداث قد تحتل صفحات كاملة وهذا سوف يوفر لنا الكثير من الوقت والجهد.
- وصف الأماكن، هذه من الأمور التي كان يبالغ الكتاب القدامى في تفصيلها بشكل يصيب القارئ بالملل ولا يجعله يشعر بالمتعة، لذلك يمكن الاستغناء عن وصف الأماكن لصالح الرواية والمتعة التي تحتويها، وهي عموما أماكن لا تهم القارئ المعاصر كثيرًا لأنها بنت زمنها ووقتها ومكانها الذي حدثت فيه.
- عدم إغفال التفاصيل الصغيرة التي تعتبر مفاتيح لاستيعاب الرواية وفهمها، وعلينا دائمًا عدم إهمال هذه المفاتيح مهما كانت بسيطة حتى يحصل القارئ على المتعة الكاملة.
خاتمة
تلخيص الروايات من الأمور الهامة جدا حيث تجذب القارئ الذي لم يقرأ الرواية بعد للاطلاع عليها، أو تنمي خيال الأطفال أو تختصر العديد من الصفحات مقابل إمتاع القارئ وتجنبه للملل.