من المهارات التي أصبحت منظمة في العصر الحالي، مهارة تعليم الرضع السباحة ، ولا نستطيع أن نقول أنها اكتشفت حديثاً، لما في هذا من تعالي على الثقافات الشعبية المتوارثة منذ بدأ الخليقة ربما، فلطالما عرف الإنسان قدراته بالتجربة والخطأ، ومن المؤكد أن الإنسان في مرحلة مبكرة، غالباً ما قبل التاريخ حتى، اكتشف قدرة الرضع على السباحة، لكن أكيد كانت مجرد وسيلة للمتعة واللعب، أو ربما لتجنب المخاطر، أو خلال الانتقال عبر البحيرات والأنهار، لكن ربما ممارسة تعليم الرضع السباحة ، بشكل منظم له مدربين وأماكن تعليم، ويخضع لقوانين وقواعد محددة، هو أمر حديث نسبياً بالنسبة للإنسان المعاصر، وإن كانت الأمهات تبدو قلقة في البداية بالطبع من فكرة وضع رضيعها في الماء، إلا أنهن بمعرفة مدى نفع تلك المهارة للطفل، ليس فقط من الجانب الجسدي بل والسلوكي والنفسي أيضاً، ويضمن خلو المسألة من المخاطر خاصة خطر الغرق، فإن الأمهات أنفسهن يسعين لمهارة تعليم الرضع السباحة .
استكشف هذه المقالة
تعليم الرضع السباحة فطرة
قدرة تعليم الرضع السباحة ، ظاهرة تم رصدها ومتابعتها حديثاً، وفي بداية الألفيات تم انتشارها شعبياً، بسبب ظهور أطفال رضع يسبحون في فيديو كليب لأحد الأغاني الأجنبية الشهيرة، ومن بعدها تم عمل حلقات متتالية في برامج مختلفة عن تعليم الرضع السباحة، وكيف تمكنهم بسهولة من تلك المهارة بشيء فطري بداخلهم، حيث يتميز الأطفال الرضع بقدرة مدهشة على التحكم في أنفاسهم، وتحريك أجسامهم في الماء، حيث يقوم الرضيع تلقائياً بغلق أنفاسه ورئتيه بشكل طبيعي تماماً في الماء، كما يستطيع أيضاً الطفل البقاء في حالة “الغوص” تحت الماء لفترات قصيرة، لكن بالطبع هناك عدة إرشادات يتم من خلالها تعليم الرضع السباحة بمهارة وبدون التعرض لخطر الغرق، وقد أثبتت دراسات أجراها مجموعة من الباحثين في أمريكا عام 2004م، وتم نشرها في مجلة نيويورك تايمز الشهيرة، تحت مقالاً بعنوان” قبل أن تتعلم الزحف، يجب عليك تعلم السباحة”، تعليم الرضع السباحة مهارة بالفطرة تولد معنا، والعمل على تعزيزها قبل أن ينساها الطفل، يعزز مهارات الطفل ويفيده طيلة حياته.
السباحة لحديثي الولادة
السؤال الذي يتبادر لذهن الكثيرين، متى نبدأ في تعليم الرضع السباحة ؟ حسناً الرضع يكون لديهم القدرة على السباحة منذ اليوم الأول، قدرة بيولوجية خاصة فيهم تمكنهم من السباحة كأنهم قضوا فترة الحمل كاملة في التعلم!، ويتمكن الرضيع من السباحة بشكل كامل بسبب قدرتين خاصتين فيه وهما:
- القدرة على ضرب الماء ودفع نفسه للأمام، باستخدام يداه وقدميه، وبشكل طبيعي قد تكتشفِ صدق هذا لو وضعتِ الرضيع في حوض مليء بالماء، ورفعتي رأسه قليلاً لأعلى وهو نائم على بطنه، وستجديه بتلقائية، يتحرك دافعاً يداه وقداماه كأي سباح متدرب.
- للطفل قدرة فطرية أيضاً منذ اليوم الأول على غلق رئتيه تماماً، وكتم أنفاسه، حتى لو لم يغلق فمه، فإنه يتوقف هكذا ببساطة عن التنفس لثواني، قد تمكنه حتى من الغوص.
ولذلك فإن سن تعليم الرضع السباحة ، منوط بقدرة الأم على الذهاب مع طفلها للمسبح، فلطالما الرضيع سليم معافي مكتمل النمو، فمنذ الشهر الأول يمكنه البدء في التمرينات على تعليم الرضع السباحة .
تعليم الأطفال الرضع السباحة
الأكيد أن قبل البدء في ممارسة تعليم الرضع السباحة بشكل مهاري منتظم في مكان معين، هناك بعض الأمور التي بجب عليكِ أن تمهدي بها طفلك لتلك التجربة، ليتجنب أي مخاطر خاصة بالتجربة الشعورية، ففي البداية لا يتم من فوره وضع في حمام السباحة مع المدرب، بل يتم تعويده على حوض السباحة للعب وتحبيبه فيه، ويجب أن تنتبهي لاستخدم كريمات مضادة للشمس قوية المفعول، ولا تتركيه بمفرده في حوض السباحة أبداً، حتى لا يفقد شعور الأمان ويرفض بعد ذلك النزول للمسبح، يجب أن يتعود الطفل في البداية على المياه والتحرك فيها والبعد بضع خطوات عن أمه للعب بحرية، ومن الهام أن تتأكدي من نظافة المياه المستخدمة في أحواض السباحة، ويكون مخصص للأطفال الرضع، وحتى إن كان حمام السباحة مغلق، فإنكِ يجب أن تدهني جسد الطفل بكريم يحميه من الالتهابات الجلدية، فإن تعرض الطفل لأي التهابات أو مشاكل، سيجعل السباحة تتركز في ذهنه على أنها تجربة أليمة، ويرفض النزول إليه مرة أخرى.
فوائد تعليم الرضع السباحة الجسدية
تعليم الرضع السباحة له عدد من الفوائد الجسدية المهمة، فبالإضافة لمدى أهمية تعلم وإتقان القدرة على السباحة في حماية الإنسان من شر الغرق طيلة عمره، فإن تعليم السباحة الرضع يكسبهم قدرات جسدية إضافية ومنها:
- تحسين أداء الجهاز التنفسي، وتقوية الرئتين.
- تقوية عضلات القدمين واليدين بشكل كبير.
- المرونة والقدرة على التحكم في العضلات المختلفة للجسد.
- تقوية عضلة القلب وحمايتها من أي أمراض.
- تحسين الدورة الدموية وتنشيط الجهاز العصبي.
- تمرين عضلات الظهر والبطن وإكسابهم المرونة والقوة طيلة عمره.
- السباحة تخلص طفلك من الوزن الزائد الذي يكتسبه، دون فقده لأي فيتامينات أو معادن.
- تحسن من تدفق الدماء إلى خلايا المخ، مما يزيد من قدراته الذهنية.
- تحسن من أي مشاكل بالولادة مثل “الفتق السري” أو أي مشاكل أخرى.
فوائد تعليم الرضع السباحة النفسية
بالإضافة للفوائد الجسدية المذهلة التي رصدناها سابقاً في مهارة تعليم الرضع السباحة ، فإن للسباحة فوائد جمة على نفسية وسلوك الرضيع بشكل عام، وهي فوائد تترسب في ذهنه ووجدانه، ويتعايش بها طيلة عمره، ومنها:
- تزيد قدرة الطفل على التحمل، والمعاملة بمرونة مع تقلبات الحياة.
- السباحة في الماء تقلل من التوتر والتشنجات، وتجعله أكثر هدوءًا.
- سباحة الرضيع مع أمه تزيد من طاعة الطفل لأمه وتقربه منها.
- تعوده على المعاملة مع الناس، وتحسن سلوكه مع الغرباء.
- تزيد قدرة الطفل على الصبر والسيطرة على النفس.
- تقلل من العصبية ومشاكل الغضب والتوتر التي يولد بعض الرضع بها.
- تعزز ثقة الطفل بنفسه، وتعطيه مشاعر إيجابية.
- تزيد قدراته الذهنية على التعلم والقابلية لاكتساب المهارات.
أضرار تعليم الرضع السباحة
كأي شيء نتعلمه، له أضرار كما له فوائد، لكننا حينما نعرف أضرار الأمر، فإن هذا يساعدنا على تجنبها والتقليل من خطر التعرض لها، تعليم الرضع السباحة له فوائد مذهلة، وقد يغير حياته بالكامل، وينقذه من خطر الغرق طيلة عمره، ومع ذلك فغنه قد ظهرت بعض المخاطر في سلوك الطفل ونفسيته أو من الناحية الجسدية، ومن تلك المخاطر:
- التعرض لخطر الإصابة بالأمراض الفيروسية والجلدية بسبب المياه.
- زيادة خطر التعرض لمرض الإنفلونزا.
- الإصابة بالرهاب المائي، حال حدوث أي اضطراب أثناء السباحة.
- فرط الحركة والنشاط، والتعلق الزائد بالسباحة.
- التجارب النفسية السيئة، تترسب في نفس الطفل ويصعب حلها، ففي حالة التعرض لأي موقف يبعث فيه مشاعر سلبية، مثل الخوف أو القلق والتوتر، أو التعنيف من قبل المدرب، قد تتسبب للطفل في عقدة نفسية، تنمو معه مع الكبر، ويتخذ موقف معادي من السباحة.
- التعرض لإصابة في العضلات، أو في الرأس، قد تعرضه لخطر الغرق.
أماكن تعليم الرضع السباحة
في الفترة الأخيرة، ومنذ الألفيات تقريباً انتشرت مراكز مختلفة لتعليم الرضع السباحة، وهي مجهزة بكافة وسائل وأدوات الأمان التي تجنبهم مخاطر الغرق، بالإضافة لمدربين محترفين، يتمتعون بقدر عالي من مهارة التعامل مع الرضع بالإضافة لقدرتهم على تعليم الرضع السباحة ، وتلك الأماكن تتوافر في معظم الأندية الرياضية بالوطن العربي، ويجب عند اختيارك لمكان أن تتأكد من توافر الشروط التالية به:
- أن يكون المدرب نفسه، فاهم لتكنيكيات تعليم الرضع السباحة ، من مهارات كتم الأنفاس بالتدريج، ومن المدة المناسبة لعمر كل رضيع، والقدرة على التعامل مع سلوكيات الرضيع المختلفة.
- توافر كافة وسائل الإسعافات الأولية بالمكان.
- قرب المكان من مستشفى مجهز طبياً ووجود وسائل اتصالات سريعة.
- نظافة المكان واهتمامه بالتعقيم.
- حصول المكان على التراخيص اللازمة، والتحاقه بالمسابقات الدولية المخصصة لهذا الشأن.
في النهاية فإن مهارة تعليم الرضع السباحة ، تعد واحدة من أهم المهارات التي تلقنيها لطفلك منذ نعومة أظافره، ومعظم أماكن تعليم السباحة تقبل الطفل من عمر شهرين، وهو العمر المناسب لإكساب الطفل كافة المهارات اللازمة وتجنبه خطر الصدمات أو النفور من المياه، فإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوصانا بتعليم أطفالنا السباحة، ف قوله “علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل” صدق الرسول الكريم، فإن تعليم الرضع السباحة هو السن الأفضل من المتعارف عليه في ثقافتنا من بدء التعليم في سن الخامسة تقريباً، ففي سن الرضاعة يكون مهارة السباحة البيولوجية لا زالت في ذاكرة الطفل، وتنتقل بشكل لا واعي مبسط لمهارة حقيقية يمارسها، ببساطة دون عناد أو رفض كما يحدث مع الأطفال الأكبر سناً.
الكاتب: شيماء سامي
أضف تعليق