تعليم الإتيكيت للأطفال أمر متعب والطفل الغير المحترم للعادات الإتيكيت المعروفة هو طفل مزعج ويضيع جماله وسط أصدقاء الأب والأم. ويكون سبب إحراج كبير للأهل ويكون العيب منهم هم الذين لم يهتموا بتعليم الإتيكيت للطفل أو فعلوا الأمر بطرق خاطئة، وفي مقالي اليوم سأضع أمثلة بسيطة لأمور محرجة يفعلها الأطفال ويجب ألا يسكت عليها الأب والأم وفي كل موقف سأضع بعض الاقتراحات بمساعدتك على تعليم الإتيكيت للأطفال.
أساسيات تعليم الإتيكيت للأطفال
تعليم الإتكيت للأطفال في طلب الطعام أو الشراب
عندما تذهب بطفلك لأحد أصدقائك يمكن أن تجد الطفل بغير قصد يخطف الشوكولاتة الموضوعة على الطاولة، فقط لأنها أعجبته وأحب أن يجربها، قد يقول المضيف أن لا مشكلة ودعه يفعل ويأكل ما يريد، ولكن مثل ذلك التصرف هو أمر محرج. وأنا أستعجب من الأبوين الذين يسكتون عندما يشاهدون مثل هذا الموقف ولا يضعون اعتباراً للمضيف وبيته ويتركون أطفالهم يأكلون ويشربون وكأنهم لا يأكلون إلا عند الغرباء.
في هذا الموقف يجب عليك أولاً أن تراعي إحساس الطفل، أي أن الطفل لا يستطيع أن يمسك نفسه ويلجمها لو كان جائع بالفعل لأنه مختلف عن الكبار، فعليك مراعاة أن يكون الطفل قد أكل وجبته قبل أن تذهب به إلى صديقك وأيضاً يكون قد أكل حلواه. ثاني شيء يجب أن تفهم طفلك قبل الذهاب بأنكم ذاهبون لبيت أحد الأصدقاء ولا يجب أن يأخذ شيء قبل أن يطلب الإذن من الأب أو الأم وحين يتم السماح له فيأخذ ويقول شكراً ويكتفي بواحدة أو اثنتين، وإن أراد المزيد يقول لأبوه أو أمه في أذنهم بصوت منخفض ولا يبكي ويطلب بصوت عالي، وينتظر حتى يخرجوا من بيت المضيف ويشتري له الأب واحدة أخرى له في الطريق. بهذه الطريقة تستطيع أن تعلم طفلك أن يكون مؤدب عند طلب الطعام في الأماكن الغريبة وتجنب تعنيف الطفل والصراخ فيه أو ضربه لأن ذلك يزيد الأمر مشكلة ويجعلك أنت في موقف محرج مع المضيف أكثر لأنك تماديت في ردة الفعل.
تعليم الإتيكيت للأطفال في الجلوس بالمكان
الأطفال يتميزون بكثرة حركتهم وعدم قدرتهم على الجلوس في مكان واحد لمدة طويلة بعكس الكبار، فحين تقرر زيارة أحدهم عليك أن تراعي أن طفلك إما سينزل من على الكرسي ويتجول بالمكان الجديد بالنسبة له أو إنه سيبكي وينغص عليك زيارتك ويجعلك محرج وتريد أن تذهب. وطبعاً إن سمحت للطفل بالتجول في بيت غريب فبراءة الأطفال ستجعله يدخل من غرفة لغرفة ويتعدى على خصوصية البيت، وهذا الأمر سيجعل مضيفك يتضايق منك ومن طفلك ومن قلة تعليمه لأسلوب احترام المكان.
ومن طرق تعليم الإتيكيت للأطفال في هذا الأمر هي فكرة تدريج تعود الطفل على هذا الأمر بدون تعنيف أو قمع لعب الطفل ومرحه، أي قبل أن تذهب لبيت صديق أو مكان غريب غليك بتدريب الطفل في بيت الأهل القريب منك على سبيل المثال الأجداد أو الأعمام والخالات، فحين تذهب بطفلك إلى أحد تلك البيوت علم طفلك أنه لا يستطيع أن يدخل لمكان لم يطلب الإذن أولاً بالدخول، ويجب أن يطلب الإذن من أمه أو أبيه أو صاحب البيت حتى يدخل إلى الغرفة. والأهم من تلك النقطة هي تدريب الطفل في البيت أي أن طالما الأب أو الأم موجودان لا يجب أن يدخل غرفتهم دون استئذان وكذلك الأم تطرق على باب غرفة الطفل قبل الدخول، بهذه الطرق يتأصل في ذهن الطفل فكرة الخصوصية ويكون تعليمه للأمر أسهل بكثير.
تعليم الإتيكيت للأطفال في أكل الطعام وشرب العصائر
كثيراً ما نُدعى إلى دعوة مائدة مع بعض الأصدقاء أو نتم نحن دعوت بعض الأصدقاء إلى الغداء خاصة في أيام شهر رمضان وفي الأعياد وغيرها. وهنا يصبح الطفل مجرد إزعاج وإحراج للأب والأم من حيث عدم نظافتهم في الأكل والأصوات التي من الممكن أن تخرج منهم أثناء الشرب وغيرها من الأمور المقرفة التي قد تجعل ضيوفك يظنون أنكم أب وأم مهملة في تعليم ابنك أسلوب وإتيكيت الطعام.
عليك أن تعي أولاً عزيزي القارئ أن الطفل لن يستطيع الأكل مثل ما تفعل أنت لأن يداه صغيرتان فلا تحاول تعليمه ما يفوق طاقتهم وافهم الأول سن ابنك وقدراته وحدد بعدها كيف تستطيع أن تعلمه الإتيكيت الأقرب للطعام، فلن تستطيع على سبيل المثال تعليم طفل ذو ثلاثة سنوات كيفية مسك الشوكة والسكين ولكن يمكن الاكتفاء بالشوكة فقط حتى يكبر في سن السادسة أو السابعة. أما إن حاولت إطعام الطفل بنفسك فسينفر منك طفلك بسبب محاولتك لجعله يبدو كالصغير وهذا يزعج الطفل. المشكلة الأكبر التي تحدث هي تضاد الأفعال مع الأقوال فنجد أن الأب والأم ينهون طفلهم من الأكل بيده أمام الضيوف فقط ولكن على طاولة الطعام اليومية العادية فلا مشكلة، الطفل عزيزي لا يفهم الفرق فمل سيتعود عليه هنا سيفعله هناك، فلا تسمح للأمر أن يخرج عن السيطرة فدرب طفلك على طريقة الأكل بنظافة دون توسيخ نفسه وبدون استخدام يديه في البيت أولاً قبل أمام الضيوف، وعدم السماح له بتحويل طاولة الطعام للعبة بالنسبة له.
أيضاً عليك ألا تبالغ في تعليم الإتيكيت للأطفال، فالطفل الصغير لا مشكلة لو أنه أسقط قطعة طعام عفواً وبدون قصد، لا ترعبه فالأمر لا يستحق فقط قل له بهدوء أن يأخذ حذره المرة المقبلة. وفيما بعد حين يكبر ويفهم الفرق يمكن أن تسمح له بتحديد طريقته التي يأكل بها على راحته في البيت طالما سيلتزم بالطريقة المناسبة مع الضيوف.
تعليم الإتيكيت للأطفال والتكلم بصوت منخفض
غالباً لن تذهب إلى السوبر ماركت وتشتري طلباتك اليومية دون الانزعاج بطفل يتكلم ويصرخ بصوت عالي طالباً من أمه أو أبيه أن يجلبون له ما يريد، فتكون نهاية هذه القصة إما بشراء ما يريد الطفل للتخلص من هذا الصداع المستمر أو ضرب الطفل ليعلي صرخاته أكثر وشده وجره بطريقة تجعلك ترى الأم أو الأب على أنهم قساة وهم فقط محرجون من الطفل وفي وضع لا يحسدون عليه ليس إلا. صوت الطفل العالي في اللعب والكلام تجعله يبدو كالطفل المعاق ذهنياً أو المتخلف ويجعل الناس تكره التعامل معه فلا يجب أن تصمت على هذه المواقف.
في المثال السابق عزيزي القارئ لا يجب أبداً أن تخضع للطفل لأنه فقط يحرجك فتجلب له ما يريد، لأن الطفل وقتها سيتعلم أن تلك الطريقة هي نقطة ضعفك ويكررها باستمرار، فتقول له بهدوء أنه لو تكلم بصوت منخفض ولم يبكي ستجلب له ما يريد أما لو استمر في طريقته فلن يجدها أنه مفيدة، ونفس كلمتك بالطبع فإن تعلم الهدوء اجلب له ما يريد حتى يعي أن الإقناع أفضل من الصراخ والبكاء. وابتعد تماماً عن ضرب أو تعنيف الطفل لأنه أيضاً بذلك يشعر أنه أحرجك وتمكن منك وأنه عرف كيف يثيرك، ولن يشعر هو بالإحراج كمل ستشعر به أنت، بالإضافة إلى كون ذلك التعامل يؤثر في نفسية الطفل بالسلب.
في العموم تعليم الإتيكيت للأطفال يأتي من تقليد الأطفال لآباءهم فلا تتوقع من طفل أن يتلك بصوت منخفض وهادئ وهو يعيش في بيت كل من يتكلمون فيه تكون أصواتهم مرتفعة، حين يراك طفلك تتكلم بهدوء سيتعلم منك. وهذه الفكرة تنطبق على كل المواقف عامة وهي فعالة جداً خاصة مع الأطفال الصغار المرتبطين بأهلهم أكثر.
الضرب والشتم للأطفال الأخريين
لو لعبوا الأطفال الصغار مع بعض ستجد غالباً خلاف بينهم في نقطة معينة وعندها قد يضرب أحدهم الأخر أو يشتمه بكلام قبيح أو يعضه أو يخرج له لسانهم ومثل تلك الأفعال الصبيانية التي تظهر طفلك بمظهر غير أخلاقي وتحرجك. وبالطبع سيتعرض الأطفال لهذه المواقف حتى لو تم انتقاء باقي أصدقائه خاصة بالمدرسة أو في النادي.
تعليم الإتيكيت للأطفال في هذا الموضوع يأتي من ملاحظة نفسك وطفلك والعثور على السبب. فلا يولد الطفل وهو يعرف الشتائم أو يفهم أن خروج اللسان يعني الاستهزاء بمن أمامه، ولا يكون قد تعلم العنف والضرب على أنهم وسيلة للدفاع عن النفس. بل كل هذه الأمور تأتي من رؤيته لها في مواقف معك فلو كنت أباً أو أماً يستغلون الضرب كنوع من طرق تعليم الأطفال فلا تستعجب حين يضرب طفلك طفل أخر استفزه، ولو كنت تخرج أنت الكلمات القبيحة من فمك فلا تنهي طفلك حين يستعملها في كلامه، ولو كنت تخرج لسانك للطفل أو تعضه كنوع من هزار سيظل الطفل يصدق أن تلك الحركات طبيعية ويمكن فعلها مع أي شخص سواء كبير أو صغير. لاحظ نفسك ثم لاحظ بيئة طفلك في المدرسة وغيرها واعرف السبب في تعليمه وحاول أن تمنعه. أحب كثيراً المشاهد المتكررة في الأفلام التي يمنع فيها أحد الأبوين نفسه من قول كلمة سيئة أمام الأطفال حتى لا يسمعها الأطفال وعندها لن يقولها من الأساس.
وإن كان قد تعلم الأمر وانتهي وثبتت في رأسه المعلومة، فعليك ألا تترك له المجال حين يفعلها مرة أخرى بل اثبت على موقفك بأن تقول له مراراً وتكراراً أن ذلك الفعل يزعجك وأن عليه ألا يعاود الكرة، وإقناعه أن تلك الكلمة أو الفعل خطأ. وإن لم تنفع تلك المحاولات فيمكنك وضع عقاب لو أنه كررها بأنك لن تكلمه أو أنه لن يأكل حلواه التي يحبها، وتوضح له جيداً حين تعاقبه سبب العقاب، وتقول بأنه تحبه وتعلم أن ذلك التصرف ليس من طبيعته الجميلة ولكنك ستعاقبه لأنه كرره. مع الوقت والصبر ستجد أن تلك العادة السيئة اختفت. ويمكنك أن تعلم الطفل عادة جميلة بدلاً من السيئة حتى تحل محلها، فمثلاً لو ضايقه طفل بدلاً من ضربه، علمه أن يتكلم معه ويصارحه بشجاعة أنه ضايقه، وحين يسمع كلمة سيئة بدلاً من أن يكرره، يقول لمطلق الكلمة بأنها كلمة خاطئة ومعناها سيئ وهكذا.
يمكن أن تختار من التلفاز والبرامج التي يشاهدها قدوة جيدة في عدم فعل هذا التصرف فالأطفال ينبهرون ويسمعون كلام التلفاز الذي عمل خصيصاً ليصل لعقل طفلك البسيط. اختار برامج (وما أكثرها) من التي تعمل على تعليم الإتيكيت للأطفال وتنمي حس الإتيكيت عند الأطفال وتقول له ما الصحيح وما الخاطئ بطرق بسيطة جداً وموجزة، وصدقني ستعمل عمل عجيب مع طفلك.
خلاصة القول عزيزي القارئ أن الأمثلة تكثر وتكثر ولكن خلاصة تعليم الإتيكيت للأطفال هي تجديد الأساليب العنيفة القديمة لأنها لا تجدي نفعاً خاصة مع هذا الجيل الجديد ذو العقل الناضج والذي يستخدم الحاسب في كل أعماله. اهتم بتصرفاتك أنت وافهم الفرق بين كون الطفل طفلاً بريئاً وبأنه يقصد أن يهينك وهو ليس كذلك. ولا تفقد الصبر أبداً فتربية الأطفال دائماً تحتاج لنفس طويل وحكمة وعدم تسرع وغضب.
أضف تعليق