لقد أصبحت الحاجة إلى البر بالآباء اليوم أهم من أي وقت مضى؛ فلا يمكن أن يعيش مجتمع مترابطا متماسكا يسود الحب بين أفراده دون أن يحسن أبناؤه معاملة الآباء مع الاعتراف لهم بالفضل العظيم، وكما أن للآباء حقوقا على الأبناء فعلى النقيض من ذلك فإن للأبناء حقوقا على آبائهم، يجب أن تؤدى كاملة، فلا خير في مجتمع لا يوقر الصغير فيه الكبير، ولا خير أيضا في مجتمع لا يرحم الكبير فيه الصغير، ولا شك أن عواقب عقوق الوالدين وخيمة ومهددة للمجتمع ككل، وسوف نعرض في هذا المقال: ما هو تعريف بر الوالدين؟ ما هو فضل بر الوالدين؟ كيف يكون بر الوالدين في الإسلام أثناء حياتهما؟ كيف يكون بر الوالدين بعد موتهما؟ كيف يكون بر الوالدين للأطفال قبل الولادة وبعدها؟ كيف تعلم الأطفال بر الوالدين واحترام الكبار؟
استكشف هذه المقالة
ما هو تعريف بر الوالدين ؟
كلمة البر هي كلمة جامعة وشاملة لكل صفات الخير كتقوى الله وطاعته وصلة الأرحام والصدق في الحديث وغير ذلك من الصفات المحمودة، وبر الوالدين هو التوسع قدر الطاقة في الإحسان إليهما، ووصلهما والرفق بهما، والعطف عليهما، والإحسان في التعامل معهما، وطاعة الوالدين فيما لا يخالف أمر الله سبحانه وتعالى في حياتهما، والقيام بحقوقهما بعد موتهما، وعكس البر العقوق، ويكون بترك الإحسان إليهما وتضييع حقوقهما.
ما هو فضل بر الوالدين؟
إن الإحسان والبر بالوالدين له فضل لا يماثله فضل في أي عبادة أخرى، فقد أوجب الله في جميع الأديان السماوية على الأبناء أن يكونوا بارين محسنين لآبائهم أبد الدهر، ومَن كان يمتلك عقلا واعيا وذهنا صافيا يمكنه التدبر في فضل البر بالوالدين، ومن أهم ما يعود على الفرد أن يبرَّ به أبناؤه بعد بلوغه الكبر كما كان يبر بآبائه في حياتهما وعند عجزهما وضعفهما، وفيما يلي بعض الأفضال التي تعود على الفرد والمجتمع عند البر بالآباء:
الاعتراف بالفضل
إن الإحسان للوالدين والبر بهما دليل واعتراف منك بفضلهما عليك؛ فهما سبب في وجودك على ظهر هذه الأرض، بل بذلا أقصى ما يملكان من جهد لتربيتك وتنشئتك وتغذيتك وتعليمك والحفاظ على صحتك أثناء الصغر، والأم هي التي حملت ووضعت وأرضعت، وتحملت الآلام والمشاق من أجل سلامة وليدها، والأب يشقى ويتعب ليوفر لأبنائه الحياة الكريمة المناسبة، ويحرم نفسه من الراحة لأجل أولاده؛ فليس هناك جزاء لهما سوى الإحسان لهما طوال حياتهما وبعد موتهما أيضا، وليس هناك دين يتنكر لفضل الوالدين، بل أمرت الأديان جميعا باحترام الوالدين ومعاملتهما بالمعروف والإحسان، وقد قال تعالى: “أن اشكر لي ولوالديك إليَّ المصير” (لقمان: 14).
كما تدين تُدان
لا شك أن الطريقة التي يراك أبناؤك تتعامل بها مع أبويك الكبيرين ستكون هي نفس الطريقة التي يتعاملون بها معك عند الكبر، والأمثلة الواقعية على ذلك كثيرة ولا حصر لها، فالابن الذين يساعد والده العجوز على ارتداء ملابسه ونعله يجد ابنه الصغير يحمل له نعله ويخدمه أيضا، فخدمتك لوالدك ووالدتك تسخر لك أولادا يخدمونك، وترقق قلوبهم عليك عند الكبر والعجز، وعلى النقيض من ذلك فإن عقوق الوالدين يجعل أبناءك عاقين لك في الكبر أيضا، وقد حدث في قريتنا الريفية البسيطة أن شابا علق أباه في الساقية، وضربه ضربا مبرحا، ففزعتُ إلى أبي –وكنت طفلا في عمر السابعة- مندهشا من شناعة فعلته، فأخبرني أبي بأن هذا ليس غريبا، فالوالد قد فعل نفس الشيء مع أبيه قبل ذلك، وأسرع لنجدته، فسبحان الله الذي يعجل العقوبة في الدنيا؛ لكي يتعظ الناس، ويدركوا فضل بر الوالدين في حياتهما وبعد موتهما، وكما قال تعالى: “وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان” (الرحمن: 60).
دخول الجنة
إن البر بالوالدين والإحسان إليهما وإن كان اعترافا بفضلهما ولكن الله سبحانه وتعالى يكافئ عليه، ويعطي البارَّ عظيم الأجر، وقد يكون البر سببا من أسباب دخول العبد الجنة ونجاته من عذاب الله في الآخرة، وقد روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف، قيل: مَن يا رسول الله؟ قال: مَن أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة.” (صحيح مسلم: 4627)، وقد روي أن رجلا جاء إلى النبي يستأذنه في الغزو والجهاد، فقال له: “هل لك من أمٍّ؟” قال: نعم، قال: “فالزمها؛ فإن الجنة تحت رجليها” (صحيح النسائي: 2908).
الترابط الأسري في المجتمع
إن بر الوالدين وطاعتهما والإحسان إليهما من أسباب نشر الألفة والمودة والمحبة بين أفراد المجتمع؛ حيث يعيش أبناء المجتمع في حب وتعاطف، يعطف الكبير منهم على الصغير، ويحترم الصغير منهم الكبير ويحسن إليه، وبالتالي يكون المجتمع متماسكا، لا يدب إليه الضعف من أحد جوانبه، بل يعيش أبناؤه في حب وتراحم، فلا نجد فقيرا أو ضعيفا أو ذليلا أو مظلوما أو محتقرا أو مهضوما حقه أو غير ذلك من الصفات البغيضة التي لا يرضاها الدين؛ لأنها من أسباب هدم المجتمع وضعفه.
سعة الرزق وبركة في العمر
لقد روى أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَن سره أن يبسط عليه رزقه، أو ينسأ في أثره؛ فليصل رحمه” (صحيح مسلم: 2557)، وأقرب الأرحام هم الآباء والأمهات، فصلة الأرحام –ومن باب أولى بر الوالدين- تكون سببا من أسباب بسط الرزق والبركة في العمر بتوفيق الله للعبد إلى الأعمال الصالحة التي تكون سببا لدخوله الجنة فيما بعد، وكذلك بقاء الثناء والذكر الجميل له بعد موته.
كيف يكون بر الوالدين في الإسلام أثناء حياتهما؟
لن تجد شخصا في هذا العالم يحبك أكثر من والديك، حتى وإن ادعى الآخرون حبك، والوالدان لا يبخلان عليك بشيء يملكانه أبدا، فهما يبذلان أقصى ما يملكان لأجل إسعادك، ولضمان راحتك وبقائك، فالآباء والأمهات يسعدون لفرحك، ويحزنون لحزنك، فإذا كبرت وبلغت الرشد والعقل حان الوقت لرد الجميل، وفيما يلي أهم الطرق التي يكون بها بر الوالدين في الإسلام أثناء حياتهما:
حسن المعاملة
وذلك يكون بالرفق واللين في التعامل معهما، وإظهار الاحترام والتقدير والتواضع بين يديهما، وإياك والجفاء أو القسوة عليهما؛ فإن ذلك يحبط الأعمال الصالحة، وقد نهانا الله عز وجل عن التأفف لهما في القول أو إظهار الضيق والتضجر منهما، بل يجب الكلام معهما بالحسنى، فقال تعالى: “فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما، وقل لهما قولا كريما” (الإسراء: 23).
تقديم العون لهما عند الحاجة
حيث يحتاج الوالدان لمساعدة الأبناء خاصة عند الكبر أو المرض، فلا بد حينئذٍ من تقديم العون لهما بالنفس والمال، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أنت ومالك لوالديك” (أخرجه أبو داود: 3530)، كما يجب خفض جناح الذل لهما كما أمر الله تعالى بقوله: “واخفض لهما جناح الذل من الرحمة” (الإسراء: 24).
الطاعة
يجب على الأبناء طاعة الوالدين وتلبية أوامرهما مهما كانوا مخطئين في حق الأبناء، ولا يجوز عصيانهما إلا إذا أمرا بمعصية الله تعالى، وقد طلب الله تعالى مصاحبتهما بالمعروف، وقد قال الله تعالى: “وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما، وصاحبهما في الدنيا معروفا” (لقمان: 15).
الدعاء لهما
يجب على الأبناء المداومة على الدعاء للوالدين بالرحمة جزاء تربيتهم صغارا، وإظهار الرضاء بما يقدمان عليه من أعمال، وبما يقولان من أقوال، كما يجب توقيرهما والنظر إليهما في ذل وخضوع، وعدم التعالي عليهما، وتحمل الأذى منهما، وتذكر ما قدماه لهم من عون وتربية وتوجيه وإنفاق في الصغر.
كيف يكون بر الوالدين بعد موتهما؟
لا ينقطع البر بالوالدين بعد موتهما، بل يكون الآباء أشد حاجة للبر في تلك المرحلة، حيث يحتاجان للصدقات والحسنات التي يرسلها لهم الأبناء بالدعاء والتصدق وغير ذلك من أعمال البر، وفيما يلي أهم الوجوه التي يكون بها بر الوالدين بعد موتهما:
إنفاذ الوصية
من صور البر بالوالدين بعد الوفاة أن يقوم الأبناء بإنفاذ وصيتهما، ومن شروط تنفيذ الوصية ألا تكون مخالفة لشرع الله؛ حتى لا يُحمَّل والديه وزرا أو ذنوبا، قد يكون تنفيذ الوصية سببا فيها، ويحسن عدم التأخر في تنفيذ وصية الوالدين، بل يجب المبادرة إلى ذلك.
الدعاء والاستغفار
من أفضل صور بر الوالدين بعد الوفاة المواظبة على الدعاء لهما، وكذلك الاستغفار لهما بصورة دائمة، فطلب الرحمة لهما من الله والاستغفار والدعاء لهما قد يصادف ساعة إجابة؛ فيرحمهما الله ببركة ذلك الدعاء، وأيضا يسخر الله لك من أبنائك من يستغفر لك ويدعو لك بعد وفاتك أيضا، فكما تدين تُدان، وقد روي أن رجلا جاء للنبي صلى الله عليه وسلم يسأله: هل بقي عليَّ من بر أبويَّ شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ فقال له: “نعم، الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا تُوصل إلا بهما، وإكرام صديقهما.” (رواه أبو داود).
الصدقات
من وجوه بر الوالدين إخراج الصدقات عنهما بعد وفاتهما، وهبة الثواب لهما، فالتبرع بالمال في المشاريع التي تخدم الناس وسبل الخير التي تهم الناس تعتبر من وجوه البر بالوالدين بعد وفاتهما، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.” (رواه مسلم)، وهذا ما يسمى بالصدقة الجارية التي لا يتوقف ثوابها بعد وفاة الإنسان، بل يستمر جريانه للإنسان ما استفاد الناس منها.
صلة الأرحام والأصدقاء
من أفضل وجوه بر الوالدين بعد موتهما أن يصل الولد أرحامهما التي لا توصل إلا بهما، وكذلك البر وإكرام صديقهما، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم أصدقاء خديجة بعد وفاتها، وقد قال في هذا الصدد: “إن أبر البر صلة الولد أهل ود أبيه” (صحيح مسلم: 2552)، فصلة الأرحام كالأخت والعمة والخالة ممن لا يوصلون إلا بالوالدين تعتبر من أبر وجوه البر بالوالدين بعد وفاتهما، ولا تعني الصلة أن يكلف الفرد نفسه من الزيارات والهدايا والأموال ما لا يطيق، ولكن الشيء البسيط والسؤال عن الأرحام وقضاء حوائجهم والسعي في مصالحهم يكفي.
كيف يكون بر الوالدين للأطفال قبل الولادة وبعدها؟
لقد فرض الله على الآباء البر بأبنائهم كما فرض البر بالآباء أيضا، فللأبناء حقوق على الوالدين يجب تأديتها قبل المطالبة بالواجبات، ولا شك أن بر الوالدين يكون نتيجة حتمية مترتبة على أداء الوالدين حقوق الأبناء عليهما، ولا تقتصر حقوق الأبناء على مرحلة ما بعد الولادة فقط بل تبدأ تلك الحقوق قبل الولادة أو الزواج أصلا، وفيما يلي أهم الحقوق المقررة للأبناء على الآباء قبل الولادة وبعدها:
اختيار الأم الصالحة
لا شك أن الأم هي المدرسة التي تنشئ وتربي الأطفال في مرحلة المهد والطفولة، وتكون القدوة لهم بعد ذلك، فإذا كانت الأم صالحة نشأت في بيئة طيبة ينتقل ذلك بالتبعية والتوارث والتقليد والاقتداء إلى الأبناء بالضرورة، لذلك قرر الله تعالى أن الزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك، وكذلك الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة؛ حتى لا تنتقل أخلاقهما السيئة إلى الأطفال.
اختيار الاسم الحسن
من بر الوالدين بأبنائهما اختيار الاسم الحسن الطيب للأبناء، وقد روى الإمام مسلم في الحديث المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن أحب الأسماء إلى الله “عبد الله وعبد الرحمن” (رواه مسلم: 2132)، ولا بأس من تسمية الطفل يوم ولادته أو في اليوم الثالث أو السابع، فالأمر فيه سعة، ومن صور العقوق بالأبناء اختيار الأسماء القبيحة التي يخجل منها الأبناء عند الكبر كاسم جعران أو خيشة أو غير ذلك مما يكرهه الناس.
العقيقة
يجب على الوالدين عمل عقيقة وإطعام الطعام عن الطفل عند بلوغه اليوم السابع، وقد أوجب النبي صلى الله عليه وسلم تلك الذبيحة على الوالدين، وقد جرت السنة والتابعون على هذا النهج من الذبح عن المولود وإطعام الطعام حسب مقدرة الوالدين.
الختان
من الحقوق المقررة للأبناء الختان في الصغر للأولاد، حيث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن الختان من سنن الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
التأديب والتعليم
من وجوه بر الوالدين بالأبناء الحرص على تربية الأبناء التربية الحسنة القائمة على القيم والأخلاق الحميدة، وحسن التعامل مع الجيران والأصدقاء، والتنشئة على الفضائل من الصدق والأمانة والإخلاص والكرم وطاعة الله ومصاحبة الأخيار ومعرفة الواجبات والتعاليم الدينية وغير ذلك، وقد روي في الحديث المتفق عليه أن كل فرد راعٍ في أسرته ومسئول عن رعيته؛ لذلك سوف يحاسب الله كل فرد عن أبنائه وتربيتهم وتعليمهم سواء أحسن ذلك أو فرط فيه.
الإنفاق على الأبناء
يجب على الوالدين الإنفاق على الأبناء دون بخل أو تقصير في ذلك ودون إسراف أيضا، فلا يجب على الآباء أن يقصروا في الإنفاق على أبنائهم، بل يجب توفير المتطلبات الأساسية لهم من المسكن والمأكل والملبس والمشرب المناسب لمقدرة الأب، وقد روي أن الرجل الذي رزق بثلاثة أو اثنتين من البنات فأحسن تأديبهن وتربيتهن أدخلاه الجنة، ومن الأمور المهمة في هذا الشأن المساواة في الإنفاق بين الأبناء، وعدم تفضيل بعضهم على بعض في الهبات والهدايا؛ حتى لا تُغرس بذور الحقد والغيرة بين الأبناء، وتنمو العداوة البغض بدلا من الحب والود.
كيف تعلم الأطفال بر الوالدين واحترام الكبار؟
غالبا ما ينسى الآباء أن الأطفال لا يُولدون بمشاعر داخلية مبنية على احترام الآخرين أو غير ذلك، فالطفل يكون أرضًا خصبة صالحة لغرس القيم والأخلاق التي يقرر الوالدان غرسها، وإن لم يفعلوا تولى الشارع أو جماعات الأصدقاء ذلك، ولكل طفل شخصيته المستقلة عن الآخرين، ومن الواجب على الآباء تربيتهم على الأخلاق التي تتناسب مع قيم المجتمع وعاداته، وفيما يلي أهم النصائح التي يمكن للوالدين من خلالها تعليم الأبناء البر بهم واحترام الآخرين:
لا تنسَ دورك
لا بد أن تتذكر على الدوام أن طفلك ليس صديقا أو جارا لك، وإنما هو ابنك، ومن واجبك أن تعلمه وتدربه على كيفية التعامل مع العالم المحيط به، ومما يجب تعلمه بر الوالدين واحترام الآخرين، فلا تنتظر من طفلك مقابلا أو شكرا؛ لأنك تؤدي دورك في هذه الحياة، ففي مرحلة الطفولة أنت بالنسبة لطفلك مدرب ومعلم وموجه، تضع له الحدود المسموحة وغير المسموحة، ومع التقدم في السن تتطور علاقتك بابنك وتصل إلى درجة الصداقة عند بلوغه الرشد.
اختر الوقت المناسب
لا تبالغ في تدليل طفلك في صغره من خلال التغاضي عن السلوكيات غير المرغوبة، بل يجب عليك أن تنتهز الفرصة مبكرا لتدريبه وتعليمه وتربيته على احترام الآخرين والوالدين من باب أولى، فإذا صادفت من طفلك سلوكا مسيئا في وقت مبكر إياك أن تهمله أو تتغاضى عنه بحجة صغر سنه؛ لأن العواقب ستكون وخيمة والنتائج ستكون ضارة لك وللمحيطين به فيما بعد.
اتفاق الوالدين
من المهم أن يكون الوالدان معا على نفس النهج والطريقة في تربية الأبناء وتعليمهم السلوكيات المرغوبة، فلا يجب أن يبني أحدهما ويقوم الآخر بالهدم في نفس الوقت، بل يجب أن يكونا متفقين على الخطوط النهائية وخطة العمل المتبعة لتعليم الأطفال منذ الصغر وتربيتهم على بر الوالدين واحترام الآخرين.
كن محترما مع طفلك
عندما يكون طفلك غير محترم في سلوكه فلا يجب أن تصحح له بنفس طريقته من الصراخ أو الانزعاج، بل يجب عليك أن تكون مهذبا ومحترما في تقويم وتصحيح سلوكه، فأنت القدوة له، فالحديث بهدوء وبعبارات مهذبة يكون أجدى وأشد تأثيرا في سلوك الأبناء، ومن ذلك قولك: من فضلك، شكرا لك، لو سمحت، اعذرني، هذا ليس رائعا، هذا سلوك لا يليق بك، وغير ذلك، واعلم أن احترامك لأبنائك يكسبك احترامهم، ويعلمهم الاحترام، ولا بأس أن تعتذر أمامهم لتعلمهم الاعتذار عند الخطأ أو القسوة في التعامل معهم.
اجعل تعليقك في وقت الهدوء
لا تعلق على سلوك طفلك في وقت الانزعاج والضيق، بل تخير الوقت المناسب عندما تكون الأمور هادئة، وهنا يمكنك التحدث مع طفلك وتوضيح ما يجب عليه فعله وما تتوقع منه.
كن موضوعيا
عند تعليم الأطفال بر الوالدين واحترام الآخرين يجب أن تكون موضوعيا في تعاملك مع سلوكيات وأخطاء الأطفال، وإياك أن تتجاهل السلوك السيئ لطفلك أو أن تبالغ في الزجر ورد الفعل؛ لأن ذلك سيؤدي إلى نتائج سيئة غير مرغوبة، وقد يخرج الأبناء عن السيطرة، بل عليك أن تساعد أطفالك على إدارة أفكارهم وعواطفهم بصورة أكثر فعالية بطريقة محترمة موضوعية دون إسراف أو إهمال.
لا تتعجل العقاب وكن قدوة
الانضباط لا يعني العقاب بل يعني التعليم والتدريب، ونغمة التهديد والعقاب التي نتعامل بها مع أطفالنا لا تعلمهم إلا القسوة والشدة، لذلك علم أولادك بر الوالدين واحترام الآخرين، وأعطهم الأسباب والمبررات؛ ليكونوا محترمين مهذبين، ومن أكثر المبررات تأثيرا في الأطفال كون الأبوين محترمين بارين بآبائهم وأبنائهم، فلا يمكن أن يكتسب الأطفال الاحترام من أبوين لا يدركان معنى الاحترام، وكن أمامهم نموذجا يحتذى به في البر والاحترام.
لا شك أن بر الوالدين نعمة كبيرة يفتقدها كثير من الناس، ولن يدركوا قيمتها إلا عند الكبر، خاصة عندما يفتقدون هذا البر من أبنائهم، فعليك أن تبدأ بتعليم أطفالك البر والاحترام في وقت مبكر، واعلم أنك قدوة ومثل أعلى لهم، فكن بارا بوالديك يكن أبناؤك بررة بك، وقد تناولنا في هذا المقال: ما هو تعريف بر الوالدين؟ ما هو فضل بر الوالدين؟ كيف يكون بر الوالدين في الإسلام أثناء حياتهما؟ كيف يكون بر الوالدين بعد موتهما؟ كيف يكون بر الوالدين للأطفال قبل الولادة وبعدها؟ كيف تعلم الأطفال بر الوالدين واحترام الكبار؟