تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » بدايات السينما : كيف كانت بدايات فن السينما في العالم ؟

بدايات السينما : كيف كانت بدايات فن السينما في العالم ؟

لم تبدأ السينما في لحظة واحدة كما يتصور البعض، بل كان الأمر عن طريق التدريج في استخدام تقنيات التصوير الوليدة، نستعرض معًا بدايات السينما حول العالم.

بدايات السينما

في بدايات السينما لم تكن السينما كما تعرفها اليوم بالتأكيد، السينما هي ذلك الفن الساحر الذي يجعلنا نحلق في عوالم مختلفة ونشاهد حياوات وأشخاص ربما يشبهونا أو يشبهوا من نعرفهم، أو لم نصادفهم في حياتنا من قبل. كما إنها أصبحت مرآة للمجتمع الذي تعبر عنه، تتصدى لمشاكله ومعاناته، وتعرض سماته وعاداته وتقاليده، وهي أحد المعايير التي يقاس عليها مدى الحرية التي يتمتع بها كل مجتمع من خلال جرأة الأفكار التي تعرضها وقضاياه التي تناقشها على الشاشة. وقد سميت بالفن السابع لأنها ظهرت بعد الفنون الست (العمارة أو النحت، الرسم، التلوين، الموسيقى، الرقص، الأدب) ولأنها قامت بجمعهم معاً في سياقها.

لم تكن بدايات السينما هكذا كما نراها هذه الأيام بهذا التكنيك الهائل والإنتاج الضخم والأفكار الخلاقة، ولكنها بدأت، كما يقول مؤرخو السينما بملاحظة دونها ليوناردو دافنشي الفنان والمهندس الإيطالي حينما وجد أنه إذا جلس الإنسان في غرفة مظلمة تماماً بينما الشمس ساطعة في الخارج، وكان هناك ثقب صغير في حائط هذه الغرفة يسمح بنفاذ ضوء الشمس منها، فإن الجالس في هذه الغرفة يمكنه أن يرى على الحائط المواجه لهذا الثقب خيالات أي شيء يتحرك في الخارج أمامه. من هذه الملاحظة انطلق العلماء في البحث والتجريب حتى توصلوا إلى اختراع عدة آلات كانت تستخدم قديماً من أجل الترفيه ساهمت في نشأة فكرة السينما.

تعرف على بدايات السينما حول العالم

دور ألعاب الصورة المتحركة في بدايات السينما

يعتبر الفانوس السحري ول هذه المخترعات التي أوحت بفكرة السينما. هو عبارة عن صندوق أسود يوجد بداخله مرآة مقعرة أمام مصدر إضاءة، وتقوم هذه المرآة بتجميع الضوء وتعكسه على شريحه بها صورة أو رسمة، وبالتالي تنعكس هذه الصورة للمتفرج. ولم يستطع أحد التوصل للمخترع الحقيقي للفانوس السحري، ولكنه يعتمد في طريقة عمله على ملاحظة دافنشي التي دونها في القرن الرابع عشر. وقد بلغت شهرة الفانوس السحري أوجها منذ بدايات القرن السابع عشر، فلم يخلو تجمع أسري أو حفل عشاء من عرضاً للفانوس السحري الذي أصبح يقوم بعرض لعدة صور متتالية. من هنا ظهر هوس العلماء والباحثين بالصور المتحركة وأقاموا في معاملهم أبحاث وتجارب من أجل تطوير الصورة المتحركة. وبالفعل قاموا باختراع عدة آلات من بينها الفيناكيستكوب وهو عبارة عن قرص يحمل موزع عليه مجموعة من الصور داخل صندوق له فتحات ينظر من خلالها المتفرج وتتحرك هذه الصورة حينما يدور هذا القرص.

أول تجربة للصورة المتحركة

أدوارد ميبريدج هو أول من قام بصنع صورة متحركة، فقد قام هذا الرجل بعمل تجربة لتصوير الخيول أثناء ركضها في حلبة السباق عام 1872، حينما قام بتثبيت 12 كاميرا فوتوغرافية على ممر سباق الخيول، وقام بمد خيط عبر هذا الممر مربوط في أحد أطرافه زر تشغيل الكاميرا، وعندما انطلق الحصان ركضاً قطعت أرجله هذا الخيط فانطلقت الكاميرات في تصوير الحصان في أوضاع الركض المختلفة، وأقام عرضاً لهذه الصور عن طريق جهاز زوبراكسيكوب وهو عبارة عن أداة تشبه الإناء توضع الصور حول محيطها الداخلي داخل صندوق أسود له فتحات، حينما يدور هذا الإناء يقوم بعرض الصور المتحركة للمتفرجين.

اختراع شريط الفيلم السينمائي

يعد عام 1885 قفزة كبيرة في بدايات السينما نقلتها من محاولات استخدام الصور الفوتوغرافية في صناعة صور متحركة إلى التصوير السينمائي عن طريق اختراع أول بكرة شريط سينمائي مصنوع من الجلاتين عن طريق جورج إستمان وويليام ولكر، ثم قاموا باستبدال الجلاتين بمادة السيليوليد الذي اخترع في سبعينات القرن السابع عشر.

الكينتوجراف والكينتسكوب

كان العالم والمخترع الأمريكي توماس أديسون يمتلك معامل تعمل على اختراع وتطوير عدة أدوات من بينها ألعاب الصور المتحركة، وفي أواخر القرن السابع عشر قام مساعده البريطاني وليام ديكنسون باختراع الكينتوجراف وهي آله تشبه الكاميرا الفوتوغرافية ولكنها تقوم بالتقاط سلسة من الصور أوتوماتيكياً كل نصف ثانية. تعرض هذه الصور على الكينتسكوب وهو جهاز قام ديكنسون بصنعه أيضاً وهو عبارة عن آله لها موتور يركب عليه حلقة الفيلم ويعرض لمصدر ضوء كهربائي، ويمكن للمتفرج المشاهدة من خلال النظر عبر نافذة صغيرة ليرى الصورة المتحركة.

الأخوان لوميير و بدايات السينما

وسط شغف الناس بعروض الصورة المتحركة التي أقامها أديسون ومساعده، واهتمامهم بالتطور المستمر في أجهزة تصويرها وعرضها في أمريكا، قام الأخوان أوجست ولويس لوميير، اللذان كانا يملكان مصنعاً لصناعة أدوات وماكينات التصوير الفوتوغرافية في فرنسا بشراء آلة السينماتوغراف، والتي اشتقت منها كلمة سينما، من مخترعها الأصلي ليون بولي، والذي لم يتمكن من استكمال اختراعها بسبب عجزه مادياً، وقام الأخوين لوميير بإتمامها وإجراء التجارب عليها.

في أول تجربة لهما مع السينماتوغراف قاما بتصوير خروج العمال من مصنعهما وقاما بعمل أول عرض خاص لهذا الفيلم في قبو المصنع في 22 مارس 1895. ثم أقاما أول عرض عام تجاري لفيلمهما في 28 ديسمبر 1895 في الجراند كافيه بباريس، وهو التاريخ الذي يعتبره كثير من المؤرخين الميلاد الحقيقي لـ بدايات السينما، قاما بعدها الأخوان لوميير بتصوير عدة أفلام تسجيلية قصيرة لا يتعدى طول الواحد منها الدقيقة من بينها فيلم “القطار يدخل المحطة” والذي يصور لحظة دخول أحد القطارات إلى محطته في فرنسا، وانطلقت عروضهما تجوب قاعات العرض في المدن والقرى الفرنسية.

ويرى بعض المؤرخين من بينهم الناقد الأمريكي فيليب كونجليتون أن بدايات السينما وتطورها إلى أن وصلت لما أصبحت عليه اليوم مرت بعدة مراحل:

مرحلة الريادة

وتبدأ هذه المرحلة بعروض الأخوين لوميير عام 1895 وحتى 1910 وهو العصر الذي ظهر فيه المخرجون الأوائل والممثلون الأوائل، وكانت معظم الأفلام المقدمة خلاله إما أفلاماً تسجيلية أو تسجيل لمسرحيات. ثم بدأت تظهر الأعمال الروائية وأبرز رواد هذه المرحلة هو المخرج الفرنسي جورج ميلييه الذي بنى أول ستوديو في أوروبا، وكانت أهم إسهاماته في بدايات السينما إدخاله للخدع في تصوير الأفلام. وقع ميلييه في غرام صناعة السينما عندما شاهد عروض الأخويين لوميير، وحينما طلب منهما شراء كاميرا من منتجات مصنعهما رفضا، فقام بصناعة كاميرا بنفسه، وأشهر أعماله هو فيلم رحلة إلى القمر مدته 13 دقيقة وعرض عام 1902. ولكن مع بداية الحرب العالمية الأولى فقدت الناس اهتمامها بالأفلام فاضطر إلى ترك صناعة السينما وإدارة محل صغير للألعاب، ثم بعد انتهاء الحرب عاودته الشهرة مرة أخرى. أفلام هذه المرحلة باختلاف صناعها رغم قلة تكاليفها وقصر مدتها وربما سذاجة فكرتها لكنها وضعت حجر الأساس لـ بدايات السينما، وحفزت الكثيرين لتطوير أفكارها وزيادة إنتاجها.

مرحلة الأفلام الصامتة

تبدأ هذه المرحلة من قبل الحرب العالمية الأولى 1911 وحتى عام 1926 وازدادت فيها الأفلام الروائية وبدأت صناعة السينما تأخذ منحى جديد. اهتم صناع هذه المرحلة بتطوير طريقة التعبير بالصورة وإجراء الكثير من التجارب على عملية المونتاج. من أشهر رواد هذه المرحلة الذين أثروا بدايات السينما بأعمالهم العبقري شارلي شابلن وديفيد جريفيت وروبرت فلاهيتي، وسيرجي أيزنشاتين في روسيا والذي اهتمت أفلامه بشكل أساسي بأسلوب التصوير والمونتاج، كما ظهرت المدرسة التعبيرية في ألمانيا التي كانت تهتم بزوايا التصوير واستخدام الديكورات الغريبة الموحية ومن أشهر رواد هذه المدرسة روبرت واين، والمدرسة السيريالية في فرنسا والتي اهتمت بإثارة اللاوعي عند المشاهد واهتمت بإنتاج أفلام تشبه الأحلام والكوابيس وأشهر روادها هو المخرج الفرنسي لويس فويلاد. ما يميز هذه المرحلة عن سابقاتها هو الاهتمام بجودة مضمون الفكر وارتفاع ميزانية الأفلام المنتجة.

مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية

تبدأ هذه المرحلة بعرض أول فيلم ناطق في العالم وهو فيلم مغني الجاز عام 1927 من إخراج ألان كورسلاند وجوردن هولينجاشيد، وهو الأمر الذي جعل بدايات السينما تأخذ بعداً جديداً، حيث قاموا بتسجيل صوت الممثلين على أسطوانة من الشمع تعمل على جهاز الفيتافون يدور أوتوماتيكياً حينما يدور جهاز العرض السينمائي. كما شهد نفس العام أيضاً ميلاد أكبر حدث لتكريم صناع الأفلام وهو جائزة الأوسكار، وقد امتدت هذه المرحلة إلى عام1940. ظهرت في هذه المرحلة الأفلام الملونة وأفلام الرسوم المتحركة وازدهر الفيلم الكوميدي، وبرزت أسماء مثل كلارك جيبل وجون فورد وفرانك كابرا والمخرج العبقري هيتشكوك، وتنوعت واختلفت موضوعات وأنواع الأفلام.

مرحلة العصر الذهبي لصناعة السينما

تمتد هذه المرحلة بين عام 1941 وعام 1954، وقد شهدت اختلافاً جذرياً عن السنوات الأولى لـ بدايات السينما فقد ازدادت ميزانية الأفلام وكثرت أفلام الرعب والأفلام البوليسية والمخابرات مقابل الأفلام الغنائية والكوميدية التي وصلت لأوج مجدها خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، وانتشرت الأفلام الهوليودية في جميع أنحاء العالم كما أصبح الممثلين الأمريكيين نجوم عالميين من أهمهم كلارك جيبل وهيمفري بوجارت وأودري هيبورن وهنري فوندا.

المرحلة الانتقالية

والتي تبدأ من عام 1955 إلى 1966. في هذه المرحلة اهتزت قدرة شركات الإنتاج والتوزيع الأمريكية في توزيع الأفلام خارج البلاد، كما بدأت تدخل أفلام من جنسيات مختلفة إلى الولايات المتحدة. وأدى ظهور التلفزيون في هذه المرحلة إلى وجود منافس قوي يضرب السينما في مقتل، الأمر الذي جعل صناع الأفلام ومنتجيها يقومون بتطوير الأفلام المقدمة ويهتمون بالقضايا الاجتماعية والأفلام النفسية التي برع هيتشكوك في تقديمها. ومقابل السينما التجارية التي كانت تقدمها هوليود في ذلك الحين، ظهر اتجاه آخر في فرنسا يعطي أهمية أكبر للقيمة الفنية للفيلم السينمائي بصرف النظر عن جماهيريته وإيراداته وهي مدرسة الموجة الجديدة ومن أشهر رودها فرنسوا تروفو وجين لوك جودار وكلود كابرول.

مرحلة العصر الفضي للسينما

وتسمى أيضاً بمرحلة هوليود الجديدة، وفي هذه المرحلة انتشرت الأفلام الملونة وأصبح إنتاج أفلام الأبيض وأسود ضئيل للغاية، كما تراجع دور شركات الإنتاج الكبيرة في هوليود وظهر الإنتاج المستقل، وأصبحت الموضوعات أكثر جرأة وظهر ما سمي بسينما الكبار والتي تعرض الأفلام التي تتضمن محتوى لا يليق سوى بالبالغين أو تستخدم مزيد من العنف، كما انتشرت أفلام الألعاب القتالية بظهور الممثل الصيني بروس لي ونالت أفلامه شهرة واسعة في جميع أنحاء العالم، وبرزت أسماء مخرجين مثل مارتن سكورسيز وجورج لوكاس وودي ألان، وأنتجت خلال هذه المرحلة الكلاسيكيات التي ظلت شهرتها تضرب الآفاق حتى الآن مثل أفلام سائق التاكسي والأب الروحي ومانهاتن.

مرحلة العصر الحديث

بدأ هذه المرحلة بصناعة فيلم حرب النجوم للمخرج جورج لوكاس والذي ازدهرت بعده أفلام الفضاء والخيال العلمي التي تعتمد على الميزانيات الضخمة واستخدام المؤثرات البصرية والكمبيوتر في صناعة الأفلام. كما تمكن الناس من مشاهدة الأفلام في منازلهم عن طريق أفلام الفيديو والتلفزيون اللاسلكي. كما شهد أيضاً انطلاق فيلم ديزني ترون الذي استخدم الجرافيك في صنعه إلى حد كبير.

منذ بدايات السينما من أكثر من مئة عام وهي تنمو وتزدهر سريعاً، وتستحوذ كل يوم على اهتمام مريديها، وتلحقها تطورات هائلة من مجرد أداة للمرح والتجريب إلى ما وصلت إليه الآن. ورغم صغر عمرها بالنسبة للفنون الست الأخرى إلا أنها أصبحت لا تقل أهمية وقيمة عنهم جميعاً، وأقيمت من أجل دراستها أكبر المدارس والجامعات وأنكب الباحثون والمؤرخون وعلى دراستها وتحليلها ووضع نظرياتها واستكشاف مكامن أسرارها.

أروى تاج الدين

صحفية ومترجمة أكتب عن السينما والأفلام وأحياناً أكتب كوميكس للأطفال.

أضف تعليق

إحدى عشر + 16 =