من أذرع الديموقراطية الرصينة الحياة الحزبية السليمة, والاحزاب السياسية عبارة عن كيانات مجتمعية او وحدات مجتمعية مفتوحة للجميع بغض النظر عن أي شروط عنصرية تستثني أي مواطن لديه الحق في الاقامة بالبلد, سواء على اساس العرق او اللون او الجنس او الدين. تقوم هذه الاحزاب بدور مهم للغاية في الحياة السياسية وهي التعبير عن مجموعة او قطاع كبير من المجتمع, والمشاركة في الانتخابات للفوز بمقاعد في البرلمان لممارسة التمثيل النيابي القوي والتعبير بقوة عن رؤية الحزب لكل الشئون العامة في الدولة, والدفاع عن حقوق الشعب بصفة عامة والمنتمين للحزب وافكاره بصفة خاصة, وحسب اتجاه الحزب تكون في العادة الاهتمامات فهناك احزاب يسارية قضيتها الاولي دائما في اغلب الدول هي مسألة العدالة الاجتماعية والحفاظ على حقوق الفقراء والعاطلين وصغار الموظفين في الحكومة, وهناك الاحزاب اليمينية التي تتصف بالمحافظة على العادات والتقاليد وتعبر عن تيار محافظ لا يميل كثيرا للتغيير الحاد والحريات الغير محدودة بقوانين تنظمها, وهناك احزاب الوسط والتي تحاول ان تقف في المنتصف في اغلب القضايا التي تشغل الناس.
بلادنا العربية و الحياة الديموقراطية
في بلادنا العربية مسألة الحياة الديموقراطية في مهدها الاول ومازالت الحياة السياسية في مصر وتونس والاردن ولبنان تخطو الخطوات الاولى في الحياة الحزبية والديموقراطية, فالاحزاب القائمة في هذه البلدان هشة ولا تعبر اصلا الا عن اعضاءها الذين يترأسون مجالسها فقط ولكن ليس لهذه الاحزاب أي ظهير شعبي في الشارع, ولذلك تبدو هزيلة غير قادرة على التأثير والحشد, وهذا يفسر نجاح التيارات الدينية في الفترة السابقة ثم فشلها الذريع في تجربة الحكم. والسؤال كيف للشباب الصغير ان ينشئ حزبا سياسيا او حتى تجمعا يستطيع التعبير عن نفسه فيه, ويستطيع ان يدافع عن حقوقه ويدلي برأيه؟
كيف تنشئ حزبا سياسيا او تجمعا ثقافيا
الامور اصبحت افضل في الساحة الافتراضية التي اصبحت مؤثرة بشدة, فقد شهدنا الحشود كيف تصنع في صفحات الفيس بوك وتويتر, وكيف تتغير الارض ببوستات على صفحات الانترنت, وكيف رضخت مؤسسات كبري وانشأت صفحات لها لهاثا خلف موجة شبابية تكنولوجية كبرى. اذن يستطيع مجموعة من الشباب انشاء وتدشين حزب على الانترنت بدون مبالغ كبيرة, وعندما يصبح لديهم القوة والعدد يستطيعون بمجهودهم الذاتي اخراج هذا الكيان الكبير على ارض الواقع كقوة تفرض نفسها ويكون لها صوت مسموع وظهير شعبي شبابي جارف.
والمستقبل بلا ادني شك اصبح لهذه الافكار, لن تصمد الاحزاب التقليدية الكرتونية كثيرا في مواجهة المد الكبير الاتي من الشباب, فهذه طبيعة وسنة الكون التي لن تجد لها تبديلا. دولة العواجيز الى فناء وروح الشباب ستطغي بلا شك في الفترات المقبلة, سواء في بلادنا العربية او حتي في الغرب وفي اسيا. الركب يسير بسرعة الصاروخ والذكي من يجري ليلحق به بكل قوة, والغبي من تغره قوته حاليا ويظن انه باق وصامد ضد الزمن. من كان يتخيل ان يصبح بامكان الانسان على مدونة بسيطة يكتب فيها ما يفكر وما يريد قوله ويصنع لنفسه قائمة من المتابعين “الفولورز” ويشكل لوحده مع الوقت وكثرة المتابعين اتجاه كامل ورأي عام مؤثر. ومن الامور التي اصبحت تشكل حلقة وصل قوية بين ما يفعله الشباب على شبكة الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي وبين الواقع نفسه هي حركات جمع التوقيعات والتي انتشرت في اكثر من مكان ونجحت نجاحا مبهرا حيث مكنت الشباب من الوصول الي فئات مهمشة لا تعرف وسائل التفاعل الحديثة ولكن استطاع الشباب الوصول اليهم من خلال فكرة مبدعة.