يعاني التعليم في العالم العربي من مشكلات متعددة، أدت إلى تراجع المستوى التعليمي في الشرق الأوسط لمستويات متدنية عالمية، وتأتي معظم الدول العربية في المؤشرات العالمية المتدنية باستثناء قطر والإمارات ولبنان، ما يجعل البحث عن المشكلات التعليمية والبحث عن علاج لها أمر عام يهم كل الدول العربية، بل والشرق أوسطية.
استكشف هذه المقالة
ما هو التعليم؟
التعليم عملية منتظمة ومنظمة، تهدف لإكساب المتعلم بنية معرفية وخبرات ومهارات عبر تناقلها بالوسائل المتعددة بداية من التلقين وانتهاء بالبحث والمطالعة، واستخدام الأساليب التكنولوجية؛ لتحقيق أهداف يسعى الطالب لها وأعمال ينجز مسؤولياتها. والتعليم هو التزام مشترك بين الطالب والمعلم بهدف تثقيفهم طول الوقت وتطوير قدراتهم النقدية وقدرتهم على التفكير المنطقي، ما يخدم الثقافة المجتمعية والتصرف السليم للتأريخ وتحقي الازدهار المجتمعي.
التعليم في العصور المختلفة
بدأ هذا الكون بالتعليم، حينما علم الله آدم عليه السلام الأسماء كلها، واستخدم أبناء آدم منذ تلك اللحظة هذه الأسماء في تبادل الأفكار والثقافات والتقاليد والعادات والأخلاق والدين للأجيال المتعاقبة، وكانت الثقافات تنتقل من جيل لجيل ومن مجتمع لمجتمع في عصور ما قبل اختراع الكتابة والقراءة شفهيا عبر المراقبة والتقليد، لكن ذلك يحدث بطرق غير رسمية وغير منتظمة. وحفظ الأولون التعاليم والعادات والتقاليد عن طريق القصص والأغاني والأساطير والحكايات الفولكلورية، واستخدام أساليب تسهل الحفظ وتعوق نسيان التاريخ مثل القافية والجناس.
وتحول التعليم والتدوين من المشافهة والتقليد إلى الكتابة والتدوين منذ اختراع الكتابة في عام 5000 قبل الميلاد، التي بدأت بالتدوين على الألواح الطينية باستخدام أدوات تشبه المسمار بطرق معينة قبل أن تجف تحت أشعة الشمس، أو باستخدام النار، وسُميت هذه الوسيلة في تناقل وحفظ الثقافات بالطريقة المسمارية. واخترع المصريون القدماء اللغة الهيروغليفية عام 3400 قبل الميلاد، واخترعوا ورق البردي فانتشرت الكتابة بشكل أوسع مستخدمة النقوش والرموز والصور في التعبير عن المعاني المختلفة، ثم ظهرت اللغة الهيراطيقية، وهي مشتقة من الهيروغليفية لكنها مبسطة ومختصرة، واستُخدمت في الكتابة السريعة في الخطابات والوثائق. يؤكد المؤرخون أنهم وجدوا كراسات من العصر الفرعوني الحديث، تحتوي مجموعة كبيرة من إصلاحات المعلمين للتلاميذ، وكان التعليم في العصر الفرعوني يعتمد على الإملاء ونقل النصوص.
التعليم وظهور الأبجدية
أقدم الأبجديات المكتشفة كانت في الشام وسيناء، وكانت منطوقة وفق اللغات السامية الشمالية الغربية، وتعتبر الأبجدية المسمارية أقدم الأبجديات، وتكونت من 30 حرفا، وتطورت الأبجدية المسمارية لتكون نظاما أبجديا متقنا لتنتقل بالتجارة التي أتقنها الأوغارتيين على الساحل السوري. ابتكر الفينيقيون على السواحل الشرقية للبحر المتوسط أبجديتهم الخاصة، التي أصبحت سهلة الكتابة، وبعد انتقالها للإغريق تم تطويرها لتكون أساسا للأبجديات الغربية، التي انتشرت باسم اللغة اللاتينية. وعقب اكتشاف ورق البردي في الحضارة الفرعونية القديمة، انتشرت الكتابة بشكل كبير، وكان الفراعنة والإغريق يتاجرون فيه ويستعملونه، ثم تم تصديره للإغريق منذ عام 900 قبل الميلاد.
أهمية التعليم في الأديان
أولت الأديان اهتماما كبيرا بالعلم والتعليم؛ للدفاع عن الإيمان والحفاظ على استمراره نقيا دون تلويث أو تلاعب، ودعت الكنيسة منذ العصور المسيحية الأولى إلى ضرورة التعليم لكل أعضائها؛ استنادا لتعاليم الكتاب المقدس، ومع المحاربة المستمرة للأفكار الكنسية استخدمت الكنيسة التعليم وسيلةً للدفاع عن اللاهوت. وشجع الإسلام على الاهتمام بالتعليم بمعناه الواسع، سواء كان علما شرعيا أو علما بالوجود والخلق، وليس أدل على ذلك من نزول الآية الأولى من القرآن دعوةً صريحة للقراءة والعلم، بل حثت كل أفعال النبي صلى الله عليه وسلم على الدعوة لتحصيل العلم، وموقف رسول الله في غزوة بدر بافتداء الأسرى عن طريق تعليم المسلمين القراءة والكتابة بواقع عشرة مسلمين لكل أسير.
أهداف التعليم
وتتعدد أهداف التعليم وأغراضه ومقاصده، وتنقسم إلى قسمين رئيسيين، الأهداف التربوية وهي الأهداف التي ترغب المؤسسات المجتمعية في الوصول إليها عن طريق إحداث تغييرات في ممارسات المجتمعات الإنسانية، وأهداف تعليمية، والفرق بين الأهداف التعليمية والتربوية فرق بين غرس القيم والعادات والتقاليد، وتعلم سبل الوصول إليها وتحليلها والوصول إلى أدث تفاصيلها.
والوصول للهدف في العملية التعليمية ضرورة ملحة، إذ نستطيع بها تحديد المنطلق الأساسي لتحديد عناصر العملية التربوية والتخطيط لها، ما يساعد على تقويم العملية التربوية والتعليمية والوصول لحلول مبتكرة لتفادي انحدار التعليم والوقوع في فخ المشكلات التعليمية في قطر ما.
أبرز المشكلات التعليمية في العالم العربي
تتعرض العملية التعليمية في المجتمعات العربية لحفنة من المشكلات، التي تعوقه من تنفيذ أهدافه المرسومة له منذ أن اخترع الإنسان الكتابة، وتتبلور أبرز المشكلات التعليمية في:
- غموض الأنظمة واللوائح المنظمة للتعليم في الدول العربية التي تنتمي لدول العالم الثالث، التي تضبط العلاقات بين أفراد الجهاز الإداري والأنظمة التعليمية بكل جوانبها، وتعتمد الأنظمة التعليمية على أسس دستورية وقانونية تعوق العملية التعليمية عن أداء دورها وحول العملية التعليمية غاية بدلا من كونها وسيلة تضبط المجتمع وتنظم أمور أفراده وترفع من شأنهم، ما يدفع العاملين في قطاع التعليم إلى التحايل للتطوير، أو اليأس من ذلك فيتركونه قديما باليا لا يحدث تقدما، ولا يغير واقع مجتمع.
- الاعتماد على طرق قديمة بالية في إيصال المعلومات للطلاب، وتعتمد الأساليب على التلقين والحفظ، والاعتماد على الكتاب الورقي في إيصال المعلومات وإغفال دور التكنولوجيا الحديثة في تثبيت المعلومة لدى التلاميذ.
- ضعف ميزانيات التعليم والاكتفاء بدعمه ماديا بمبالغ بسيطة لا تسمن ولا تغني من جوع، بل تتذيل الدول العربية قائمة الإنفاق على التعليم، وتحتل المغرب المرتبة الأولى عربيا، لكنها في المرتبة الثالثة والسبعين عالميا.
- ضعف رواتب المعلم في معظم دول العالم، ما يدفعه في غالب الحالات إلى العمل صباحا في مدرسته واللجوء إلى العمل إضافيا بعد انتهاء اليوم الدراسي، سواء أكان عن طريق الدروس الخصوصية أو إنشاء مشروعات تجارية خاصة أو غير ذلك من الوسائل.
- انتشار ظاهرة التسرب التعليمي، خاصة في الدول التي تعاني من مشكلات اقتصادية كبيرة، تؤثر على محدودي ومتوسطي الدخل، ما يدفعهم إلى تسريب أولادهم من التعليم؛ تخفيفا للنفقات ولمساعدة الأب والأم في توفير نفقات الأسرة التي تتزايد يوما بعد يوم.
كيف نتجنب المشكلات التعليمية ؟
- إعادة صياغة القوانين واللوائح المنظمة بحيث تعكس الواقع، شريطة أن تمتاز القوانين والمواد الدستورية بالمرونة وعدم الجمود، مع تحديد الصلاحيات الإدارية، مع إعادة النظر في السياسات التعليمية العامة وتوليفها مع متطلبات العصر.
- زيادة الوعي عند الأفراد المرتبطين بالعملية التعليمية سواء أكانوا طلابا أو مدرسين أو إداريين أو أولياء أمور، وبالتالي يتحول الوعي حول العملية التعليمية إلى توعية مجتمعية، ترفع من شأن المجتمع، وتربط الفكر بالعمل، وتزيد من ترابط المجتمع.
- رفع المستوى الاقتصادي للمعلم، وزيادة راتبه لمستويات تقترب أو تفوق روابط الأطباء والمهندسين؛ حتى لا يضطر المدرس إلى اللجوء للدروس الخصوصية أو العمل إضافيا؛ لتعويض ما يحتاج إليه لسد حاجاته اليومية.
- زيادة كفاءة المعلمين ودعمه فنيا عن طريق الدورات التدريبية وصقل مهاراته في التقديم والعرض؛ حتى يستطيع إيصال المعلومات للطلاب بأبسط الطرق، وأكثرها فاعلية.
- ابتكار أساليب إدارية جديدة وفعالة تحافظ على استمرار العملية التعليمية مؤدية لوظيفتها، ومحققة أهدافها الموجودة من أجلها.
أضف تعليق