تسعة
الرئيسية » العمل » وظائف » المرأة العاملة : كيف توفق بين أسرتها وعملها بكفاءة ؟

المرأة العاملة : كيف توفق بين أسرتها وعملها بكفاءة ؟

في الوقت الحالي أصبحت المرأة العاملة أمرًا لا يثير أي درجة من درجات الاستغراب، لكن توفيق المرأة العاملة بين بيتها ومسؤولياتها وعملها أمر يستحق بعض الدراسة.

المرأة العاملة

المرأة العاملة موضوع لم يغلق منذ فتحه، لكن دعونا نتحدث في أولا كيف بدء الأمر؟ مما لا شك فيه أن العمل هو قيمة إنسانية وضرورة حياتية لكل كائن حي، فالكل عليه أن يعمل وينتج ليواصل الحياة، لقد مرت فترات طويلة والمرأة تجلس في المنزل ترعى الزوج والأبناء حتى جاء قاسم أمين وطالب بإطلاق صراحها، وتعالت الأصوات بضرورة خروج المرأة للعمل، خرجت المرأة للعمل وهي تعلم تمام العلم أنها مسئولة عن زوج وأبناء وجزء من العبء المالي أيضا، فرأت نفسها تدور كالترس في الآلة، وبدء التفكير في كيف توفق المرأة بين الحياة العملية والحياة الزوجية، كيف وهي الكائن الخرافي أن تجمع بين الاثنين دون أن يجور أحدهما على الآخر، عُدت الدراسات وكُتبت المقالات ونشرت الكتب التي تدور حول نفس الموضوعين، والغريب في الأمر لم يفكر أحد في من الذي حدد هذه الأدوار للمرأة ولماذا نطالبها هي بالتوفيق بين العمل والمنزل، أين دور الزوج وماهي مهامه، الحياة الزوجية مشاركة، فأين الطرف المشارك هنا؟ لم يطرح هذا التساؤل لان مجتمعنا العزيز يرى أن اهتمام المرأة ببيتها وأطفالها هو مهمتها الأساسية وأنها تعمل من أجل تنمية ذاتها ومساعدة الزوج في الإنفاق، كيف يكون ذلك ونحن نبني معادلة غير متساوية الأطراف ونطالب بأن تأتي النتيجة قصرا.

طرق توفيق المرأة العاملة بين بيتها وبين عملها

وجهة نظر أخرى

من الأفضل أن نتناول موضوع التوفيق بين الحياة العملية والحياة الزوجية بشكل عام، عن المرأة وعند الرجل، عند الإنسان العامل بمعني أصح، وعلينا أن نفهم جيدا أن المرأة لم تخلق لتهتم بزوجها وأطفالها فقط، ولم تكن هذه مهمتها الأساسية وتاريخها القديم يوضح لنا ذلك، فنجد عند القدماء المصريين المرأة مقدسة وحاكمة وإلهة، وبعض القبائل التي تعتبر المرأة رمزا للحياة ويخدمها الرجل لأنها هي التي تجلب الأطفال فهي مانحة الحياة والأزواج يهتمون بالأطفال وشئون المنزل، لا أدري ما السبب وراء رسوخ الأفكار السائدة في مجتمعاتنا العربية عن تلخيص دور المرأة في الزواج وانجاب الأطفال فقط، لا التاريخ ولا الواقع يقر ذلك بل نحن من أقررناه وصدقناه وأصبح من البديهيات التي لا غبار عليها وبعد الإقرار بمساواة موقف التوفيق بين المرأة العاملة والمنزل وكذلك الرجل، يمكنني سيدتي أن أقدم لكي النصائح التي من الممكن أن تساعدك.

العمل

لا تقومي بعمل لا تريده، ولا تكرهي نفسك على قبوله لظروفك المادية، لن النتيجة ستكون إصابتك بالضغط العصبي والنفسي الذي سوف يستنزف ما جمعتيه من أموال من هذا العمل لمعالجة آثاره. نعلم جميعا المقولة الشائعة حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب، في الواقع أن أعتبر هذه المقولة مدمرة للصحة النفسية ومحبطة على مدار الوقت، فالكثير يظل ينتقل من وظيفة لأخرى حتى تنفذ قواه فيبحث عن أخرى وهكذا فيضيع منه الكثير من الوقت والجهد، لكن من المفترض أن يحدد الشخص أولا العمل الذي يريد ويحب ثم يبدأ في بناء حياة عملية خاصة به ويركز جهوده على تنميتها وتطويرها، المرأة العاملة ينبغي عليها قبل أي شيء أن تعمل ما تحبه، وعليها أيضا تنمية مهارتها باستمرار على حسب ما يحتاجه العمل، لا تقف عند حد معين لكي ينمو عملها ويتطور وتتطور هي معه وتسعد به، لا تحولي عملك إلى روتين قاتل تحتملينه من أجل الحصول على الراتب، نمي مهارتك وجددي في روتينك العملي باستمرار، كوني مصدر ثقة وفي موضوع جيد مع رئيسك في العمل، لا تقومي بمهام غيرك، فيمكنك أن تساعدي على القدر المتاح لكي من وقتك لكن لا تجهدي نفسك من أجل الآخرين.

المنزل

عزيزتي المرأة العاملة يجب أن تدركي جيداً أن الحياة الزوجية مشاركة بين طرفين لكل منهما واجبات يجب أن يقوم بها وحقوق يجب أن يحصل عليها، لستِ وحدك المسؤولة عن المنزل وإطعام الغار والتنظيف وغيره، أنتِ جزء وزوجك جزء، تنظيف المنزل، إطعام الأطفال، التسوق، وغيره من الأعمال المنزلية هو مسؤولية مشتركة بينك وبين زوجك ويجب أن توضحي له أن كان لا يفهم هذه الأمور بفعل التربية والمجتمع، لا تحملي نفسك فوق طاقاتها ولا تجهديها ولتستنزفي قواها، لا مشكلة أن لم تستطيعي إعداد الطعام في الوقت المطلوب، لا مشكلة أن لم تعديه أصلا وقمت بشراء أطعمة جاهزة لظروف طارئة، لن تحدث كارثة أن نمت مبكرا وتركتي المطبخ غير نظيف، خذي المور ببساطة واعلمي انك إنسان لن تفعلي الأمور بشكل مثالي دائما، وإنما في تقدم قليلا وتراجع قليلا، أطلبي المساعدة من الأبناء أيضا فهذا ينمي لديهم الإحساس بقيمة العمل والشعور بالمسئولية، دعيهم يرتبون غرفهم ويساعدون في أعمال الطهي ويقفون بجواركم للمساعدة دائما، واعلمي أن الطفل أذكي من الإنسان العادي ويتعلم سريعا لا تتعاملي معه على انه صغيرا ولا يفهم شيء، كلفية ببعض الأمور وقومي بتدريبه عليها وسوف تري النتيجة، كان تشتكي لي صديقة قديمة متزوجة وتعمل ولديها طفلين عن كثرة عمليات غسل الملابس وكم ملت من هذا الأمر، فأشرت عليها أن تجعل الطفلين يقومون ببعض الأمور فاستغربت في بداية الأمر وقالت لي كيف ذلك، فقلت ببساطة ماذا يتطلب الغسيل أو ما هي مراحله؟ تجميع الملابس الغير نظيفة في سلة الغسيل، فصل الألوان، تحديد نوع البرنامج، وضع المسحوق، تشغيل الغسالة، نشر الملابس، تجميها ووضعها في أماكنها الصحيحة، كل هذه المراحل ألا تجدي مرحلة ممكن أن يقوم بها طفلك؟! مع العلم انه سوف يستمتع ويشعر بالمتعة وليس مثلك انتِ.

خطوات بسيطة

وإليكِ خطوات بسيطة لكِ ولزوجك من أجل توفير الوقت والجهد، المرأة العاملة دائما تشتكي من كثرة المهام وضيق الوقت فاحفظي جيدا القاعدة التي تقول التنظيم أول بأول هو السبيل للراحة، بمعنى أن رأى أحدكم شيء ما في حاجه إلى ترتيب أو تنظيف ولديه الوقت الآن ولن يأخذ من وقته فليسرع وينهيها ولا يقول سوف انتظر يوم التنظيف وما إلى ذلك لا تتراكم المهام، حددي جدول مناسب لك ولزوجك لتنظيف المنزل سويا والقيام بالتسوق وإعداد قائمة طعام للأسبوع، حاولا الالتزام بالتعليمات المخططة وعدم الخروج عليها، ففي يوم واحد تبدئه مبكرا تسطيعي أن تقومي بكل هذه الأمور دفعه واحده بتوزيع المهام وتصنيفها ولن يكون مطلوب منكم طوال الأسبوع سوي أمور بسيطة مناسبة لما يتبقى من وقت العمل لمواصلة الحياة.

الترفيه

ليس جزء اختياري يمكنك القيام به أم لا، بل هو جزئ أساسي جدا، ترتكب المرأة العاملة كارثة في يحق نفسها تتمثل هذه الكارثة في أنها تعمل طوال الأسبوع وتأتي في أيام الإجازة لتنظف وتطبخ وتغسل وغيره، فإذا كانت أيام الأسبوع للعمل وأيام الإجازة للعمل المنزلي أيضا فأين أنتِ؟ كإنسان يجب أن يعيش ويستمتع بحياته أنت كائن بشري وليس إنسان آلي، لديكي احتياجات أخرى غير الطعام والشراب والعمل، حقك كإنسانه في الترفيه هو حق مشروع، نظمي جدولك مع زوجك وعلى الأقل يوم واحد في الأسبوع توقفي عن فعل أي شيء، فقط كوني أنتِ، ضعوا برنامج ترفيهيا، شاهدو السينما، تناولا الطعام بالخارج وامضوا وقتكم في حديقة تتأملون الأزهار والفرشات وصوت المياه، جددوا من أوقاتكم باستمرار، يمكنك الذهاب في جوله ممتعه خارج المدينة لمده يوم واحد كل فتره، ما المانع في ذلك، لكم حياة يجب أن تعيشوها وتستمتعوا بها، فهي ليست مجموعة من الواجبات ننهيها فقط، وأمر آخر شديد الأهمية وهو ممارسة الرياضة يوميا ولمدة نصف ساعه حتى لو كانت المشي على الأقدام تكفي لتجديد النشاط اليومي وتحسين الصحة العامة والشعور بالسعادة، الحياة مغامرة جميلة فلا تحولوها إلى مجموعه من المهام والواجبات الثقيلة.

ليزا سعيد

باحثة أكاديمية بجامعة القاهرة، تخصص فلسفة، التخصص الدقيق دراسات المرأة والنوع.

أضف تعليق

15 + 4 =