هل تعلم ما هي المدن الأكثر برودة حول العالم؟ ربما يمر علينا الشتاء ببرودته ودرجة الحرارة القارصة فنشعر كما لو لم يكن في العالم أي مكان أكثر برودة مما نعيش فيه، ولكن هل فكرت يوماُ في أكثر الأماكن برودة على وجه هذه الأرض أو حتى تخيلت كيف يمكن للبشر أن يتكيفوا للعيش في هذه الأماكن أو لماذا أصلاً يعيشون في أماكن كهذه؟ منذ أن خلق الإنسان وهو يسعى دائماً للتكيف والتعود على العيش في الأماكن المختلفة على وجه الأرض، فمن أعلي الجبال إلى أكثر الأماكن انخفاضاً على الأرض ومن أكثر الأماكن الحارة في خط الاستواء إلى البرودة القارصة في القطب الشمالي ومن أكثر الأماكن خصوبة وخضرة ونضارة إلى الصحاري الجافة والقاسية، كل هذه الأماكن بلا استثناء يتواجد فيها آلاف وملايين البشر يعيشون حياة طبيعية للغاية ويكيفون حياتهم طبقاً لذلك على الرغم أن هذا يعتبر مستحلاً لمعظم الكائنات الحية على وجه الأرض فمن المستحيل أن نجد حيواناً أو نباتاً يعيش في جميع البيئات المختلفة والمتنوعة الموجودة في الأرض بل إن كثيراً منها يكون معرضاً للانقراض بسبب أي تغير طفيف في البيئة التي يعيش فيها.
تعرف على المدن الأكثر برودة حول العالم
قدرة الإنسان على التكيف
ولكن يبقى الإنسان هو أشرس الكائنات على وجه الأرض وأكثرها ذكاء حيث استطاع أن يعيش طيلة قرون طويلة حتى في الأماكن التي يكثر فيها الزلازل أو البراكين أو الفيضانات. ورغم أن الأرض بها أماكن تطيب فيها الحياة لجمالها واعتدال جوها إلا أن هناك أماكن أخرى وصل فيها الصقيع إلى درجات لا يمكن حتى تخيلها ناهيك عن العيش فيها.
روسيا
إذا كنا نتحدث عن المدن الأكثر برودة والبرد والثلوج فأول شيء يمكن أن نتحدث عنه هو روسيا أكبر دولة تقع في شمال قارة آسيا والتي تتسم بدرجة برودة لا تنافسها فيها أي دولة أخرى في العالم كله فروسيا تحتل المركز الأول بجدارة بين أكثر الأماكن برودة على وجه الأرض مأهولة بالسكان. تتراوح درجة الحرارة في المدن الروسية بين 30 و 50 درجة تحت الصفر هذا في فصل الشتاء أما في فصل الصيف فتكون درجة الحرارة 3 درجات تحت الصفر مما يعني أنهم لا يعرفون معنى الحر ولا يرون الشمس إلا نادراً.الأرض عندهم تتلون بلون واحد فقط وهو الأبيض تغطيها الثلوج دائماً.
فيرخويانسك المدينة المتجمدة
أما عن أكثر الأماكن برودة في روسيا فهي مدينة فيرخويانسك حيث يبلغ متوسط درجة الحرارة هناك 65 درجة تحت الصفر ويبلغ عدد سكانها 1300 شخص وكانت هذه المدينة تستخدم قديماً مكاناً لنفي المعارضين كعقوبة لهم فالحياة في هذه المدينة كانت بالطبع مستحيلة مع عدم توفر وسائل التدفئة الحديثة.
أنتاركتيكا
أو ما يعرف بالقارة القطبية الجنوبية وهي أبرد مكان موجود على وجه الأرض ولكن خلافاً للمدن الروسية فإن هذه القارة القطبية الجنوبية غير مأهولة بالسكان أصلاً بل إن الحياة عليها مستحيلة غير أنه يوجد هناك مركز أبحاث روسي متخصص في دراسة المناخ إلا أن الباحثين يتواجدون فيه بشكل مؤقت وخلافاً لذلك في لا يوجد على هذه القارة أي إنسان على الإطلاق. أقل درجة حرارة تم تسجيلها على هذه القارة بلغت 89 درجة مئوية تحت الصفر ومع هذا فإن القارة ليست خالية من الحياة فهناك حيوانات الفقمة والبطريق التي تعيش في بيئة شديدة البرودة بين الثلوج والعواصف والمياه المتجمدة.
منغوليا
منغوليا هي إحدى دول آسيا الوسطى ورغم أنها تعتبر بعيدة عن مدن الشمال التي تعيش برداً قارصا إلا أن درجة الحرارة في منغوليا تنخفض بشكل كبير أثناء فترات الشتاء حيث تتراوح ما بين 10 درجات تحت الصفر و 20 درجة تحت الصفر مما يجعلها واحدة من أكثر دول العالم برودة.
ولاية مينيسوتا
هي إحدى الولايات الأمريكية التي تقع في الشمال ويعيش فيها أكثر من ستة آلاف شخص وهي تقع على الحدود مع كندا وهذه الولاية تختلف عن كثير من الولايات الأمريكية الأخرى حيث تعاني ولاية مينيسوتا من تساقط مستمر للثلوج التي تعيق حركة المرور وتؤدي إلى شلل كامل في جميع أنحاء الولاية وتكثر الحوادث بسبب الثلوج والعواصف الثلجية المستمرة وتزداد نسبة الثلوج إلى أقصى درجاتها في فصل الشتاء حيث يصل ارتفاع طبقات الثلج في الشوارع إلى أكثر من 65 بوصة وتعمل الحكومة بشكل يومي على إزالة هذه الثلوج لكي تكون الحياة طبيعة في الولاية التي تعتبر من المدن الأكثر برودة حول العالم.
الإسكيمو
لابد أن الكثيرين يسمعون عن شعب الإسكيمو بل ويضرب بهم المثل في العيش في مناطق جليدية وذات مناخ قارص وشديد البرودة صيفا وشتاء. تقع بلاد الإسكيمو في شمال الآسكا وتضم أيضا أجزاءً من شمال كندا وبعض الجزر الكندية في الشمال بالقرب من القطب الشمالي للكرة الأرضية. بلاد الإسكيمو بجانب أن جوها قارص البرودة فإنها أيضا منطقة وعرة للغاية فهي تعبر صحراء ثلجية مليئة بالجبال الثلجية والمرتفعات والطرق الوعرة والكتل الثلجية الضخمة مما يجعل السير فيها أمراً صعب للغاية. بالإضافة إلى ذلك فإن الليل هناك يمتد إلى ساعات طويلة بل قد يصل إلى عدة أيام لا تشرق فيها الشمس بل يبقى السواد يعم أرجاء المكان بسبب وجود البلاد في المنطقة القطبية ولهذا فإنه يطلق عليها بلاد قمر الظهيرة بسبب الوجود المستمر للقمر في سماء المنطقة وغياب الشمس عنها وانخفاض درجة الحرارة.
عادات شعب الإسكيمو
في الإسكيمو يظل الجليد متكتلاً طوال شهور الشتاء ويبقى الحال على ما هو عليه طوال شهور الصيف حيث تتراوح درجة الحرارة بين -29 و-42 درجة مئوية تحت الصفر ويعيش شعب الإسكيمو بشكل أساسي على صيد الأسماك بالإضافة إلى أنهم يعتمدون في طعامهم على اصطياد الفقمة والحيتان وبعض أنواع الأسماك الأخرى مثل سمك السلمون كبيرة الحجم. وحياتهم تعبر حياة تقليدية للغاية تعتمد على الطبيعة بشكل كبير فكما أنهم يعتمدون على صيد الأسماك لتوفير طعامهم فإنهم أيضاً يقومون بصيد الدببة والوعل القطبي لصناعة ملابسهم من جلود هذه الحيوانات وصناعة الخيام أيضاً وبعضهم يعيشون في بيوت مصنوعة من الثلج تأخذ شكل الكهوف الجليدية.
غزو الأوروبيون للإسكيمو
وقد تغيرت حياة شعب الإسكيمو بشكل كبير مع بداية القرن التاسع عشر مع بداية انتقال الأوروبيون لهذه المنطقة من أجل اصطياد الحيتان والحيوانات ذات الفراء مثل الدببة والثعالب بسبب فراءها الثمين، حيث تعاون شعب الإسكيمو معهم في مهنة اصطياد الحيتان والحيوانات وأصبحوا يبيعون لهم الفراء ولحوم الحيتان مقابل البنادق التي أمدوهم بها الأوروبيون لاستخدامها في صيد هذه الحيوانات وبهذه الطريقة بدأ شعب الإسكيمو في ترك عاداته التقليدية شيئاً فشيئاً وأصبح يعتمد على بعض الوسائل الحديثة في العيش.
هكذا كانت هذه الشعوب تتكيف مع أي بيئة تعيش فيها فرغم درجة الحرارة الغير معقولة والبيئة الباردة التي لا تحتملها الحيوانات ولا النباتات تمكنت هذه الشعوب من العيش فيها على مر قرون عديدة من الزمن دون أي صعوبة حيث تمكنت من توفير غذائها وبناء بيوتها والعيش والاكتفاء الذاتي حتى وقت قريب دون حاجة إلى أي من الوسائل الحديثة الموجودة حالياً متحدين الثلوج والعواصف والجو البارد ودرجات الحرارة الخرافية وكانت لهم عاداتهم التي ميزتهم عن غيرهم من الشعوب وساعدتهم على الصمود والبقاء على قيد الحياة طيلة هذه القرون.
أضف تعليق