تسعة
الرئيسية » دين » كيف تعود نفسك على المحافظة على الصلوات رغم الانشغال؟

كيف تعود نفسك على المحافظة على الصلوات رغم الانشغال؟

المحافظة على الصلوات غاية كل مسلم وواحدة من أهم الأمور التي تشغله في حياته، وذلك لأنه بكل تأكيد يعرف أن الصلاة عماد الدين، وهي التي تُفرق بين المسلم وغيره.

المحافظة على الصلوات

مما لا شك فيه أن المحافظة على الصلوات أمر هام جدًا ومُقدس بالنسبة لأي شخص ينتمي إلى الشريعة الإسلامية، فهي ليست عماد الدين فقط، بل إنها الدين نفسه، فنبي الإسلام قد قال أن العهد بين المسلمين وغيرهم هو الصلاة، فكيف إذًا لا ينشغل الناس بالحفاظ عليها وتأديتها في وقتها، لكن يحدث في بعض الحالات، والتي تكثر مع الوقت بكل أسف، أن تقع بعض الأمور التي تشغل الناس عن تأدية صلاتهم، أو تأخيرها عن موعدها، وهؤلاء في الحقيقة قد يتركون تلك الصلوات التي تفوتهم ولا يعودون إلى تأديتها من جديد، ومع الوقت تحدث حالة من التبلد ويبدؤون في الابتعاد عن الصلاة شيئًا فشيئًا وهذا بالطبع أكثر ما يُعرض المُسلم للنار، ذلك الجحيم الذي نفعل المستحيل كي نبتعد عنه، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على الصلوات الخمسة والطريقة المُثلى لتأديتها في الوقت المناسب رغم الانشغال.

ما هي الصلاة؟

سؤال ربما يبدو ساذجًا للبعض منكم، فحتى الطفل الصغير يعرف الكثير عن الصلاة، لأنه، وإذ لم يكن قد ذهب إلى مسجد من قبل، فهو في كل وقت يسمع الآذان في المساجد، ومنذ أن يبدأ في التعلم ويذهب إلى المدرسة فإن أول شيء يقوم بتعلمه هي أركان الإسلام، والتي نجد المحافظة على الصلوات أو الصلاة عمومًا الركن الثاني منها، حتى غير المسلمين يعرفون الصلاة ويعلمون جيدًا أنها أحد الثوابت في الإسلام، وهم بالطبع لهم صلاتهم الخاصة بهم، فلا ينبغي على أي شريعة من الشرائع ألا تصل العهد بينها وبين ربها، وهو المتمثل في الصلاة.

الصلاة مجموعة من الركعات والسجدات، يقوم بها المسلم خمس مرات في اليوم الواحد، موزعة مع شروق النهار وغروبه وأوقات بعده وقبله، وهي أوقات ثابتة محددة حسب النظام الفلكي لكل مكان، وبالطبع هناك شروط خاصة لتلك الصلوات وأشياء أخرى تتعلق بكل حركة من حركاتها، يجب تعلمها من أجل الخروج في النهاية بصلاة صحيحة مقبولة مضمونة الثواب، ومن الأفضل كذلك أن تتم في مكان عام بشكل جماعي، ذلك المكان يُسمى بالمسجد أو الجامع.

المحافظة على الصلوات الخمسة

كي تحافظ على الشيء عليك أولًا التعرف على أهميته، وهذا هو الحال بالضبط إذا كنا نتحدث عن المحافظة على الصلوات الخمسة، فأغلب الذين يغفلون ذلك الأمر يفعلون لأنهم لا يعرفون الأهمية الحقيقية للصلاة، والحقيقة أنه دافع جيد في المحافظة، ولذلك دعونا نبدأ بذكر أهمية وفضائل وفوائد تلك الصلوات الخمسة، وعلى رأس تلك الأشياء بالتأكيد يأتي التقرب إلى الله عز وجل.

التقرب إلى الله

الصلاة صِلة كما ذكرنا، هذه الصلة تكون بين العبد وربه، فعندما تشرع في الصلاة تكون بين يدي الله، ولذلك يُقال إنك إذا أردت أن تُكلم الله فليس عليك سوى الصلاة، أما إذا أردت أن يُكلمك الله فاقرأ كتابه، والواقع أنك عندما تُصلي تفعل الأمرين معًا، ولا هذا لا خلاف على أن الصلاة أمر هام جدًا من ناحية كونها صلة للتقرب إلى الله، كما أنك في أغلب الأحاديث سوف تُلاحظ ذكر الصلاة ضمن أحب الأعمال إلى الله، وهذا يعني أن الله يطلب منك شيء تُحبه، فهل من المعقول ألا تفعله وتخذله؟ ضع هذا الأمر نصب عينك دائمًا.

تجنب النار والعذاب

إذا لم تُثيرك فكرة التقرب إلى الله وتعرف أنه من أهم فوائد الصلاة فإن الفائدة الثانية بالتأكيد سوف تقوم بتلك المهمة على أكمل وجه، وذلك لأنها تتعلق بالشيء الوحيد الذي يجب الحفاظ عليه، وهو أنت، فعندما تُصلي الصلوات المطلوبة منك تتجنب عذاب النار الشديد، أما عندما تفعل خلاف ذلك فالنار ولا شيء غيره ينتظرك، ولهذا فإن الجميع يعتبر الابتعاد عن النار من أهم فوائد الصلاة، والواقع أنها كافية جدًا لتُقربنا من الصلاة وتجعلنا لا نتركها أبدًا.

زيادة الحسنات

إن أكثر ما يسعى الناس إلى جمعه في هذه الحياة إما الحسنات أو المال، فمن كان يريد الحياة الفانية فإنه سوف يلجأ إلى جمع المال وتكويمه، أما من يريد الدار الآخرة فهو يعلم جيدًا أن ما سينفعه هو جمع الحسنات، وهذا ما ستضمنه الصلاة لك، فهي أداة لجمع الحسنات بامتياز، وهذا الأمر ينطبق على الصلوات المفروض والنافلة أيضًا، وطبعًا هناك الكثير من الأحاديث التي تتحدث عن حسنات الصلوات بالتفصيل ووقت كل نافلة من شأنها أن تُزيد من حسناتك، وهذا أيضًا أمر كافي إذا ما أردنا التحدث عن فوائد المحافظة على الصلوات.

كيف أحافظ على الصلاة في وقتها؟

نأتي للأمر الهام والذي يشغل الجميع بالتأكيد، وهو كيفية المحافظة على الصلوات في وقتها وموعدها المحدد، وهذا يعاني بالضرورة التعرف على كيفية مواجهة ظروف الحياة المُختلفة التي قد تعرقل أداء الصلاة في موعدها، والحقيقة أنه على رأس تلك النصائح التي يجب توجيهها لمن يرغبون في المحافظة على الصلوات أن يقومون بمراقبة أوقاتها.

راقب الصلاة وتحين وقتها

إذا وضعت شيئًا في بالك فإنه سيتحقق لا محالة، وهذا ما نتحدث عنه بخصوص المحافظة على الصلوات، فكل ما عليك أن تستيقظ يوميًا وأنت تضع الصلاة في خاطرك، وأن تجعل وقتها في ذاكرتك بأي طريقة ممكنة، فمن الوارد مثلًا أن تكتب المواقيت في ورقة وتضعها نصب عينيك، أو أن تقوم بتحميل تطبيق على الهاتف يُذكرك بأوقات الصلاة تلقائيًا، أو أي شيء آخر من شأنه أن يؤدي نفس المهمة، ولا تقلق، مع الوقت سوف تُحفر الأوقات في ذاكرتك ولن تحتاج إلى أي وسيلة من الوسائل التي ذكرناها الآن.

قم بإنهاء واجباتك قبل الآذان

إن من أهم الأسباب التي قد تدفع البعض إلى عدم المحافظة على الصلوات هي تلك الأسباب التي تتعلق بالأشغال والأعمال، فالبشر بطبيعتهم يميلون إلى الحياة الدنيا وحصد الأموال، ولذلك فإنهم عندما يحضرهم وقت الصلاة يزعمون أنهم سينتهون من عملهم ثم يذهبون مباشرةً لتأدية الصلاة، والحقيقة أن هذا لا يحدث لأن الوقت يتمكن من سرقتهم، وهنا يبرز الحل المحوري للقضاء على تلك الأزمة التي تُعيق تأدية الصلاة في وقتها.

حل مشكلة التأخر عن الصلاة بسبب العمل بسيطة جدًا، وهي أن تُسارع بإنهاء كافة الأعمال بوقت معقول كخمس دقائق مثلًا، وبالتالي لن تتعطل خلال وقت الإقامة وتذهب في الموعد المحدد للصلاة، ولكم أن تعرفوا أن الله نهى عن العمل وقت الصلاة وتركها، خاصةً إذا كانت تلك الصلاة هي صلاة الجمعة.

احرص على الصلاة في المسجد

من أهم الأسباب والطرق التي ستجعلك بإذن الله تستمر في المحافظة على الصلوات تأديتها في المسجد مع الإمام، فالإنسان عندما يعرف أنه عند وقت الصلاة سوف يذهب إلى المسجد أفضل بكثير من أن ينتظر سماع الأذان ليُصلي في البيت، ففي حالة الصلاة في المسجد سوف يستعد جيدًا وسوف يضع بالًا للطريق، كما أن الأشخاص الذين يرونه في المسجد إذا لم يروه في صلاة من الصلوات سوف يستغيبونه، وهذا الغياب سوف يدفعهم للسؤال عنه، وبالتالي سيذهب للصلاة مجددًا في المسجد، ومع الوقت لن تكون هناك فرصة أصلًا للتضييع بسبب العون الذي لاقاه من الصلاة في المسجد، وهذا ما يأخذنا إلى الطريقة التالية من طرق المحافظة على الصلوات.

ضع لنفسك عقابًا

الإنسان بطبيعته لا يعود إلى الطريق الصحيح سوى بالعقاب، هذا ما توعدنا عليه منذ صغرنا في المدارس ومن خلال تربية الآباء لنا، ولهذا فإنه من المتوقع أن تكون طريقة العقاب تلك من أنجح الطرق التي يمكن من خلالها المحافظة على الصلوات، فمثلًا يُمكنك وضع عقاب لنفسك بعدم الترفيه أو عدم فعل شيء تُحبه في حالة أنك إذا لم تُصلي الوقت كذا في الوقت المُحدد له، وطبعًا لا نحتاج إلى تأكيد بأهمية تنفيذ ذلك العقاب حالة الحاجة إليه من أجل ردع النفس وإعادتها إلى الطريق الصحيح الذي لا تكتمل صحته دون وجود الصلاة.

من أفضل طرق العقاب التي ستجربها في هذا الصدد وتجني من خلالها أكثر من فائدة عقاب الصدقة، بمعنى مثلًا أنك تعاهد نفسك بالالتزام بالصلاة في وقتها وفي حالة عدم تنفيذ ذلك الالتزام يتوجب عليك إخراج جزء من مالك كصدقة، وطبعًا أنت من تلقاء نفسك سوف تحرص على عدم تفويت أي وقت كيلا تُخرج الكثير من الأموال، ففي النهاية تبقى الصدقة بقدر مُحدد من المال الذي يجب عدم الزيادة عليه في حالة إذا ما كان سيأتي ذلك على حساب أولادك وصحتك.

التعاون مع الغير والتنافس معه

التعاون والمنافسة شيء جيد، أما إذا كان ذلك التعاون وتلك المنافسة في عمل مثل الصلاة فإنهما يُصبحان عظيمان بحق، تخيل أنك تجلس في بيتك وتخضع للشيطان الذي ينصحك بعدم الصلاة في المسجد، ثم يأتي صديقك ويأخذك في طريقه، أرأيت كيف سيؤثر الأمر إيجابيًا ويؤتي ثماره سريعًا؟ الأكثر فائدة أن تكون في حالة تنافس مع صديق لك على الصلاة، هو أقسم على ألا يفوت صلاة وأنت كذلك أقسمت، وكلاكما تتنافسان مثلًا على أن من يحنث القسم سوف يُعرم كذا وكذا، في النهاية المكسب الأكبر لكليكما أنكما لن تُفوتا أي صلاة، وهذا ما يجعل تلك المنافسة وذلك التعاون أعظم عملين في الخير كما ذكرنا، والسؤال الآن، ألا يستحق الأمر أن تتنافس وتتعاون من أجله؟

سل الله العون

الأهم من التعاون والتنافس وفعل كل شيء أن تسأل الله العون وتطلب منه أن يرزقك الصلاح والقدرة على المحافظة على الصلوات في أوقاتها، فما دام الله غير راضٍ عنك فلا تتوقع التوفيق في أي شيء، وعمومًا، فإنك إذا سألت الله العون في عمل خير يُحبذه مثل الصلاة فإنه بالتأكيد لن يردك خائبًا، فأحب الأعمال إلى الله الصلاة، لكن طبعًا يجب أن يكون سؤال العون مُصاحبًا للإرادة الحقيقية ومجاهدة النفس، فلكي يُضيء الله لك الطريق لابد أولًا التأكد من أنك تسلك ذلك الطريق بالفعل، والطريق الذي نتحدث عنه هو الصلاة، ابدأ أولًا ثم سل الله العون والتوفيق بعدها، وقطعًا لن يخذلك.

أفضل مكان قد تسأل فيه الله العون من أجل المحافظة على الصلوات هو الصلوات نفسها، فخلال الصلاة يجب أن يكون لك دعوة وشكر في نفس الوقت، دعوة بإلهامك الحفاظ على الصلاة دائمًا وشكر على نعمة الله عليك عند هدايتك إلى تأدية الصلاة في وقتها.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

20 − 13 =