تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » الشخصية » المبادئ الحياتية : كيف تكون لنفسك مبادئ مفيدة وفعالة ؟

المبادئ الحياتية : كيف تكون لنفسك مبادئ مفيدة وفعالة ؟

المبادئ الحياتية واحدة من الطرق التي تضمن بها أن حياتك تسير في الطريق الصحيح على الدوام، لهذا سوف نعرفك طريقة وضع المبادئ الحياتية لك.

المبادئ الحياتية

المبادئ الحياتية هي الأسس والقواعد التي تُبني عليها تصرفات يومك، وشخص بدون مبادئ هو شخص بدون أخلاق وفارغ أي بلا أهمية أو فائدة، وهو شخص مزعج غير محبوب ولا مرغوب بوجوده حتى وإن كانوا الناس بالخارج يحترموه ولكن من الداخل من وراءه يتمنون لو أنه غير موجود بحياتهم ويشتمون فيه. تلك المبادئ الحياتية هي من تفرق بين الابن العاص والمطيع، بين الزوجة الجيدة والسيئة، بين الرجل الناضج والأخر الذي لا يعتمد عليه. والمبادئ الحياتية تكونها أنت بنفسك، صحيح يتدخل في الأمر الضمير والتربية ومبادئ المجتمع ولكن في الأخير أنت من تصنع نفسك ولا شيء أخر تستطيع أن تلومه، هذا المقال يساعدك على أن تكون تلك المبادئ بشكل صحيح.

أهم قواعد وضع المبادئ الحياتية لك

أن تثق بنفسك أول خطوة في تكوين المبادئ الحياتية

لكي تبني أي صفة أو أي مبدأ يجب أن تكون شخص ثابت وغير متزعزع، حيت تأخذ قرارك في أمراَ ما يجب أن تكون متأكد منه وواثق بأنه الصحيح وواثق في نفسك بقدرتك على تنفيذه، أما إذا كنت من نوع الذي يأخذ قرار بتلك الدقيقة ويسمع كلمة من أحد أخر فيغير ذلك القرار بعدها بدقيقة أخرى، فهذا ليس مبشر بأي خير. قوتك على أخذ القرارات الصحيحة تأتي من داخلك، اجلس مع نفسك وصادقها وتخلص من كل الذي يجعلك متشكك بذاتك ومقلل من قدراتها، وقتها فقط تستطيع أن تكون مستعد للخطوة القادمة.

الكوب الممتلئ

لا تستطيع ملئ كوب هو أصلاً ممتلئ، تلك قاعدة مرئية لا جدال فيها، وكذلك أنت، إذا كنت مشوش بأمور الضمير والمجتمع وما قالوه لك صحيح وما قالوا إنه خاطئ، لن تستطيع أبداً أن تكون مبادئ حياتية جديدة لأنك مقيد بقيود لم تصنعها وبأفكار لم تحللها ولا تعرف مصداقيتها. ابدأ اليوم وعامل نفسك كطفل صغير تعلمه يسير أول خطواته، تنسى أنك كبير ولك ماضي وشخصية متكونه، إن كنت تريد حقاً تغير نفسك فيجب أن تبدأ من الصفر من صفحة بيضاء لا يوجد بها خط. حلل كل فكرة جديدة وكل موقف وكل تعامل مع الغير، اعتمد في تفكيرك على المنطق وليس ما تراه من وجهة نظرك القديمة وعلى ما تعود عليه، توقع أنك ستخطأ كما أن الطفل الصغير يقع ولكن الأهم أنه يقوم ليكمل حتى يتعلم المشي الصحيح، علم نفسك النضوج خطوة تلو الأخرى.

ابحث وكن سلساً

المبادئ الحياتية ليست مجرد نظريات فردية فقط، صحيح أنها نسبية ولذلك أنت من تقرر في الأخير ولكنها أيضاً يمكنها أن يكون لها أسس وقواعد ثابتة، علم النفس الاجتماعي هو خير دليل، القراءة من الأساس تفتح لك مجالات أنت لا تدري عنها شيء، إذا كنت جاداً في تغير نمط حياتك اليومية ابدأ في قراءة كتب الفلسفة وعلم النفس والقراءة عموماً، ثقف نفسك وطورها، انفتح على عوالم جديدة، كن سلساً في تفهم الأمور، لا تنشف رأسك على فكرة معينة حتى تجد نفسك مقتنع بها تماماً، توقع أنك يمكن أن تكون خاطئ. طريقة أخرى غير القراءة وهي الاستماع لمواقف الغير ذوي الخبرة، ولكني أحذرك لأن كبار السن يتجهون غالباً لتهويل الأمور ويجعلوك تتصور أن ما مروا هم به وما تعلموه هو أكيد الصحيح وهذه هي الخبرة الحقيقية، عندما تسمع لشخص كبير افتح عقلك ولا تستقي المعلومة بل فقط عش معه نفس الموقف، قبل أن تطلب نصيحة اطلب الموقف والقصص، كأنك تعيش معه ما عاشه وحلل أنت كلامه وتلك الخبرة وخذ منها فقط ما تراه صحيح، ولا تأخذ الأمور كمسلمات أبداً مهما كان ذلك الشخص.

لا تقلد المجتمعات الأخرى التي قد تراها أكثر تقدماً

من ضمن عيوب الأجيال الجديدة أنها تنظر إلى الخارج فتنبهر بتقدمهم عنا نحن المجتمعات العربية، فتأخذ بمبادئهم وأفكارهم وكأنه هي من تصنع التقدم، مثال شهير هو الملابس غير المحتشمة، تميل الفتيات إلى الملابس الفاضحة وتقول عليها أنها الحرية والتقدم الأخلاقي، مع إن ذلك ليس بصحيح الحشمة ليست التراجع والتخلف وإنما فكرة احترام حرية الملابس وانتمائك إلى ما ترى أنه يناسبك في مظهرك هو التقدم، إذا نظرت إلى العائلة الملكية في إنجلترا تجد أنها في أغلب ملابسها تكون محتشمة، هل لأنهم متخلفين ورجعيين أم أنهم يثقون أنها هي الملابس الراقية؟!

خذ اليابان كمثال فهي بلد متقدمة جداً ومنظمة إلى أقصى درجة، ولا يحدث بها ما يحدث في المجتمعات الغربية، حتى أنهم قد يستفزوك من كثرة برود أعصابهم وهدوئهم. هذه طبيعة الإنسان يرى غيره ناجح فيحب أن يقلده بشكل أعمى، أحب أن أقول لك عزيزي أن أيام الدولة الإسلامية القوية وعصر الظلمة عند أوروبا كانت بعض النساء الأوروبيات في الوسط السياسي يرتدون الحجاب لكونه تقليد لدولة متقدمة. تذكر عزيزي القارئ أنك لا تعيش في مجتمع غير مجتمعك ولا تعرف خبايا المجتمع الأخر ولا مدى تقدمهم أخلاقياً حقاً لأنك لم تعاشرهم، اهتم لمبادئك الحياتية أنت فقط ولا تنظر وتقلد غيرك.

احترام مبادئ الأخريين

خطوة في تحقيق المبادئ الحياتية هي باحترام الأخريين وتفكيرهم ومبادئهم فلست أنت الوحيد بالحياة ولن تصل أبداً إلى الكمال، فالكمال لله، انظر لنفسك وطالما الأخريين لا يؤذوك لماذا تريد أن تفرض عليهم ما تتبعه أنت في حياتك؟ قد تبدو بعض المفاهيم الأخرى غريبة ولا مبرر لها، ولكن ذلك ما يميز الإنسان وشخصيته، الاختلاف في العقائد والمبادئ وفي ذات الوقت يظل الود والمحبة سائدين على التعامل بين البشر.

العادات والتقاليد وتأثيرهم على المبادئ الحياتية

المجتمع من حولك له أسلوبه في التعاملات وتقليده والمتبع فيه، وقد يتفق أو يختلف ذلك مع أفكارك الجديدة عن نفسك وحياتك، فتجد الأمر يتحول لمعضلة كبيرة. قد يوجد حلين لا ثالث لهم في هذا الأمر إما أن تتماشى أنت مع المجتمع، وأقول تتماشى وليس تتنازل، لن الأمر في الأغلب ليس مسألة موت وحياة وإنما هي مسائل نسبية جداً. أو أنك تغير مجتمعك وتختار من يحملون أفكار تشبهك خاصة هؤلاء القريبين منك جداً، وتبتعد عن الجدال اليومي بين الناس، لأنه غالباً لا يأتي بفائدة وفقط ينشئ الصراعات والكره بين الناس. فقط لا تحاول تغير المجتمع من حولك بشكل عنيف فذلك لن تكون نتيجته كما تتخيل وإنما خد طريقك أنت وحاول أن تتماشى معهم بقدر الإمكان في المواقف التي يكون فيها احتكاك كبير إن كنت تخاف على فقدان بعض الناس. أما أن تتخيل نفسك مهتما غاندي أو نيلسون مانديلا فيمكن أن تكون واحد من هؤلاء العظماء، ولكن أتعرف سرهم؟ أنهم بدؤوا بأنفسهم ولم ينظروا لأحد أخر فرأهم الناس وبدؤوا يتبعوهم.

مبادئ لا جدال فيها ومبادئ أخرى نسبية

توجد مبادئ حياتية لا غنى عنها ويجب أن تكون ثابتة في حياتك مثل الأمانة، الصدق، الاحترام، التكلم بالخير عن الأخريين، وما إلى ذلك، أما المبادئ النسبية فهي المبادئ التي تختلف من شخص لأخر ولا تشكل أساس كبير في حياة البشر، مثل مبدأ الأكل النباتي، مبدأ البخل أو البذخ، وغيرهم من التي تكون مبادئ نسبية وعلى حسب القناعات الشخصية.

ولكن بداخل المبادئ الحياتية الأساسية توجد أيضاً مدى التزام الشخص بها وإلى أي مدى، فمثلاً بعض الناس يفضلون الكذب في بعض الأمور لأنه مخرج وحيد بالنسبة لهم، أخريين يحللون أخذ أموال زائدة في التجارة قائلين بأنها مكسب وربح حلال وهذه هي الدنيا، ولكن في نظر المتشددين في اتباع المبادئ حرفياً يكون تلك التصرفات خارجة عن كونها أخلاقية. كل تلك التصرفات والتفاصيل هي ما تكون شخصيتك بالأخير ولا يوجد شخص شبه الأخر فتختلف تلك المفاهيم في حدتها والتزام الأشخاص بها.

لا تقرر ما لا طاقة لك به

يجب أن تعي قارئي العزيز أن الإنسان له قدرة تحمل ويجب أن تسمح لنفسك بذلك ولا تضغط عليها أكثر من اللازم، لأن الكبت لا ينتج سوى انفجار مرة واحدة وهذا ما نريد أن نتجنبه، فلا تأخذك الحماسة وتقرر قرارات كثيرة أنت لن تستطيع أن تفعل نصفها، بل احسب حساب الظروف وضغوطات الحياة، تعلم أن تفهم قدراتك في طريقك لتطويرها. أن تصارح نفسك بمقدراتها أول خطوة تستطيع بها معالجة الأمور، وإذا غلطت مرة فهذا لا يعني أنك فاشل ولا مبادئ عندك، بل يعني أنك إنسان يمكنك الاعتراف بخطائك ومحاولة تجنبه المرة القادمة. أما التمسك بالخطأ وإلقاء الأعذار فهو أمر طفولي وغير مسئول ولا يجعلك تتقدم بل تتراجع بنفسك حتى تجد نفسك في فجوة كبيرة من الأعذار الواهية، واللامبالاة.

التمسك بالمبادئ الحياتية

بعد أن تعرف مبادئك وما يجب ومالا يجب أن تفعله عليك بالتمسك بها حتى تصبح حقاً مبادئ وذو أثر فعال في حياتك، الأمر لا يأتي بيوم وليلة وإنما يأتي بالمفاهيم والتصرفات التراكمية، أي بالتدريج لأن تغير الشخصية حتى يصبح نمط حياة عادية أمر صعب وبالتالي يحتاج إلى وقت. خذ بالك من أمريين أولاً كثر تكرارك لمبادئك بصوت عالي لنفسك يجعل الأمر يتغلغل بداخلك، وكثيراً ما يقولون إن كلامك يصبح اقتناعك واقتناعك يصبح تصرفاتك وتصرفاتك تصبح شخصيتك، إنه الترتيب المنطقي. الأمر الثاني تمسكك بالمبدأ يجعلك تعتاد عليه ويعتاد على ذلك التصرف من حولك، في الأول تجد من يسخرون منك خاصة أقربائك وأصدقائك ويذكروك بأنك لا تفعل ذلك وأنه غريب على شخصيتك ومن أنت الآن وكل تلك الكلمات التي تقلل من عزيمة الشخص، وهنا التحدي الحقيقي يقف أمامك، حين تجعل من حولك يرون التغير الحقيقي في تصرفاتك حتى تجبرهم أن يحترموك ولا يتعدون على خصوصيتك.

في بعض الأوقات التمسك بالمبادئ قد يجعل الشخص يتخلى عن أشياء كثيرة وهنا تظهر معدنك الحقيقي ومدى إيمانك بنفسك وقدرتك على التضحية لما تؤمن به.
الدفاع عن مبادئك الحياتية

وهذا الأمر مغلوط عن البشر لأن بعض الناس يجعلون من مبادئهم أمر واجب على الأخريين فيحاربون من يعمل غيره، وهذا عزيزي ما يسمى الإرهاب، ليس بالضرورة أن تكون طائفة معينة بالعالم هم الإرهابيون بل كل من حاول تطبيع الناس على مبادئه ومعتقداته هو إرهابي.

لا تكن واحد منهم فالمبدأ الحقيقي لا يحتاج إلى من يعنف الناس من أجله بل هو يفرض نفسه على العقول الواعية التي تريد حقاً الحياة الصالحة، ومن لا يريد من الأساس فلو وضعتهم تحت السلاح لن تستطيع أن تقنعهم وسيظل الأمر محض مظاهر خارجية بالنسبة له حتى وإن حاول اتباعها.

متى يجب عليك الدفاع عن مبادئك إذا طلب رأيك في موضوع، وبهدوء بدون عنف وتوقع أنه ليس من الواجب على من أمامك أن يقتنع برأيك، فالأمر كما ذكرنا نسبي جداً. أو لو كانت حياتك أنت بخطر وتكسير مبادئك هو المطلوب منك فهنا يمكنك الدفاع عن الحق وتنكر الباطل حتى إن وصل الأمر لتكون شهيد عند الله، طالما تثق فيما تفعل ومتأكد أنك لا تؤذي غيرك ولا من الأشخاص صعبة المراس فلك الحق في الدفاع عن مبادئك بشكل مهذب.

أخيراً عزيزي القارئ المبادئ الحياتية متشعبة جداً وتختلف أكثر من منطقة لأخرى وليس فقط من بلد لأخرى، مبادئك تحدد تصرفاتك وشخصيتك فاجعلها تأخذ من تفكيرك مجهود ووقت.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

ستة − 4 =