تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » الكوارث الخمس الكبرى : كيف اختلفت الأرض تمامًا بعد الكوارث الخمس ؟

الكوارث الخمس الكبرى : كيف اختلفت الأرض تمامًا بعد الكوارث الخمس ؟

مصطلح الكوارث الخمس الكبرى يطلع على مجموعة من الكوارث الطبيعية غيرت شكل الأرض تمامًا عما كانت عليه قبلها، ما هي الكوارث الخمس الكبرى وكيف غيرت الأرض؟

الكوارث الخمس الكبرى

الكوارث الخمس الكبرى هي أكبر كوارث حلت على كوكب الأرض من فجر مولوده وحتى هذه اللحظة. وقد أدت تلك الكوارث إلى تغير كبير بطبيعة الأرض ككل، وكذلك كانت سبباً لانقراض عدد كبير من الكائنات الحية أهمها الديناصورات، والتي يعرفها أغلبنا ولا نعرف غيرها. الكوارث الخمس الكبرى حدثت في خلال أخر 500 مليون سنة مرت بكوكبنا وقد عرفها العلماء من خلال ما خلفته من دمار واحتفظت به الأرض في صور مختلفة. هذه الكوارث ليست مثل التسونامي أو أي زلزال فهذه الكوارث تكون نتائجها محلية بسيطة أو على الأقل منحصرة الأضرار، أما الكوارث الخمس الكبرى كانت نتائجها دمار على كوكب الأرض كله بشكل عالمي، ولحسن حظ الإنسان أنه لم يحيا ليشهد أياً من تلك الكوارث ولو حدث لكان قد انقرض. في هذا المقال تعرف على الكوارث الخمس الكبرى وأثارها التي تركته على الأرض، وهل ستحدث كارثة كبرى عالمية بهذه الطريقة مرة أخرى في المستقبل، وما هو السبب وكيف ستكون النتيجة ومتى؟

الكوارث الخمس الكبرى في تاريخ كوكب الأرض

الكارثة الأولى من ضمن الكوارث الخمس الكبرى

هذه الكارثة حدثت قبل 443 مليون سنة من الآن، وكانت نتائجها مروعة على الحياة البحرية بأكملها ويقدر حجم الدمار والانقراض بين الكائنات البحرية إلى 60% ولأن كوكبنا يحتوي في معظمه على مياه وحياة بحرية فقد تأثر بها الكوكب جداً. لولا تلك الكارثة لكنا شاهدنا أضعاف من الكائنات البحرية العجيبة الحاضرة الآن والتي صمدت بعد الكارثة، ولا كنا شاهدنا قبور جماعية لأنواع منقرضة من الأسماك العمالقة في مكان صحراوي الآن ولكنه من المفترض أنه كان جزءاً من المحيط. السبب يعود إلى تغيرات كبيرة وخطيرة مفاجأة في مستويات المياه البحرية، ولكن يعتقد بعض علماء الفلك أن السبب الأساسي يعود إلى انفجار سوبرنوفا كبير لأحد النجوم القريبة داخل مجرة درب التبانة، وهو كان انفجار نجمي هائل وكارثي.

الكارثة الثانية من ضمن الكوارث الخمس الكبرى

هذه الكارثة حدثت قبل 373 مليون سنة. بعض العلماء يعتقدون في أن السبب هو اصطدام نيزك بكوكب الأرض، ولكن الأبحاث الحديثة تقول بأن السبب الحقيقي هو ما يسمى بنظرية “حرارة البيت الزجاجي” وتأثيرها على كوكب الأرض، مع ارتفاع نسبة حامض الكبريت في البحار. نتائج تلك الكارثة كانت على جميع الكائنات الحية وليست البحرية فقط لأن كل الكائنات تعرضت لأسباب الكارثة، فتم انقراض ما يقارب 55% من كل الكائنات الحية الموجودة بذلك الوقت. لا تستعجب عزيزي القارئ فنحن اليوم لا نعرف سوى عدد قليل جداً من الكائنات الحية ولا تقارن بالذي كانت موجودة من الأساس ويكتشفها علماء الجيولوجيا.

الكارثة الثالثة من ضمن الكوارث الخمس الكبرى

تلك الكارثة بسبب نفس أسباب الكارثة الماضية، من حرارة البيت الزجاجي وزيادة نسبة الكبريت التي تترتب على السبب الأول. ولكنها هذه المرة حدثت قبل 251 مليون سنة وكانت نتائجها أشد ضرراً ودماراً من التي سبقتها. حيث انقرضت 90% من الكائنات البحرية التي عاشت بذلك الزمن وانقرضت أيضاً 70% من الكائنات التي تعيش على اليابسة، ومن لم ينقرض بالكامل فعاشت منه أعداد بسيطة على أطراف المناطق التي كانت بعيدة عن الخطر نسبياً. وكانت تلك الكارثة حداً فاصلاً بين العصور الجيولوجية وبالتحديد بين عصر بيرم وعصر ترياس.

الكارثة الرابعة من ضمن الكوارث الخمس الكبرى

هي كارثة حدثت بعصر ترياس الجيولوجي قبل 200 مليون سنة. وكانت بسبب نشاط هائل في البراكين أدى إلى درجات حرارة مرتفعة ونسب كبريت عالية. ليختفي هذه المرة 55% من الكائنات البحرية التي كانت تعيش وقتها. حقاً إن عالم البحار عالم يصعب فهمه وحصره ورغم كل تلك المعناة مازال يبهرنا حتى وقتنا هذا.

الكارثة الخامسة الأخيرة من ضمن الكوارث الخمس الكبرى

هي الكارثة الأهم والأكبر بينهم جميعاً والتي أدت إلى انقراض كل الدينوصورات المعروفة و18% من كل الفقريات المختلفة وكل من بقى من العصور الجليدية، بالإضافة إلى 65% من الكائنات البحرية المتبقية. وحدث ذلك قبل 65 مليون سنة فقط. أغلب العلماء يفضلون نظرية النيزك الضخم المصطدم بالأرض وما يترتب عليه من مجاعات ودمار في كل الكائنات الحية وعدم توافر طعام، وهناك بعض العلماء يشكون في وجود نشاط بركاني كبير حدث تزامناً مع تلك الفترة كان سبباً للضربة قاضية مع النيزك.

التأثيرات السلبية والإيجابية للكوارث الخمس الكبرى

الكوارث الخمس الكبرى جاءت بالدمار على الكائنات الحية خاصة البحرية، أنواع كثيرة جداً انقرضت تماماً بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة التي ماتت منها. على سبيل المثال ستجد أن تلك الأنواع من الضفادع والسلطعون والسحالي التي كانت يوماً ما تهيمن على الأرض بكثرة أجناسها وأنواعها وكنها اليوم لم يبقى منها سوى القليل الذي صمد أمام هذه الكوارث، كما تجد أيضاً الحشرات التي لا حصر لها في تنوع فصائلها والتي واجهت مصير انقراض ثلثاها. هذا المثال بالتحديد ذكرته لأن تلك الأنواع كانت الأعلى في مواجهة تحديات البيئة والتكيف معها ومع ذلك فلم ينجو منها الكثير. فما بالك بالحيوانات الأقل قدرة على حماية نفسها على اليابسة. مع ذلك سنجد أن للكوارث الخمس الكبرى فوائد أيضاً، لأنها كانت بمثابة انتقاء طبيعي للأقوى وانقراض الأضعف. ثانياً لو تخيلنا أن الأرض بقيت محتفظة بكل تلك الأنواع والأصناف لكل الحيوانات، سنحصل على كوكب أرض مكتظ مما سيجعل هناك منافسة أشرس على الموارد الغذائية المتاحة وبالتالي سيهلك الكوكب بأكمله لا محالة. الذي يفعلها الإنسان اليوم في زيادة أعداده السكانية حول العالم بشكل خطير يجعله يعتبر آفة سيئة على طبيعة كوكب الأرض ومصدر للخطر كما كانت الديناصورات يوماً ما، ولذلك يعتقد العلماء أنه يوماً ما ستحدث كارثة كبرى سادسة ولكنها هذه المرة بغرض القضاء أو تقليل أعداد الجنس البشري. لأن البشر في أخر قرن زاد بمقدار الضعف وهذه الزيادة تصير أضعاف كل عام ولا نهاية لاستمرار البشر في تحدي قوانين الطبيعة وأذيتها، وسترد الطبيعة الصاع صاعين يوماً ما. ولكن كيف وما هي مؤشرات ذلك؟

براكين في سيبيريا

نظرية اصطدام الأرض بنيزك ليكون هو السبب الرئيسي في حدوث الكوارث الخمس الكبرى لم تعد نقطة يتفق عليها العلماء، ومع الأبحاث العلمية الأحدث توصل العلماء إلى إن البراكين هي الأساس في أهم الكوارث على كوكب الأرض. وليست أي براكين بل بالأخص البراكين الموجودة بسيبيريا. الدليل هو وجود حمم بركانية خرجت من جوف الأرض وتراكمت فوق بعضهما بترتيب زمني متجانس، أي إن الفرق بين كل طبقة والأخرى هو 500 سنة. وهو ما يحدث اليوم في الوقت الحاضر عند آيسلندا. البركان يطلق غاز الكبريت بكمية كبيرة كفيلة بتلويث المياه القريبة، ولكنها تفعل ما هو أخطر بحيث تعكس الأشعة القادمة من الشمس وبالتالي فهي تدخلنا تدريجياً إلى عصر جليدي أخر. أما الأشد خطورة حقاً من الجليد هو “تأثير البيت الزجاجي” وهو ناتج عن انطلاق كمية كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون والذي يظل موجود بالجو بعكس الكبريت الذي يقل مع الأمطار، وهذا الغاز هو ما يرفع درجات حرارة الأرض إلى معدلات خطيرة ومقلقة على صعيد التغيرات البيئية التي تؤثر بالتالي على الإنسان. ولك أن تعرف أن البراكين الضخمة تستطيع رفع درجة حرارة الأرض بأكملها بمقدار ست دراجات مئوية.

ارتفاع دراجات الحرارة بهذا المقدار لن يجعلك كإنسان تشعر بالحر والعطش فقط بل يمكنه أن يجعل الجنس البشري ينقرض بأكمله. مع ارتفاع الحرارة تزيد سخونة المياه في المحيطات والأنهار، فتقل نسبة الأكسجين بالمياه، وهذا الأكسجين هو من يعطي الحياة للكائنات البحرية كما إنه يمنع عنا الخطر الذي في قاع المحيط. في القاع توجد بكتريا وهي تطلق كميات كبيرة من حامض الكبريت السام، الذي يعمل كطبقة واقية ليمنع خروج هذا السم إلى السطح هو الأكسجين، وإن قل فمع الوقت سيرتفع الكبريت. ليقتل كل الكائنات البحرية التي يعيش أغلبها على سطح المحيطات. حين يزيد الأمر سوءاً يبدأ الكبريت في الخروج من البحر إلى الجو في صورة غاز بعد التبخر، وهذا يعني جواً مسموماً قاتلاً لكل من يتنفس على الأرض، بالإضافة إلى قضاءه على توازن الغلاف الجوي (ثقب الأوزون) ليفتح بذلك باباً واسعاً لأشعة الشمس البنفسجية وأشعة الكون الإشعاعية الخطيرة لتعبر بدون معركة نحو تدمير كل من بقي على قيد الحياة.

الآثار تحدثنا عن الكارثة

الكارثة الكبرى التي حدثت قبل 251 مليون سنة في عصر “بيرم” بدأت بالتأكيد عن طريق البراكين في سيبيريا، والتي وجد لها العلماء أثار حمم بركانية متجمدة تصل إلى أربعة ملايين كليو متر مربع. من خلال دراسة نظائر الكربون المشع ستجد أن النبات يفضل في تمثيله الضوئي على الكربون 12 ولا يتجه نحو الكربون 13 إلا لو كانت هناك اختلاف كبير في التغيرات البيئية ونسبة الكربون في الجو. بناءً على هذه المعلومة اتجه العلماء لدراسة النباتات والطحالب المتحجرة فوجودا أنها اعتمدت بشكل أساسي قبل موتها على الكربون 13 وهذا يعني اضطراب كبير في نسبة الكربون في الجو. في حالة الكارثة الأخيرة قبل 65 مليون عام كان النيزك المصطدم عامل موت مفاجئ لمعظم الحياة على الأرض وتبعه فترة قصيرة فقط من فرض سيطرة الكربون 13 على الجو، لتعود الحياة إلى مجراها الطبيعي بعد ذلك. أما في حالة كارثة البراكين فنجد فترات مختلفة من استخدام النبات لكربون 13 ثم إعادة انبعاث الحياة الطبيعية للنباتات، تعقبها فترة انهيار أخرى وتكرر تلك العملية حتى تحدث الضربة القاضية والموت الجماعي في الأخير. هذا يدل على إن البراكين على كوكب الأرض هي مصدر أخطر من النيازك في الفضاء لأنها تعبث بالبيئة على مراحل متعددة تنتهي بدمار أكبر، أما خطر النيزك يكون في سقوطه وفترة وجيزة من الاختلال البيئي الذي سرعان ما سيعيد لم شمل نفسه.

كوارث البراكين تحدث على مدار ألاف السنوات وهي فترة كبيرة من الاستمرار بتغير الطبيعة الكيميائية المتوازنة للأرض، لينقرض أثناء ذلك كل الكائنات الحية بموت سريع بدلاً من بقاءها عشرات الآلاف من السنوات. هذه النظرية أثبتتها الدراسات الحديثة في المستحاثات التي وجدها العلماء عن كائنات عاشت بعصر بيرم الجيولوجي، بعكس سيناريو النيزك المدمر مرة واحدة عند اصطدامه ثم يترك الأرض لتتعافى.
متى ستحدث كارثة كبرى مرة أخرى؟

نأتي لسؤال الأهم، هل ستصير الكوارث الخمس الكبرى، ستة كوارث؟ وهل سيعيش الإنسان ليروي القصة ويكتب عنها مقال كما نفعل اليوم؟ العلماء يقولون نعم، ومع هذا الدمار الذي يسببه الإنسان، فلو كانت البراكين تستطيع تدمرنا بغاز الكبريت فنحن نساعدها ونسرع عملها. البكتريا الباقية من عصر بيرم الجيولوجي تخبرنا أن نشاطاً كبيراً حدث في كمية إنتاجها للكبريت أدى إلى إنتاج المحيطات إلى فقاعات غازية سامة إلى الخارج. ليصير تركيز الكبريت بالجو الخارجي 3000 قسم لكل مليون من حجم الهواء. في حين أن الكوارث الأقل خطورة كان التركيز 1000 قسم فقط لكل مليون من حجم الهواء. اليوم نحن في حيز 385 قسم ولكننا نتسارع لمضاعفة التركيز أكثر من ذي قبل بكثير، وسنصل إلى 900 قسم بحلول 2200 وهذا وحده كفيل ليدخلنا إلى سنوات من الاختلال البيئي وبداية انقراض واسع للحياة على الأرض.

السؤال الثمين، هل سيتعظ الإنسان ويحترم قوانين الطبيعة أم لن يختلف عن الحيوانات التي سبقته مع الكوارث الخمس الكبرى؟

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

سبعة عشر − 6 =