الكتابة الإبداعية هي ذلك اللون من الكتابة الذي يعبر بشكل أساسي عن تجارب الكاتب الذاتية وما يعتري تلك التجارب من انفعالات وما ينتج عنها من أحاسيس، كما تسعى الكتابة الإبداعية إلى الغوص داخل النفس البشرية ومحاولة سبر أغوارها ومن ثم إخراج كل تلك المشاعر على الصفحات البيضاء ومكاشفة النفس بكل ما يدور بداخلها وذلك عبر كتابة مجموعة من الفقرات المترابطة معا والمتسلسلة بشكل قوي ويجب أن تتمحور تلك الفقرات حول فكرة رئيسية وتحاول كشفها من جميع جوانبها، وعملية الكتابة الإبداعية تقوم على الإبداع والابتكار وتختلف طرق التعبير من شخص إلى آخر ويتطلب القيام بذلك النوع من الكتابة الموهبة الأدبية وحب القراءة والتدرب بشكل مستمر حتي يتم إتقانها بشكل كبير، والقيام بالكتابة الابداعية ليس بالأمر الهين على الإطلاق فيجب أن يكون هناك أجواء خاصة للمساعدة على توليد الأفكار والإبداع في تناول المعطيات الأدبية ولذلك يجب أن يكون هناك أجواء خاصة بعملية الكتابة الإبداعية حتي تتم على وجهها الأكمل؛ تلك الأجواء الإبداعية تتمثل في التالي.
تعرف على طريقة تهيئة المكان من أجل الكتابة الإبداعية
ضع لنفسك نظاما يوميا وحاول قدر الإمكان الالتزام به
هذا النظام اليومي يتضمن عدة عوامل أساسية؛ بداية من التوقيت الذي ستختاره للكتابة ففي حين يفضل بعض الكتّاب الصباح الباكر كتوقيت مناسب للكتابة حيث يمكنهم خلال هذا الوقت الكتابة في جو من صفاء الذهن والهدوء النفسي، يفضل البعض الآخر الوقت المتأخر من الليل حيث يمكنهم توليد أفكارهم وعمل عصف ذهني من كل الأحداث اليومية التي مرت بهم وأثرت فيهم ككتاب، ومن الجدير بالذكر أن الكتاب يجب أن يحرصوا حرصاً تاماً على الالتزام الدقيق بالتوقيت الذي تم اختياره فبغض النظر كان الوقت صباحاً مبكراً أو وقت الليل المتأخر يجب عليهم الالتزام بذلك النظام اليومي وذلك لأن العقل يتم برمجته على ذلك التوقيت وبذلك يمكن للكتاب أن يحصلوا على الكثر من الأفكار الوليدة بفضل العادة والبرمجة العقلية، وإضافة إلى التوقيت هناك أيضا عنصر الضوضاء؛ ففي حين يفضل بعض الكتاب الهدوء التام كجو مناسب للكتابة هناك كتاب آخرون يفضلون الكتابة في المقاهي حيث يتواجد العديد من الأصوات حولهم، وهناك من يفضل الاستماع إلى بعض الموسيقي لكي يتسنى له أن يقدح زناد فكره.
اختيار المكان المناسب للكتابة
بالنسبة للمكان المناسب للكتابة فيعد تخصيص غرفة معينة للكتابة بها وتجهيزها على النحو الملائم من الأعمال التي تساعد في خلق أجواء مناسبة للكتابة الإبداعية؛ وتجهيزها على النحو الملائم تعني بالأساس أن يكون هناك مقعد مريح للكتابة كما يفضل أن تكون الغرفة بمعزل عن بقية المنزل حتي تساعد الكاتب على خلق عملية الصفاء الذهني، ومن الممكن أن يضيف الكاتب بالغرفة بعض الكتب لكتابه المفضلين حيث يمكنه المطالعة من وقت لآخر في أوقات الاستراحة، كما يمكن أن تحتوي الغرفة على لوحة جدارية مثبتة يمكن للكاتب أن يكتب بها أفكارة لكي يراها أمامه طوال الوقت، ومن الجدير بالذكر أن المكان المخصص للكتابة يختلف أيضا حسب الطباع الشخصية لكل كاتب؛ فهناك بعض الكتاب الذين يفضلون الكتابة في الأماكن العامة والحدائق حيث يمكنهم مراقبة الطبيعة وشحذ الإلهام من أجوائها، وهناك من يفضل الكتابة في المواصلات العامة حيث تأتيه الأفكار على هيئة شذرات متناثرة من وقت للآخر وعليه تسجيلها بعناية ولذا من المهم جدا أن يحتفظ الكاتب طوال الوقت وخلال جميع ساعات اليوم بمفكرة خاصة به وذلك لأن الأفكار تطرق بابنا في أي وقت ويجب علينا دوما أن نفتح لها حتي لا تولي مدبرة إلى غير رجعة.
القراءة أولا قبل البدء بالكتابة
من أجواء الكتابة الإبداعية التي تساعد الكتاب على تحسين إنتاجهم الأدبي بالبدء بقراءة بعض الصفحات من أي كتاب يختارونه بأنفسهم؛ ذلك أن عملية القراءة قبل الكتابة من شأنها أت تهيئ العقل للدخول في حالة الإبداع كما أنها تشجع الكاتب كثيرا على الكتابة حيث يرى الكاتب من خلال قراءته أن أمامه طريق طويل من التدريب عليه أن يسلكه مهما كلف الأمر، ولذا تعد القراءة بمثابة حافزاً قوياً للكتّاب للشروع في كتابة أعمالهم والمساعدة في إكمالها حتي النهاية، كما يُفضل قبل الشروع بالكتابة أن يقرأ الكاتب أعمالا أدبية تندرج تحت نفس اللون الأدبي الذي يقوم بكتابته؛ بمعني أنه لو كان الكاتب يبدع في مجال كتابة القصص القصيرة فعليه مطالعة كتب القصص القصيرة وذلك حتي يستلهم الأفكار التي قد تساعده في عمله الأدبي.
اجعل نفسك ضمن فريق كتابي
من ضمن أهم أجواء الكتابة الإبداعية الانضمام إلى فريق كتابي والكتابة معا كل فترة وذلك من خلال عمل ماراثون كتابي هدفه الأساسي ينصب على تشجيع الكتاب على إخراج إبداعهم إلى النور من خلال الفريق وتقوم هذه الفكرة على القيام بتمارين كتابية مع الأصدقاء ومن الجدير بالذكر أن الهدف من الانضمام لفريق ليس إنتاج إبداعات فنية وإنما الهدف منها هو تجربة الأفكار الجديدة والابتعاد قليلا عن الروتين اليومي للكتابة والخروج بعيدا عن منطقة الراحة الآمنة الخاصة بالكاتب والأهم من كل هذا هو تقوية عضلة الكتابة الخاصة بالكتّاب كما أن الانضمام لفريق من شأنه أن يساعد الكاتب على الاستمرار بعملية الكتابة وألا ينقطع عنها تحت وطأة أحداث الواقع اليومية وانهماكه في دائرة الحياة.
الاعتماد على التخطيط الإبداعي
التخطيط الإبداعي هو ذلك النشاط العقلي الذي يقوم به الفرد من أجل إنجاز مهامه بشكل مبتكر وغير مألوف، وميزة التخطيط الإبداعي أنه لا يجعل الكاتب بأي حال من الأحوال يشعر بأن عمل الكتابة يُشكل عبئا على كاهله ولذا في حال اعتمد الكاتب على التخطيط الإبداعي بصفته جزءا من أجواء كتابته الإبداعية حينها سينجز مهامه الكتابية بشكل مبتكر وجديد ومن أمثلة الاعتماد على التخطيط الإبداعي أن يقوم الكاتب بعمل المسودة الأولى لكتابته بشكل عفوي ويقوم بإضافة التعديلات في النهاية أو أن يقوم الكاتب بإعداد قهوته الصباحية والخروج إلى الشارع وركوب الدراجة للحصول على بعض الهواء النقي ومن ثم العودة إلى المنزل والاستماع لبعض الموسيقى ثم الجلوس للكتابة، وعليه التخطيط الابداعي يشمل القيام بأنشطة ليست ذات علاقة مباشرة بنشاط الكتابة ولكنها في نفس الوقت تساهم وبشكل فعال في المساعدة على القيام بالكتابة.
في النهاية تجربة الكتابة الإبداعية هي تجربة شديدة الذاتية وتعتمد بالأساس على ميول كل كاتب وطريقته الشخصية في خلق جوه الابداعي وإنجاز مهامه الكتابية فجُل ما على الكتاب القيام به هو الالتزام بالطرقة التي يراها مناسبة في كل الأحوال ومهما كلف الأمر لأن موهبة الكتابة الفطرية تستلزم المتابعة والتدريب كل وقت وإذا تعمد الكاتب إهمالها فإنها من الممكن أن تغادره إلى غير رجعة فهي كالنبات الحي الذي يحتاج دوما إلى الرعاية والاهتمام لكي يتسنى له النمو، ولذلك على الكاتب الاهتمام بموهبته ورعايتها وصقلها دوما بالتدريبات الكتابية لكي يحافظ على تلك الهبة الربانية، ومن الجدير بالذكر أن الكاتب سيحتاج إلى الالتزام بالأجواء السالف ذكرها لمدة شهر على الأقل وهو الوقت اللازم لبناء العادة وبعد هذا التاريخ سيكون الالتزام عملية سهلة للغاية ويكون العقل البشري قد تدرب عليها بشكل متقن وسليم وستصبح عملية الكتابة جزء يومي من حياة الكتاب تماما مثل تناول قهوته الصباحية كل يوم.
أضف تعليق