لا شك أن الفواكه المهرمنة هي نتاج بحوث علمية وتكنولوجية عديدة استمرت أعواما طويلة للتوصل إلى طريقة ناجحة لإنضاج الفواكه بسرعة وتكبير حجمها وضبط لونها، وكل ذلك بسبب جشع الإنسان وطمعه وبحثه عن الثراء السريع دون اهتمام بالنتائج السلبية التي قد تعقب ذلك فيما بعد، فنجد الفلاحين والمزارعين في هذا العصر يلهثون خلف الهرمونات النباتية أو ما يسمونها بمنظمات النمو؛ وذلك من أجل إنضاج الثمار في غير مواسم إنتاجها لتكون أغلى ثمنا، والأشد خطورة أن يتم معالجة الفواكه مباشرة بمثل هذه الهرمونات بالحقن أو الرش بكميات وتركيزات عالية تهدد صحة الإنسان وبقاءه على هذه الأرض، فمتى يستيقظ الإنسان ويدرك مدى وحجم المخاطر التي ستتعرض لها الأجيال القادمة بسبب ما اقترفته يداه؟ وما زلنا نحتاج إلى كثير من الأبحاث والدراسات الطبية حول الآثار الجانبية السيئة التي تسببها الهرمونات النباتية على صحة الإنسان، ويتناول هذا المقال تعريف الهرمونات، وأهم أنواع الهرمونات النباتية، وأثر الهرمونات النباتية على الفواكه والنباتات، ونختتم المقال بأهم الأضرار التي يسببها تناول الفواكه المهرمنة على صحة الإنسان.
تعرف على تأثير الفواكه المهرمنة السلبي علينا
تعريف الهرمونات النباتية
تعرف الهرمونات النباتية أو منظمات النمو على أنها مواد كيميائية طبيعية ينتجها النبات بنفسه لتنظيم نموه والتأثير في عملياته وأنشطته الفسيولوجية؛ حيث أنها تتحكم في صفات النبات ونمو ثماره وسقوط أوراقه وقد تكون مثبطة للنمو حسب نوعيتها، وقد اكتشفت أولى تلك المواد في عام 1882م، وتوالت الاكتشافات في عام 1928م وما بعده، وبعد أن عرف الإنسان أهميتها وأثرها في نمو النباتات قام بتصنيعها وحقنها أو رشها على النباتات لإحداث التأثيرات المطلوبة في أسرع وقت ممكن.
ما أنواع الهرمونات النباتية (منظمات النمو)؟
بسبب انتشار الفواكه المهرمنة وما يشاع من مخاطر صحية جراء تناولها نلقي الضوء على أنواع تلك الهرمونات أو منظمات النمو، وقد اكتشفت منظمات النمو أو الهرمونات النباتية على يد العالم الأمريكي وينت عام 1928م الذي اكتشف مادة الأوكسين، وفي عام 1935م تمكن العالم ثيمان من عزل حمض الإندول الخلي الذي عرف منذ عام 1882م، وفي عام 1941م اكتشفت السيتوكينينات، وفي عام 1926م اكتشف العالم كوروساوا الجبريللينات، وتوالت اكتشافاتها بعد ذلك وإمكانية استخلاصها لاستخدامها كمنظمات للنمو في النباتات والفواكه، وفيما يلي أهم أنواع منظمات النمو من حيث تأثيرها على النباتات أو الفواكه:
1- الأوكسينات: وهي هرمونات النمو، وتتكون عادة في قمم النباتات وأوراقها وثمارها أثناء تكوينها بعد العقد الثمري، ويعتبر حمض الإندول الخلي هو الأوكسين الطبيعي الذي ينتجه النبات لتنظيم نموه، وقد تم تصنيعه واستخلاصه من الحمض الأميني تربتوفان لإنتاج الفواكه المهرمنة والنباتات والتحكم في نموها، وهناك بعض الأوكسينات الصناعية الأخرى مثل: إندول حمض البيوتريك، وإندول حمض البروبيونيك، وأحماض نفتالية وكلوروفينكسي وحمض الخليك الثلاثي، وهذه الأوكسينات تعمل على زيادة البروتينات والإنزيمات المتخصصة مع نسخ الصفات الوراثية الموجودة في الرنا؛ فبالتالي يمكنها التحكم في نمو النبات وثماره.
2- الجبريللينات: من الهرمونات ذات التأثير الكبير في الفواكه المهرمنة ، وهي تتكون في قمم النبات وبذوره وثماره الصغيرة وذلك بالتداخل بين حمض الميفالونيك وبعض الإنزيمات مع مركبات الطاقة، وهذه الجبريللينات تؤثر في الانقسام الخلوي واستطالة الخلايا بطريقة غير مباشرة، حيث تعمل على تنشيط الإنزيمات التي تكون الأوكسينات والرنا في النوى والبذور مع الحد من تفككها، كما تعمل على تكوين إنزيمات خاصة تعمل على هضم النشا وتحويله إلى سكريات بسيطة وغير ذلك من الإنزيمات المؤثرة في عملية الاستقلاب النباتي.
3- السيتوكينينات: وهي تنتشر في جميع الأنسجة النباتية ويزيد تركيزها في البذور والثمار والجذور، وتكوين السيتوكينينات يرتبط مباشرة باستقلاب الرنا، وقد تم عزل بعض الأنواع الطبيعية منه مثل الزياتين الذي يساعد على الانقسام الفتيلي الخلوي ومنها مركبات صناعية تستعمل في زراعة الأنسجة النباتية، وكما يحدث في الفواكه المهرمنة نجد أن السيتوكينينات تنشط البروتينات والرنا وأحماض نووية أخرى وتشارك في الانقسام الخلوي والتبادل الشاردي عبر الأغشية الخلوية وتنشيط الاستقلاب، وبالتالي تحافظ على حيوية النبات وتأخير شيخوخته، كما تتميز بقدرتها على تكوين براعم في الأنسجة غير المتمايزة للكالوس أو على الجذور والساق.
4- الأثيلين: وهو يتكون في الثمار الناضجة أو في طور نضجها، ويعتقد أن مصدره الأساسي في النباتات هو الحمض الأميني الميثونين، وهو ينتج من تفاعل الأوكسجين مع بعض الإنزيمات وبعض المركبات الأخرى مثل بيتا حمض الألانين وغير ذلك، وهذا الهرمون (الإثيلين) غازي هيدروجيني غير مشبع وله تأثير كبير في الفواكه المهرمنة والنباتات، وله دور كبير في تسريع نضج الثمار ويساعد على ذبول أزهار القطف وتساقط أوراق الورود والعنب، كما يثبط نمو البراعم في نبات البطاطا والبصل ويشجع على تكوين الجذور مع تقليل النمو الخضري في العنب.
5- حمض الأبسيسيك: يتركز هذا الحمض بكميات كبيرة في براعم الأشجار المثمرة والبذور الساكنة في ثمارها، وهو حمض شبيه بفيتامين (أ) وهو من مركبات الكاروتينات التي لها دور كبير في تركيب النمو الخضري للأوراق، وينتقل هذا الحمض من مراكز تكونه إلى قمم الجذور والسيقان من خلال الأوعية الغربالية، ومن وظائفه التي يتميز بها تثبيط عمل الإنزيمات لإيقاف النمو النباتي، ويمكن رش تلك الهرمونات معا للحصول على ثلاثة أوجه متناسقة معا وهي تكبير حجم الخلايا والانقسام الخلوي والاستطالة الخلوية.
أثر الهرمونات على النباتات والفواكه
إن الهرمونات النباتية أو منظمات النمو لها تأثير كبير على النباتات وبأشكال مختلفة تظهر على النباتات و الفواكه المهرمنة نوجز أهم استعمالاتها فيما يلي:
1- الإكثار الخضري: تستخدم الهرمونات ومنظمات النمو لتجذير الأشجار في الفواكه والنباتات المثمرة من خلال تحضير بعض المحاليل المائية ذات التركيزات المختلفة، ويعد حمض البيوتيريك أفضل الأوكسينات المستعملة في التجذير.
2- التحام الأصل مع الطعم: إن رش أو دهن بعض الأوكسينات على الغراس يعمل على تنشيط التحام الأصل مع الطعم لزيادة فرص نجاح التطعيم بصفة عامة.
3- النمو الخضري: إن استعمال بعض الجبريللينات يعمل على تقوية نمو المجموعة الخضرية في الفواكه مثل العنب والمشمش وغيره، وقد يعمل على تأخير النمو الزهري والخضري مدة محددة لتثبيط نموها من خلال مثبطات النمو للأشجار المثمرة قوية النمو.
4- زيادة التفريع الجانبي: وذلك يحدث من خلال تنشيط نمو البراعم الجانبية مع الحد من نمو القمم باستعمال السيتوكينينات وأيضا لزيادة تفرع الغراس في المشاتل أيضا.
5- تقليل نمو الخلائف والطرود الشحمية على الأشجار المثمرة: تؤثر منظمات النمو في الفواكه المهرمنة أيضا من خلال الحد من نمو الخلائف والطرود الشحمية على الأشجار المثمرة وخصوصا التفاح والكمثرى والعنب وغيرها باستخدام الجبريللينات، كما يقلل الإزهار المتأخر الذي قد يعرض الأزهار للإصابة باللفحة النارية.
6- تقليل الأزهار والعقد الثمري: تستخدم منظمات النمو في خف وتقليل الأزهار والعقد الثمري لأشجار الخوخ والتفاح وغيرها حتى يمكن الحصول على محصول جيد.
7- عقد وإنتاج الثمار البكرية: تستخدم منظمات النمو أيضا من أجل عقد الثمار وإنتاجها مبكرا في الكمثرى والجريب فروت والعنب والبرتقال والموز والأناناس والتين وغير ذلك من الفواكه المهرمنة دون تلقيح أو إخصاب زهري، وكذلك تفيد في منع تساقط الثمار لضمان زيادة المحصول.
8- تسريع النضج وزيادة الحجم: يمكن زيادة حجم الثمار باستعمال هرمون الإثيلينين الذي لا يظهر أثره على الثمار إلا بعد اكتمال نموها بصورة طبيعية، ويتم استخدامه بتركيز معين حسب نوع الثمار لتكثيف صبغتها القشرية وتسريع نضج ثمار الفواكه، كما يستخدم الإيتيفون لإنضاج الطماطم مبكرا مع تحسين النوعية كدفعة واحدة؛ حتى يمكن قطفها آليا بالهزازات.
9- إخراج البراعم من سباتها: في الفواكه المهرمنة والنباتات يمكن استخدام الجبريللين والسيتوكينين لتقليل التنضيد البارد؛ حتى يمكن الاستغناء عن التنضيد الرملي المبرد.
10- تثيبط النمو: يمكن استخدام بعض المثبطات والمركبات الكيماوية لتثبيط نمو الأشجار البستانية المثمرة أو تأخير نموها وتقليل حجم الثمار وشكلها وكذلك منع إنبات البصل أثناء التخزين لتقليل نسبة التلف والفساد فيه.
أضرار الهرمونات النباتية ومنظمات النمو على صحة الإنسان
بالرغم من أن منظمات النمو المستخدمة في الفواكه المهرمنة والأشجار المثمرة المعاملة بالهرمونات لها آثار إيجابية كما ذكرنا سابقا لتنشيط العديد من الوظائف الحيوية في النباتات إلا أنها مواد سامة قد تؤثر سلبيا على صحة الإنسان والحيوان والبيئة المحيطة، وفيما يلي أهم الآثار السلبية الضارة على صحة الإنسان كما أثبتها العلماء:
1- التسمم: إن استخدام الهرمونات النباتية أو منظمات النمو بصورة مفرطة غير منظمة يؤدي إلى تسمم المواد الغذائية والفواكه أو النباتات المعالجة هرمونيا؛ مما يترتب عليه تراكم تلك السموم في جسم الإنسان أو الحيوان مدة طويلة وذلك يؤثر سلبيا على أداء الكبد عند الإنسان خصوصا مرضى الكبد؛ لأن الكبد تتراكم عليه السموم ويعجز عن التخلص منها.
2- مرض السرطان: وهو يعد من أخطر الأمراض التي يسببها تناول الفواكه المهرمنة والنباتات المعالجة بمنظمات النمو؛ حيث ثبت أن تلك الهرمونات والأدوية الكيميائية لها تأثيرات سرطانية إذا استعملت بتركيزات عالية؛ حيث تقوم تلك المواد المسرطنة بتدمير الحمض النووي في خلايا الإنسان وتهييء البيئة المناسبة لنمو السرطان أثناء انقسام الخلايا وخصوصا لدى الأطفال والرضع فيما دون سن الست سنوات، وكذلك من المعلوم أن استخدام الأسمدة الأزوتية مع الهرمونات يزيد من نسبة النترات على الفواكه وأوراق الخضروات، وهذه النترات التي لم تعالج تتحول أثناء عملية طهي الطعام إلى مادة النيتريت التي ترتبط بالبروتينات لتكون المركبات السرطانية.
3- تلف المخ والأعصاب: لقد ثبت أن الفواكه المعالجة بالمواد الهيدروكربونية المتداخلة مع الكلور تسبب تغيرات غير عادية في موجات المخ وتلف خلاياه، وقد أشار بعض العلماء إلى أن المواد المسرطنة الموجودة في الهرمونات أو منظمات النمو المستخدمة في الفواكه المهرمنة تؤثر على المخ والأعصاب عند الأطفال خاصة من هم دون سن السادسة.
4- التأثير على العلاقة الحميمة: من الثابت علميا أن الإفراط في استخدام منظمات النمو في الفواكه والنباتات يؤثر سلبيا على استقلاب الهرمونات المؤثرة في العلاقة الحميمة بين الزوجين؛ حيث أشار العلماء إلى خطورة استخدام تلك المركبات الكيميائية بصورة مفرطة بل يجب أن تكون لها معدلات مقننة تتحكم في استخدامها.
إن معظم دول العالم الآن تبحث عن الإنتاج النظيف للطعام والفواكه؛ لذلك تعمل على محاربة الفواكه المهرمنة بشتى السبل وتمنع دخولها إلى بلادها خوفا على صحة أفرادها، وقد انتشرت تلك الأنواع من الأطعمة المهرمنة في الدول النامية بصورة ملحوظة؛ لذلك لا بد من وقوف المجتمع الدولي والحكومات يدا واحدة للحد من انتشار مثل تلك المواد الكيميائية التي تؤثر سلبيا على صحة الإنسان على المدى القريب أو البعيد وخصوصا إذا لم تحكمها قوانين معينة تقلل من استخدامها إلا بالقدر الآمن، ولا بد من توقيع عقوبات صارمة على المخالفين الذين يبحثون عن الثراء دون النظر إلى النتائج السلبية على الإنسان والحيوان.