لا يعرف الكثيرين الفرق بين الحب والإعجاب والرغبة. ويتم الخلط بين هذه المشاعر بصورة كبيرة وغير صحيحة. بل وأحيانًا تكون هناك علاقات قائمة على أساس خاطئ. والسبب هو أن الشخصين لا يعرفان حقيقة شعورهما. وبالتالي نجد بعض العلاقات تتحول إلى زواج والطرفين لا يدركان أنهما لا يناسبان بعضهما البعض. والسبب هنا هو أنهما كانا يعتقدان أن علاقة الإعجاب التي كانت بينهما هي علاقة حب. ويفاجئا بعد الزواج أنهما لا يحبان بعضهما البعض. وسرعان ما تتلاشى مشاعر الإعجاب. ويحل محلها مشاعر ميكانيكية ناتجة من عملية الزواج.
استكشف هذه المقالة
علاقة الحب في علم النفس
الحب ليس له علاقة بعضو القلب. كما يزعم الكثير. بل كل ما في الأمر أنه عندما يرى الإنسان شخص ما يحبه. فإن مستوى الأدرينالين في الجسم يزداد. مما يجعل القلب ينبض بسرعة. ولكن هذا الأمر لا يجعل القلب هو المسئول عن عملية الحب أو الإعجاب. والفرق بين الحب والإعجاب في علم النفس. هو في أن الحب عبارة عن عملية كيميائية تحدث في العقل. والغريب أن هذه العملية تجعل دماغ الإنسان تعمل بشكل غريب. حيث أثبتت الدراسات أن مستوى هرمونات السعادة التي يحتاج إليها الناس أثناء مرورهم بعلاقة عاطفية يكون أقل من الطبيعي. ولذلك أثناء علاقات الحب تجد أن أقل شيء يمكن أن يجعل الفتاة سعيدة. وهذا أيضًا ينطبق على الرجال. حتى يصبح مستوى الرضا لديهم عالي بأقل شيء. ولذلك تحدث مشكلة كبيرة في عقل الإنسان فيما يخص مسألة الرضا والسعادة. إذا حدث انفصال بين حبيبين حيث أن كلًا منهما اعتاد عقله على مستوى قليل من السيرتونين وهو هرمون السعادة والرضا. وعلاقة الحب كانت تجعل العقل يقبل هذه الكمية القليلة. أما بعد الانفصال فالكمية القليلة ستكون سببًا أكيدًا في الدخول إلى حالة اكتئاب.
الإعجاب متغير
الانبهار بالشيء يسبب نوعًا من العاطفة تجاهه فورًا. ولذلك كلما كنت تنبهر بشخص أو شيء لأول وهلة. فغالبًا أنت داخليًا ستعتقد أنك وقعت في غرام هذا الشخص. والسبب هنا هو عملية التجديد التي لاحظها عقلك. حيث أن الشيء الذي لاحظه لم يلاحظه من قبل. ولكن الحقيقة هي أن هذا الجديد ربما يكون قديم في مكان أخر، أو هناك جديد مثله أفضل منه. ولذلك عملية الإعجاب دائمًا متغيرة وليست ثابتة. فاليوم قد تكون منبهر بشخصية هذا الشخص وأنت تراه من بعيد. ولكن بعد أن تقترب منه تبدأ في معرفة شخصيته عن قرب وتبدأ في معرفة سلبياته والأشياء التي تجعلك أنت نفسك تغير هذا الإعجاب وتعتبر نفسك أنك كنت مجرد منبهر ليس أكثر.
الفرق بين الحب والإعجاب في ثبات الحب
الحب ليس مجرد علاقة هوائية. بل الحب دومًا يصف حالة العلاقات العميقة والدائمة. ولذلك الحب الحقيقي لا يكون مبني على الأهواء أو الإعجاب بل قائم على الشعور بالاستقرار العاطفي نحو هذا الشخص. وهذا عادةً يكون بسبب أن أي شخصين يعرفون بعضهم البعض فهم غالبًا يدركون جيدًا السلبيات لبعضهما البعض أيضًا. وما دمت تعرف سلبيات الأخر وما زالت تربطك به علاقة حقيقية فهذا هو الحب الحقيقي. حيث أن الشخص الأخر وأنت لن تتغيران. بل ثابتان على حالة العلاقة التي تربطكما سويًا. سواء علاقة صداقة أو علاقة عاطفية بين رجل وامرأة، ففي جميع الأحوال أنتما تحبان بعضكما البعض.
الرغبة العابرة هوائية جدًا
على خلاف الإعجاب الذي قد يكون سوء للآخرين بسبب عدم ثباته. الرغبة العابرة بالنسبة للإنسان هي عبارة عن رغبة جامحة تأتي في لحظات قليلة ثم سرعان ما يفتقدها الشخص. أو يرغب في شيء أخر غيرها كنوع من أنواع التجديد أو الإلهاء وهكذا. ولذلك الرغبة العابرة لا يمكن من خلالها أن تبني علاقة من الأساس فهي فقط مجرد رغبة لا تتحول إلى أفعال حقيقية. وفي نقطة الثبات يتضح أخيرًا الفرق بين الحب والإعجاب والرغبة العابرة، والذي يكون أثبت شعور فيهم هو الحب بدون منافسة.
الفرق بين الحب والإعجاب في التوجه
الإعجاب عادةً لا يكون موجهًا لشخص معين. بل هو فقط شعور عشوائي. وليس مخصص لفرد واحد. ولذلك عندما يعجب الإنسان بشخص ما، فغالبًا هو يعجب بغيره أيضًا بنفس الكمية والمشاعر وهكذا. ووجود بدائل للإعجاب تجعله بعيد كل البعد عن عملية الحب الحقيقية. حيث أن في أول اختلاف بين شخصين معجبين بعضهما البعض. سيبحثان عن بديل يوفر نفس المشاعر. أي بمعنى أبسط الإعجاب عبارة عن سد حاجة شعورية مؤقته وليس دائمة.
الحب دائمًا يعرف طريقه
الفرق بين الحب والإعجاب في هذه النقطة هو أن الحب دائمًا موجه. وهذا بسبب أن الحب يعتمد على المنح والأخذ. ولو بحثت حولك ستجد القليلين الذين يستحقون عطائك الشخصي الغير محدود. وأيضًا أقل منهم الأشخاص الذين يريدون منحك كل شيء. سواء مشاعر أو أشياء مادية. ولذلك الحب يعد أعمق بكثير من الإعجاب. حيث أن الإعجاب يعد أكثر سطحية. ولا يمكن الأخذ به لأن الكثير من الناس يمكن أن تعجبنا فيهم أشياء كثيرة من بعيد. ولكن من الممكن ألا تعجبهم أنت من بعيد بنفس الطريقة. وهنا سيحدث خلل في عملية الإعجاب. أما الحب فهو لا يطلق عليه حب إلا إذا اكتملت أركانه. وهم المحبين. ومادام يوجد محبين محدودين إذًا المشاعر هنا ليست عشوائية بل مشاعر موجهة.
الرغبة ليس لديها مشاعر من الأساس
أما لو أردنا أن نعرف توجهات رغبات الإنسان. فهي من اسمها متوجهة للإنسان نفسه. ولذلك تكون المشكلة هي فكرة الأنانية. فلو كانت علاقتك بأحدهم متمثلة في رغبتك لامتلاكه. فهذا ليس حب. هذا أنانية. أنت فقط تريد امتلاك هذا الشخص ليس أكثر. ولكنك لا تريد أن تعطيه أو أن تأخذ منه مشاعر بطريقة طبيعية. فقط أنت تريد أن تمتلك مشاعره. وهذا يجعل الإنسان غير موجه بطريقة صحيحة. لأن رغبات الإنسان متغيرة. فربما لو امتلكت هذا الشخص بالفعل. تمل منه. وتبحث عن غيره. ولذلك الفرق بين الحب والإعجاب والرغبة مهم جدًا في هذه النقطة حيث أنك يجب أن تختبر رغبتك الحقيقية وتبني علاقاتك على أساسها.
الفرق بين الحب والإعجاب في التضحية
الإعجاب غرضه الأساسي هو إشباع حالة الفضول لدى البشر. الشخص عندما يعجب بشيء من الخارج فهو يريد أن يرى كل شيء يتعلق بهذا الشيء. أو الشخص. ولذلك الإعجاب غرضه شخصي وأناني بحت. لا يوجد به أي نوع من أنواع التضحية.
الحب يعتمد على التضحية
الفرق بين الحب والإعجاب في نقطة التضحية. هو أن كل أنواع الحب تعتمد بطريقة كلية على مبدأ التضحية والمنح. فلو وجدت علاقة الآباء بالأبناء في الصغر ستجد أن هناك نوع من التضحية غير طبيعي. حيث يعمل تقريبًا الأب والأم بعدد 24 ساعة في ال24 ساعة اليومية من أجل الأطفال. المال والاهتمام والحب وكل شيء موجه للأطفال. ولو نظرت لنهاية الدائرة ستجد الأبناء فيما بعد هم من يهتمون بوالديهم وقت الكبر. مما يوضح أن العلاقة متبادلة.
أما فيما يخص الرجل والمرأة فالحب الحقيقي بين أي رجل وأي امرأة يقاس بكمية التضحية. كل منهم للأخر. وكلما كان أحدهم يعطي كلما شعر الأخر أنه يريد أن يعطي. وربما في هذه الحالة خصوصًا. الإعجاب يتطور ويصل إلى حب. لو كان الإعجاب بين رجل وامرأة متبادل. ومن ثم بدأ هذا الإعجاب يتحول لرغبة في الحب. هنا النقطة الفاصلة التي يجب أن تميز بها حبك للأخر وحب الأخر لك.
فلو وجدت نفسك تعطي بلا حدود فأنت بالفعل في حالة حب، ولكن لو وجدت الأخر لم يعطيك كل ما يملك إذًا الأخر لم يصل لمرحلة الحب مثلك. ربما يكون مهتم ومرتاح من عطائك ولكن الأهم على دليل حبه لك هو ما يعطيه لك. فالحب العاطفي بين الرجل والمرأة غير مبني على الحب الغير مشروط. بل هو حب مشروط. وله ضريبة. مثلما تأخذ مثلما تعطي. حتى تستمر الحياة بشغف ونوع من الأخذ والعطاء الذي يضمن سلامة العلاقة. فشعور الحبيب أنه مديون لمحبوبه يجعله يبذل أكثر ما في إمكانه ليسعد محبوبه.
الرغبة تستغل تضحية الآخرين
الفرق بين الحب والإعجاب والرغبة في نقطة التضحية. أن الرغبة هنا هي المعنى المتجسد للأنانية. حينها يجب أن تختبر نفسك جيدًا. وتختبر رغبتك. هل رغبتك في استغلال تضحية الأخر ناتجة عن مجرد سد حاجة شخصية. يمكن أن يسدها أي شخص غيره. وفي المقابل فأنت تستطيع السيطرة على هذه الرغبة مع الآخرين. أم رغبتك هي فقط مجرد رغبة أنانية يمكن أن تستغني من أجلها عن هذا الشخص وتذهب لغيره لأجل سدادها. في الحالة الثانية هذا لا يسمى حب ولا حتى إعجاب. ولكن حينما تقترن الرغبة بالقدرة على السيطرة من أجل الأخر. فهذه رغبة عن حب. وعلامة قوية على تضحيتك.
الحب أعمى
قد تجد علاقات غريبة فيها الزوج وسيم جدًا وزوجته عادية جدًا، أو شكلها بالنسبة للأخريات أقل من الطبيعي. ولكن الجميع يلاحظ الحب من هذا الرجل لهذه الزوجة. والعكس قد يحدث عندما تجد فتاة جميلة ومن أسرة ميسورة وتحب زميلًا لها ليس لديه أي مؤهلات للزواج، وتقرر أن تتزوجه رغم ظروفه الصعبة وهي تعلم ذلك. هنا حالة الحب تجعل الإنسان لا يفكر بالطريقة التي ينظر بها بقية الناس. حيث أن علاقة الحب تكون أحيانًا كثيرة معقدة وغير مفهومة. ولكنها مشبعة. والشعور بالشبع العاطفي هو الأهم بالنسبة لأي إنسان.
الإعجاب عقلاني
الفرق بين الحب والإعجاب هو أن الإعجاب ليس أعمى. مثلما قلنا من قبل، الشرارة الأولى لعملية الإعجاب هي الفضول. فلو كانت نتيجة هذا الفضول لا تتوافق مع العقل. حينها سيتخلى الإنسان عن الشخص الأخر. بمعنى أن ربما يكون هناك فتاة جميلة جدًا من ناحية المظهر. وهذا يجعل العديد من الشباب معجبون بها. ولكن لو افترضنا أن تعرفت أنت على هذه الفتاة وكانت من النوع الذي لا تحب شخصيته. مثلًا لو كانت مغرورة. حينها ستشعر دائمًا معها أنك غير مرتاح. وحينها الإعجاب لن يشفع لسلبياتها. وسيقرر عقلك تلقائيًا تحويل عملية الإعجاب إلى عملية تعارف عادي وغير فارق. أما الحب فهو يشفع.
ختام
أخيرًا، الفرق بين الحب والإعجاب والرغبة. يكمن في اختبار الشخص لذاته. ويبحث داخل نفسه عن السبب الحقيقي في الرغبة للتواجد مع الشخص الأخر. فكلما كانت هذه الرغبة عميقة وقائمة على المنح كلما كان شعورك هذا حب وليس إعجاب.
أضف تعليق