تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » العلاج بالحشيش : كيف تحول المخدر إلى علاج فعال طبيًا ؟

العلاج بالحشيش : كيف تحول المخدر إلى علاج فعال طبيًا ؟

هل سمعت من قبل عن العلاج بالحشيش ؟ بالتأكيد يبدو المصطلح غريبًا عليك، لكن هذا ما يحدث في الواقع، إذ اكتشف الأطباء فوائد علاجية كبيرة لمخدر الحشيش.

العلاج بالحشيش

العلاج بالحشيش ! قد يكون أغرب ما سمعت اليوم عزيزي القارئ. لأنه يطرح في ذهنك السؤال القادم، أيتحول السيئ الضار إلى نافع؟ أو أيمكن لما نحاول أن نمنعه بالقانون اليوم أن يتحول إلى وجبة غذائية نطلبها كلنا من أجل الصحة؟ أيخرج من الحشيش شيء غير الأضرار والدمار البدني والنفسي الذي يسببه؟ في هذا المقال ستعرف كل تلك الإجابات. وقد ترى مقالنا على إنه سخرية أو غير عملي، أو قد تفاجأ بفوائد العلاج بالحشيش.

هل بالإمكان العلاج بالحشيش حقًا ؟

العلاج بالحشيش دواء المستقبل

مع التقدم العلمي تمكن العلماء من معرفة تأثير الحشيش على الدماغ، بل وعلى أعضاء الجسم المختلفة. وما ينتجه من تأثيرات سلبية وإيجابية على الإنسان. وهو يفرز مواد في المخ وهي مواد ينتجها المخ من الأساس وتسمى cannabinoid””. والفكرة بكل بساطة هي استخدام تلك المركبات الموجودة في الحشيش لعلاج الأمراض المختلفة. ستيفن جاي، واحد من أشهر علماء التطور البيولوجي في العالم، أصيب بسرطان المعدة. والذي لم تتمكن الأدوية التقليدية من التخفيف عن آلامه المستمرة والتي تضعف من فرص الشفاء. حينها قرر أن يخرج عن المألوف ورغم كرهه لهذا الأمر وكرهه لأياً من المواد المخدرة. استخدم الماريجوانا لتخفيف آلامه. والنتيجة كانت هي من ساعدته على تحمل مراحل الشفاء القاسية، وتحمل الألم والمعانة برفع روحه المعنوية ليستمر ويحارب المرض.

العلاج بالحشيش ليس أمراً جديداً

بل على النقيض، إنه أمر معروف وقديم قدم الحضارات البشرية التي علمت نفسها الطب باستخدام الأعشاب الطبيعية المتاحة. فمنذ أربعة ألاف عام وتحديداً في الصين تم ذكر استخدام العلاج بالحشيش في الكتب الطبية التابعة للقيصر شين نيوج. وكان في هذا الوقت يستخدم لعلاج ألم المفاصل. أما في القرن التاسع كان أطباء الشرق الأوسط يستخدمونه لعلاج المشاكل المتعلقة بشهية الطعام. وفي القرن الثامن عشر كانت تستخدمه كل نساء الإنجليز في تخفيف آلام ووجع الطمث. وفقد منذ عشرينيات وثلاثينيات القرن الأخير تم تحريمه ومنعه بموجب القوانين والدساتير منعاً باتاً في البلاد الأوروبية ومن ثم بلاد العالم أجمع.

العلاج بالحشيش يعيد أمجاده السابقة

بدء الأطباء يلتفتون للعلاج بالحشيش مرة أخرى. بعد عدد من الدراسات التي أثبتت أنه قادر على مساعدة المرضى خاصة من يعانون من طرق العلاج بأنواع من السموم، تماماً في حالات المعالجة من السرطانات المختلفة. أو في حالات الأمراض المزمنة لتخفيف الألم، أو بهدف إعادة الشهية للمرضى مثل مرضى الإيدز. عام 1985 تم تصنيع حبوب دوائية من المواد الفعالة في الحشيش بشكلها الصافي. وتم السماح لها للاستخدام في كندا والولايات المتحدة وبعض البلدان الأخرى بشكل قانوني.

إلا إن المشكلة في فرق التأثير بين تناول الحبوب وبين استنشاق الحشيشة نفسها، بحيث يكون الاستنشاق أقوى في إعطاء المفعول وأسرع بكثير. فالحبوب تعطي مفعولها بعد ساعة على الأقل أما التدخين العادي يعطي مفعوله بعد دقائق. وهذا ناتج عن طريقة وسرعة وصول الدواء إلى الجسم من خلال الرئة، بحيث تكون أسرع من الجهاز الهضمي الطبيعي. لذلك بدء المرضى بتدخين الحشيش بشكل غير شرعي لمحاولة التخلص من الألم الرهيب بشكل أسرع، وهذا جرفهم إلى الإدمان. بعام 2005 أنتجت كندا طريقة علاج بالحشيش جديدة. وبدلاً عن الحبوب يتم استخدام بخاخ يُرش في الفم ليصل بشكل أسرع. لكنه ممنوع من قبل الكثير من الدول، لأنهم يعتبرونه مماثل لتدخين الحشيش.

كيفية عمل الحشيش على الدماغ

الدماغ نفسه ينتج نفس المواد الفعالة الموجودة في الحشيش بشكل طبيعي. ولأهمية هذه المواد أو تأثيرها على الدماغ أسباب وتفسيرات كثيرة لا دخل لنا بها الآن. ولكن ما يهم هو وجود مستقبلات عصبية بالمخ تلتقط هذه المواد وتتأثر بها، وهي نفسها التي تجعل للحشيش والماريجوانا أهمية وتأثير على المخ وتسمى cannabinoid receptor. عندما يدخن الإنسان حشيشة، تؤثر المواد الموجودة بها على المستقبلات العصبية ومنها إلى الخلايا العصبية بأكملها. ولكي يحمي المخ نفسه من الضغط الزائد على أعصابه، يوقف ويكبح أي إشارات أخرى، فيبقى النشاط والتأثير للحشيش وحده دون منافس. هذه الفكرة هي أساس العلاج بالحشيش، والذي يستخدم بالأخص في علاج الأمراض الناتجة من التضاربات والصراعات الناتجة من الخلايا العصبية المختلفة. مثل أمراض السمنة الزائدة، الآلام المزمنة، الصراع النفسي والإحساس بالذنب (وهذا هو سبب الطلب الزائد للحشيش لمن هم في أوضاع اقتصادية مدمرة وإحساس بذنب تجاه عائلاتهم) وأيضاً مرضى الزهايمر وغيرهم.

العلاج بالحشيش في طريقه لعلاج السمنة

السمنة الزائدة من أهم أمراض العصر الحديث والتي لم تكن موجودة بالماضي. فيحاول العلماء بشتى الطرق إيجاد حلول بديلة لمن يعانون منها لا تضمن التخسيس بالطرق التقليدية، بسبب ضعف الإرادة أمام الطعام وقلة الرغبة في ممارسة الرياضة. لذلك يحاولون إيجاد طرق لتخفيف حدة الطلب على الأكل المتزايد بهذه الطريقة. فبما إن المواد الفعالة التي ينتجها المخ والتي يمتلكها الحشيش أيضاً قادرة على الالتصاق بالمستقبلات العصبية في الدماغ، وهي تعمل على فتح الشهية والرغبة في الأكل بشكل أكبر. إذاً إن تمكنا من قفل هذه المستقبلات العصبية فلن يشعر المرء بالحاجة إلى الأكل المتزايد مرة أخرى. وبالفعل هذا ما توصل العلماء إليه في دواء Acomplia.

هذا الدواء يمكنه أن يلتصق بالمستقبلات في المخ، فيمنع أي تأثير عليها أخر مهما كانت قوة هذا التأثير. فيمنع الشعور بالجوع الغير مرغوب فيه. ومن أخذوا هذا الدواء يومياً بجرعاته المختلفة من 13 ألف مصاب، نقص وزنهم 8 كيلوغرامات ونصف. الأعراض لم تكن كبيرة وغير ملحوظة مثل بعض الدوار الخفيف. هذه الطريقة نفسها هي من تجعل الحشيش قادر على تخفيف الألم بما في ذلك الألم المزمن، ولكن العلم يحاول استغلال هذه الميزة دون الحاجة إلى تعرض المريض للأعراض الأخرى للعلاج بالحشيش، مثل عالم الخيال واللذة والإدمان.

العلاج بالحشيش يبطئ موت الخلايا العصبية

مع مرضى الزهايمر والباركنسون، تموت الخلايا العصبية في الدماغ بانتظام وهدوء. حتى يتحول المريض إلى معاق ومن ثم الموت. فيحاول العلماء اليوم استخدام تأثير المواد الموجودة في الحشيش ليوقفوا على التقدم نحو الموت، باستغلال ميزة التأثير المتسمر على المستقبلات فلا تموت. “THC and Cannabinoider”هما مادتان موجودات في الحشيش ويعكسان طريقة موت الخلايا. بحسب علماء دنماركيين فإن الخلايا عندما تلفظ أنفاسها الأخيرة تطلق مادة تسمى الكنابينويدير، وهي وسيلة دفاع من الجسم ضد الموت. وعندما حاول العلماء إضافة هذه المواد صناعياً إلى خلايا تموت بالفعل، قلل ذلك من موت الخلايا بشكل جعلهم لا يغفلون لأهمية الأمر. والسبب هو في استقبال تلك الخلايا لهرمون الغلوتامات. وهذا بالضبط ما يحدث مع مرضى الباركنسون والزهايمر، ويحاول العلم باستخدام قدرات الحشيش المذهلة في قفل مستقبلات هذا الهرمون في الخلايا وبالتالي فلن تموت.

 هذه الطريقة تحدث في الكثير من الأمراض المستعصية بسبب سرعة موت الخلايا فيها. مثل السكتة الدماغية وتكلس الأوردة الدموية. وكلها سيجد لها العلماء حلول من خلال العلاج بالحشيش. ولكن يقتصر البحث في الدول التي تسمح بزراعة الحشيش للأسباب العلمية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وهولندا، ولذلك يصير البحث أقل سرعة أكثر تكلفة.

في الأخير يظل العلماء بين معارض ومؤيد وخاصة إن توقفنا قليلاً التحدث عن فوائد العلاج بالحشيش وتكلمنا عن مصائب استخدام الحشيش على الدماغ. ففي بعض البلدان ينصف الحشيش كما الهيروين في خطورته، وفي البعض الأخر يصنف بكونه أقل من الهيروين والكوكايين بحسب فكرة أنه يحتوي على درجة تسمم وهلوسة بشكل أقل. وكثرة استخدام الحشيش قد يؤدي إلى الجنون والهلوسة وأمراض أخرى مزمنة. هذا بالإضافة إلى المنحى الأخلاقي والديني في فكرة استخدامه.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

تسعة + أربعة =