العلاج العطري هو أحد أنواع الطب البديل الذي يعتمد على المواد الطبيعية الخالصة. وتعد الزيوت العطرية هي حجر الزاوية لهذا العلاج؛ حيث يتم استخلاصها من النباتات وتحضيرها في صورة نقية سهلة التناول حتى يستفيد الجسم منها، وعادةً ما يتم ذلك من خلال تقنية التقطير أو العصر البارد. وهناك العديد من الاستخدامات لهذه الزيوت بهدف الاستشفاء من مختلف الأمراض عن طريق التعاطي الفموي أو الاستنشقاء أو التدليك الموضعي. وقد ثَبُتَ أن هذه الزيوت لها دور حاسم في مكافحة الميكروبات المسببة للأمراض المختلفة ما دفع المتخصصين إلى الاجتهاد في البحث وإجراء التجارب من أجل التوصل إلى المزيد من أسرار العلاج العطري الذي يزيد من الأمل في معالجة الكثير من الأمراض المستعصية. وفي السطور التالية نتناول تاريخ هذا العلاج واستخداماته وكيفية الاستفادة منه.
ما هو العلاج العطري ؟ وكيف يمكن استخدامه؟
العلاج العطري تاريخٌ عريق
يُعَد العلاج العطري تقنية طبية عريقة؛ حيث يرجع تاريخه إلى العصر الفرعوني؛ حيث شاع استخدام الروائح والزيوت العطرية ضمن الطقوس الدينية والمعالجات الروحانية. ولم يقتصر استخدام هذا العلاج في مصر القديمة، بل انتشر في معظم الحضارات القديمة في الصين والهند واليونان وغيرها من العصور التاريخية. وقد جاء ذكر الزيوت العطرية واستخداماتها الطبية في البرديات ونقوش الآثار المختلفة ما يثبت أن المصريين القدماء كانوا أول من أدركوا القيمة الطبية لهذه الزيوت وفوائدها الصحية. ومن ناحية أخرى كانت هذه الزيوت تُستخدَم لأغراض التجميل والتعطير ونشر الروائح الطيبة في الأماكن المغلقة والأبدان والملابس.
تحضير الزيوت العطرية
لا شك أن الحصول على الزيوت العطرية عملية معقدة تتطلب الكثير من الإجراءات من أجل الحصول عليها وتحضيرها للأغراض الطبية. وعادة ما تكون مصادر هذه الزيوت هي النباتات العشبية المختلفة حيث يتم استخراجها عن طريق التقطير أو العصر البارد وذلك من أجل الوصول إلى أعلى درجة من التركيز والنقاء. وهناك أيضًا بعض الخطوات التي ينبغي اتباعها عند الحفظ والتخزين أهمها هي عزل هذه الزيوت عن الضوء والاحتفاظ بها في حاويات معتمة وأقبية مظلمة حتى لا تفسد وتفقد فعاليتها من خلال التفاعل الضوئي أو التطاير.
وبالإضافة إلى المصادر النباتية، هناك أيضًا بعض الزيوت الشهيرة مثل العنبر والتي تستخرج من الحوت الأزرق في صورته الخام، ومن ثم تتم معالجته حتى يستحضر في صورة صالحة للاستخدام. وهناك أيضًا المسك الذي يستخرج من بطن الغزلان حيث يجفف وينقع في الزيت من أجل معالجته. وجدير بالذكر أن المسك المركز له رائحة غير طيبة، ولكن تصير هذه الرائحة عطرية ومقبولة عند تخفيفه.
طرق استخدام الزيوت العطرية
هناك العديد من الطرق والتقنيات المستخدمة في العلاج العطري والتي تهدف إلى تحقيق الاستفادة القصوى من المادة المستخدمة حسب طبيعة المرض والأعضاء المستهدفة، ويمكن تلخيص أهم طرق الاستخدام في النقاط التالية:
- الاستنشاق: يعد الاستنشاق من الطرق الشائعة في العلاج العطري حيث توضع قطرات الزيت في ماء ساخن ويستنشق بخارها. وعادة ما تساعد هذه الطريقة في علاج أمراض الجهاز التنفسي والحنجرة، فضلاً عن الاسترخاء والحد من القلق والتوتر.
- الشرب: يمكن إضافة بعض قطرات الزيوت إلى الماء الساخن أو المشروبات العشبية المحلاة بعسل النحل وتناولها وذلك للاستشفاء من أمراض الجهاز الهضمي والبولي وزيادة المناعة.
- المضمضة والغرغرة: هناك بعض الزيوت العطرية المفيدة في علاج التهاب الحلق وقرح القم، وفي هذه الحالة يوصَى بوضع قدر قليل من الزيت على كمية مناسبة من الماء الساخن والتغرغر بها من أجل تطهير الفم والحلق واللثة والأسنان.
- التدليك: يعتبر التدليك من أهم الطرق المستخدمة للزيوت وذلك من أجل الحد من الالتهابات أو التخفيف من توتر العضلات ومعالجة أمراض العظام والمفاصل والغضاريف.
أشهر الزيوت المستخدمة في العلاج العطري
هناك مجموعة كبيرة من الزيوت العطرية المستخدمة في العلاج العطري من أجل الاستشفاء من الأمراض المختلفة، إلا أن هناك بعض الطرق المحددة التي ينبغي الالتزام بها من حيث الكمية وأسلوب المعالجة من أجل ضمان أفضل النتائج وتجنب أي ارتدادات انتكاسية نتيجة للاستخدام الخاطئ. وفي النقاط التالية نستعرض أهم أنواع الزيوت والطريقة الصحيحة لاستخدامها مع الإشارة إلى الأمراض التي يمكن لها أن تعالجها أو تخفف من أعراضها.
الزيوت العطرية لأمراض الجهاز التنفسي
- زيت النعناع: من أشهر الزيوت المستخدمة في العلاج العطري حيث توضع بضع قطرات منه على كمية مناسبة من الماء الساخن في كوب صغير ثم يُستنشق البخار المتصاعد منه حاملاً العبق المتطاير لينفذ داخل الأنف ومعالجًا لمشاكل القصبة الهوائبة والرئتين؛ لذلك يُنصَح به للمدخنين الراغبين في التخفيف من أثر التبغ أو المقلعين حديثًا عن التدخين لإزالة آثار الدخان في المجاري التنفسية.
- زيت الكافور: عادة ما يُستخدم أيضًا زيت الكافور عن طريق الاستنشاق إلا أنه من الأفضل أن يتم ذلك عن طريق الفم من أجل تطهير الحلق وعلاج اضطرابات الحنجرة، وغالبًا ما يستخدم بنفس طريقة زيت النعناع.
الزيوت العطرية لأمراض الجهاز الهضمي والبولي
- زيت حبة البركة: يعد من أفضل أنواع الزيوت المستخدمة لعلاج أمراض الجهاز الهضمي والبولي والتخفيف من الأعراض المؤلمة التي قد تصيب أعضاء هذين الجهازين. وغالبًا ما يُنصَح بوضع قطرات قليلة من هذا الزيت على مشروب عشبي مثل الينسون أو النعناع وتحليته بعسل النحل ثم تناول المشروب على الريق يوميًا من أجل التخفيف من ألم المعدة والأمعاء والقولون وطرد الغازات والمساعدة على التخلص من الحصوات المرارية، فضلاً عن دوره في التحفيف من ىالتهابات المثانة والبروستاتا وإدرار البول. وجدير بالذكر أن زيت حبة البركة مفيد للغاية في تعزيز المناعة ومقاومة الميكروبات ما يجعله عنصرًا مميزًا للغاية في مجال العلاج العطري بسبب فوائده العديدة.
- زيت بذرة الخس: عادة ما ستخدم هذا النوع من الزيوت في العلاج العطري نظرًا لاحتوائه العناصر المضادة للأكسدة مثل فيتامين هـ ما يساعد على حماية الخلايا من التلف وصيانتها ضد الشوارد الحرة. وعادة ما يتم تناول بعض قطرات هذا الزيت مع مشروب ساخن.
- زيت بذرة الجرجير: يمكن تناول هذا الزيت في صورة بضع قطرات أيضًا مع مشروب ساخن أو إضافته إلى بعض الأطعمة عند إعدادها وطهيها وذلك لفائدته العظيمة لا سيما في تعزيز الطاقة وتدعيم القدرة الجنسية عند الرجال.
الزيوت العطرية المفيدة للفم والأسنان
زيت القرنفل: يحتوي هذا الزيت على مسكنات طبيعية لآلام الأسنان فضلاً عن قدرته على معالجة التهابات اللثة والإسراع في التئام جروحها. ويفضل تخفيف الزيت في ماء دافئ ثم غسل الفم من الداخل عن طريق المضمضة مع تكرار هذه العملية حسب درجة الألم.
الزيوت العطرية المفيدة للبشرة والشعر
- الصبار: يتم تحضير هلام الصبار من عصارة الصبار بطريقة طبيعية ثم يوضع على المواضع المصابة من البشرة ويترك لفترة مناسبة حتى تمتصه البشرة جيدًا. ويعالج الصبار التهابات البشرة المختلفة ويمكن وضعه على الوجه كقناع من أجل شد البشرة وإزالة آثار التجاعيد والهالات السوداء أسفل العينين.
الزيوت العطرية المفيدة للعضلات والعظام
- زيت الصندل: يمكن استخدام زيت الصندل في عملية التدليك لعضلات الجسم المرهقة أو المفاصل التي تعاني من الالتهابات والخشونة. ويمكن مزج القليل من زيت الكافور مع زيت الصندول للتخفيف من لزوجة زيت الصندول وسهولة امتصاصه. ويمكن استخدامه في تدليك مناطق الرقبة والكتفين والظهر والركبتين.
وهكذا قد تعرفنا من خلال هذا المقال على العلاج العطري وتاريخه واستخداماته وأهم المواد الزيتية الطبية التي يطرحها هذا العلاج في صورة دواء بديل، ولكن تجدر الإشارة إلى ضرورة استشارة الطبيب المتخصص قبل البدء في هذا العلاج لا سيما في حالة الإصابة بالأمراض المزمنة حتى لا يتعارض ذلك من العلاج الأصلي للمرض.
أضف تعليق