العقل البشري هو الشيء الوحيد الذي يتميز به الإنسان عن باقي المخلوقات. فبالعقل سيطر الإنسان على العالم وطوع المخلوقات والطبيعة من حوله وعرف كيف يستغلها. العقل البشري هو صاحب الفضل الأول والأخير لما وصلنا إليه اليوم من تقدم علمي وحضاري. كان وما زال العقل البشري مجال بحث ودراسة من قبل العلماء إلا أنهم لا يعلمون عنه حتى الآن إلا القليل وما يزالون في حيرة من كيفية عمل العقل وحدود قدرته، حتى أنهم حاولوا أن يبتكروا ما يعرف بالذكاء الاصطناعي، ورغم ما وصلنا إله من تقدم علمي إلا أن هذا الذكاء الاصطناعي لا يمكن مقارنته بالذكاء البشري الذي وهبنا الله إياه. فالعلماء يعترفون بأن العقل البشري يتميز بخصائص لم يتوصلوا إليها تجعل من الصعب محاكاتها أو تقليدها.
معلومات شديدة الغرابة عن العقل البشري
معلومات عامة عن العقل البشري
يتكون هذا الجزء من الجسم الذي يقع داخل جمجمة محصنة من 75% من الماء ويحتاج إلى طاقة كهربائية للعمل تقدر هذه الطاقة بعشرة وات. يبلغ وزن العقل البشري 454 جراماً ما يعادل 2% من جسم الإنسان كله وهذه أكبر نسبة بين جميع الكائنات الأخرى إذا ما قورن حجم العقل بالجسم كله فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يحتل العقل لديه هذا الحجم الكبير، وبالمناسبة فإن عقل الفيل أكبر عقل يمتلكه حيوان على وجه هذه الأرض ولكنه مع ذلك يمثل 0.15% فقط من جسمه. واستمراراً لهذه المعلومات المذهلة فإن العقل البشري يحتوي على 100 ألف ميل من الأوعية الدموية الدقيقة جداً والملتفة حول بعضها البعض. ويحتوي العقل البشري على ما نسبته 60% من الدهون ولهذا فإنه يعتبر أكثر أعضاء الجسم بدانة.
هل حقاً عقولنا لا تعمل بكامل قوتها؟
العقل عضو معقد للغاية وطريقة عمله معقدة أيضاً فهو أهم ما يمكن أن يمتلكه الإنسان. يدعي البعض أن العقل البشري لا يعمل بكامل طاقة بل إن الإنسان يستعمل جزء منه فقط لا يصل إلى استغلاله بنسبة 100%. إذا كان الأمر كذلك فلماذا لا نستغني عن الجزء الباقي أو نستأصله حتى إن كان لا فائدة منه؟ هذه المعلومة في الحقيقة لا يمكن أن نقول أنها صواب أو خطأ فبالفعل نحن لا نستعمل العقل كاملاً في نفس الوقت بل نستعمل جزءاً منه ولكن هذا لا يعني أن باقي أجزاء العقل لا تعمل بل هناك أوقات مخصوصة نحتاج فيها إلى هذه الأجزاء. إذاً فنحن نستعمل ما نسبته 100% من العقل البشري ولكن هذا لا يحدث في نفس الوقت بل إن أجزاءً منه تعمل في حين أن أجزاء أخرى معطله وكل جزء من العقل له مهام معينة فعلى سبيل المثال الجزء الذي يعمل أثناء النوم يختلف عن الجزء الذي يعمل أثناء الاستيقاظ والجزء الخاص بالذكريات يختلف عن الجزء الخاص بالحركة والوظائف الحيوية. الأمر يشبه مصنعاً يقوم على تشغيله مجموعة من العمال يتناوبون على العمل فيه فلا يمكن أن نقول أن المصنع يعمل بكافة طاقته في نفس الوقت ولكن جميع العمال فيه لهم وظائف ومهام معينة فكذلك العقل البشري.
هل يعتمد العقل على الحواس الخمس فقط؟
يمتلك الإنسان خمس حواس، هذه معلومة ربما لا يختلف عليها اثنان بل إن الجميع يقر بها. ولكن الحقيقة غير ذلك فالإنسان نعم يمتلك خمس حواس هي السمع والبصر واللمس والشم والتذوق ولكن العقل البشري لا يعتمد فقط على هذه الحواس الخمس بل هناك الكثير من الحواس الأخرى التي يستعملها العقل لإدراك الأشياء من حولنا. على سبيل المثال هناك الإحساس بالتوازن فإن العقل مسئول بشكل مباشر عن توازن الجسم والحفاظ عليه وهذه الحاسة تتطور بشكل تدريجي منذ ولادة الطفل فيتمكن من الجلوس ثم الوقوف ثم المشي والركض والدليل على ذلك أن الإنسان إذا تلقى أي ضربة على مؤخرة الرأس أو تناول شيئاً من الخمور فإنه يفقد توازنه بسبب التأثير الذي طرأ على العقل.
هناك أيضاً الإحساس بالحرارة والألم فإن العقل البشري يتجاوب مع حرارة الجو فيتأثر بارتفاع درجة الحرارة وانخفاضها فيشعر الإنسان بالبرودة والحرارة. ويشعر بالألم سواء كان هذا الألم عاطفياً أم بدنياً. يضاف إلى ذلك الإحساس بمرور الزمن والجوع والعطش وغيرها كثير من الأشياء التي يدركها العقل فالأمر إذاً لا يقتصر على هذه الحواس الخمس بل إن الأمر يطول إذا تعمقنا أكثر وخاصة في الحواس المعنوية.
نحن لا نستطيع التحكم في عقولنا
عادة ما نعتقد أننا نسيطر بشكل كامل على عقولنا وأننا ننطق بالكلام الذي نرده نتخذ القرارات التي نفكر فيها نتحرك إلى المكان الذي نرغب فيه دون سيطرة من أحد على ما نختاره أو نتخذه من قرارات أو نصدره من أوامر داخل عقولنا. ولكن إذا نظرنا من زاوية أخرى سنجد أن هناك جزءاً كبيراً جداً من القرارات التي تتخذها عقولنا لا نستطيع التحكم فيها أو الوقوف ضدها أو حتى تعديلها، فالوظائف الحيوية التي يقوم بها الجسم بناء على أوامر يصدرها العقل لا تتوقف أبداً عن العمل مثل نبضات القلب وعمل الكبد والكلى والبنكرياس والمعدة وغيرها كثير من تلك المهام التي يصدرها العقل وتقوم بتنفيذها أعضاء الجسم المختلفة. لو تفكرنا قليلاً في ذلك سنجد أننا لا نملك أي سلطة لإيقاف هذه المهام أو التأثير فيها من قريب أو بعيد بل إنها تستمر في تنفيذ الأوامر طيلة حياتنا بانتظام وباضطراد حتى أثناء النوم وحتى في بعض الأحيان التي يصاب فيها الإنسان بالإغماء أو الدخول في غيبوبة. هذا الأمر يجعلنا نقف لحظة لنتساءل من الذي يتحكم في من؟ هل نحن من يسيطر على عقولنا أم أن عقولنا هي التي تتحكم فينا؟
العقل البشري يمتلك قدرة لا نهائية على النمو والتطور
يحتوي العقل البشري على المليارات من الخلايا العصبية التي تنظم عمل العقل البشري هذه الخلايا تستهلك 20% من الأكسجين الذي يصل إلى الجسم. هذه الخلايا دائما ما تكون في حالة استعداد لتلقي أي معلومات جديدة أو تعلم مهارات أو لغة جديدة على سبيل المثال، حيث تقوم الخلايا بخلق وصلات عصبية لتخزين الذكريات والمعلومات وتظل هذه القدرة على التعلم والتطور حتى بلوغ سن الأربعين، فيكون الإنسان قد بلغ أشده ويبدأ العقل البشري في التدهور مع مرور الزمن. ولكن مع هذا فإن قدرات العقل كبيرة جداً ولديه القدرة عجيبة على استقبال أي كم من المعلومات والمهارات والذكريات وتخزينها فكل ما يحتاج إليه هو التنشيط المستمر فإهمال العقل ووجوده في بيئة من الخمول والكسل يؤدي به إلى التدهور والتأخر العقلي وعدم القدرة على التركيز والتفكير.
الحديث عن العقل البشري وقدراته لا ينتهي بل إن العلماء أنفسهم يعتقدون أن ما توصلوا إليه من معلومات نتيجة دراساتهم التي يجرونها على العقل البشري ما هي إلا جزء يسير مما يحتويه العقل من أسرار. ولكن إذا تغاضينا عن الدراسات العلمية وتأملنا العالم من حولنا فإننا سنجد أن بصمات العقل البشري واضحة على كل شيء أمامنا، فالاختراعات التي يزدحم بها العالم والأفكار والنظريات والتقدم العلمي والثقافي جميعها ثمرة لإعمال العقل البشري ويعود الفضل فيها إلى ما وهبنا الله من ذكاء وفطنة.
أضف تعليق