لا شك أن التناقض في عنوانٍ مثل: العظماء الذين وصفوا بالفشل واضحًا، بل انه يتخطى مرحلة اللامعقولية ويصل إلى مرحلة اللامقبول على الإطلاق، فلا يُعقل، كما لا يُقبل، أن تجتمع العظمة والفشل في جملة واحدة، فكلاهما طريقين مُختلفين، لا يُمكن أن يتصادفا عقلًا، لكن في هذه الحياة، وعلى هذه الأرض، يُصبح اللامعقول مقبولًا وممكنًا، ويصبح أيضًا أشهر العظماء الذين اثروا التاريخ وأصبحوا أيقونة أمل وتحدٍ لمن بعدهم كانوا من الفشلة، أو من المُتصفين ممن حولهم بالفشلة، والأمثلة في هذا الشأن كثيرة، لكن سنكتفي بذكر أشهرها في هذا الموضوع، والذي لا يُعد تعريفًا بهؤلاء العظماء بقدر ما هو محاولة لإحياء الأمل في نفوس المُحبطين من جديد، لكن أولًا، وقبل كل شيء، ما هو الفشل؟
أشهر العظماء الذين وصفوا بالفشل
ما هو الفشل؟
الفشل كلمة مطاطة، فليس كل من حاول ولم يستطع فاشلًا، بل يُعد هذا مُجرد تأجيل للنجاح، وكما يقول العلماء، كلمة الفشل ليست في قاموس الطموحين، فكل شيء يُمكن تحقيقه بالجهد والسعي، أما ما يحدث من تأخير في هذا النجاح ويُطلق عليه الناس فشلًا فهو محض اختبار أو تحضير للأفضل، فمن المُلاحظ أن العظماء الذين فشلوا في تحقيق أشياء صغيرة نجحوا في تحقيق أشياء أخرى مُدوية لم تكن أصلًا في حُسبانهم أو تصل لمستوى سقف توقعاتهم.
أشهر العظماء الذين وصفوا بالفشل
كما أسلفنا، الأمثلة على العظماء الذين وصفوا بالفشل بالفشل كثيرة، وكلها تتبلور حول فكرة الناس عن الشخص، وتأثير تلك الفكرة عنه في حياته، والتي قد تدمر تمامًا إذا كانت هذه الفكرة سلبية مفرطة، وقد تلقى نفس المصير أيضًا إذا كانت إيجابية مفرطة، إليك قصص أولئك الذين لم يُعيروا هؤلاء أي اهتمامٍ فأصبحوا من العظماء:
سقراط، الفيلسوف الشقي
من يُصدق أن الفيلسوف الشهير سقراط، أحد أضلع علم الفلسفة كان يُلقب بالأحمق؟ وانه كان لا يمتلك الكثير من الذوق ويفتقد للمبادئ والأخلاق، حتى تم نعته بالولد الشقي، بل إن أحد مُعلميه قد قال له ذات مرة “انت فاشل ولن تصلح لأي شيء”، لكن، بقليلٍ من الحظ وكثير من الجهد والإرادة أصبح سقراط أحد أعظم المُعلمين على مرّ العصور، وربما أبناء أحفاد هذا المعُلم الذي نعته بالفشل ينهلون الآن من علم سقراط الذي يُعد واحدة من أيقونات الفلسفة والمنطق في التاريخ.
بيتهوفن، الموسيقار الذي يفتقر للأذن الموسيقية
كان بيتهوفن في بدايته شغوفًا بحب الموسيقى وتعلمها، وقد بدأ في ذلك على يد أحد المُعلمين في بداية شبابه، وبعده فترة من الزمن أخبره ذلك المُعلم انه لا يصلح أن يكون موسيقارًا وأن أذنه ليست موسيقية بالمرة، وقد كان من الممكن أن ينتهي الأمر عند ذلك الحد لو لم يكن بيتهوفن يمتلك من العزيمة والإصرار ما يدفعانه إلى السير في طريقه وعدم الالتفات إلى رأي المعلم، وبالفعل، وصل بيتهوفن بحبه للموسيقى إلى أبعد حد، وألف سيمفونيات يصعب على هذا المعلم – الذي أخبر بيتهوفن بفشله في تعلم الموسيقى- الإتيان بمثلها،وبالطبع لا تُذكر كلمة الموسيقى في أي مكان في العالم إلا ويُذكر بيتهوفن خلفها، حتى انه قد تلقيبه بإله الموسيقى.
توماس أديسون، صاحب أعظم درس
من لا يعرف توماس أديسون، ومن لا يعرف قصته؟، تقريبًا لا أحد، فالجميع يعرف أن مُخترع المصباح الكهربائي كان يُوصف في طفولته بأغبى طفل في العالم، بل إن المدرسين كانوا يُخرجونه من حصصهم بدعوى أنه قد يؤثر على زملائه، وقد طالبوا أكثر من مرة بإقصائه من المدرسة، لكن، تدور الأيام، ويتحول توماس أديسون إلى أعظم مُخترع في تاريخ البشرية باختراعه للمصباح الكهربائي الذي أنار العالم بعد الآف القرون من الظلام، ويُعطى أديسون للمُدرسين في كافة أنحاء العالم أعظم درس في الصبر على طُلابهم، لأن الفاشل اليوم قد يكون عالمًا في الغد، واسألوا أديسون في ذلك.
أينشتاين، الطفل المتأخر
كان أينشتاين مُتأخرًا في كل شيء، فقد بدأ النطق بعد تجاوزه الرابعة، وأمسك لأول مرة بالقلم بعد تجاوزه السابعة، وهذه المعدلات لا تتناسب مع طفلٍ طبيعي، وهذا كان كا يراه أصدقائه ومُعلميه، حيثُ كان يُوصف بينهم بالغبي، ويُطرد من أغلب الحصص كعقاب على غباءه، واستمر هذا الأمر حتى قام بعض المدرسين بالامتناع عن التدريس لأينشتاين اعتقادًا منهم بعدم جدواه، وتمر الأيام، ويُصبح أينشتاين من اشهر العلماء في العالم، وتُصبح أقصى طموحات أصدقائه ومدرسيه أن يقفون بجواره ليلتقطوا الصور معه، ورغم أنه أمرٌ غريب إلا أنه كان حقيقة، لقد كان أينشتاين أحد العظماء الذين وصفوا بالفشل !
بيل غيتس، الأسطورة الحية
عندما يُذكر النجاح يُذكر بيل غيتس بعدها مُباشرة، فهذا الرجل الذي بلغ من العمر ستة عقود كان أول ما فعله حين بلغ عامه العشرين هو ترك المدرسة، وبالطبع تم وصفه وقتها بالفشل، لكن ذلك الفاشل، في غضون عشرة أعوام فقط، أصبح من أثرى أثرياء العالم، وتصل ثروته إلى ثمانين مليارًا، هذا بخلاف انه واحد من امهر المُبرمجين في العالم، وبالطبع لم يحدث ذلك من فراغ، ولم يستيقظ بيل ذات يوم ليجد نفسه هكذا، لكنه فعل ما لا يفعله الكثيرون هذه الأيام، لم يقبل بالفشل، ولم يستمع لهؤلاء الذين نعتوه بالفاشل.
هنري فورد والفشل المُتكرر
تعرض هنري فورد لأكبر عدد من مرات الفشل، وفي كل مرة كان ينهض ويُحاول الوصول مرة أخرى، حتى تمكن له ذلك وأصبح من أغنى أغنياء العالم وأسس شركة السيارات الشهيرة، ليتحول الفشل إلى نجاح مُدوي ويُصبح فورد أيقونة للشباب في مختلف أنحاء العالم، وربما يكون ذلك بسبب كونه قد بدأ حياته العملية من الصفر ووصل إلى أعلى الُرتب وأصبح من أغنياء العالم، وهذا ما يسعى إليه أي شاب حاليًا.
ليوناردو دافنشي، الرسام المُعجزة
لم يكن دافنشي مُجرد رسام كأي رسام، بل كان إلهًا للرسم، حين بلغ الخامسة والعشرين استطاع أن يستقل بهذه المهنة، وأصبح مُعلِّما بحد ذاته، كان الرجل وسيمًا لبقًا، يُجيد العزف، لديه قدرة كبيرة على الإقناع، أثرى العالم بلوحاته وأصبح مُلهما للكثيرين،كل من حاول البحث عنه، وجد فقط أن شابًا وسيمًا ظهر في عصر النهضة وحير العالم، لا يعلم أحد أهو فلكي أم عالم رياضيات أم مُهندس أم طبيب تشريح أم فنان تشكيلي أم نحات، اشتهر ببراعته في دس الرموز وتشفير المعلومات، أمرٌ أخر.. لم يذهب أبدًا لمدرسة، وكان يُتهم في طفولته بالفشل، وكان إذا ما قال أُريد أن أصبح رسامًا يسخر منه زملائه.
بالطبع أنت ترى وتفهم وتستنبط أن كل هؤلاء العظماء يجمعهم شيء واحد، وهو أن أحدًا ما لم يؤمن يومًا بنجاحهم أو يتوقع لهم أبدًا هذا النجاح، وأنهم جميعًا قد وصفوا في طفولتهم وفي بدايتهم عامةً بالفشل، وأنهم أيضًا لم يستمعوا لهؤلاء المُحبطين وقرروا استكمال طريقهم حتى وصلوا إلى ما هم عليه وما يعرفه الجميع عنهم الآن، العظماء الذين وصفوا بالفشل .
أضف تعليق