لا شك أن مشكلة الصوت المرتفع في الوقت الحالي باتت واحدة من المشكلات الخطيرة التي ربما يصل التأثير الخاص بها إلى تهديد العلاقات بين الناس وبعضهم البعض، وتهديد العلاقات الذي نتحدث عنه قد يحدث على مستوى مرتفع يصل إلى الأصدقاء، إذ أن طبيعة البشر أنهم لا يتحدثون إلا بصوت مناسب، فلا هو مرتفع ولا هو منخفض، فقط هو مجرد صوت يُفهم منه الحديث وسياقه، لذلك فإن الصوت المرتفع عندما يكون فجًا ومُزعجًا فإنه بلا شك يُصبح مُشكلة، وتلك المشكلة قد تمتلك وجهين، ففي البداية قد تكون مرتبطة بك بمعنى أن تُصدر أنت عزيزي القارئ ذلك الصوت المرتفع فيتسبب لك في إحراج مع الآخرين، والشق الثاني أن يكون الصوت المرتفع من الشخص الذي تتحدث عنه وبالتالي يكون هناك اضطرار إلى جعل الشخص الذي يتحدث معك على نفس النسق في الحديث، على العموم، في السطور القليلة المُقبلة سوف نتعرف سويًا على كيفية الوصول إلى حل متوسط وطرق مثالية للتعامل مع المشكلة بشقيها.
استكشف هذه المقالة
مشكلة الصوت المرتفع
أول طريقة لحل أي مشكلة تواجهك أن تعرف أولًا ماهية ما أنت بصدده، وفيما يتعلق بالصوت المرتفع فأنت بالطبع تُدرك أنه ذلك الصوت الذي لا يكون في مستوى الحديث بأي شكل من الأشكال، وهذا لا يعني طبعًا أن ثمة نوع من الأحاديث قد يستدعي منك استخدام صوتًا مرتفعًا، لكن الأمر وما فيه أن البعض قد يفهم استخدام نبرة صوت مرتفع في ظروف ما، لكن أن يحدث الأمر ويكون بشكل فُجائي يقود إلى الصدمة والدهشة من حدوثه فتلك هي المشكلة التي نتحدث عنها، وما يجعل الأمر مُشكلة أنه ببساطة يقود إلى حدوث الخلافات التي قد تصل إلى استخدام الأيادي، هذا بخلاف وضعك في موقف مُحرج أنت لا تتمنى التواجد فيه، لكن كيف يا تُرى يُمكن التغلب على هذه المشكلة الخطيرة، هذا هو السؤال الهام.
الصوت المرتفع منك
الآن نأتي للشق الأول من المشكلة، وهو أن يكون الصوت المُرتفع أمر صادر منك وليس أي شخص آخر، بمعنى أن تكون أنت مصدر المشكلة الرئيسي وبالتالي ينظر لك الجميع بشكل من أشكال التأفف، على العموم أولى الطرق التزام الهدوء.
محاولة التزام الهدوء
الهدوء هو سلاحك الأول والأهم من أجل مواجهة تلك المشكلة الكبيرة، فإذا كنت فعلًا ستلتزم الهدوء أثناء نقاشك مع الآخرين، الهدوء الفعلي الغير مُقتصر فقط على الكلمات، فأنت بلا أدنى شك سوف تنجو من تلك المشكلة، لن يكون هناك أي ألم أو صراع لك خلال الحديث مع الآخرين وبالتالي لن تكون مضطرًا إلى رفع صوتك، وربما البعض منكم قد جرب فكرة إراحة الأعصاب ورأى بنفسه أنها الفكرة الأكثر تأثيرًا خلال أي نقاش وأنها تجعله لا يُبالغ في ردود أفعاله، وبالطبع أحد تلك الأشكال في المبالغة أن يرفع صوته، ولاحقًا من الممكن أن يتطور الأمر إلى استخدام يديه أو ما هو أسوأ.
تدعيم الموقف بالحجة العقلية
يقولون صوتك العالي دليل على ضعف موقفك، وفي الواقع هم ليسوا كاذبون في قول ذلك لأن مشكلة الصوت المرتفع لا تحدث فعلًا إلا مع شخص يقف موقف ضعيف لا يعرف ما الذي يقوله أو يفعله فيضطر إلى رفع صوته لإثبات كونه على حق، تخيلوا أن يُصبح الأمر طريقة لإثبات الخطأ من الصواب؟ على العموم، فكرة الحجج العقلية سوف تجعلنا نتفادى كل هذه المشاكل بشكل جيد، فأنت عندما تمتلك حجة أو تستند إلى شيء قوي خلال الحديث فبكل تأكيد سوف تتحدث من هذا المنطلق وتستخدم الصوت المُنخفض لأن حجتك بالأساس سوف تنوب عن الصوت المُرتفع، وكما يقولون، العقل دائمًا ينتصر، وفي هذه الحالة يُصبح أداة من أدوات التخلص من مشكلة الصوت المُرتفع المُزعج لك وللآخرين.
التمسك بقواعد النقاش المثالي
هل تعرف ما الذي يجعلك ترفع صوتك؟ غالبًا يكون الأمر في البداية رأي مطروح للطاولة، ثم بعد ذلك يُفتح باب النقاش في هذا الرأي وخلال النقاش تبدأ المشاكل بكافة أشكالها، إذ أن صوتك يرتفع وتُصبح أكثر حدة وعصبية مع الجميع، ولذلك فإن الحل الأمثل والأكثر حنكة في مثل هذه الظروف أن تُلزم نفسك مُنذ البداية بقواعد النقاش المثالي، ذلك النقاش الذي يكون فيه الصوت أداة لإيصال الرأي وليس شيء يُمكن من خلاله التمسك برأي ومعارضة رأي آخر عن طريق رفع ذلك الصوت وخفضه، في النهاية الوضع مرهون بقواعد، وكما يقولون، الاختلاف في الرأي لا يُفسد للود قضية، عليك تقبل ذلك.
إجهاض محاولات الاستفزاز
عندما ترفع صوتك في وجه الآخرين وتُصبح مشكلة الصوت المرتفع جلية بشكل كبير فعليك عزيزي المسكين أن تُفكر في كون الأمر ليس مُجرد تجني سافر منك وأنك ربما لا تكون المُخطئ الوحيد والشيطان الأكبر كما سيصور لك البعض، بل من الممكن جدًا أن تكون مجرد شخص تعرض للاستفزاز، وبشكل أكثر دقة، تعرض لمحاولات خبيثة من أجل استفزازه وإخراجه عن دائرة الحديث، الأمر كله منوط بما يرغب الآخرين بفعله بك، هم يُريدون ذلك وسيسعون إليه، الخطأ الذي ربما يكون ناجمًا عنك في هذه الحالة أن تتجاوب مع ذلك الأمر، فالحل الأمثل أن تلتزم بالهدوء الذي تحدثنا عنه وتأخذ الحوار للطريق الذي لم يرغب المتناقشين معك في أخذه إليه، هكذا ستربح في نهاية المطاف.
الإكثار من المشروبات المُهدئة
من الحلول التي تبدو خارجة عن الشخصية والأمور النفسية لذلك الشخص الذي يُعاني من مشكلة الصوت المرتفع أن يتم الإكثار من المشروبات المُهدئة التي من شأنها إراحة الشخص وبث الهدوء فيه، هذا يعني أن محاولات الاستفزاز التي سيتعرض لها لن تكون قوية بشكل كبير وأنه لن يُصبح فريسة سهلة إن جاز التعبير، ففي النهاية كل شيء يحدث وفقًا لهرمونات وجينات وأشياء فسيولوجية مُعينة، وتلك المشروبات المُهدئة وظيفتها أن تُعطل أي خطر تمر به وأن تحاول الوقوف في ظهرك خلال محاولات الاستفزاز لتتمكن من السيطرة على نفسك وبالتالي لا يرتفع صوتك في النهاية.
الصوت المرتفع من الآخرين
الشق الثاني من مشكلة الصوت المرتفع هو ذلك الذي يأتي من الآخرين أو ممن تتحدث معهم أو لهم، فأنت في هذه الحالة تكون مُنغمسًا في حديثك ثم فجأة تجد من يتطاول عليك بصوته، حتى لو لم يكن الأمر في صورة تطاول لفظي فإن إعلاء الصوت أمر لا يوضع بالتأكيد إلا في خانة التطاول، على العموم التصرف في هذه الحالة يكون من عدة طرق، أهمها بشكل بديهي وربما فطري في هذه المواقف، الابتسام في وجه صاحب الصوت.
الابتسام بوجه صاحب الصوت
سلاحك الأول الذي يجب عليك استخدامه في مثل هذه الحالات هو سلاح الابتسام، فهذا السلاح المميز كفيل بإذابة الجليد بشكل تام وجعل العلاقة خلال الحوار لا تذهب تجاه الصوت المُرتفع، وحتى لو كان الشخص الذي يتحدث معك لا يكف عن رفع نبرة صوته خلال الحديث فبكل تأكيد يُمكن لسلاح البسمة أن يجعله يُهدأ قليلًا من حِدة صوته وأن يكون شخصًا لبقًا على الأقل، فالشخص الذي يُهاجمك يحتاج إلى سبب حتى يستمر في عملية المُهاجمة والشخص الذي يُهدأ من المُهاجمة يحتاج إلى سبب كذلك، وهذا السبب هو الابتسام بكل بساطة، جرب ذلك الأمر ولن تندم.
إلقاء النكات والمُزح
كما أن الابتسام سلاح فعال إلا أنه ثمة ما هو أكثر فاعلية منه وأشد في التأثير، إنه سلاح آخر يتم استخدامه وثبت أنه يجتث مشكلة الصوت المُرتفع الناتج عن العصبية من جذورها، وهذا السلاح هو سلاح النكات والمُزح، فالشخص المُنفعل الذي يتحدث معك بعصبية عندما يراك تُلقي واحدة من المُزح فبكل تأكيد سوف يضحك أو على الأقل يبتسم، وهذا في حالة إذا كانت المزحة جيدة، وحتى لو لم تكن كذلك فإنه على الأقل سوف يهدأ لأنه يشعر بأن الطرف الآخر ليس مُتعصبًا، وهذا بالمناسبة سبب قوي ضمن الأسباب التي تجعلك لا تتفاعل بشكل سيء أثناء الحديث، وهو أن الطرف الآخر ليس سيئًا، وهي من أفضل طرق التعامل مع مشكلة الصوت المرتفع .
تحديد أُطر الحديث قبل البدء
من الطرق الهامة التي تصلح كعلاج فعال لمشكلة الصوت المُرتفع أن يتم تحديد أُطر الحديث قبل البدء فيه من الأساس، وتفسير ذلك الأمر ببساطة أن تقوم عزيزي القارئ بالجلوس مع الشخص الذي سيتحدث معك وقبل البدء في القضية الجدلية أو النقاش الذي سيُسفر عن الصوت المُرتفع عليك أن تُخبره بما سيتم الحديث فيه واللغة التي من الأفضل استخدامها، لغة الحوار من حيث الارتفاع والانخفاض، في النهاية الأمور يجب أن تسير في إطار مُحدد حتى يُكتب لها النجاح بالنهاية.
الصوت المرتفع والمنخفض للأطفال
بالنسبة للأطفال فإن السيطرة على صوتهم ونبرته أمر ليس بمقدور الجميع، ففي النهاية الأطفال مخلوقات تلقائية للغاية، بمعنى أنها تُخرج ما تشعر به بشكل مُباشر ودون تفكير، على العموم، بعض الأطفال يكون صوتهم المرتفع شيء نابع منهم وكذلك صوتهم المنخفض حال كونه منخفض بالفعل، بمعنى أدق، هو أمر لا يُمكن العبث معه لأنه متعلق بتركيبة الصوت نفسه، أما أولئك الذين يرفعون أصواتهم أو يخفضونها كجزء من أسلوب حديثهم فهم بالتأكيد من يُمكن أن نوجه لهم الحديث أو النصيحة إن جاز التعبير، حيث يجب مطالبتهم بالهدوء وتحديد كذلك الظروف التي يُمكن خلالها رفع أو خفض الصوت.
مشكلة الصوت المرتفع للمرأة
كلنا يعرف بالطبع أن الصوت المرتفع بالنسبة للمرأة يُمثل المشكلة الأكبر بالنسبة للمرأة وللمتعاملين معها كذلك والمُحيطين بها، إذ أن جزء كبير من جمال المرأة يتمثل في صورة الحياء الذي تُبديه، والحياء بالنسبة للمرأة يشمل الصوت، كما أن نظرة المجتمع والبشر لتلك المرأة التي ترفع صوتها في وجه الآخرين لا تكون نظرة جيدة، ولذلك فإنه ضمن الشروط الرئيسية في صوت المرأة أن يكون مُنخفضًا، وحتى لو كان مُرتفعًا بشكل فطري تلقائي مُتعلق بالنبرة الخاصة بها فيجب أن يكون مُرتفع بصورة هادئة، بمعنى أدق، لا يجب أن يكون مُزعجًا بالنسبة للمستمع، هكذا يُمكن أن يمر الأمر على نحو جيد ومقبول.
ختامًا عزيزي القارئ، ليس هناك أدنى شك في أن الصوت المُرتفع لن يكون سببًا في تقويًا العلاقات أو حتى بابًا لعلاقات جديدة، بل هو في الواقع جزء من مشكلة رئيسية أنت بالتأكيد لن تتمنى تفاقمها، لذلك من الأفضل الاستغناء عنه ومعالجته.
أضف تعليق